«فراغمنتوس ـ الشظايا» بالمتحف الوطني في كولومبيا

نصب تذكاري ليس للذكريات الجميلة

نصب تذكاري مصنوع من صهر الأسلحة وإذابتها
نصب تذكاري مصنوع من صهر الأسلحة وإذابتها
TT

«فراغمنتوس ـ الشظايا» بالمتحف الوطني في كولومبيا

نصب تذكاري مصنوع من صهر الأسلحة وإذابتها
نصب تذكاري مصنوع من صهر الأسلحة وإذابتها

حالة من الصمت المطبق المستمر... هيكل لا بد من المرور خلاله... ليس بالجذاب ولا بالجميل... غير أن حجمه يثير الدهشة والفضول... بلون رمادي داكن وقاتم... يمثل الأرض التي اشتد عناؤها من العنف والقتل والدماء.
إنه نصب تذكاري... ليس للذكريات الجميلة، تماماً كما وصفته الفنانة الشهيرة دوريس سالسيدو صانعة هذا العمل الرائع، والتي استعانت في إنشائه بالمواد الناجمة عن ذوبان 8994 قطعة سلاح من التي كانت تستخدمها عصابات القوات المسلحة الثورية الكولومبية اليسارية خلال سنوات التمرد والانتفاض ضد الدولة الكولومبية.
وجرى تكليف الفنانة سالسيدو، الحائزة على عدد من الجوائز الدولية، لمنح الحياة لذلك الوعد الذي تمخض عن اتفاقيات السلام الموقعة بين الحكومة الكولومبية وحركة التمرد اليساري. وذلك بعد صراع دام أكثر من 50 عاماً وخلف ما يربو على 262 ألف قتيل بخلاف ملايين الجرحى والمفقودين.
كان هناك أكثر من 1300 كتلة من هذه المواد. وكان العمل الناجم عن صهر وإذابة الأسلحة مثيراً للروع والذهول حيث يعكس الآلام التي خلفها ذلك الصراع المرير، مع أنه يمثل دعوة قائمة ومستمرة لإعادة النظر والتفكر في مستقبل دولة مثل كولومبيا ما تزال تحاول التعافي البطيء من جراح تلك الأيام.
ومن خلال السير على هذا النصب التذكاري، أو المرور عبره، تنتابك صرخة صامتة عميقة تتردد بين جنبات نفسك لنبذ العنف والانتحاب لمقتل كثير من البشر وسقوط كثير من الضحايا. وهو وسيلة من وسائل التفاعل الحي مع هذا الماضي المريع.
ويحمل «اللا - نصب التذكاري» في كولومبيا كثيراً من المعاني الصادقة. فقد تشكلت صفائح الألومنيوم الناجمة عن صهر وإذابة الأسلحة في صورة النساء من ضحايا العنف الجنسي إبان أعمال القتال الفظيعة. ويمكن زيارة العمل الفني الذي يحمل اسم «فراغمنتوس – الشظايا» في المتحف الوطني في كولومبيا.
وفي مقابلة أجرتها صحيفة «الشرق الأوسط» من العاصمة بوغوتا مع كريستينا ماكلين مديرة «فراغمنتوس»، أبرزت أهمية هذا العمل الفني، ليس بالنسبة إلى كولومبيا فحسب، وإنما للبشرية بأسرها...
> ما المعنى المراد من وراء «فراغمنتوس»؟
- الترجمة الحرفية لـ«فراغمنتوس» هي الشظايا، وهي عبارة عن الأجزاء التي يمكن بجمعها سوياً أن تشكل كياناً واحداً. وينسحب المعنى على البشر، وعلى البلاد، التي تتطلع إلى إعادة بناء نفسها بعد فترات العنف الطويلة. أو ما تبقى لنا من حياة بعد رحيل العنف عن عالمنا.
> من أين نبعت فكرة العمل الفني؟
- استلهمت الفنانة دوريس سالسيدو فكرة «فراغمنتوس»، النصب التذكاري للاحتفال بتوقيع اتفاقية السلام الكولومبية في عام 2016. على اعتباره منصة لمختلف الأصوات الأخرى لمبادلة ومشاركة الأفكار بشأن الصراع. وجرى تكليف السيدة دوريس سالسيدو لإنشاء هذا العمل الفني لإحياء ذكرى الاحتفال بهذه المناسبة التاريخية الوطنية، وذلك بالاستعانة بالأسلحة التي سلمتها القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) كجزء من أعمال اتفاقية السلام. وقررت الفنانة إقامة «اللا - نصب التذكاري»، وهو عبارة عن كيان لا يمجد الأسلحة، أو حتى يرمز إلى النصر، وإنما هو عبارة عن احتفاء خاص بالسلام الذي يتحقق من خلال الحوار. كما قررت الفنانة أيضاً عكس هيكل قوة الأسلحة وإبراز المفاهيم المضادة للعنف عبر الهيكل المادي الذي يمكن تصور واستشراف المستقبل من خلاله.
> ما مقدار الأسلحة التي استخدمت في بناء ذلك الهيكل؟
- ما يقرب من 9 آلاف سلاح فردي جرى الاستعانة بها في إنشاء هيكل «فراغمنتوس»، بوزن يقارب 30 طناً.
> هل يمكنكم توضيح عملية الإنشاء؟
- عملت الفنانة دوريس سالسيدو مع مسبك عسكري يعمل في صهر وإذابة الأسلحة التي جرى جمعها من «فارك»، ثم طلبت من مجموعة من النساء، وكلهن كن ضحايا للاعتداءات الجنسية أثناء النزاع المسلح، لإبراز مشاعرهن الخاصة فيما تحول إلى قوالب من كتل معدنية. ثم جرى صب الأسلحة المنصهرة في هذه القوالب، ثم تثبيتها على منصة «فراغمنتوس».
> هل يتجاوز الشعب الكولومبي الصراع السابق؟
- أجل، لقد تم تدمير الأسلحة بالكامل، ولم تعد قادرة على إلحاق الأضرار بأحد. ويعتبر هيكل «فراغمنتوس» مثالاً صريحاً على فوات أوان هذه الأسلحة، وأنه يمكن تحقيق السلام من خلال الحوار المشترك. ونرى كثيراً من الناس هنا يخلعون أحذيتهم عند زيارة الهيكل حتى يستشعروا أشكال الأرضية.
> ما الرسالة الكامنة وراء هذا الهيكل؟
- كما هو الحال مع جميع الأعمال الفنية العظيمة، فإن هيكل «فراغمنتوس» منفتح على التفسيرات كافة، ولا سيما اعتباره منصة لاحتواء الأصوات الأخرى. واشتملت عملية تجهيز الأرضية لإنشاء هيكل «فراغمنتوس» على عدد من ضحايا الصراع المسلح في كولومبيا، من الذين تعاونوا في إنشاء نصب تذكاري لأجل السلام، ولاقوا راحة نفسية عميقة في هذه العملية. ومن بين التفسيرات الممكنة أنه إذا استطاعت النساء، اللائي لاقين كثيراً من العناء والمشقة، العفو والسماح عن الجناة، فإن السلام يصير احتمالاً حقيقياً فعلاً.
> هل يساعد الفن على التوفيق بين الناس في كولومبيا؟
- هذا هو الأمل المنشود من وراء هيكل «فراغمنتوس»، أن نشجع الناس من خلال مشاركتهم في حوار بشأن الصراع على التفكير في عواقبه ونتائجه.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.