كان والدي محامياً، وكنت أعتقد في مخيلتي وأنا طفل صغير أنه كان محامياً جيداً جداً. ومن وقت لآخر، وبينما كنت في طريقي لسن البلوغ دون أن تكون لدي أي فكرة واضحة عما سأفعله عندما سأبلغ، كان والدي يشجعني على دراسة القانون، وهي المهنة التي كان ينظر إليها دائماً على أنها محفزة فكرياً ومجزية مالياً. لكنه لم ينجح في هذا المسعى للأسف. فلماذا - حسب اعتقادي - ألتحق بإرادتي بمهنة سيتم الحكم فيها علي دائما من خلال المقارنة بأبي الذي كان بارعاً فيها؟ ومع وضع هذا الأمر في الحسبان أيضاً، فقد عملت جاهداً وبكل دقة على ألا يعمل أحد أطفالي في مجال الصحافة الذي أعمل به.
وفي العديد من المهن، عندما يحقق شخص ما نجاحاً كبيراً في نفس المجال الذي يعمل به والده، فغالباً ما يقول كثيرون إن هذا يعود في المقام الأول إلى الوساطة والمحسوبية. لكن ماذا عن أبناء لاعبي كرة القدم البارزين الذين يحاولون السير على خطى آبائهم من خلال دخول عالم اللعبة الشعبية الأولى بالعالم؟.
لقد أحرز إيانيس هاجي، نجل أسطورة كرة القدم الرومانية جورجي هاجي، هدفه الأول مع نادي رينجرز الأسكوتلندي الأسبوع الماضي، وهو الحدث الذي كان مثيراً لعدة أسباب. فقد أعاد ذلك إلى الأذهان الذكريات الرائعة الخاصة بتألق والده في نهائيات كأس العالم عام 1994 بالولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن أن تألق هذا اللاعب الشاب البالغ من العمر 21 عاماً لم يتأثر بالضغوط الملقاة على كاهله نظراً لكونه نجل الأسطورة الرومانية جورجي هاجي.
وبدأ إيانيس كرة القدم بالانضمام إلى أكاديمية والده للناشئين في رومانيا، قبل أن يلعب أول مباراة له في الدوري الروماني الممتاز في عام 2014 وهو لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، مع نادي فيكتورول كونستانتا الذي كان والده يتولى تدريبه في ذلك الوقت. وقال إيانيس آنذاك: «كنت أدرك جيداً مدى صعوبة العمل من أجل الوصول إلى القمة. أنا فخور جداً بأبي، لكن يتعين علي أن أشق طريقي بطريقتي الخاصة في الحياة».
ويجب الإشارة أيضاً إلى أن إيانيس هاجي كان قد سجل هدف الفوز في وقت قاتل في أول ظهور له مع نادي جنك البلجيكي، الذي انضم إليه قادماً من فييتورول الصيف الماضي. وبعد ذلك بستة أشهر فقط، رحل إيانيس ليخوض تجربة جديدة، في أسكوتلندا هذه المرة.
لقد تألق إيانيس هاجي، في ظهوره الأول ضمن تشكيلة البداية في ناديه الجديد غلاسجو رينجرز عندما أحرز له هدف الفوز على هايبرنيان 2 - 1 في الدوري الأسكوتلندي الممتاز الأسبوع الماضي.
وجاء الهدف بمثابة هدية عيد ميلاد مناسبة للأب جورجي الذي أكمل عامه 55. ويعتبر جورجي هاجي من أبرز لاعبي جيله بعد أن خاض أكثر من 120 مباراة دولية مع منتخب بلاده كما أنه لعب لريال مديد وبرشلونة خلال مسيرته المتميزة على مستوى الأندية.
وكال ستيفن جيرارد مدرب رينجرز المديح للاعبه الجديد المعار من جنك البلجيكي في آخر يوم من فترة الانتقالات الشتوية الأخيرة قائلاً: «أداؤه في الشوط الثاني يستحق الفوز بالمباراة. إيانيس موهبة كبيرة جداً... تكيف بسرعة مع اللعب في أسكوتلندا وكان أداؤه أكثر قوة».
وكان هاجي الابن تعاقد في الصيف الماضي مع جنك لخمس سنوات قادماً من نادي فيتورول كونستانتا، الذي كان يلعب فيه والده، في ثاني انتقال له لفريق خارج رومانيا بعد أن أمضى 18 شهراً ضمن صفوف فيورنتينا الإيطالي.
والآن، يتعين علينا أن ننتظر لنرى ما إذا كان طريقه في الحياة الكروية سيجعله نجماً لامعاً في سماء الكرة العالمية مثل باولو مالديني الذي تألق وسار على خطى والده، أم سيصبح مثل نجل أسطورة الكرة الألماني فرانز بيكنباور، ستيفن، الذي لم ينجح في السير على خطى والده ولم يحقق النجاح المتوقع في عالم كرة القدم.
وفضل نجل أسطورة كرة القدم الإنجليزية ستانلي ماثيو، الذي يسمى ستانلي أيضاً، الاتجاه لعالم التنس وصنع لنفسه اسماً لامعاً وفاز ببطولة ويمبلدون في عام 1962. لكنه اتجه للتنس بعدما شعر بأنه أرغم على الخروج من عالم كرة القدم. وقال ستانلي لصحيفة الـ«غارديان» في عام 2007: «لقد توقفت عن لعب كرة القدم عندما كنت في الثانية عشرة من عمري. لقد كنت لاعباً جيداً إلى حد ما، لكنني كنت أعاني بسبب كوني نجل ستانلي ماثيو. من المؤكد أن كونك نجل لاعب مشهور يفتح لك الكثير من الأبواب المغلقة، لكنه يجعل الأمور أصعب بالنسبة لك. ولسوء الحظ، هذا هو ما حدث معي بالضبط».
وسيكون هناك دائماً فضول بشأن رؤية المستوى الحقيقي لأي لاعب يكون نجل لاعب كرة قدم بارز سابق، وسيكون التحدي الأول الذي يواجه هؤلاء اللاعبين الصغار هو أن يثبتوا للجميع أنهم يمتلكون الموهبة التي تؤهلهم للتألق في عالم كرة القدم، وأنهم لم يدخلوا هذا المجال بسبب الوساطة والمحسوبية. وفي عام 2001. تم استدعاء نجل أسطورة كرة القدم الأرجنتينية والعالمية دييغو أرماندو مارادونا، الذي يسمى أيضاً دييغو، لتمثيل منتخب إيطاليا تحت 17 عاماً، ولعب مباراة ودية ضد الفريق الأول. وقال فابيو كانافارو لحشد من الصحافيين الذين حضروا إلى حصة التدريب لرؤية نجل مارادونا: «بصفتي عاشقاً لنادي نابولي، فإنني أشعر بسعادة غامرة وأنا أرى نجل مارادونا داخل الملعب، لكن لو كان هذا ابني لم أكن لأريد أن يحصل على كل هذا الاهتمام». وكان نجل مارادونا يبلغ من العمر 14 عاماً في ذلك الوقت، وهو ما يعني أنه كان طفلاً يلعب بين مجموعة من اللاعبين الشباب. وقال دييغو الصغير: «لن أغير اسم عائلتي بسبب أي شيء في العالم، لأنه يغمرني بالفخر. وبمشيئة الله سوف ألعب مع الفريق الأول يوماً ما». لكن نجل مارادونا يبلغ من العمر 33 عاماً، ويبدو أن الله لم يشأ أن يصبح نجل مارادونا لاعباً كبيراً!.
وبعد عقد من الزمان من تجمع حشد من الناس في أحد الملاعب في كوريتيبا بالبرازيل، بعد أن تم تسريب أخبار بأن حفيد أسطورة كرة القدم البرازيلية بيليه - غابرييل - البالغ من العمر 10 سنوات كان يلعب هناك مع نادي بارانا. وسرعان ما انضم غابرييل هو وشقيقه الأكبر، أوكتافيو، إلى فريق الشباب بنادي ساو باولو، وكان من الواضح أن نسبهم لبيليه قد جعلهم يحصلون على مكان في صفوف الناشئين دون أي يخضعوا لأي اختبارات. وقال غابرييل: «مجرد كوني حفيد بيليه لن يكون كافياً ليجعلني لاعب كرة قدم محترفاً، فالأمور لا تسير بهذه الطريقة، يتعين علينا أن نعمل بكل جد. من المؤكد أن اسم بيليه يساعدنا كثيراً، لكننا نريد أن نصبح محترفين بفضل قدراتنا». لكن لم يحقق أي منهما نجاحاً ملحوظاً، ويبدو أن قدراتهما لم تؤهلهما لاحتراف كرة القدم.
ولعب نجلا بيليه، جوشوا وإدينيو، لنادي سانتوس، وهو النادي الذي تألق فيه والدهما في السابق، لكن جوشوا ترك كرة القدم وهو في الثامنة عشرة من عمره دون أن يلعب أي مباراة مع الفريق الأول، في حين لعب إدينيو كحارس مرمى ويعمل الآن في أكاديمية الناشئين بالنادي. وقد استفاد إدينيو، وعانى أيضاً، بسبب كونه نجل أعظم لاعب في تاريخ كرة القدم البرازيلية. وفي عام 2017. تم تعيينه مديراً فنيا لنادي تريكورديانو، وهو فريق صغير من تريس كوراكويس، في منتصف الطريق بين ساو باولو وبيلو هوريزونتي. وقال مدير التسويق بالنادي آنذاك: «إدينيو يعد أداة تسويقية كبيرة بالنسبة لنا. وقد يساعد النادي على أن يكون أكثر شهرة بسبب اسمه الكبير، كما عيننا بيليه رئيساً شرفياً للنادي أيضاً». لكن هذه الفائدة لم تدم طويلاً، حيث أقيل أدينيو من منصبه بعد مباراتين فقط!.
وقد أشار كل من غابرييل وأوكتافيو أنه خلال طفولتهما في مدينة كوريتيبا، كان يُطلب منهما في كثير من الأوقات التوقيع على أوتوغرافات، لمجرد أنهما حفيدا بيليه! ويعتقد البعض أن مجرد كون الشخص ابن لاعب كرة قدم بارز، هو سبب كافٍ كي يجعل هذا الشخص جذاباً ويحظى بشعبية كبيرة. وخير مثال على ذلك ما حدث في عام 1944 عندما قام بحار مجهول، يعمل على متن قارب، بنشر خطاب في العديد من الصحف قال فيه: «أنا أبلغ من العمر 26 عاماً ونجل لاعب كرة قدم مشهور. أنا بحار وحيد ووسيم، وأبحث عن أصدقاء من أجل الزواج. وأرحب بإرسال الصور». ومن المستحيل التأكد من عدد الأشخاص الذين جذبهم هذا الخطاب وأرسلوا له صورهم الخاصة!
من المؤكد أن رحلة إيانيس هاجي في عالم كرة القدم تثير الإعجاب، لكنني شخصياً لا أريد أن أكون في مكانه. وقد سُئل بول دالغليش - نجل كيني دالغليش لاعب ليفربول الشهير السابق - ذات مرة عما إذا كان كونه نجل أسطورة في عالم كرة القدم كان مفيداً له أم عقبة في طريقه، فرد قائلاً: «لا أعرف، لأنه لم يكن لدي يوماً ما اسم آخر غير دالغليش لكي أعرف ما سيكون عليه الأمر حينئذ!».
هل يسير نجل هاجي على خطى والده أم يكرر فشل أبناء الأساطير؟
تألق في ظهوره الأول بالدوري الأسكوتلندي... ومدربه جيرارد توقع له مستقبلاً باهراً
هل يسير نجل هاجي على خطى والده أم يكرر فشل أبناء الأساطير؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة