الأسواق مشتتة بين انهيارات آسيوية و«محاولات صحوة» غربية

بعد أحد أسوأ أيام التعاملات تاريخياً

الأسواق مشتتة بين انهيارات آسيوية  و«محاولات صحوة» غربية
TT

الأسواق مشتتة بين انهيارات آسيوية و«محاولات صحوة» غربية

الأسواق مشتتة بين انهيارات آسيوية  و«محاولات صحوة» غربية

تباينت الصورة بشكل عنيف أمس، بين أسواق شرق العالم وغربه، فبينما كانت أسواق آسيا لا تزال تحت تأثير صدمة التراجعات العنيفة والخسائر التاريخية الفادحة التي ظهرت في أوروبا وأميركا يوم الخميس، تمكن أغلب الأسواق الأوروبية والأميركية من لملمة الشتات والعودة إلى «المناطق الخضراء».
وفتحت الأسهم الأميركية، الجمعة، على ارتفاع قوي بعد تكبد أسوأ خسائرها اليومية في أكثر من 30 عاماً مع تعلق المستثمرين بالأمل في مزيد من الإجراءات المالية للحيلولة دون ركود عالمي.
وارتفع المؤشر «داو جونز الصناعي» 773.20 نقطة بما يعادل 3.65%، ليفتح عند 21973.82 نقطة. وزاد المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بمقدار 89.35 نقطة أو 3.60% مسجلاً 2569.99 نقطة. وصعد المؤشر «ناسداك المجمع» 408.59 نقطة أو 5.67% إلى 7610.39 نقطة.
وفي أوروبا، عاودت أسواق الأسهم الارتفاع، الجمعة، متعافيةً من أسوأ يوم لها على الإطلاق، إذ ساعدت إشارات بحزمة تحفيز أميركية في تهدئة المخاوف بشأن صدمة اقتصادية بسبب وباء فيروس «كورونا».
وبحلول الساعة 14:14 بتوقيت غرينتش، صعد المؤشر «ستوكس 600» الأوروبي 4.61% عقب أن هوى 12% مع إغلاق الخميس بفعل تصاعد المخاوف بشأن أزمة سيولة بعد أن قرر البنك المركزي الأوروبي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. ومحا الانهيار ما يزيد على تريليون دولار من قيمة الشركات الأوروبية ونزل بالمؤشر «إم إس سي آي» العالمي بقوة إلى سوق هابطة، لكن المعنويات استقرت الجمعة بعد مؤشرات على أن الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة سرعان ما سيتفقون على حزمة تحفيز.
وعلى مسار «ستوكس 600» الأوروبي، ارتفع مؤشر «داكس» الألماني 4.57%، متعافياً من خسارة فادحة بلغت 1277.55 نقطة يوم الخميس، وضعته دون عتبة عشرة آلاف نقطة للمرة الأولى منذ عام 2016.
وارتفع «كاك 40» الفرنسي بنسبة 6.49%، بعدما شهدت بورصة باريس أسوأ تراجع لها في تاريخها يوم الخميس، حين أغلقت على انخفاض بنسبة 12.28%، وهو ما يفوق خسائر بلغت 7.3% إغلاق يوم هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، و7.7% في ظلّ الأزمة المالية العالمية.
وارتفع مؤشر «فوتسي 100» البريطاني 5.33% أمس، وكان من اللافت ارتفاع مؤشر «بورصة ميلانو» 13.65%، عقب يوم من تراجع تاريخي بلغ 16.92%، في خسارة لم يسبق للمؤشّر الرئيسي أن سجّلها منذ تأسيسه في 1998.
وعلى نقيض الاستفاقة الغربية، كانت أسواق آسيا تواصل النزيف الحاد. وتوقفت المعاملات بالسوق المالية الكورية بعد دقائق من بدء المعاملات، بعد أن سجلت تراجعاً حاداً مع ارتفاع عمليات البيع بشكل مكثف، وسط انتشار الذعر بعد هبوط السوق المالية الأميركية «وول ستريت» ليلة الخميس.
وذكرت وكالة أنباء «يونهاب» الكورية الجنوبية، أن التداول في السوق المحلية توقف بعد أن سجل تراجعاً حاداً، وانخفض المؤشر القياسي لأكثر من 8% إلى 1684.56 نقطة.
كما نزل المؤشر «نيكي» في بورصة طوكيو للأوراق المالية لأدنى مستوى فيما يزيد على ثلاث سنوات، الجمعة، في الوقت الذي تخارج فيه المستثمرون من الأسهم والصناديق العقارية بفعل مخاوف من أن وباء فيروس «كورونا» سيؤدي إلى ركود عالمي وربما يوقف أيضاً دورة الألعاب الأولمبية المقررة إقامتها في طوكيو.
وخسر المؤشر «نيكي» 6.08%، وهو أكبر انخفاض يومي منذ 2013، إلى 17431.05 نقطة، وهو مستوى متدنٍّ سجّله المؤشر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016. وفي الأسبوع، تراجع المؤشر 15.99% ليسجل ثاني أسوأ أداء أسبوعي على الإطلاق بعد انخفاض 24.33% في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2008.
وقال تاكويا هوزومي خبير استراتيجيات الاستثمار العالمية لدى «ميتسوبيشي يو إف جيه مورغان ستانلي للأوراق المالية»: «إنه شعور بالذعر. المستثمرون يبيعون حتى الأصول التي لن تتأثر بشكل كبير بفيروس (كورونا)، متجاهلين كل العوامل الأساسية».
ويقول محللون إن عمليات البيع تتصاعد في الوقت الذي لا يملك فيه المستثمرون في الوقت الحالي سوى فكرة محدودة بشأن مدى تراجع الاقتصاد العالمي مع انتشار فيروس «كورونا»، الذي أجبر الكثير من الحكومات على فرض قيود أكثر على الحياة اليومية.
ونمت المخاوف بشكل ملحوظ بعد أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب، حظراً على السفر من أوروبا إلى الولايات المتحدة بينما لم يقدم سوى القليل من التفاصيل بشأن تدابير دعم الاستهلاك.
والمؤشر «نيكي» متراجع حالياً 28% من ذروة 15 شهراً والتي بلغها في يناير (كانون الثاني). وهبط المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 4.98% إلى 1261.70. وبلغ حجم التعاملات 4.89 تريليون ين وهو أعلى مستوى في أكثر من عامين. وتضررت شركات العقارات بشدة، لتنخفض 10% إلى أدنى مستوى في تسع سنوات، بينما من المتوقع أن يشجع تفشي فيروس «كوفيد – 19» العمل من المنزل، مما قد يقلل الطلب على المكاتب في المستقبل.
وعانت صناديق الاستثمار العقاري، التي شهدت مشتريات كثيفة كبديل عن السندات ذات العائد السالب، من خسائر فادحة. وهوى مؤشر «تي إس إي» لصناديق الاستثمار العقاري 10.5% مسجلاً أكبر انخفاض في يوم واحد منذ تراجعه بنسبة 12% في أكتوبر 2008.


مقالات ذات صلة

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

الاقتصاد امرأة على دراجتها الهوائية أمام «بورصة بكين»... (رويترز)

تراجع تدفقات رأس المال إلى الأسواق الناشئة... والصين الأكبر تضرراً

من المتوقع أن يشهد النمو العالمي تباطؤاً في عام 2025، في حين سيتجه المستثمرون الأجانب إلى تقليص حجم الأموال التي يوجهونها إلى الأسواق الناشئة.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد برج المقر الرئيس لبنك التسويات الدولية في بازل (رويترز)

بنك التسويات الدولية يحذر من تهديد الديون الحكومية للأسواق المالية

حذّر بنك التسويات الدولية من أن تهديد الزيادة المستمرة في إمدادات الديون الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات بالأسواق المالية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في كوريا الجنوبية يعملون أمام شاشات الكومبيوتر في بنك هانا في سيول (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الآسيوية تنخفض في ظل قلق سياسي عالمي

انخفضت الأسهم في آسيا في الغالب يوم الاثنين، مع انخفاض المؤشر الرئيسي في كوريا الجنوبية بنسبة 2.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد لافتة إلكترونية وملصق يعرضان الدين القومي الأميركي الحالي للفرد بالدولار في واشنطن (رويترز)

غوتيريش يعيّن مجموعة من الخبراء لوضع حلول لأزمة الديون

عيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجموعة من الخبراء البارزين لإيجاد حلول لأزمة الديون المتفاقمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الاجتماع السنوي الرابع والخمسون للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس (رويترز)

المنتدى الاقتصادي العالمي: قادة الأعمال يخشون من الركود وارتفاع التضخم

أظهر استطلاع للرأي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي يوم الخميس أن قادة الأعمال على مستوى العالم يشعرون بالقلق من مخاطر الركود ونقص العمالة وارتفاع التضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
TT

الاقتصاد الألماني يخشى «ضربة محتملة» من ترمب

ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)
ترام يسير في أحد شوارع مدينة هامبورغ الألمانية (د.ب.أ)

قال رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل، يوم الجمعة، إن اقتصاد ألمانيا سينكمش للعام الثاني على التوالي هذا العام، وسيكون تعافيه باهتاً، وربما يتفاقم بسبب حرب تجارية مع الولايات المتحدة.

وتعاني ألمانيا، أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، منذ سنوات، منذ أن فقد قطاعها الصناعي القوي القدرة على الوصول إلى الطاقة الروسية الرخيصة، وأيضاً مع تضاؤل ​​شهية الصين للصادرات الألمانية.

ومن المتوقع الآن أن يشهد الاقتصاد الألماني ركوداً خلال أشهر الشتاء ثم يتعافى بأبطأ وتيرة ممكنة؛ حيث سيكون الارتفاع المتوقع في الاستهلاك الخاص أقل ما كان مرتقباً، وقد يضعف سوق العمل أكثر وتتعافى استثمارات الأعمال ببطء.

وقال ناغل: «الاقتصاد الألماني لا يكافح فقط الرياح الاقتصادية المعاكسة المستمرة، ولكن أيضاً المشاكل البنيوية. كما تستجيب سوق العمل الآن بشكل ملحوظ للضعف المطول للنشاط الاقتصادي».

ويتوقع البنك المركزي الألماني الآن انكماش الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2 في المائة هذا العام، بعد أن توقع في يونيو (حزيران) توسعاً بنسبة 0.3 في المائة، بينما تم خفض توقعات النمو لعام 2025 إلى 0.2 في المائة من 1.1 في المائة سابقاً.

ولكن حتى هذه الأرقام قد تكون مفرطة في التفاؤل، كما حذر البنك، نظراً للتهديدات الناجمة عن الحمائية المتزايدة والصراعات الجيوسياسية وتأثير التغيير الهيكلي على الاقتصاد الألماني.

وأضاف البنك المركزي الألماني أن محاكاة الرسوم الجمركية المتزايدة المتوقعة من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، تظهر أن الولايات المتحدة ستعاني من أكبر ضربة للنمو، ولكن ألمانيا ستخسر أيضاً ما بين 1.3 و1.4 في المائة من الناتج حتى عام 2027، وقد يرتفع التضخم أيضاً بسبب هذه التدابير.

وقال البنك المركزي الألماني إن التضخم سيرتفع بنسبة 0.1 إلى 0.2 في المائة سنوياً حتى عام 2027 بسبب سياسة الحماية التي ينتهجها ترمب، لكن نموذج المعهد الوطني للاقتصاد القياسي العالمي توقع انخفاضاً بنسبة 1.5 في المائة العام المقبل، و0.6 في المائة في عام 2026. وقال البنك المركزي الألماني: «المخاطر التي تهدد النمو الاقتصادي حالياً تميل إلى الجانب السلبي، والمخاطر التي تهدد التضخم تميل إلى الجانب الإيجابي»، مضيفاً أن الانتخابات الفيدرالية الألمانية في الأشهر المقبلة قد تغير التوقعات المالية.

وهذا الضعف المستمر هو أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس، والتلميح إلى المزيد من التيسير في المستقبل، مع تراجع مخاوف التضخم إلى حد كبير وتحول التركيز نحو النمو.

لكن البنك المركزي الألماني ليس مستعداً بعد لإعلان الفوز في معركة التضخم؛ حيث قال يوم الجمعة إن تضخم أسعار المواد الغذائية قد يقفز، وإن تضخم الخدمات سيظل مرتفعاً، مما يبقي الزيادات في الأسعار أعلى من متوسط ​​منطقة اليورو.

وفي غضون ذلك، أظهرت البيانات يوم الجمعة تراجع الصادرات الألمانية على نحو ملحوظ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأعلن مكتب الإحصاء الاتحادي في فيسبادن أن الصادرات انكمشت في أكتوبر بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بسبتمبر (أيلول) السابق عليه، إلى 124.6 مليار يورو. كما انخفضت الصادرات بنفس النسبة على أساس سنوي.

وانخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة، أكبر سوق للصادرات الألمانية، بنسبة 14 في المائة على أساس شهري لتصل إلى 12.2 مليار يورو. وفي الوقت نفسه، انخفضت الصادرات الألمانية إلى الصين بنسبة 3.8 في المائة. وفي التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي، انخفضت الصادرات الألمانية بنسبة 0.7 في المائة.

وكتب كبير الاقتصاديين في مصرف «في بي»، توماس جيتسل، أن بداية الربع الأخير من عام 2024 لا تبشر بالخير مع الانخفاض الذي سجلته الصادرات في أكتوبر الماضي، وأضاف: «حتى لو كان الانخفاض الكبير في الصادرات إلى الولايات المتحدة يتعلق على الأرجح بالطلبيات الكبيرة، فإن التراجع يعطي لمحة عما يمكن أن يحدث في حالة حدوث نزاعات جمركية كبيرة مع الولايات المتحدة».

وتسببت المنافسة المتزايدة في الأسواق العالمية من الصين، على سبيل المثال، فضلاً عن مشكلات هيكلية في الصناعة الألمانية، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة والأعباء البيروقراطية الكثيرة، في إنهاك ألمانيا بوصفها دولة تصديرية لفترة طويلة. وكانت الصادرات قد انخفضت بالفعل في سبتمبر الماضي.

وانخفضت الواردات إلى ألمانيا بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر مقارنة بسبتمبر إلى 111.2 مليار يورو. وبالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، كانت هناك زيادة بنسبة 1.7 في المائة. وكان الميزان التجاري إيجابياً عند 13.4 مليار يورو.