وسط صحراء الربع الخالي... حقل شيبة ينبض بالحياة والنفط

«أرامكو» أعادت المها العربي والغزلان الرملية والنعام إلى موطنها بعد غياب طويل

الرحلة لحقل شيبة ضمت 200 من السفراء وزوجاتهم (تصوير: سعد الدوسري)
الرحلة لحقل شيبة ضمت 200 من السفراء وزوجاتهم (تصوير: سعد الدوسري)
TT

وسط صحراء الربع الخالي... حقل شيبة ينبض بالحياة والنفط

الرحلة لحقل شيبة ضمت 200 من السفراء وزوجاتهم (تصوير: سعد الدوسري)
الرحلة لحقل شيبة ضمت 200 من السفراء وزوجاتهم (تصوير: سعد الدوسري)

في منطقة صعبة المراس، وسط صحراء تخلو من مقومات الحياة يقع حقل «شيبة» النفطي والذي بدأت أنابيبه تتدفق بالنفط منذ سنة 1998، وحوله أقيمت في عمق صحراء الربع الخالي مدينة ومطار وأكثر من 600 موظف، تحيطهم من كل الجهات الكثبان الرملية الشاهقة.
وأعاد حقل «شيبة» التأكيد على شموخه واستمراريته بالعمل وإنتاج النفط رغم كل التحديات، خلال زيارة وفد دبلوماسي للحقل يوم أمس السبت، تكون من 200 سفير وزوجاتهم، بتنظيم وزارة الخارجية وشركة «أرامكو».
وشملت الرحلة الاطلاع على الحياة في الحقل الذي يمتلئ بالنخيل والشجر والمنازل والمباني الإدارية، إضافة إلى المطار، كما وقع في قلب الربع الخالي حدثٌ لافتٌ للنظر، إذ أُعيدت ثلاثة أنواع من حيوانات شبه الجزيرة العربية التي كانت على شفا الانقراض إلى موطنها الأصلي مرة أخرى وهي الآن تتجول بكل حرية، مثل المها العربي والغزلان الرملية والنعام والتي غابت طويلاً عن المنطقة وكان مرآها شائعاً فيما مضى في هذه المنطقة، حيث كانت ترتع في الربع الخالي لآلاف السنين، إلا أن أعدادها قد تضاءلت على مدى القرن الماضي على أيدي الصيادين.
لكن «أرامكو» السعودية تمكنت من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، حيث منح إنجاز المرحلة الأولى من محمية الحياة الفطرية في الشيبة التي افتُتحت في ديسمبر (كانون الأول) 2016 هذه الأنواع الثلاثة فرصة جديدة للحياة، فيما التزمت إدارة «أرامكو» في عام 2011. بمبادراتٍ جديدة لحماية البيئة في جميع مناطقها التشغيلية.
وتعبر المحمية، التي تعد ثمرة سنوات متتابعة من العمل الدؤوب والعزم، عن مدى اهتمام الشركة بحماية المناطق البيئية الحساسة والتنوع البيئي الذي تحتضنه تلك المناطق، حيث تقع المحمية المسورة بالقرب من مرافق «أرامكو» العملاقة في المنطقة وتأوي إليها عشرات الأنواع من النباتات والحيوانات الأصلية.
بدوره، قال المستشار الاقتصادي والخبير النفطي الدكتور محمد الصبان، إن حقل شيبة يعتبر من أكبر الحقول النفطية بعد حقل الغوار، مضيفاً أنه يحتوي على زيوت خفيفة وخفيفة جداً، عليها طلب عالمي كبير جداً، كما أنه كان ينتج 500 ألف برميل يومياً وتضاعف هذا الرقم إلى مليون برميل يومياً.
وأضاف في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن جغرافية حقل شيبة التي تمتلئ بالكثبان الرملية، توضح الإصرار والإرادة على تطويره، قائلاً إن مضاعفة إنتاجه 100 في المائة تأتي تماشياً مع رؤية السعودية 2030. في تحقيق مزيد من التطوير المواد الهيدروكربونية للغاز والنفط وغيرها من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة.
وتابع الخبير النفطي: «حقل شيبة تم اكتشافه منذ أكثر من 40 عاماً، وتدريجياً بدأ إنتاجه بالزيادة، كما يحتوي على احتياطات ضخمة».
إلى ذلك، يضم الحقل مجمع سكني لأكثر من 600 موظف ما بين مقاولين وموظفين تابعين لـ«أرامكو»، وتتوفر خدمات الإنترنت والمكتبة وصالات التمارين الرياضية المتكاملة.
ويقع حقل شيبة النفطي في الربع الخالي جنوب شرقي السعودية، ويبعد نحو 10 كيلومترات عن الحدود الجنوبية للإمارات.


مقالات ذات صلة

المتاحف الإيطالية تقدم خدمة مرافقة الكلاب مجاناً لتشجيع الزوار

سفر وسياحة تقدم المتاحف في إيطاليا يوماً مجانياً لرعاية الكلاب لجذب مزيد من الإيطاليين إلى أبوابها على مدار العام المقبل (أ.ب)

المتاحف الإيطالية تقدم خدمة مرافقة الكلاب مجاناً لتشجيع الزوار

تقدم المتاحف في إيطاليا يوماً مجانياً لرعاية الكلاب لجذب مزيد من الإيطاليين إلى أبوابها على مدار العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد شعار الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) (الشرق الأوسط)

«إياتا»: ارتفاع الطلب على السفر الجوي 8.1 % في نوفمبر

أعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) ارتفاع إجمالي الطلب على السفر خلال نوفمبر الماضي بنسبة 8.1 % مقارنةً مع الشهر ذاته من عام 2023

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منظر عام لشاطئ على بحر البلطيق بألمانيا (رويترز)

السياحة الألمانية تسجل رقماً قياسياً رغم الركود الاقتصادي

أعلن مكتب الإحصاء الاتحادي أنه في نوفمبر سجلت الفنادق والنزل والمخيمات وغيرها من منشآت الإقامة السياحية 32.3 مليون ليلة مبيت بزيادة قدرها 4.8 % عن العام السابق

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جويل حجار تؤمن بالأحلام الكبيرة وتخطّي الإنسان ذاته (الشرق الأوسط)

جويل حجار... «جذور ومسارات عربية» تُتوّج الأحلام الكبرى

بالنسبة إلى جويل حجار، الإيمان بالأفكار وإرادة تنفيذها يقهران المستحيل: «المهم أن نريد الشيء؛ وما يُغلَق من المرة الأولى يُفتَح بعد محاولات صادقة».

فاطمة عبد الله (بيروت)
الاقتصاد وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر (واس)

الجاسر: 15 % نمو أعداد المسافرين في السعودية خلال 2024

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي المهندس صالح الجاسر ارتفاع أعداد المسافرين 15 في المائة عام 2024 لتصل إلى أكثر من 128 مليون مسافر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».