حملة مصرية لرفع الوعي السياحي بين المواطنين

تضم إعلانات تلفزيونية وأفلاماً قصيرة ولافتات في الشوارع

معبد «فيلة» بأسوان يشهد إقبالاً لافتاً من السائحين خلال موسم الشتاء (تصوير: عبد الفتاح فرج)
معبد «فيلة» بأسوان يشهد إقبالاً لافتاً من السائحين خلال موسم الشتاء (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

حملة مصرية لرفع الوعي السياحي بين المواطنين

معبد «فيلة» بأسوان يشهد إقبالاً لافتاً من السائحين خلال موسم الشتاء (تصوير: عبد الفتاح فرج)
معبد «فيلة» بأسوان يشهد إقبالاً لافتاً من السائحين خلال موسم الشتاء (تصوير: عبد الفتاح فرج)

بدأت وزارة السياحة والآثار المصرية الإعداد لحملة قومية لرفع الوعي السياحي والأثري لدى الشعب المصري، ورفع كفاءة العنصر البشري في المواقع السياحية والأثرية، بالتزامن مع إعلان رئاسة الجمهورية المصرية عن اعتبار العام الجاري 2020 عاماً للوعي السياحي، ومن المقرر تدشين الحملة خلال الفترة المقبلة، وهي تهدف إلى تحسين المنتج السياحي المصري، حسب بيان وزارة السياحة والآثار، أمس.
وتسعى الحملة إلى التواصل مع جميع فئات الشعب المصري، خصوصاً الأطفال عبر الإعلانات التلفزيونية المصورة، والأفلام التسجيلية القصيرة، واللافتات الدعائية في الشوارع، ومواقع التواصل الاجتماعي لتعريفهم بالسياحة، وأهميتها لزيادة دخل الفرد وتوفير فرص العمل وتحسين مستوى المعيشة ومردودها على الاقتصاد المصري.
وتضم مصر عشرات المزارات الأثرية والسياحية في معظم مناطق الجمهورية، بدايةً من مدينة أبو سمبل (أقصى جنوب مصر) حتى مدينة الإسكندرية (شمال البلاد) والتي تضم عدداً كبيراً من المواقع الأثرية الرومانية واليونانية، إلى جانب المدن الساحلية التي تجتذب ملايين السياح سنوياً للاستمتاع بشواطئها المميزة على غرار مدينتي الغردقة وشرم الشيخ.
ووفق خبراء سياحة مصريين، من بينهم محمد كارم، رئيس لجنة السياحة بحزب «حماة الوطن» المصري، فإن «تدريب العاملين في المجال السياحي على كيفية التعامل بشكل جيد مع السائحين، واعتبار السياحة خدمة مقدَّمة للأجنبي تركز على احتياجات الضيف ليخرج بتجربة سعيدة ومميزة، من أهم عناصر الحملة القومية الجديدة»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «الطفل المصري كان يدرس في منهج التربية القومية في السابق بعض الأشياء المتعلقة باحترام السائح والتعامل معه، وهو الأمر الذي لم يعد موجوداً الآن، لذلك من المهم البدء بحملة لرفع الوعي السياحي وتدريب جميع العاملين في القطاع السياحي والأثري والمتعاملين مع السائح في البازارات لتحسين مستوى الخدمة السياحية بمصر».
وتركز محاور الحملة على تدريب عدد من العاملين بالمواقع السياحية والأثرية، والمتعاملين مع السائح في مختلف المنشآت السياحية والأثرية، وإبراز السلوكيات السليمة تجاه السائح ومواجهة أي ظواهر سلبية بهدف تحسين طرق التعامل مع السائح، وتشجيعه على تكرار زيارة المقاصد السياحية المصرية.
وتعاني منطقة الأهرامات الأثرية بالجيزة من «معاملة الجمّالين والخيّالة السيئة للسائحين الأجانب والمصريين، إذ يلحّ هؤلاء عليهم بشكل متكرر للتنزه داخل المنطقة بواسطة جِمالهم وأحصنتهم لدرجة تصل إلى حد الإجبار في كثير من الأحيان»، وفق المرشد السياحي المصري لؤي السيد.
ولم يتحدد حتى الآن موعد البدء في البرامج التدريبية أو أماكنها، وفقاً لكارم الذي يرى أن «الحملة تركّز في المقام الأول على الداخل، من خلال فيديوهات وإعلانات مصوّرة»، مشيراً إلى أن برنامج مثل «عالم سمسم» كان له تأثير على الأطفال عندما تطرّق إلى المعالم الأثرية في مصر.
وبلغ عدد السياح في مصر بموسم 2018-2019 نحو 10.8 مليون زائر، وفقاً لتقرير الحكومة الذي عُرض على مجلس النواب في منتصف العام الماضي، وتسعى الحكومة المصرية لزيادة عدد السياح إلى 12 مليون زائر في موسم 2019-2020.
وأصدر رئيس مجلس الوزراء، أمس، قراراً بتشكيل اللجنة الدائمة لتراخيص المنشآت الفندقية والسياحية برئاسة الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار، والتي تختص ببحث ودراسة الطلبات المقدمة من المستثمرين للحصول على تراخيص تشغيل المنشآت الفندقية والسياحية، وتجديدها، واتخاذ قرارات بشأنها، وإبلاغ قراراتها لوزارة السياحة والآثار لتتولى إصدار التراخيص أو تجديدها طبقاً للضوابط المقررة قانوناً، ومتابعة تشغيل المشروعات القائمة والجديدة وتقديم تقرير شهري للعرض على اللجنة الوزارية للسياحة والآثار بالمعوقات والمشكلات التي تواجه عملها، والطلبات التي لم يُبت فيها وأسباب ذلك.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».