فيينا مدينة تعشق الطعام

أطباق مثيرة للنزاعات مع جيرانها على مر السنين

فيينا مدينة تعشق الطعام
TT

فيينا مدينة تعشق الطعام

فيينا مدينة تعشق الطعام

فيينا مدينة تعشق الطعام، تلك حقيقة من حقائق العاصمة النمساوية التي تتصدر المدن عالمياً من حيث رفاهية العيش.
وفي هذا، يقول النمساويون إن مطبخهم تاريخي، يعود لحقب موغلة في القدم. كما أنه «خلاصة» نسب ومصاهرة لمطابخ شعوب أخرى، خاصة جيرانهم من الصرب والمجريين والبافاريين والإيطاليين، ممن حكمتهم إمبراطورية الهابسبورغ التي حكمت قرابة 400 سنة، وتمددت ليس أوروبياً فحسب، وإنما وصلت حتى المكسيك.
أضف إلى ذلك الأثر التركي الجلي الذي وصلهم عبر الدول الأوروبية التي غزتها القوات العثمانية، وعبر القوات التي أخذت لنفسها قاعدة مرتين على حدود فيينا، واستعصمت عليها فاندحرت.
وفي هذا، يقال إن القهوة انتشرت بواسطة ضابط بولندي اسمه كولتشيزكي عمل جاسوساً للنمسا، وتنقل وسط القوات العثمانية، وقد كافأه الإمبراطور بعد انسحاب العثمانيين بمنحه أكياس البن التي تركوها وراءهم، وطلبها ذلك الجاسوس الذي رآهم يشربونها وأعجب بها.
هذا بالإضافة للمسات لمن تركوا بلدانهم، وفضلوا العيش في النمسا كمهاجرين، ثم اندمجوا في هذا البلد الآمن. وحديثاً، يتلمس المرء لمسات لاجئين سوريين ممن نشطوا في فتح مطاعم تقدم الأكل الشرقي، فانتشر الحمص والفلافل والمحمرة، وأصبح منافساً ليس لما تقدمه مطاعم تركية فحسب، بل وغيرها من مطاعم آسيوية كانت قد ظهرت قبل عقود وعرفها النمساويون.
ولا ينكر أهل البلد الأثر الأجنبي في مطبخهم عموماً، مشيرين إلى أنهم أخذوا ما أخذوا، وأكسبوه نكهتهم ومزاجهم، وهم يقدمونه ويزينونه بذوقهم الرفيع.
- ماذا يأكل النمساويون؟
وما أشهر أطباقهم؟ وما أصلها؟
الغولاش (Goullasch): عبارة عن طبق «يخنة»، أهم مقوماته لحم غالباً بقري، وكثير من الفلفل الأحمر الحلو والبصل الناعم المحمر الذي تكون كميته مساوية لكمية اللحم.
ويستهل تحضيره بفرم البصل وتحميره، ثم يتبل بمسحوق الفلفل الأحمر الحلو، وكمية خفيفة من فلفل أحمر حار، وصلصة طماطم، ويبهر ببعض كراوية وورق غار، ثم تضاف كمية كافية من المرق، وأخيراً قطع اللحم. وهناك من يضيف خضراوات، مثل البطاطس والفاصوليا والفطر والملفوف.
ويترك الخليط لينضج على نار هادئة، بحيث يصبح اللحم طرياً، دون أن ينهار. ويمكن إضافة قليل من الكريمة أو الدقيق للحصول على قوام غليظ ناعم. ولتخفيف حلاوة طعم الفلفل، يمكن الاستعانة بعصير الليمون أو الخل.
ويؤكل الغولاش مع خبز يسمى «كنودل»، يعد شعبياً من فتات الخبز المعجون بحليب يضاف إليه بصل وبقدونس مفرومين جيداً، وقليل من الملح والفلفل. وتخلط المكونات جيداً مع البيض لمزيد من التماسك، ثم تدور في شكل كرات صغيرة لتنضج في ماء مغلي مملح تلتقط منه حالما برزت للسطح.
ومثله مثل أي طبق، يتغزل كل بوصفة جدته، ومهارة طبخها ومكوناتها. ولا يمل النمساويون من القول إن الغولاش وصلهم خفيفاً لا يسوى من المجر، فعدلوه وجعلوه دسماً، وفيه الكريمة. وبدورهم، يفتخر المجريون بأن طريقتهم في تحضير «الغولاش» أشهى، ولا تمت بصلة للطريقة النمساوية، ولا رابط بينهما غير الفلفل الأحمر الذي تصدره المجر، والذي يعتبر «ملكاً للفلفل»، والذي تجففه طبيعياً بحرارة الشمس. وفي هذا، يقول الأتراك إنهم أول من استخدم الفلفل، وأول من أدخله إلى أوروبا، ومنهم عرفت أوروبا استخدامه.
وفي كل الأحوال يتطلب إعداد الغولاش وقتاً طويلاً لأنه يطهى على نار هادئة حتى ينضج، ويصبح جاهزاً للأكل، بقوامه المتجانس السميك. وحسب ما يرددون، فإنه من ألذ الأطباق المحلية، وكون مذاقه لذيذاً أيضاً بعد وضعه في الثلاجة وتسخينه في اليوم التالي.
«تافيلشبيتز» (Tafelspitz): عبارة عن قطع من لحم العجل تؤخذ من منطقة الظهر أو الأرداف أو الصدر، وتقطع كشرائح رفيعة، مع الاحتفاظ بحوافها الدهنية، ثم تسلق في كمية كافية من الماء مع عظم وخضراوات وتوابل عطرية.
وهذا الطبق على وجه الخصوص يحتاج لمهارة عالية حتى ينضج اللحم على نار هادئة، ليصبح طرياً، وفي الوقت نفسه محتفظاً بشكله، كما يحتاج إلى رقابة متصلة لكشط الرغوة وزيادة الماء، بحيث يظل اللحم مغموراً. وحتى طريقة تقديمه مميزة، إذ يقدم في قدر أو طاسة تحفظ مكوناته ساخنة. ويبدأ المرء أولاً بتناول الحساء، ثم اللحم. وهناك من يخرج المادة التي داخل العظم، ويمسحها على قطع الخبز، تماماً كما يمسح الزبد، وأشهر من يقدمه من المطاعم النمساوية التقليدية مطعم «بلاخوتا».
ويحكي نمساويون أن هذا الطبق بالذات ظهر إبان فترة الإمبراطور فرانز جوزيف الذي كان سريعاً في الأكل، رغم اهتمامه بآداب المائدة. وقد جرى العرف أن يتوقف الآخرون عن الأكل ما إن يتوقف الإمبراطور، حتى لو كانوا ما يزالون جوعى، ومهما كان الأكل لذيذاً.
وهذا التوقف الاختياري هدى عاملون في مطعم فندق «زاخر»، على بعد خطوات من القصر، لتحضير «التافلشبيتز»، وترك اللحم ينضج في انتظار أولئك الذين يجبرهم البروتكول على مغادرة موائد القصر العامرة دون شبع.
«الشنيتزل» (Wiener Schnitzel): الطبق الأكثر انتشاراً وشعبية، وكثيراً ما تباع قطعه جاهزة لا تحتاج غير تحمير، وإن كانوا بالطبع يعشقون المعدة منزلياً أو ما تقدمه مطاعم بعينها، أشهرها سياحياً مطعم «فيقلمولر» (Figlmüller). ويمكن تحضير شنيتزل من مختلف أنواع اللحوم، ويقولون إن أفضله المصنوع من لحم العجل، ويمكن أكله بلحم الدجاج، إذا كنت تفضل الدجاج على لحم الضأن.
ويقطع اللحم إلى شرائح تدق جيداً للخلاص من قساوتها حتى ترتخي وتتمدد، لدرجة أن قطعة واحدة قد تفرش الصحن بأكمله، وتكون سالمة من دون ثقوب.
وبعد دق قطع اللحم، تتبل بملح وفلفل وتغطى جيداً، وتكسى بدقيق ثم بيض مضروب ثم فتات الخبز المسحون (بقسماط) على التوالي. ومن ثم، تحمر تحميراً عميقاً حتى تكتسب لوناً ذهبياً وقرمشة شهية لذيذة.
وتقدم تقليدياً مع سلطة من قطع بطاطس مسلوقة، تتبل بخلطة تتكون من ملح زائد سكر زائد خل زائد زيت زيتون بنسب متوازنة. وبعضهم يفضلها مع بطاطس مقلية وكاتشب أو مربى التوت.
ويطلق النمساويون على الشنيتزل اسم «فيينا شنيتزل»، ولا يعترضون على أنه قد جاءهم أساساً من إيطاليا، في معية مارشالهم راديتزكي الذي حقق انتصارات مشهودة إبان حرب الاستقلال الإيطالية، وكرمه الموسيقار يوهان شتراوس بمقطوعة موسيقية عسكرية ذات طابع احتفالي، ما إن سمعها جنوده حتى صاروا يضربون الأرض ويصفقون في مرح وفرح يتماشى وترنيمات اللحن الذي أمسى خالداً.
ومن التقاليد حتى يومنا هذا عزف هذه المقطوعة مطلع كل عام في الحفل الذي تقيمه فرقة فيينا فيلهارمونيكا بقاعة الميوزيك فراين الفخمة، وينقل على الأثير عالمياً، ويقوم الحضور بالصفق وضرب أرض القاعة، حسب تعليمات قائد الفرقة (المايسترو) الذي يبادلهم مرحاً بمرح.
وهكذا، أضحت الشنيتزل طبقاً نمساوياً يرتبط باسم عاصمتهم وتاريخهم، ويتناولونه في كل الأوقات. وهناك من يلتهم قطعة الشنيتزل على طريقة السندويتش، فتوضع قطعة اللحم بين قطعتي خبز من أشهر أنواع خبزهم الشعبي المعروف باسم «سمل».
- حساء وشوربات
يعشق النمساويون الحساء بمختلف أنواعه، وقد يعود الأمر لطقسهم البارد، أو لكونه طعاماً غير مكلف، إذ لا يحتاج الكثير، وقد أشبع جوعهم أيام الحروب. وبالطلع، أثرت الحروب كثيراً في تقييم النمساويين للطعام، ولقيمة القرش، ولضرورة الحفاظ على القوانين، وعلى أمن وجمال بلادهم، والاستمتاع بها والحفاظ عليها من كل خراب. وحتى يومنا هذا، تذكر الجدات أحفادهن إن تركوا طعاماً دون أن يكملوه كيف أنهم زمن الحرب لم يجدوا ما يأكلونه، ومن العيب وقلة الذوق عندهم ألا يكمل المرء طعامه.
ومن أشهر أنواع الحساء ذلك البسيط الذي يتكون من خضراوات تباع في المتاجر كحزمة لا تزيد عن جزرتين وقطع كرفس وفجل وكرنب وسيليري وبقدونس، وما على ربة المنزل سوى تقطيعها وإضافة الماء وبهار وعظم، أو قطعة لحم أو دجاج أو سمك، أو تطبخها نباتية فقط.
وحتى الفجل يحولونه مفروماً إلى شوربة، مع حبات بطاطس وصفار بيض وكريمة مخفوقة، وعندهم شوربة تتكون فقط من الطماطم، ومن القرع، ومن البروكلي، ومن البصل، ومن الجبن، وأخريات، ولا يعرفون شوربة العدس كما نعرفها وتشتهر عندنا، لكنهم كذلك يجزمون بفوائد شوربة الدجاج لعلاج حالات البرد والنزلات.
- الحلويات
يحتفي النمساويون بالحلويات بمختلف أشكالها وأنواعها، وللدسم منها مكانته كما للخفيف، ويستطيبون مختلف أنواع الكيك مع القهوة، وهي شرابهم المفضل، ولا يعلى على أنواع القهوة الكثيرة المتنوعة، ومقاهيهم التي ما يزال بعضها يحمل الطابع الإمبراطوري، وهناك الثقافي والحديث، والصغير الحميم محلياً والكبير الفخم الذي يضج بالسياح. ولكل موسم ميزته ونكهاته، وللقرفة معجبيها، وللفانيليا عشاق، وعندهم الزنجبيل، ونادراً ما يخلو كيك من مبشور الليمون والبرتقال، وقد يبيع مقهى مختلف الأطعمة، بما في ذلك الآيس كريم والمثلجات. ومن الأتراك، ويقال من الألمان، استلهموا فكرة فطيرة دسمة من ورق بقلاوة يفرش ويمسح بالزبد، ثم يحشى بكمية وفيرة من التفاح، مقشراً ومقطعاً مكعبات صغيرة، يخلط مع بعض مكسرات وزبيب، وقليل من القرفة، وكثير من الزبد، ويسمونها «Apfelstrudel».


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
TT

أليساندرو بيرغامو... شيف خاص بمواصفات عالمية

الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)
الشيف أليساندرو بيرغامو (الشرق الاوسط)

بعد دخولي مطابخ مطاعم عالمية كثيرة، ومقابلة الطهاة من شتى أصقاع الأرض، يمكنني أن أضم مهنة الطهي إلى لائحة مهن المتاعب والأشغال التي تتطلب جهداً جهيداً، وعندما نسمع أي طاهٍ يردد المقولة الأشهر: «الطهي بحبّ» (التي قد يجد البعض أنها أصبحت «كليشيه»)؛ أقول لهم إنه لا يمكن أن يبرع أي شيف بمهنته إلا إذا أحب مهنته ووقع بغرام الطهي لأن هذه المهنة لا يمكن أن ينجح بها إلا من يطبخ بحبّ.

يجب أن يتحلى الطاهي الخاص بمهنية عالية (الشرق الاوسط)

الطهي أنواع، والطهاة أنواع أيضاً، فهناك من يطبخ في مطعم، وهناك من يطبخ لعائلة أو يطبخ بشكل خاص في المنازل. أما «الشرق الأوسط» فقد قامت بتجربة الطعام في أحد المساكن الراقية، التابعة لـ«أولتميا كولكشن» (Ultima Collection) التي تضم عدة شاليهات وفيلات في أماكن كثيرة، مثل جنيف في سويسرا، وموجيف في فرنسا، وغيرها من الوجهات الراقية.

بوراتا مع الطماطم (الشرق الاوسط)

الإقامة في مجموعة «أولتيما» صفتها الرقي والرفاهية التي تمتد إلى ما هو أبعد من السكن، لتصل إلى الطبق، وبراعة فريق العمل في المطبخ في تقديم أجمل وألذّ الأطباق بحسب رغبة الزبون، ففكرة «أولتيما» تدور حول تأجير العقار لمدة أقلّها أسبوع، حيث يتولى فريق كامل من العاملين تلبية كافة احتياجات النزل، بما في ذلك تأمين طلبات الأكل وتنفيذ أي طبق يخطر على بال الزبون.

من الاطباق التي تبتكر يوميا في مجموعة أولتيما (الشرق الاوسط)

لفتنا في طهي الشيف أليساندرو بيرغامو، الطاهي التنفيذي في «أولتيما كوليكشن» والمسؤول عن ابتكار جميع لوائح الطعام في مجموعة أولتيما، أنه يحمل في نكهاته رائحة الشرق الأوسط، وبساطة الأطباق الأوروبية والمنتج الطازج وطريقة التقديم التي تنافس أهم المطاعم الحاصلة على نجوم ميشلان.

من الاطباق المبتكرة في "أولتيما"

في مقابلة مع «الشرق الأوسط»، شرح الشيف أليساندرو بيرغامو كيفية تنفيذ عمله بهذه الطريقة الحرفية لمجموعة أشخاص تختلف ذائقاتهم وذوقهم في الأكل، فكان ردّه أنه يتم إعداد قوائم الطعام بعد دراسة ما يفضله الزبون، ويتم تعديل قائمة الطعام استناداً إلى تفضيلاتهم، ومعرفة ما إذا كان أحدهم يعاني من حساسية ما على منتج معين، بالإضافة إلى تلبية الطلبات الخاصة في الأكل.

طبق فتوش لذيذ مع استخدام البهارات الشرقية (الشرق الاوسط)

يقوم الشيف أليساندرو بالطهي لجنسيات مختلفة، لكن كيف يمكنك طهي طعام يناسب الجميع؟ أجاب: «يأتي كثير من العملاء لاكتشاف أطباق جديدة، ومطبخ كل طاهٍ ومنطقة. نحن نعدّ مجموعة متنوعة من الأطباق على طريقة طبخ البيت لتلبية كل الطلبات».

طاولة طعام تحضر لمجموعة واحدة من النزل (الشرق الاوسط)

تتمتع أطباق الشيف بيرغامو باستخدام كثير من البهارات العالمية، فسألناه عن سرّ نجاحه في الدمج بينها، فقال: «نحاول تحقيق التنوع في النكهات بين الحريف والحامض والحار والمالح. يتعلق الأمر بتحقيق التوازن والتناغم. وتتوفر لدينا اليوم أنواع متعددة من البهارات تسمح لنا بإجراء بحث ممتد، والتعاون مع طهاة عالميين من أجل التطوير المستمر للعمل».

مائدة طعام في أحد مساكن أولتيما العالمية (الشرق الاوسط)

وأضاف: «بالطبع، أحب البهارات، والإضافة التي تقدمها إلى طبق ما، أو نوع من الخضراوات. هناك كثير من البهارات التي أستمتع بها. منها جوزة الطيب والكزبرة والسماق والبابريكا».

وعن طبقه المفضل الذي لا يتعب من تحضيره، أجاب: «أحب طهي المعكرونة بأشكال مختلفة متنوعة، إلى جانب أطباق اللحم بالصوص».

مهنية تامة وروعة في التقديم (الشرق الاوسط)

ومن المعروف عن بعض الزبائن، الذين يختارون الإقامة في عقارات تابعة لمجموعة أولتيما، أن طلباتهم قد تكون كثيرة وغير اعتيادية أحياناً، والسؤال هنا؛ كيف يستطيع الطاهي الخاص أن يقوم بتلبية جميع الطلبات الخاصة؟ فأجاب الشيف ألسياندرو بأنه يحاول الاتصال بكل من يعرفه للعثور على المنتجات المطلوبة. وبفضل الموردين الذين يتعامل معهم، يضمن السرعة والكفاءة في الاستجابة لأي طلبات خاصة. وبالتالي يتمكن في غضون 24 ساعة من تحديد موقع المنتج وإحضاره لاستخدامه في أي طبق يطلبه الزبون.

أطباق جميلة ولذيذة (الشرق الاوسط)

يبقى السؤال الذي يطرحه نفسه هنا: أيهما أصعب، العمل في مطعم أم العمل كطاهٍ خاص؟ وكان ردّ الشيف أليساندرو: «في رأيي لأصبح طاهياً خاصاً، من الضروري أولاً العمل في المطاعم لأتعلم المهنة وطرق وفنون الطهي، ثم بعد ذلك إذا كنت أشعر بالارتياح تجاه التعامل بشكل مباشر مع العملاء، يمكن التفكير في أن أصبح طاهياً خاصاً. إن الأمر مختلف جداً لأنه في المطعم تكون لديك قائمة طعام، ويختار العملاء أطباقهم، لكن عندما تكون طاهياً خاصاً، تكون الوجبات معدّة بشكل كامل بناءً على تفضيلات العملاء».

مائدة الفطور في "غراند أولتيما" (الشرق الاوسط)

من هو الشيف أليساندرو بيرغامو؟

ولد في إقليم كومو في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1989. نظراً لشغفه بالطهي الذي ظهر في سن مبكرة، وحلمه بالفعل بالمشاركة في مسابقة «بوكوس دور»، تدرب في مركز التكوين المهني والتمهين في مدينة سوندالو، بالقرب من مقاطعة سوندريو، ثم في مدرسة «كلوزوني» للطهي مع طهاة على صلة بالمسابقة.

بدأ بعد ذلك مسيرته المهنية الاحترافية بالعمل في فنادق رائدة كطاهٍ تنفيذي في كل من برغامو وفينيسيا وتاورمينا. وفي عام 2009، استقر في مدينة ليون، حيث عمل مع الطاهي بيير أورسي لمدة عامين في مطعمه الحائز على نجوم ميشلان، قبل الانضمام إلى فريق يانيك ألينو في «لي 1947 شوفال بلان» المطعم المملوك لكورشفيل الحائز على 3 نجوم ميشلان.

كذلك انضم، وهو يضع مسابقة «بوكوس دور» نصب عينيه، إلى فريق ريجيس ماركون، الطاهي الحاصل على 3 نجوم، والفائز بمسابقة «بوكوز دور» عام 1995 في سان بونيه لي فروا بفرنسا، ثم للطاهي بينواه فيدال في بلدة فال دي إيسير ليحصل مطعمه على ثاني نجمة من نجوم ميشلان بعد ذلك بعامين.

بعد تجاربه في فرنسا، انتقل أليساندرو إلى مونتريال في مطعم «ميزو بولود ريتز كارلتون» للعمل مع الطاهي دانييل بولود، وبعد فترة تدريب قصيرة في اليابان، عاد إلى إيطاليا للعمل إلى جانب مارتينو روجيري. وأثناء العمل في مطعم «كراكو» في «غاليريا فيتوريو إيمانويل» بميلانو، قرّر تحقيق حلمه، وبدأ مغامرة جديدة، وهي عالم منافسات الطهي.

أصبح أليساندرو عام 2019 مدرباً مساعداً في أكاديمية «بوكوس دور» بإيطاليا، وفاز بمسابقة «سان بليغرينو يانغ شيف»، التي تغطي إيطاليا وجنوب شرقي أوروبا، ليتمكن بذلك من الوصول إلى نهائيات العالم. وفي عام 2020، أثمر العمل الجاد لأليساندرو، وشغفه، ومساعدة فريق العمل معه، عن الفوز بمسابقة «بوكوس دور» في إيطاليا، ما أهّله إلى النهائيات الأوروبية، ثم إلى نهائيات العالم للمسابقة عام 2021، التي أقيمت في ليون، ما مثّل حدثاً مقدساً حقيقياً له، هو الذي لطالما كان يحلم بهذه التجربة المذهلة.

اليوم، بصفته طاهياً تنفيذياً، ينقل أليساندرو خبرته وشغفه، ويتألق من خلال تفانيه في العمل، ما يجعل فريق العمل في مؤسسة «أولتيما كوليكشن» يشعر بالفخر بوجوده معهم.