بروفيسور إيطالي يشخّص الأمراض بما فيها كورونا من خلال طريقة الكلام

البروفيسور جيوفاني ساجيو (د.ب.أ)
البروفيسور جيوفاني ساجيو (د.ب.أ)
TT

بروفيسور إيطالي يشخّص الأمراض بما فيها كورونا من خلال طريقة الكلام

البروفيسور جيوفاني ساجيو (د.ب.أ)
البروفيسور جيوفاني ساجيو (د.ب.أ)

يؤكد البروفسير جيوفاني ساجيو أستاذ الهندسة الإلكترونية بجامعة «تور فيرغاتا» الكائنة بالعاصمة الإيطالية روما، أن الطريقة التي تتحدث بها تكشف كثيراً من المعلومات عنك.
ومن الواضح أن صوت الإنسان يتغير متأثراً بمشاعر السعادة أو الحزن التي تنتابه، أو إذا ما كان أصيب بنزلة برد، غير أن ساجيو يقول إن كثيراً من الأمراض تؤثر على الطريقة التي نتكلم بها، وإن كان هذا التأثير يتم إلى حد كبير بدرجة لا تلاحظها الأذن البشرية.
وأوضح ساغيو قائلاً لوكالة الأنباء الألمانية إن «كل عضو من أعضائنا الداخلية يعد بمثابة جهاز رنان، ومن هنا فإننا إذا كنا نعاني من مشكلة تتعلق بالرئة أو القلب، ستنعكس حتماً على صوتنا».
وأضاف: «إن الطريقة التي تبدو فيها نغمة صوتنا تتوقف أيضاً على من الذي يدير الفريق الموسيقي للأصوات وهو هنا المخ، فإذا كنت تعاني من مشكلة تتعلق بأعصاب المخ مثل الزهايمر أو مرض باركينسون، فستتغير الطريقة التي تتحدث بها ويمكننا رصد هذا التغير».
ووفقاً لما يقوله ساغيو توجد أكثر من 3600 موجة صوتية يمكن قياسها في الصوت البشري، تقوم على سبيل المثال على التردد وسعة الموجة ودرجة التشوه. وأضاف أن «نفس الشخص يصدر عنه صوت معين عندما يكون متمتعاً بالصحة، ويتغير صوته عند تعرضه للمرض، وقد لا تستطيع الأذن إدراك مدى التغير إلا إذا كان واضحاً للغاية، ولكن يمكن للخوارزميات والذكاء الصناعي رصد ذلك التغير».
ويقترح ساغيو أن يتم استخدام هذه الطريقة لرصد حالات الإصابة بوباء فيروس كورونا المستجد، حيث إن هذا الفيروس «يؤثر على الرئة ومسالك التنفس مما يؤثر حتماً على الصوت».
ويقول إن الحالات المشتبه بها يمكن فحصها عن بعد وإبعادها عن المستشفيات وبالتالي الحد من مخاطر العدوى، مضيفاً أنه يحاول الاتصال بالمستشفيات الإيطالية التي تتعامل مع تفشي وباء كورونا.
وباستخدام أجهزته التقنية التي سجل لها براءة اختراع، أجرى ساغيو اختبارات على 284 مريضاً بالسل بمدينة مومباي الهندية، حيث أجرى مقارنات بينهم وبين مجموعة أخرى تتمتع بالصحة تضم 28 شخصاً، حيث طلب من كل شخص أن يسجل نفس الجمل القصيرة.
وعند تحليل الأصوات كشفت الاختلافات في المؤشرات الصوتية من هو الشخص الذي يتمتع بالصحة ومن هو المصاب بالمرض، وتم رصد حالات الإصابة بمرض باركينسون بشكل صحيح بنسبة 95 في المائة من الحالات.
وكان المرضى الهنود الذين أجري عليهم الاختبار يتكلمون باللغة المهاراتية المحلية، غير أن البروفسور أشار إلى أن الاختبار الصوتي يصلح لأي لغة ما دامت تحتوي على أصوات حروف العلة المتحركة.
ونشر ساغيو دراسته عام 2016 في دورية «الاتصالات والبيانات الملاحية والاستشعار والخدمات»، ويقوم بالترويج لاختراعه عن طريق شركة ناشئة تسمى «فويس وايز».
ومع ذلك لا ينفرد ساغيو بهذا البحث والاختراع. ففي ألمانيا تقول مجموعة بحثية من جامعة هامبولت إن بإمكانها «بناء خوارزميات تستطيع رصد الحالات العاطفية والشعورية والأحوال البدنية للأشخاص، من خلال البيانات المتعلقة بالصوت وحدها خاصة من الصوت البشري».
من ناحية أخرى، نشر باحثون في جامعة واشنطن دراسة في مجلة «نيتشر» العلمية، حول إمكانية أن ترصد أجهزة مثل أليكسا التابعة لشركة أمازون بنجاح أصوات تقطع النفس التي غالباً ما تسبق حدوث الأزمة القلبية.
ووفقاً لتقديرات ساجيو تم نشر أكثر من 150 دراسة علمية على مستوى العالم حول الصلة بين تغيرات الصوت ومختلف الأمراض.
ويجري بروفسور ساجيو حالياً مزيداً من التجارب بالتعاون مع المستشفيات الإيطالية والإسبانية والأميركية، على الأشخاص الذين يعانون من الخرف والمتاعب التنفسية ومشكلات البلع وسرطان الرأس والرقبة.
وقد يتم التوصل إلى مزيد من التطبيقات، حيث يرى ساجيو أن التعرف على درجة الصوت يمكن أن يساعد الآباء على فهم سبب سعال طفلهم الرضيع أو بكائه، وهو يجري الأبحاث المتعلقة بهذا الموضوع بالتعاون مع مستشفى أطفال في ميلانو. ويقول إنه من الناحية الصوتية هناك «كثير من المعلومات» التي يمكن الحصول عليها من «كحة» واحدة، كما أنه «يمكن اعتماداً على نوعية السعال فهم نوعية المشكلة التي يعاني لها الرضيع».
كما تجرى تجارب على الكلاب لمعرفة ما إذا كان يمكن تصنيف أنواع مختلفة من النباح وتفسيرها لصالح أصحابها، حيث يمكن التعرف على أحاسيس الغضب والجوع أو استشعار الخطر عند الكلاب.
ويعمل ساغيو في مختبر صغير داخل الحرم الجامعي الكائن على المشارف الشرقية لروما، ويساعده في الأبحاث فريق صغير من طلاب الدكتوراه، وبتمويل محدود يعرب البروفسور عن ثقته بأن اختراعه سيحقق النجاح.


مقالات ذات صلة

كيف يبدو مستقبل «كوفيد-19» في 2026؟

صحتك سجَّلت بريطانيا أحد أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بجائحة «كورونا» في أوروبا إذ حصد «كوفيد-19» أرواح نحو 226 ألف شخص (رويترز)

كيف يبدو مستقبل «كوفيد-19» في 2026؟

يتوقع خبراء استمرار «كوفيد-19» في 2026، مع هيمنة متحوِّرات «أوميكرون» وأعراض مألوفة، محذِّرين من التهاون.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك فيروس «كورونا» تسبب في وفيات بالملايين حول العالم (رويترز)

دراسة مصرية تثبت قدرة أدوية الالتهاب الكبدي على الحد من وفيات «كوفيد - 19»

كشفت دراسة طبية مصرية عن نجاح دواء يستخدم في علاج مرضى فيروس (التهاب الكبدي الوبائي سي) في الحد من مضاعفات الإصابة بفيروس «كوفيد - 19» المعروف بـ«كورونا»

نصري عصمت (لندن)
أوروبا سجّلت بريطانيا أحد أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بجائحة كورونا في أوروبا إذ حصد «كوفيد - 19» أرواح نحو 226 ألف شخص (رويترز)

أكثر من 14 مليار دولار تكلفة الاحتيال المتعلق بـ«كوفيد - 19» في بريطانيا

بلغت تكلفة الاحتيال المتعلق ببرامج الدعم الحكومي خلال جائحة كوفيد - 19 في بريطانيا 10.9 مليار جنيه إسترليني (14.42 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق امرأة ترتدي الكمامة خلال فترة انتشار الجائحة في كندا (رويترز)

كيف أثّر وباء «كوفيد» على مرحلة البلوغ لدى الفتيات؟

تسبب الإغلاق الذي فُرض بعد انتشار جائحة «كوفيد - 19» في توقف شبه تام للحياة، وشهد مئات الملايين من الأشخاص تغيُّرات جذرية في أنماط حياتهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك طفلة تتلقى جرعة من لقاح «موديرنا» لفيروس «كورونا» بصيدلية سكيباك في شوينكسفيل - بنسلفانيا (رويترز)

تقرير أميركي: وفاة 10 أطفال بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا»

قال مارتي ماكاري، مفوض إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية، اليوم (السبت)، إن البيانات أظهرت وفاة 10 أطفال؛ بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«متحف باكثير»... يستعيد روائع الأديب اليمني الكبير برؤية معاصرة

العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)
العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)
TT

«متحف باكثير»... يستعيد روائع الأديب اليمني الكبير برؤية معاصرة

العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)
العرض سلَّط الضوء على مسيرة باكثير الإبداعية (الشركة المنتجة)

استعاد العرض المسرحي «متحف باكثير» جانباً من روائع الأديب اليمني المصري علي أحمد باكثير في القاهرة، بالتزامن مع إحياء الذكرى الـ115 لميلاده.

العرض الذي أُقيم على خشبة المسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية، مساء الاثنين، كان ضِمن فعالية ثقافية وفنية عكست حضور اسمه المتجدد في الوجدان العربي، نظّمتها مؤسسة «حضرموت للثقافة» السعودية، بالشراكة مع «ضي للثقافة والإعلام».

لم تقتصر الاحتفالية، التي نُظّمت تحت عنوان «علي أحمد باكثير... 115 عاماً من التأثير»، على استدعاء السيرة الإبداعية للأديب الكبير، بل سعت إلى تحويل إرثه الأدبي إلى فعل حي على خشبة المسرح بوصفه أحد الفضاءات الأساسية التي شكّلت مشروعه الإبداعي، من خلال العرض الذي استمر لنحو 80 دقيقة، حيث قُدِّم من دراماتورج وإخراج أحمد فؤاد، برؤية تقوم على فكرة المتحف بوصفه مساحة جامعة، تتجاور فيها العصور والشخصيات والأفكار، وتتحول فيها النصوص الأدبية إلى لوحات حية نابضة بالحركة والصوت.

المخرج أحمد فؤاد قدّم العرض بصورة بصرية جذابة (الشركة المنتجة)

اعتمد العرض على استلهام عدد كبير من أعمال علي أحمد باكثير، التي تحولت عبر العقود إلى نصوص مسرحية وسينمائية مؤثرة، من بينها «وا إسلاماه» و«الشيماء»، إلى جانب مسرحيات مثل «جلفدان هانم» و«قطط وفئران» و«الحاكم بأمر الله»، وغيرها من الأعمال التي كشفت عن انشغاله الدائم بالتاريخ والهوية والإنسان.

ومن خلال هذا التنوع، تنقّلَ العرض بين العصور الفرعونية والإسلامية والحديثة، مستحضراً شخصيات تاريخية وأسطورية ومتخيلة، في معالجة درامية سعت إلى إبراز الأسئلة الكبرى التي شغلت الكاتب؛ من الحرية والعدل، إلى الصراع بين السلطة والضمير، وعبر فتاة شابة من جيل «زد» تدخل متحفاً يضم عدداً من الشخصيات التي قدّمها.

يقول أحمد فؤاد، مؤلف العرض ومُخرجه، لـ«الشرق الأوسط»، إن عرض «متحف باكثير» جاء انطلاقاً من إيمان عميق بأهمية إعادة تقديم أعمال علي أحمد باكثير بصيغة مسرحية معاصرة تتيح للجمهور، اليوم، الاقتراب من عالمه الفكري والإنساني دون حواجز زمنية، مشيراً إلى أن اختيار فكرة المتحف كان المدخل الأنسب للتعامل مع هذا الإرث المتنوع؛ نظراً لما تزخر به أعمال باكثير من شخصيات تنتمي إلى عصور وخلفيات مختلفة، من مصر القديمة، مروراً بالتاريخ الإسلامي، وصولاً إلى الشخصيات المتخيَّلة والمعاصرة.

وأضاف أن «العرض صُمِّم على هيئة قاعات متحفية متجاورة، ينتقل بينها المتفرج، بحيث تقوده الأحداث في مسار درامي واحد، تتقاطع داخله الشخصيات والأفكار، في محاولةٍ للكشف عن الخيط الإنساني المشترك الذي يربط هذه العوالم المتباعدة ظاهرياً».

العرض قُدّم على مدار 80 دقيقة على خشبة المسرح الكبير بالأوبرا (الشركة المنتجة)

وأوضح فؤاد أنه اعتمد في بناء العرض على دراسة وقراءة عدد كبير من نصوص باكثير، قبل الاستقرار على اختيار 12 نصاً مسرحياً كُثِّفت وأُعيدت صياغتها داخل بنية واحدة. وعَدّ «التحدي الأكبر تمثل في ضغط الزمن، ومحاولة تجميع هذا الكم من الأعمال في إطار جذاب بصرياً ودرامياً، دون الإخلال بالفكرة الأساسية لكل نص؛ لأن الهدف كان تقديم عرض نوعي، قريب من المتفرج، يُعيد طرح سؤال عن باكثير وقدرته المتجددة على مخاطبة الحاضر».

ووفق الناقد الفني المصري، محمد عبد الرحمن، فإن عنوان عرض «متحف باكثير» قد يوحي، منذ الوهلة الأولى، بطابع وثائقي تقليدي، إلا أن التجربة المسرحية جاءت مغايرة تماماً لهذا الانطباع، وقال، لـ«الشرق الأوسط»: «استطاعت التجربة أن تحصد إعجاب الجمهور بفضل طبيعتها المختلفة واعتمادها الواضح على الحركة فوق خشبة المسرح، كما أن تعدد الشخصيات وتنوعها، والتنقل بينها بسلاسة، منح العرض حيوية خاصة، وخلق حالة من التفاعل المستمر مع المتلقي، بعيداً عن الجمود أو السرد المباشر».

العرض نال إشادات من الحضور (الشركة المنتجة)

وأضاف عبد الرحمن أن «عناصر العرض الفنية جاءت متوازنة، إذ اتسم الحوار بالجاذبية والقدرة على الإمتاع دون إسهاب أو خطابية، مدعوماً بمتعة بصرية واضحة على مستوى الحركة والتشكيل المسرحي»، لافتاً إلى أن الموسيقى لعبت دوراً أساسياً في تكوين المناخ العام للعمل؛ لاعتمادها على إرث أعمال باكثير.

وخلال الاحتفالية أُعلن إطلاق جائزة سنوية تحمل اسم علي أحمد باكثير، تبلغ قيمتها 10 آلاف دولار أميركي، وتُمنح في مجالات عدّة تعكس تنوع تجربته الإبداعية، من بينها الشعر، والكتابة المسرحية، والرواية، والترجمة الأدبية، والنقد الأدبي، في خطوة تستهدف دعم الإبداع العربي وتشجيع الأصوات الجديدة، بجانب تكريم أسماء عدد من الفنانين الذين ارتبطت أعمالهم به، منهم أحمد مظهر، ولبنى عبد العزيز، وسميرة أحمد، وحسين رياض.


مطاعم أميركية تقدم وجبات أصغر لإرضاء مستخدمي علاجات إنقاص الوزن

لينا أكسماشر في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)
لينا أكسماشر في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)
TT

مطاعم أميركية تقدم وجبات أصغر لإرضاء مستخدمي علاجات إنقاص الوزن

لينا أكسماشر في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)
لينا أكسماشر في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)

لطالما كانت لينا أكسماشر من كبار مرتادي المطاعم في نيويورك إلى أن بدأت تتناول دواء «أوزمبيك» لإنقاص الوزن فلم يعد في وسعها تناول ما لذّ وطاب، غير أنها وجدت حلّاً لهذه المعضلة في مطاعم تقدّم وجبات أصغر تلبية لحاجات هذه الفئة من الزبائن.

وما زالت لينا السويدية الأصل والبالغة من العمر 41 عاماً تصرّ على «مخالطة الناس» وارتياد المطاعم، حتّى لو أنها لم تعد تأكل كالسابق.

وقد سهّل عليها أحد مطاعمها المفضّلة «لو بوتي فيلاج» (القرية الصغيرة) الأمر، وبات كمطاعم كثيرة غيره يقدّم وجبات بكمّيات أصغر وأسعار أقل.

ويعزى هذا القرار إلى الإقبال الكثيف الذي تشهده في الولايات المتحدة أدوية إنقاص الوزن الحديثة التطوير المستخدمة لمعالجة البدانة والسكّري.

وبحسب استطلاع أجراه مركز الأبحاث «كاي إف إف» المتخصّص في مسائل الصحة في نوفمبر (تشرين الثاني)، يلجأ أميركي واحد من كلّ ثمانية إلى هذه العلاجات المسوّقة تجارياً تحت أسماء «أوزمبيك» أو «ويغوفي» أو «مونجارو» والتي أوصت «منظمة الصحة العالمية» أخيراً بها.

والاثنين، وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه) على نسخة أولى بالأقراص من «ويغوفي» الذي يوفّر عادة كغيره من هذه العلاجات على شكل محلول قابل للحقن.

وبفضل هذه التقنية المتطوّرة التي تقوم على محاكاة عمل الهرمون الهضمي «جي إل بي-1» الضابط للشهيّة، فُتحت سوق لتلبية حاجات ملايين الأشخاص الراغبين في خسارة الوزن.

وقال أريستوتل هاتسييوريو الذي يملك خمسة مطاعم في نيويورك: «لاحظت أن الناس باتوا يأكلون كمّيات أصغر بكثير»، مخلّفين الكثير من الطعام في أطباقهم.

تقليص حجم الوجبات

وفي ظلّ هذه التغيّرات، بادر رجل الأعمال إلى تقليص حجم الوجبات مع كمّيات أصغر وعدد أقلّ من المأكولات والمشروبات.

وشهدت قوائم الأطعمة المقلّصة هذه نجاحاً كبيراً، بحسب هاتسييوريو، في أوساط مستخدمي علاجات إنقاص الوزن وأيضا الزبائن الراغبين في عدم دفع مبالغ كبيرة لتناول وجبات في المطاعم في مدينة معروفة بغلاء المعيشة الفاحش.

أطباق طعام في مطعم «لو بوتي فيلاج» (أ.ف.ب)

وما زال تناول «أوزمبيك» وغيره من العلاجات المخفّضة للوزن محدود النطاق في الولايات المتحدة بسبب الأسعار المرتفعة لهذه العقاقير. غير أنه من المتوقع أن تصبح هذه العلاجات ميسورة الكلفة على نحو متزايد، وقد تعهّد الرئيس دونالد ترمب شخصياً بذلك.

ويُحدث الاستخدام المتزايد لهذه العلاجات تحوّلاً في العادات الغذائية في البلاد، بحسب ماريون نستله اختصاصية علم التغذية في جامعة نيويورك التي قالت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما يصبح الطعام الذي لطالما كان من أكبر ملذّات الحياة عدوّاً، تتغيّر المعادلة برمّتها».

«معجزات»

صحيح أن هذه العلاجات غالباً ما تترافق مع آثار جانبية، غير أنها أحدثت «معجزات» للبعض، بحسب نستله.

غير أن الأستاذة الجامعية حذّرت من أن الآثار بعيدة المدى لهذه المنتجات ليست معروفة بعد، سواء على الصعيد الجسدي أو الاجتماعي، إذ يشكّل الاستخدام الواسع النطاق لهذه العلاجات «تجربة بشرية كبيرة».

وأقرّت لينا أكسماشر بأنها تتوقّف أحيانا عن تناول «أوزمبيك» كي «تستمتع أكثر بالحياة». وقالت: «أريد أن أشعر بالجوع وأتناول ما يحلو لي».

وقد ساعدها تناول «أوزمبيك» على اكتساب عادات حميدة، مثل ممارسة الرياضة بوتيرة أكبر واستهلاك الكحول بكميّة أقلّ.

واعتبرت ماريون نستله أنه لا ضير في تقديم وجبات أصغر في الولايات المتحدة، بغضّ النظر عن العلاجات الرائجة لخفض الوزن.

وأكّد أريستوتل هاتسييوريو أن هذه الوجبات المقلّصة «قد تكون الأنسب حجماً» للزبائن.


«شتاء طنطورة»... تجربة ثقافية بين تاريخ العلا ومستقبلها الواعد

أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)
أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)
TT

«شتاء طنطورة»... تجربة ثقافية بين تاريخ العلا ومستقبلها الواعد

أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)
أهالي العُلا يحتفون بفعالية «الطنطورة» تقليداً ثقافياً ارتبط بتنظيم المواسم وبداية مربعانية الشتاء (واس)

شتاء ثقافي يمدُّ جسوراً معرفية وإثرائية بين الماضي بقيمته الثمينة المحفورة على صخور العلا، والمستقبل الواعد الذي تتطلع إليه المدينة التاريخية، حيث تفتح أبوابها كل شتاء لتروي قصصها، وتكشف أسرارها.

الموسم الثقافي السنوي، الذي اختار اسم «شتاء طنطورة»، تستضيفه بلدة العلا القديمة في المدينة المنورة شمال غربي السعودية، وسُمّي هذا المهرجان الاستثنائي نسبة إلى «طنطورة»، الساعة الشمسية التقليدية في قلب البلدة القديمة، التي اعتمدها أهل العلا لمعرفة الوقت والاحتفال بدخول المربعانية وبداية موسم الزراعة.

تعامد ظل عمود من طين أمام حجر مغروس يحدث مرة واحدة سنوياً ولمدة وجيزة (واس)

يضم المهرجان سلسلة من الفعاليات والتجارب التي تحتفي بالتراث العريق، والثقافة المحلية الأصيلة، والفنون التقليدية، ويستقطب آلاف الزوار الذين يتدفقون لاكتشاف أسرار المواقع التاريخية التي تُمثِّل كُتباً مفتوحة على التاريخ الحي، بدءاً بالحِجر (مدائن صالح)، بمقابرها النبطية الضخمة المنحوتة في الصخر، منذ كانت عاصمة نبطية جنوبية، مروراً بالبلدة القديمة التي تظهر تطور العمارة المحلية، مروراً بوادي دادان عاصمة مملكتي دادان ولحيان، وصولاً إلى جبل عكمة المعروف بـ«المكتبة المفتوحة» وآلاف النقوش الأثرية المنتشرة فيه.

تقول أمل الجهني، إحدى رواة التاريخ في موقعي دادان وجبل عكمة، إن زوار العلا من داخل السعودية وخارجها لا تغادرهم الدهشة أبداً، ويعودون مراراً لاستكشاف مزيد من أسرارها وآثارها.

«الطنطورة»... تقليد يعكس دورة الحياة

برنامج ثقافي يعرض تنوّع الفنون والموروثات الشعبية ويعكس عمق ذاكرة المجتمع المحلي (واس)

وفي موعد يتكرَّر كل عام، التأم أهالي العلا، الاثنين، لإحياء تقليد ثقافي موروث، يعتمد على الساعة الشمسية التقليدية (مزولة)، أو ما يعرف بـ«الطنطورة» التي كانت تُحدِّد مواقيت الفصول ودخول المواسم الزراعية، حين كان أهالي وسكان العُلا قديماً يعتمدون عليها لتنظيم دورة العمل الزراعي وتنظيم الحياة اليومية.

عند تعامد ظل عمود من الطين يقف على أحد مباني البلدة القديمة أمام حجر مغروس في الأرض، وهو حدث يحدث مرة واحدة سنوياً ولمدة وجيزة، يعلن الأهالي رسمياً دخول مربعانية الشتاء في العلا، وهي فترة يشتد فيها البرد وتستمر 40 يوماً، ومن هنا جاء الاسم.

أمسيات مميّزة تتضمّن عروض فنية تراثية تقام طوال الموسم في البلدة القديمة (واس)

وعلى الرغم من التوقف عن استخدام الطنطورة أداة لضبط أوقات الحياة في الزمن المعاصر، بقي هذا التقليد مستمراً للاحتفاء بقيمته الثقافية والتاريخية لأهالي العلا، حيث تتهيأ الفرصة لاستعادة طيف من الماضي القديم بذكرياته وتفاصيله التي بقيت في ذاكرة الأجيال عبر العقود.

ليالي البلدة القديمة... فن وتراث

تُقدِّم ليالي البلدة القديمة أمسيات فنية وتراثية مميزة طوال موسم «شتاء طنطورة»، تقام بين البلدة القديمة وقلعة العلا التاريخية، وبين التكوينات الصخرية المذهلة خلف مدرّج البلدة القديمة، مع إطلالات ساحرة على قلعة العلا التي يعود تاريخها إلى القرن العاشر الميلادي، حيث يستمتع الزوار بعروض فنية مستوحاة من ذكريات البلدة القديمة وتراث واحة العلا العريق.

وفي داخل قلعة العلا التاريخية، تُحاكى أجواء احتفالات الأعراس التقليدية، مع إطلالات بانورامية على البلدة القديمة ليلاً، لتعكس الهوية الثقافية للعلا وثراءها الحضاري، وتمنح الزائر تجربة حيَّة في قلب المشهد التراثي للمكان.

العُلا تحتفي بفعالية «الطنطورة» ضمن تقليد ثقافي سنوي (واس)

على مسرح «ليالي البلدة القديمة»، يُنظَّم برنامج ثقافي متنوع يُبرز الفنون الشعبية والموروثات المحلية، ويعكس عمق الذاكرة الثقافية للمجتمع المحلي.

ولا تكتمل زيارة البلدة القديمة دون الجولات التفاعلية داخل 3 منازل مُرمَّمة، ومزوّدة بتقنيات سمعية وبصرية، لتسليط الضوء على العادات والتقاليد المحلية. تستعرض هذه الجولات محطات مميزة من حياة المجتمع المحلي، مثل مراسم الزواج، وذكريات الطفولة، وحكايات كبار السن الغنية بالحكمة، لتمنح الزائر تجربة ثقافية وإنسانية متكاملة.