«الفيدرالي» يخفض الفائدة قرب الصفر ويضخ 700 مليار دولار تحفيزاً للاقتصاد

مطالب للكونغرس بمساعدات مالية لمواجهة وباء «كوفيد-19»

أعلن البنك المركزي الأميركي مساء الأحد خفضاً للفائدة إلى قرب مستوى الصفر في محاولة لدعم الاقتصاد والأسواق (أ.ف.ب)
أعلن البنك المركزي الأميركي مساء الأحد خفضاً للفائدة إلى قرب مستوى الصفر في محاولة لدعم الاقتصاد والأسواق (أ.ف.ب)
TT

«الفيدرالي» يخفض الفائدة قرب الصفر ويضخ 700 مليار دولار تحفيزاً للاقتصاد

أعلن البنك المركزي الأميركي مساء الأحد خفضاً للفائدة إلى قرب مستوى الصفر في محاولة لدعم الاقتصاد والأسواق (أ.ف.ب)
أعلن البنك المركزي الأميركي مساء الأحد خفضاً للفائدة إلى قرب مستوى الصفر في محاولة لدعم الاقتصاد والأسواق (أ.ف.ب)

خفض البنك المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيدرالي) سعر الفائدة القياسي إلى ما يقرب من الصفر، لتحفيز الاقتصاد، ومنعه من الانزلاق نحو الركود، بعد زيادة خطر وباء كورونا، وانتشاره في ولايات كثيرة. وقال البنك، في سلسلة من البيانات، مساء الأحد، إنه سيخفض سعر الفائدة الفيدرالي إلى نطاق يتراوح بين 0 إلى 25 نقطة مئوية، كما أنه سيقوم بضخ 700 مليار دولار في سوق المال، عبر شراء أذون خزانة وحزمة من الأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية، من بين إجراءات أخرى لتحفيز الاقتصاد الأميركي.
وأضاف أن «البنك على استعداد لاستخدام مجموعة كاملة من الأدوات لدعم تدفق الائتمان إلى الأسر والشركات»، مشيراً إلى أنه يعمل مع 5 بنوك مركزية أخرى، بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا، لتهدئة الاضطرابات في الأسواق الخارجية التي تعتمد على الدولار، وتقديم تسهيلات للبنوك المركزية في هذه الأسواق لضخ الدولارات في الأنظمة المالية لديهم.
وجاءت تحركات الاحتياطي الفيدرالي مع تصاعد أزمة فيروس كورونا بشكل حاد في الأيام الأخيرة، ما تسبب في وقف شبه كامل لقطاعات السياحة والطيران والوجبات السريعة، وإغلاق عدد كبير من المطاعم ومتاجر التجزئة.
من جانبه، نفى وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، أن يكون اقتصاد الولايات المتحدة في حالة ركود. وقال، خلال لقائه على قناة «إي بي سي» يوم الأحد: «أعتقد أننا في المركز الثاني من بين 9 جولات، وسنستخدم كل الأدوات التي نحتاجها للتأكد من أن الاقتصاد والأميركيين الذين يعملون بجد سيجتازون ذلك».
من المتوقع أن يؤثر تخفيض سعر الفائدة الفيدرالي على تكلفة الاقتراض للمستثمرين والمستهلكين الأميركيين، ما يزيد من قدراتهم الشرائية، ومن ثم زيادة إنفاقهم وإعادة دورة الاقتصاد مرة أخرى. حيث يؤثر سعر الفائدة الفيدرالي، بشكل غير مباشر، على سعر فائدة البطاقات الائتمانية، وقروض السيارات، والرهن العقاري، وديون الطلاب.
ويحذر الخبراء من أن أحد المخاوف الكبيرة هو أن إغلاق الشركات على نطاق واسع في جميع أنحاء الولايات المتحدة لأسابيع محتملة، إن لم يكن أشهراً، يمكن أن يؤدي إلى انهيار كثير من الشركات، وسقوط الاقتصاد في دورة مفرغة من ارتفاع البطالة وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي ومزيد من ضغوط الصناعة.
في غضون ذلك، أقرّ الكونغرس ما يقرب من 8 مليارات دولار من التمويل، لتطوير لقاحات الفيروس، ومساعدة الولايات المتضررة، لكن يبدو أن هذا المبلغ لن يكن كافياً أبداً لمواجهة الفيروس المميت، حسبما يرى الخبراء والاقتصاديون. ويقول الاقتصاديون إن هذه الجهود ستساعد بشكل مؤقت على وقف النزيف بالنسبة للعمال والشركات والمستثمرين، لكنها لن تؤدي إلى تجنب الركود الذي بات حتمياً. وطالبوا الكونغرس بتقديم حزمة أكبر بكثير، تصل إلى 400 مليار دولار، لمنع أكبر اقتصاد في العالم من الانزلاق إلى أزمة أكبر بكثير مما هو متوقع.
وقال كبير المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، لاري كودلو، إن الإدارة تنظر بالفعل في حزمة مساعدات مالية ضخمة. وقال، لشبكة «سي بي إس» يوم الأحد: «لقد وضعنا بالفعل 400 مليار دولار على السبورة»، مشيراً إلى أن المبلغ يشمل مساعدة الشركات الصغيرة والمدفوعات الضريبية المؤجلة مع عدم وجود فوائد.
ويصف مارك زاندي، مسؤول في مؤسسة موديز للتصنيف الائتماني، أزمة الفيروس بأنها تشبه «تسونامي»، وقال: «تقع المسؤولية الآن على عاتق إدارة ترمب والكونغرس. ليس هناك مخرج آخر. هذه الإجراءات ستساعد، لكننا أمام تسونامي. إنهم بحاجة إلى شيء يبلغ حجمه 3 أو 4 أضعاف».
ويقول المحللون إن معالجة الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انتشار كورونا ستعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك توافر اختبارات الفيروس في جميع الولايات، واستجابة البنوك المركزية للحفاظ على تدفق السيولة، وإجراءات التحفيز المالي لتعزيز الطلب.
ويتوقع خبراء الاقتصاد في بنك «جي بي مورغان» أن ينخفض الناتج المحلي الأميركي بمعدل سنوي قدره 2 في المائة في الربع الأول، و3 في المائة في الربع الثاني. ويعتقدون أن الاقتصاد قد ينتعش بسرعة في النصف الثاني من العام، إذا قدم الكونغرس مساعدة مالية بقيمة 500 مليار دولار، حسبما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال».
ويرى الخبير الاقتصادي في «جي بي مورغان»، مايكل فيرولي، أن حزمة المساعدات التي قدمها الكونغرس مجرد «بداية أولى جيدة» في الاستجابة لحالة الطوارئ الطبية، مشيراً إلى أن الاقتصاد سيحتاج «بالتأكيد إلى مزيد ومزيد». وقال: «يبدو الآن أنه من المحتمل جداً أننا نواجه ركوداً، لكن هل يمكننا اتخاذ خطوات لتعزيز الطلب الكلي بحيث يمكننا في غضون أشهر قليلة أن نستعيد الإنفاق والوظائف؟».
ويعتمد الاقتصاد الأميركي، بشكل أساسي، على إنفاق المستهلكين، الذي تراجع بشكل كبير مع توقف التجارة، والسياحة والسفر والطيران، وجميع الأنشطة الأخرى التي تصاحب هذه القطاعات. وانخفضت السياحة إلى الولايات المتحدة بشكل حاد بالفعل حيث ينتشر الفيروس على مستوى العالم. وقال اتحاد اقتصاديات السياحة إن عدد المسافرين من آسيا وحدها انخفض بنسبة 26 في المائة، في فبراير (شباط)، مقارنة بالعام السابق.
في سياق متصل، علقت أكبر البنوك الأميركية عمليات إعادة شراء الأسهم وتعهدت بتوظيف رأس مالها لمساعدة المستهلكين والشركات التي تكافح مع التباطؤ الاقتصادي السريع، الناجم عن تفشي فيروس كورونا. واتخذ كثير من البنوك خطوات لتخفيف الأعباء على المستهلكين والشركات، مع إلغاء بعض الرسوم، وتسهيل الأوضاع مع المقترضين المتعثرين.
وأعلن منتدى الخدمات المالية، الذي يمثل أكبر البنوك الأميركية المقرضة وبنوك الحيازة، قرار تعليق عمليات إعادة الشراء بعد أن قام الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة القياسي. وقال المنتدى، في بيان يوم الأحد، إن وباء فيروس كورونا الجديد «يمثل تحدياً غير مسبوق للعالم والاقتصاد العالمي»، مضيفاً أن «أكبر البنوك الأميركية لديها قدرة والتزام لا جدال فيه بدعم عملائنا والأمة».
ويضم المنتدى بنوك «جي بي مورغان»، «بنك أوف أميركا»، «سيتي غروب»، «ويلز فارغو»، «غولدمان ساكس»، «مورغان ستانلي»، «بنك أو نيويورك ميلون». وعمليات إعادة الشراء عبارة عن استعادة الشركات لجزء من حصتها في الملكية التي تم بيعها في شكل أسهم، وتتم عمليات إعادة الشراء عندما تقوم الشركات بإعادة شراء الأسهم المصدرة ودفع القيمة السوقية للمساهمين.


مقالات ذات صلة

«وول ستريت» تفتتح على ارتفاع بدعم بيانات التضخم وأرباح البنوك

الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

«وول ستريت» تفتتح على ارتفاع بدعم بيانات التضخم وأرباح البنوك

افتتحت الأسهم الأميركية تعاملاتها على ارتفاع يوم الثلاثاء، مع تراجع عوائد سندات الخزانة تدريجياً، في ظل استيعاب الأسواق لبيانات التضخم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بأصبعه لدى وصوله إلى البيت الأبيض 13 يوليو 2025 (د.ب.أ)

مجدداً... ترمب يطالب «الفيدرالي» بخفض فوري للفائدة

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الثلاثاء، إن أسعار المستهلك في الولايات المتحدة «منخفضة»، داعياً مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة على الفور.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار «سيتي بنك» في بورصة نيويورك (رويترز)

البنوك الأميركية الكبرى تواجه الضبابية الاقتصادية بتكيّف لافت في الربع الثاني

أظهرت البنوك الأميركية الكبرى قدرة لافتة على التكيّف وتحقيق نتائج تفوقت على توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد رجل يرتب المنتجات في سوبرماركت «بيست وورلد» بحي ماونت بليزانت في واشنطن (رويترز)

التضخم الأميركي يسجل أعلى مستوى في 4 أشهر تحت وطأة الرسوم

ارتفع التضخم الأميركي الشهر الماضي إلى أعلى مستوى له في أربعة أشهر مع ارتفاع تكلفة البنزين والمواد الغذائية والبقالة مما عكس عدة أشهر من تباطؤ ضغوط الأسعار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جيروم باول خلال شهادته أمام لجنة مجلس الشيوخ لمراجعة تقرير السياسة النقدية نصف السنوي في 25 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

باول يطلب مراجعة تكاليف تجديد مقر «الفيدرالي» وسط انتقادات إدارة ترمب

طلب جيروم باول، رئيس «مجلس الاحتياطي الفيدرالي»، من المفتش العام للبنك المركزي الأميركي مراجعة تكاليف تجديد مقر «الاحتياطي الفيدرالي» التاريخي في واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

السعودية: تمديد برنامج «الرهن الميسر» لتسهيل تملك السكن

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)
TT

السعودية: تمديد برنامج «الرهن الميسر» لتسهيل تملك السكن

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لدى ترؤسه جلسة مجلس الوزراء في جدة الثلاثاء (واس)

قرَّر مجلس الوزراء السعودي تمديد العمل ببرنامج «الرهن الميسر» لمدة ثلاث سنوات إضافية، وذلك خلال جلسته برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الثلاثاء.

وثمّن ماجد الحقيل وزير البلديات والإسكان السعودي، في منشور عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، هذا القرار، وقال إن البرنامج خفّف عبء الدفعة المقدمة عن مستفيدي الدعم السكني، وسهّل تملك المسكن الأول، وفتح أبواب الاستقرار لأكثر من 114 ألفاً و638 أسرة سعودية، ضمن مستهدفات «برنامج الإسكان»، أحد برامج «رؤية السعودية 2030».

بدوره، أكد صندوق التنمية العقارية أن القرار يعكس حرص القيادة على دعم وتمكين المستفيدين من الأسرة السعودية لتسهيل رحلة تملكها للمسكن الأول ضمن برامج داعمة وحلول تمويلية متنوعة.

وأوضح سعيد الزهراني، المتحدث الرسمي للصندوق، أن البرنامج يُعد أحد الحلول التمويلية التي تهدف إلى تسهيل رحلة التملك عبر تخفيف عبء الدفعة المقدمة على مستفيدي الدعم السكني، من خلال تخفيض نسبة الدفعة من 10 في المائة إلى 5 في المائة، وذلك للمسكن الأول.

وأضاف أن البرنامج يسهم في رفع قيمة التمويل الذي يحصل عليه المستفيد ليصل إلى 95 في المائة من إجمالي سعر الوحدة السكنية بشرط ألا يتجاوز سعرها 800 ألف ريال، مما يُتيح له فرصة تملك وحدة تحت الإنشاء أو جاهزة ضمن خيارات وحلول تمويلية متنوعة تلبي احتياجه، وبما يتناسب مع قدراته التمويلية للتملك.

وبيَّن الزهراني أن برنامج «الرهن الميسر» يأتي ضمن الجهود المستمرة لدعم وتحسين قدرة المستفيدين لتملك منازلهم بكل يسر وسهولة، تحقيقاً لمستهدفات برنامج الإسكان، لافتاً إلى أن عدد المستفيدين منه مُنذ إطلاقه بلغ نحو 115 ألفاً.