«أبل» تطلق شرارة مخاوف «سلاسل الإمداد» عالمياً

تحذيرات أميركية وأوروبية من تأثيرات كبرى نتيجة قيود السفر والحجر الصحي

بلغت إيرادات «أبل» في الصين للربع الأخير من العام الماضي 15% بما يعادل 13.6 مليار دولار (رويترز)
بلغت إيرادات «أبل» في الصين للربع الأخير من العام الماضي 15% بما يعادل 13.6 مليار دولار (رويترز)
TT

«أبل» تطلق شرارة مخاوف «سلاسل الإمداد» عالمياً

بلغت إيرادات «أبل» في الصين للربع الأخير من العام الماضي 15% بما يعادل 13.6 مليار دولار (رويترز)
بلغت إيرادات «أبل» في الصين للربع الأخير من العام الماضي 15% بما يعادل 13.6 مليار دولار (رويترز)

أطلقت شركة «أبل» الأميركية العملاقة إشارة البداية من ذعر الشركات والمؤسسات العالمية حول تأثر سلاسل الإنتاج والإمدادات العالمية نتيجة أن التعطيل الناجم عن تفشي فيروس كورونا المستجد ألقى بثقله على عمليتي الإنتاج والطلب في الصين، وأن الشركة «تعاني من عودة أبطأ إلى الظروف الطبيعية» مما خططت له.
وحذرت «أبل» من أنها قد لا تتمكن من تحقيق هدف مبيعاتها الفصلية للربع الأول من العام والذي وضعته قبل ثلاثة أسابيع فقط، إذ تصبح شركة التكنولوجيا الأعلى قيمة في العالم من أكبر ضحايا تفشي وباء كورونا في الصين.
وأودى الفيروس سريع الانتشار بحياة نحو 1900 شخص في الصين وأصيب به قرابة 72 ألفاً، مما أجبر الملايين على لزوم منازلهم، محدثاً انقطاعاً في سلاسل الإمدادات وتأخيراً في إعادة تشغيل المصانع رغم انقضاء عطلة السنة القمرية الجديدة التي جرى تمديدها.
وبدأت مرافق التصنيع في الصين التي تنتج هواتف آيفون لشركة «أبل» وغيرها من السلع الإلكترونية تعاود عملياتها لكنها، حسب «أبل»، تعمل بوتيرة أبطأ من المتوقع. ويعني ذلك عرض عدد أقل من هواتف آيفون للبيع في العالم، بما يجعل الشركة من أكبر الشركات الغربية التي تتأثر بتفشي الفيروس الجديد.
وما زال بعض متاجر التجزئة للشركة في الصين مغلقة أو قللت ساعات عملها مما سيؤثر سلباً على مبيعات الربع الحالي. وبلغت إيرادات الشركة في الصين للربع الأخير من العام الماضي 15% بما يعادل 13.6 مليار دولار، وكانت ساهمت بنسبة 18% من إيرادات الشركة في نفس الربع قبل عام.
وفي أواخر يناير (كانون الثاني)، توقعت «أبل» إيرادات بين 63 و67 مليار دولار للربع الذي ينتهي في مارس (آذار)، وقالت إن تلك التقديرات كانت أوسع من النطاق الطبيعي نظراً إلى حالة عدم التيقن التي أحدثها تفشي الفيروس. لكنها لم تقدم تقديراً جديداً للإيرادات أو توقعات الأرباح تزامناً مع أحدث تحذير. ويتوقع المحللون أن يؤدي انتشار الفيروس إلى خفض الطلب على الهواتف الذكية بمقدار النصف في الربع الأول من العام الحالي في الصين التي تعد أكبر سوق لهذه الأجهزة في العالم.
وتأتي مخاوف «أبل» فيما أظهر استطلاع أجرته غرفة التجارة الأميركية في شنغهاي أن نصف الشركات الأميركية في الصين تقول إن أنشطتها العالمية تأثرت من الإغلاقات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا.
وقال نحو 78% من المشاركين في الاستطلاع أن العمالة غير كافية في مصانعهم في الصين لاستئناف الإنتاج بالكامل، إذ إن قيود حماية الصحة العامة تزيد من صعوبة عودة العمال لوظائفهم بعد عطلة طويلة.
وشمل المسح 109 شركات لها أنشطة تصنيع في شنغهاي وسوتشو ونانجينغ ومنطقة دلتا نهر يانغتسي عموماً. وقال 45% من المشاركين إن إغلاق المصانع أثر بالفعل على سلاسل التوريد العالمية بينما توقع جميع الآخرين تقريباً أن يكون هناك تأثير في غضون الشهر المقبل.
وصرّح كير جيبس رئيس غرفة التجارة: «المشكلة الكبرى هي نقص العمالة نظراً إلى خضوعها لقيود سفر وحجر صحي؛ وهما المشكلتان الأولى والثانية اللتان أوردهما المسح. أي شخص قادم من خارج المنطقة يخضع لحجر صحي لمدة 14 يوماً». وتابع: «لذا معظم المصانع تعاني من نقص حاد في العمال حتى بعد السماح لها بفتح أبوابها. سيكون هناك تأثير كبير على سلاسل التوريد العالمية بدأت تظهر للتو».
ولا تقتصر المخاوف على الشركات الأميركية، إذ قال جورج ووتكي رئيس غرفة التجارة التابعة للاتحاد الأوروبي في الصين إن فيروس كورونا المتحور الجديد يعد بمثابة جرس تنبيه للشركات الأجنبية بأنه يتعين عليها التنوع في سلاسل إمداداتها.
ونقلت «بلومبرغ» عن ووتكي القول، أمس (الثلاثاء): «هذا بمثابة نداء تنبيه. الكثير من الشركات أدركت أن الاعتماد الكامل على الصين، في حال تراجعت مثل ما يحدث الآن، فإن ذلك سوف يُحدث ضرراً لأعمالها». وأضاف أن الشركات سوف تبحث الآن عن دول أخرى «وهذا بالتأكيد ما سوف يحدث خلال الأعوام المقبلة».
ويشار إلى أن قضية نقل سلاسل الإمداد خارج الصين حظيت باهتمام على مدار العامين الماضيين في ظل ارتفاع تكلفة العمالة ومحاولة الشركات الحد من تأثيرات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة.
وأشار ووتكي إلى أن الكثير من الشركات بدول الاتحاد الأوروبي تواجه مشكلة لوجيستية، حيث إن مدناً ومناطق مختلفة تتطلب الآن أنواعاً مختلفة من التصاريح من أجل العمل. وأضاف أنه حتى إذا حصلت شركة أوروبية على الموافقة لبدء العمل، فإن الشركات المحلية التي ستوفر لها الإمدادات ربما لن تعمل بسبب عدم الحصول على الموافقات اللازمة.
وقال ووتكي إن «سلاسل الأمداد قضية مهمة»، مضيفاً أن «المخزون لدى الكثير من الشركات أصبح كبيراً للغاية». وأوضح أنه يمكن الشعور بالضرر على طول سلاسل الإمداد، حيث إن المستهلكين لا يمكنهم الحصول على البضائع بسبب عدم وجود مساحة كافية على متن السفن أو الطائرة، بجانب حظر السفر الذي فرضه بعض الدول.
وخلص ووتكي إلى أنه من غير المرجح أن يعود النظام للعمل كما كان قريباً، مشيراً إلى أن الوضع قد يستمر حتى مارس المقبل. وقال إنه مع ذلك، ما زالت الصين تمثل سوقاً «تحظى باهتمام» المستثمرين.
ومن جهة أخرى، حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الأحد، من أن وباء «كوفيد – 19» قد ينعكس سلباً على نمو الاقتصاد العالمي في 2020 بانخفاض بمقدار بين 0.1 و0.2%.
وأيضاً أظهر مسح الثلاثاء أن ثقة المستثمرين الألمان تراجعت أكثر مما هو متوقع في فبراير (شباط) بسبب المخاوف أن يضعف تفشي فيروس كورونا في الصين التجارة العالمية ويعمق ركود القطاع الصناعي في ألمانيا.
وقال معهد «زد إي دبليو» للأبحاث في مسح شهري إن ثقة المستثمرين في الاقتصاد تراجعت إلى 8.7 نقطة فقط من 26.7 في يناير. وتوقع الاقتصاديون أن يكون الانخفاض إلى 21.5 نقطة.
ويعزز المسح التوقعات بأن يواصل أكبر اقتصاد في أوروبا فقْد الزخم في النصف الأول من 2020، إذ يعاني المصنعون من ركود بسبب تراجع في الصادرات. وأظهر مقياس آخر لتقييم المستثمرين للأوضاع الحالية للاقتصاد تراجعاً إلى - 15.7 من - 9.5. وتوقع المحللون قراءة عند - 10.3 نقطة.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
TT

تمديد مهلة ماسك للرد على عرض تسوية التحقيق في «تويتر»

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)
الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

قال مصدر لوكالة «رويترز» للأنباء إن هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية مددت مهلة حتى يوم الاثنين المقبل، أمام إيلون ماسك، للرد على عرضها لحسم تحقيق في استحواذ الملياردير على «تويتر»، مقابل 44 مليار دولار في عام 2022.

وغرد ماسك، أمس (الخميس)، بنسخة من رسالة أرسلها محاموه إلى رئيس الهيئة، جاء فيها أن موظفي الهيئة منحوه 48 ساعة للموافقة على دفع غرامة أو مواجهة اتهامات.

وقال المصدر إن الهيئة أرسلت إلى ماسك عرض تسوية، يوم الثلاثاء، سعياً للحصول على رد في 48 ساعة، لكنها مددت العرض إلى يوم الاثنين بعد طلب مزيد من الوقت.

وانخرطت الهيئة وهي أعلى سلطة في تنظيم الأسواق الأميركية وماسك في معركة قضائية، معلنة عن التحقيق الذي أجرته الوكالة في استحواذه على منصة التواصل الاجتماعي التي غيّر ماسك اسمها منذ ذلك الحين إلى «إكس».

ورفض متحدث باسم مكتب الشؤون العامة في هيئة الأوراق المالية والبورصات التعليق، ولم يرد محامي ماسك بعد على طلبات التعليق.

وكانت الهيئة تحقق فيما إذا كان ماسك قد انتهك قوانين الأوراق المالية في عام 2022 حين اشترى أسهماً في «تويتر»، بالإضافة إلى البيانات والملفات التي قدمها فيما يتعلق بالصفقة. وقد سعت إلى إنفاذ أمر استدعاء قضائي لإجبار ماسك على الإدلاء بشهادته بشأن هذه المسألة.

ويتعلق التحقيق بالملف الذي قدمه ماسك في الآونة الأخيرة إلى الهيئة بشأن مشترياته من أسهم «تويتر»، وما إذا كان أراد التربح أم لا.