خوف في فرنسا من «استنساخ النموذج الإيطالي» في التعامل مع «كورونا»

رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب قبيل اجتماعه مع رؤساء الأحزاب (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب قبيل اجتماعه مع رؤساء الأحزاب (أ.ف.ب)
TT

خوف في فرنسا من «استنساخ النموذج الإيطالي» في التعامل مع «كورونا»

رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب قبيل اجتماعه مع رؤساء الأحزاب (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب قبيل اجتماعه مع رؤساء الأحزاب (أ.ف.ب)

يترقب الفرنسيون بكثير من القلق الكلمة التلفزيونية التي سيلقيها الرئيس الفرنسي في الساعة الثامنة من مساء اليوم (الخميس)، بتوقيت باريس، لعرض تقويمه للوضع الصحي في البلاد والإجراءات الإضافية التي سيطلب العمل بها من أجل مواجهة موجة وباء الكورونا. وفيما يرجح المراقبون أن يقدم إيمانويل ماكرون على الإعلان عن تفعيل «المرحلة الثالثة» من خطة مواجهة الوباء المستفحل التي ستعني مزيداً من التضييق على حركات المواطنين، فإن هؤلاء لم ينتظروا التعرف الى مضمون كلمته فسارعوا الى المخازن والأسواق لشراء ما يمكن شراؤه من مواد غذائية. وبفعل التزاحم، تناقصت السلع في الكثير من المخازن فيما فقدت الأقنعة الواقية والسوائل المطهرة من الصيدليات ولم يعد بالإمكان شراؤها إلا بوصفة طبية.
وتفيد أرقام وزارة الصحة أن أعداد المصابين بالوباء حتى ظهر أمس تجاوزت 2300، فيما بلغت أعداد الوفيات 48 وفية غالبيتها من الكبار في السن. وفيما تسعى السلطات لتجنب أن تعيش فرنسا كابوسا كالذي تعيشه إيطاليا، فإنها في الوقت عينه تريد انتهاج خطة ناجعة مع الحرص على عدم إخافة المواطنين.
وطوال يوم أمس (الأربعاء)، تواصلت الإجتماعات العالية المستوى استباقاً لكلمة ماكرون. فمن جهته، دعا رئيس الحكومة إدوار فيليب، بحضور خمسة وزراء بينهم وزيرا الداخلية والصحة، رؤساء المجموعات البرلمانية الممثلة في مجلسي النواب والشيوخ لإجتماع استمر ساعتين استمع خلاله لرؤى ومقاربات من هؤلاء، كما عرض عليهم تقويم الحكومة للوضع وخططها. وأعقب ذلك اجتماع لمجلس الدفاع الأعلى في قصر الأليزيه برئاسة ماكرون لوضع اللمسات الأخيرة على السياسة التي ستنتهجها الحكومة ابتداء من يوم غد.
وتتمثل مشكلة القطاع الصحي في فرنسا، كما في غيرها من البلدان، في تسارع واستفحال أعداد الإصابات والوفيات بين يوم وآخر. ففي الساعات الأربع والعشرين الماضية، أصاب الوباء 500 شخص إضافي، وأودى بحياة 15 شخصاً. وهذه الأرقام دفعت المدير لعام لوزارة الصحة جيرار سالومون إلى القول إنه «يجب التهيؤ لمواجهة السيناريو الإيطالي» رغم الفروق العددية الكبرى القائمة بين فرنسا وإيطاليا حيث بلغت أعداد المصابين في إيطاليا 12500 وعدد الوفيات 827 شخصاً. وقال البروفسور إريك كوم، رئيس قسم الأمراض المعدية في مستشفى لا سالبيتريير في باريس للقناة الإخبارية «أل سي آي» إن حلول السيناريو الإيطالي في فرنسا «محتمل جداً». ودق كوم ناقوس الخطر بقوله: «غداً، سنكون في الوضع نفسه الذي تعرفه إيطاليا». وأضاف: «إن أقسام الإنعاش في المستشفيات تمتلئ بسرعة عالية وما يحصل في المستشفى الذي أعمل فيه يتكرر في المستشفيات الأخرى. وكلنا نعلم أننا ما زلنا إلا في البداية».
ويبدو اليوم أن الحكومة عازمة على السير بالإنتخابات المحلية المقررة دورتها الأولى الأحد المقبل. إلا أن استفحال الوباء جعلها تتراجع الى الصف الثاني رغم أهميتها السياسية قبل عامين على الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وتتخوف السلطات من تراجع نسبة المشاركين في الانتخابات بسبب الخوف من العدوى. وللتغلب على ذلك، اتخذت وزارة الداخلية مجموعة من التدابير لطمأنة المواطنين مثل غسل الأيدي بالسائل المطهر وإبقاء مسافة كافية بين المقترعين في مكاتب الإقتراع وغير ذلك.
وحددت وزارة الصحة موقعا جغرافيا خامسا لإنتشار وتمدد الوباء في مدينة مونبوليه الساحلية المتوسطية، وهو يضاف الى منطقة موربيان (غر) والرين الأعلى (شرق) ولواز (شمال غرب باريس)، وأخيرا جزيرة كورسيكا حيث قررت السلطات إغلاق المدارس والجامعات بسبب تفشي الفيروس.
وأمس، قررت إدارة جامعات باريس إغلاق جامعة تولبياك التي تستوعب 10 آلاف طالب بسبب اكتشاف إصابة أستاذ فيها.
وجدير بالذكر أن الحكومة منعت التجمعات التي تزيد على ألف شخص في كل الأماكن المفتوحة والمغلقة فيما تواجه موجة واسعة من تعطيل جزئي في الشركات التي بلغ عددها حتى أمس 3600 شركة. وقال وزير الاقتصاد برونو لومير إن وزراته تعمل على إنشاء صندوق لمساتعدة الشركات الصغرى والمتوسطة. وأعلنت صالة أولمبيا الشهيرة في باريس التي استضافت لعقود كبار المغنين والممثلين توقها عن العمل حتى منتصف الشهر المقبل. وما يتناول هذه الصالة يصيب كل القطاع الفني والمسارع وصالات السينما إضافة الى القطاع.
ونتيجة لذلك كله ولأسباب أخرى، أصيبت بورصة باريس بتراجع حاد بلغ حتى منتصف النهار 10 في المائة. وتتخوف الجهات الفرنسية من قرار الرئيس الأميركي منع الرحلات بين أوروبا والولايات المتحدة ما ستكون له آثاره الكبيرة على قطاع الطيران والسفريات بالدرجة الأولى.
وما يريد الفرنسيون معرفته يتناول الإنتقال الى المرحلة الثالثة والأخيرة من التعامل مع الوباء التي تعني أن الوباء ينتشر بشكل سريع بعد فشل المرحلة الثانية التي سعت الى احتوائه من خلال تدابير عديدة. والسمة العامة للمرحلة الثالثة هي الإنتقال من منطق التعامل الفردي مع الحالات المرضية الى التعامل الجماعي، وهي تتطلب تعبئة تامة لكل الجهاز الصحي وفرض تدابير تقييدية صارمة على الناس.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».