منخفض «التنين» وصل إلى لبنان فكان ضيفاً ثقيلاً واستثنائياً

سكان مناطق لزموا منازلهم تحت عنوان «خليك بالبيت» فكادت تطير بهم

عاصفة «التنين» اقتلعت الأشجار
عاصفة «التنين» اقتلعت الأشجار
TT

منخفض «التنين» وصل إلى لبنان فكان ضيفاً ثقيلاً واستثنائياً

عاصفة «التنين» اقتلعت الأشجار
عاصفة «التنين» اقتلعت الأشجار

عاش اللبنانيون، ليل أول من أمس، وفي مختلف المناطق، ليلة رعب تشبه تلك التي يشاهدونها عادة في الأفلام السينمائية، بسبب وصول منخفض «التنين» إلى بلادهم.
صحيح أنهم كانوا يلزمون منازلهم، لوضع حدّ لانتشار فيروس «كورونا»، وتطبيقاً لشعار «خليك بالبيت»، الذي أطلقته محطتا «آل بي سي آي» و«الجديد». ولكن ما حاولوا تفاديه من الباب دخل عليهم من الشباك. وشعروا من شدة الرياح العاتية بالرعب، وبأن منازلهم تكاد تطير بسبب منخفض «التنين». فهم وابتداءً من ساعات بعض ظهر الخميس 12 مارس (آذار) الحالي تفاجأوا بهواء قوي يضرب البلاد من شمالها إلى جنوبها. واشتدت سرعته بعيد منتصف الليل، لتتخطّى الـ108 كيلو مترات في الساعة، حسب مركز الرصد الجوي في مطار بيروت.
كان خبراء الطقس قد حذروا من منخفض جوي يسمى منخفض «التنين»، أو «منخفض القرن»، سيضرب ثمانية بلدان، مشيرين إلى أنه سيؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار الشديد في الأحوال الجوية. وبالفعل، ضرب هذا المنخفض مصر وعمان وسوريا والأردن وفلسطين ولبنان والعراق وتركيا، إضافة إلى دول أخرى. وقد رافقته تقلبات في الطقس من أمطار غزيرة وصواعق وموجة حرّ وأجواء مشبعة بالغبار.
ويقول مدير مركز الرصد الجوي في مطار بيروت مارك وهيبة، «إن هذا المنخفض الذي شهده لبنان، لأقل من 24 ساعة، يعتبر استثنائياً، إذ لم يسبق أن مرّ علينا في هذه الفترة من السنة». ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هو عادة ما نشهد مثله ضمن عاصفة ثلجية معينة، حتى أن موج البحر لم يتأثر بهذا المنخفض، بحيث لم يتجاوز ارتفاعه المترين». وحسب وهيبة، فإن المنخفض انطلق من البرّ، وصولاً إلى البحر، وهذا المدى الطويل أفقده من أهمية تأثيره على البحر. فيما تأذت بلدان أخرى كليبيا وتونس منه لأنه اجتاح بحرهما بقوة، وتسبب بأمواج مرتفعة فيه.
كان منخفض «التنين» قد أدى إلى أضرار جسيمة في قرى وبلدات مرجعيون وإقليم الخروب، وتسبب بانقطاع التيار الكهربائي واقتلاع أشجار وسقوط عدد من الأعمدة والأسلاك الكهربائية. وفي بيروت، شُوهدت أشجار هوت من شدة الرياح، كما انقطع فيها التيار الكهربائي لفترة فأسرعت فرق الصيانة لتصليحها. وفي عكار، أدت قوة المنخفض إلى تطاير عدد من ألواح الطاقة الشمسية، وطلبت الهيئة العليا للإغاثة في بيان أصدرته لاحقاً من جميع البلديات في المناطق التي شهدت أضراراً أن ترفع تقريراً مفصلاً عن الخسائر التي تكبدتها من جراء المنخفض، ليبني على الشيء مقتضاه. أما في ساحة بكفيا، فقد أدت سرعة الرياح إلى سقوط تمثال مؤسس «حزب الكتائب» بيار الجميل الذي يتوسطها. وفي صيدا، اقتلعت الرياح شجرة في حي البراد، وسقطت على عدد من السيارات المركونة في المكان. فيما أطاحت ببعض خيم الحراك المدني (لبنان ينتفض) في ساحة إيليا وسط المدينة. وفي صور ألحق المنخفض أضراراً بساحة العلم، وبلوحات إعلانية، هوت على جوانب الطرقات.
وتعلّق رولا، التي تسكن في منطقة المنصورية: «لقد استيقظت صباحاً لأجد لوحة بائع الخضار على بعد شارعين من عندي، وقد استقرت على شرفة منزلي». فيما رأى قاسم أحد نواطير موقف سيارات في الأشرفية، أن الخسائر كانت بالغة، بحيث طارت خيم الموقف، وسقطت الأحجار، وأحدثت أضراراً كبيرة في السيارات المركونة فيه، بسبب انهيارات شهدتها المباني القريبة منه.
ولم يكن سكان بيروت أفضل حالاً من غيرهم. إذ شعروا بقوة الرياح مع بداية الليل، فتحولت سهراتهم إلى مسلسل رعب بعد منتصف الليل، وأثر سماعهم دوي سقوط أحجار وأسقف ولوحات إعلانية تهوى من أماكن عالية. وكانت عبارة «الحمد الله عالسلامة» هي التحية الأكثر رواجاً التي ألقوها على بعضهم البعض في اليوم التالي بعد انتهاء العاصفة.
ولم يفلت منخفض «التنين»، الذي وصلت نسبة درجات الضغط الجوي فيه إلى 998 هكتو باسكال (قياس الهواء بالملليمتر في الساعة)، من تعليقات اللبنانيين الساخرة. فراجت على وسائل التواصل الاجتماعي عبارات ومنشورات تتناوله بسخرية. ومن بينها «قعدنا بالبيت حيطير البيت» و«بكرا بس أوعى ببعتلكن (Location) وين صار بيتنا»، في إشارة منهم إلى قوة الرياح التي اشتدت ليلاً، وشعروا بها بشكل كبير، خصوصاً الذين يسكنون في الطوابق العالية. كما راجت التعليقات التي جمعت ما بين فيروس «كورونا» ومنخفض «التنين» بعد أن رأوا أن المصائب تضرب اللبنانيين بالجملة.


مقالات ذات صلة

تحذير من «فيضانات» بعد أمطار غزيرة ضربت غرب ليبيا

شمال افريقيا متطوعو الهلال الأحمر الليبي يحاولون إبعاد سيارة عالقة بالمياه في مدينة الزاوية (الهلال الأحمر)

تحذير من «فيضانات» بعد أمطار غزيرة ضربت غرب ليبيا

أغرقت مياه الأمطار شوارع عديدة في غرب ليبيا، كما طوقت محيط مستشفى ترهونة التعليمي، وعزلت عديد المنازل، وسط جريان أودية وتحذير من «فيضانات محدودة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تكنولوجيا أعلنت «غوغل» الأميركية ابتكار أداة ذكاء اصطناعي «جين كاست» قادرة على توفير توقعات متعلقة بالطقس على مدى 15 يوماً بدقة غير مسبوقة (متداولة)

«غوغل» تبتكر وسيلة ذكاء اصطناعي توفر توقعات جوية بدقة غير مسبوقة

أعلنت شركة غوغل الأميركية، اليوم الأربعاء، ابتكار أداة ذكاء اصطناعي قادرة على توفير توقعات متعلقة بالطقس على مدى 15 يوماً بدقة غير مسبوقة.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
بيئة رجل يركب دراجة هوائية في شارع غمرته المياه جنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

إسبانيا تقرّ «إجازة مدفوعة لأسباب مناخية» في الظروف السيئة

أقرت الحكومة الإسبانية اليوم (الخميس) «إجازة مدفوعة لأسباب مناخية» لأربعة أيام لتجنب تنقل الموظفين في حال وجود تحذير بسبب سوء الأحوال الجوية.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق الأجواء الباردة شجعت السكان على التوجه إلى البراري ومناطق التخييم (واس)

موجة باردة مفاجئة تعيد حياة سكان الرياض إلى الأجواء الشتوية

شهدت العاصمة السعودية الرياض، ومعظم المناطق الوسطى من البلاد، تغييراً مفاجئاً في طقسها.

بدر الخريف (الرياض)
الولايات المتحدة​ طواقم تعمل على إزالة شجرة أسقطتها عاصفة قوية ضربت منطقة شمال غربي المحيط الهادئ بالولايات المتحدة (رويترز)

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

ضربت عاصفة قوية ولاية واشنطن الأميركية، اليوم (الأربعاء)، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مئات الآلاف وتعطل حركة السير على الطرق ومقتل شخصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.