أمطار غزة تضاعف مأساة عائلة صُبح

10 أفراد يحلمون بالحصول على أبسط مقومات الحياة

الطفلة سجى تحلم بحياة أفضل (الشرق الأوسط)
الطفلة سجى تحلم بحياة أفضل (الشرق الأوسط)
TT

أمطار غزة تضاعف مأساة عائلة صُبح

الطفلة سجى تحلم بحياة أفضل (الشرق الأوسط)
الطفلة سجى تحلم بحياة أفضل (الشرق الأوسط)

على مقربة من الحدود الشمالية لقطاع غزة، يقف غازي صُبح رافعاً يديه باتجاه السماء، متمنياً عدم شروق شمس جديدة عليه وعلى عائلته التي تتكون من عشرة أفراد، وتعيش في مكان لا تتجاوز مساحته الـ70 متراً، محاطة جوانبه بالخشب المُغطى بالنايلون الممزق، إلا وأحوالهم قد تحسنت وتوفرت لهم مقومات الحياة البسيطة.
يقول الرجل الذي يبلغ من العمر (36 سنة)، لـ«الشرق الأوسط»: «قبل عامين تعرضت أنا وأسرتي لظرفٍ عائلي خاص، دفعنا إلى لهذا المكان الذي أقمته على أرضٍ صغيرة اشتريتها من المال الذي كان متوافراً معي حينذاك، واستخدمت لذلك بعض المعدات البدائية فقط، وحتى الآن نعيش على الرمل مباشرة ولا يستر رؤوسنا أي سقف».
- انعدام سبل الحياة
ولدى غازي الذي يعاني من أمراضٍ مزمنة، تحول دون قدرته على الاستمرار في عمله الزراعي الشاق، ثمانية أبناء، يدرس ستة منهم في المدارس، في حين الآخرون أطفال دون سن السادسة، ويحتاجون إلى رعاية خاصة؛ كونهم دائمي الإصابة بالأمراض بسبب الظروف الصعبة التي تعيشها العائلة.
ويضيف الرجل الثلاثيني، أنه لم يستسلم للواقع الذي يعيشه ولا لحظة واحدة، وأصر على العمل لتأمين متطلبات أسرته، لكنه لم يتمكن من ذلك، بسبب شح فرص العمل في القطاع المحاصر منذ 13 عاماً، حيث إن أفضل الأيام التي يحصل فيها على شغل، يتقاضى أجراً لا يتجاوز عشرة دولارات، لا تكفي لتأمين الاحتياجات، وفقاً لقوله.
ويوضح أنه لجأ كثيراً للمؤسسات الإغاثية والجهات الحكومية، وطلب منهم تحقيق أمنيات أبنائه من توفير مسكن مناسب يقيهم تقلبات الطقس والحشرات الضارة، ولو بالحد الأدنى، لكنه لم يجد سوى التسويف ورفض الطلبات من معظمها؛ مما فاقم من معاناته ويأسه من تحسن ظروفه المعيشية.
وكثير من المواطنين في القطاع، ينتظرون قدوم فصل الشتاء حتى ينعموا بأجواء الدفء وأحاديث السمر التي يصنعونها بأنفسهم، للترفيه عن ذواتهم وعائلاتهم، كما يبين صُبح، الذي لا يتمنى هو أو أحد من أفراد أسرته هطول أي قطرة ماء؛ لأن ذلك مرتبط كثيراً بمأساتهم ومرضهم.
- غرق ومرض
وخلال فصل الشتاء الحالي، تعرض منزل العائلة للغرق، وغمرت المياه المكان الذي كان ينام فيه الصغار، وفي حينها تواصلت العائلة مع أجهزة الدفاع المدني في قطاع غزة، لطلب النجدة، لكنهم لم يستجيبوا لهم وفقاً لما قال الرجل، وطلبوا منهم الخروج منفردين إلى مكان آخر يبعدهم عن الخطر.
وتسببت المنخفضات الجوية التي ضربت فلسطين خلال الفترة الماضية، في أضرار في بعض الممتلكات المنزلية التي تمتلكها العائلة لتستخدمها في تيسير أمورها البسيطة، ومنها كان «برميل» المياه الوحيد الذي يبلغ حجمه 1000 لتر، حيث سقط بسبب الرياح الشديدة أرضاً، ولم يستطيعوا إصلاحه حتى هذا الوقت. وفي الصيف تكون العائلة على موعد مع معاناة أخرى، حيث تذكر الأم رندة صُبح (34 سنة) أن الحشرات الضارة والقوارض يكثر تواجدها كلما زادت حرارة الجو، وفي كثير من الأوقات تهاجم الصغار الذين لا يستطيعون التعامل معها، فيبدأون بالصراخ، حتى يأتي أحد الكبار لإنقاذهم.
وتروي أن عربيداً ساماً، يبلغ طوله نحو متر ونصف المتر، هاجم ابنها الصغير الذي لا يتجاوز عمره السنوات الثلاث بينما كان غارقاً بالنوم ليلاً في ظلَ ظلام دامس تسبب به انقطاع التيار الكهربائي والإنارة عنهم: «ولولا لطف الله وملاحظة أخيه الأكبر لذلك العربيد، لأصاب الطفل بسمه الخطير آنذاك». ولا تمتلك العائلة اشتراكاً كهربائياً رسمياً تتمكن من خلاله من الإنارة على نفسها في الليل أو حتى تشغيل الثلاجة التي تبرع لهم بها أحد الجيران، ويلفت الأب إلى أن شركة توزيع الكهرباء، خالفته أكثر من مرة، وطلبت منهم تنظيم أوراقه رسمياً، إلا أنه لم يتمكن من فعل ذلك، بسبب عدم امتلاكه لأي مال.
- حلم بسيط
الطفلة سجى صُبح، تبلغ من العمر (12 سنة)، تسرد لـ«الشرق الأوسط»، أنها خلال العامين الماضيين لم تعش أي يوم سعيد في حياتها، وهي دائماً ما تتعرض للتنمر في المدرسة من الطالبات، بسبب لباسها القديم وحذائها المهترئ؛ الأمر الذي يؤثر كثيراً على نفسيتها وتحصيلها الدراسي. وتشير إلى أن مداومة أسرتها على إشعال النار لاستخدامها بديلاً عن الغاز في كل أوقات العام، تسبب لها في الكثير من الحروق في جسدها، وقد باتت في إحدى المرات يومين في مستشفى «الإندونيسي» الواقع شمال قطاع غزة، بسبب الحروق الخطرة في جسدها.
وتؤدي الطفلة التي لا تحلم سوى بحياة آمنة كغيرها من الأطفال، عدداً من الأدوار داخل المكان الذي تعيش به، لمساعدة أمها وشيقتيها الكبرى وإخوانها، الذين باتوا جميعهم يعانون من الأمراض في سنٍ مبكرة، ولا تحمل سجى بيدها أي «مصروف» لدى ذهابها للمدرسة بشكل يومي، حسب كلامها.
يُشار إلى أن اللجنة الشعبية لكسر الحصار، كانت قد أعلنت في آخر تقاريرها، أن 70 في المائة من السكان في قطاع غزة، يعانون من انعدام الأمن الغذائي وعدم توافر مقومات الحياة الأساسية، وحسب بيانات وزارة التنمية الاجتماعية، فقد بلغت نسبة الفقر في القطاع، نحو 75 في المائة.


مقالات ذات صلة

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

الولايات المتحدة​ طواقم تعمل على إزالة شجرة أسقطتها عاصفة قوية ضربت منطقة شمال غربي المحيط الهادئ بالولايات المتحدة (رويترز)

مقتل شخصين جراء عاصفة مميتة ضربت غرب أميركا

ضربت عاصفة قوية ولاية واشنطن الأميركية، اليوم (الأربعاء)، ما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن مئات الآلاف وتعطل حركة السير على الطرق ومقتل شخصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا فتاة تركب دراجة هوائية تحت المطر في فالنسيا بإسبانيا (إ.ب.أ)

إغلاق مدارس وإلغاء رحلات... موجة عواصف جديدة تضرب إسبانيا (صور)

تسببت موجة جديدة من العواصف في إسبانيا في إغلاق مدارس وإلغاء رحلات قطارات، بعد أسبوعين من مقتل أكثر من 220 شخصاً وتدمير آلاف المنازل جراء فيضانات مفاجئة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
يوميات الشرق أحداث الطقس المتطرفة كلّفت العالم تريليوني دولار خلال عقد (أ.ب)

تقرير: الطقس المتطرف كلّف العالم تريليوني دولار خلال العقد الماضي

كشف تقرير جديد عن أن الطقس المتطرف كلّف العالم تريليوني دولار على مدى العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
بيئة متوسط درجات الحرارة كان مرتفعاً للغاية منذ يناير حتى أكتوبر (أ.ب)

علماء: عام 2024 سيكون الأكثر حرارة على الإطلاق

كشفت خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي اليوم (الخميس) عن أن عام 2024 سيتخطى 2023 ليصبح العام الأعلى حرارة منذ بدء التسجيلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا قاعة طعام غارقة بالمياه في أحد الفنادق وسط طقس عاصف في النرويج (رويترز)

فيضانات وانهيارات أرضية في أعقاب هبوب عواصف في النرويج

ذكرت وسائل إعلام محلية، الجمعة، أن عواصف ليلية تسببت في فيضانات وانهيارات أرضية في جنوب غربي النرويج.

«الشرق الأوسط» (أوسلو)

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».