حزمة إصلاحات منتظرة لتسهيل الوصول إلى الأسواق السعودية

قمة في الرياض تطالب بضرورة التحول للتجارة عبر التقنيات ومكافحة الاحتيال الإلكتروني

انطلاق قمة قادة التجزئة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسط اهتمام حكومي سعودي (الشرق الأوسط)
انطلاق قمة قادة التجزئة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسط اهتمام حكومي سعودي (الشرق الأوسط)
TT

حزمة إصلاحات منتظرة لتسهيل الوصول إلى الأسواق السعودية

انطلاق قمة قادة التجزئة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسط اهتمام حكومي سعودي (الشرق الأوسط)
انطلاق قمة قادة التجزئة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسط اهتمام حكومي سعودي (الشرق الأوسط)

في وقت كشف فيه مسؤولون سعوديون عن العمل في إصلاحات من شأنها تسهيل الوصول إلى الأسواق السعودية، جاءت مطالب في تجمع دولي بالعاصمة السعودية الرياض بضرورة التحول نحو التجارة الإلكترونية ومواكبة التقدم السريع في آليات المتاجرة والتسويق، وسط التشديد على أهمية مكافحة الاحتيال الإلكتروني.
وأكد الدكتور ماجد القصبي وزير التجارة والاستثمار السعودي، أن التجارة الإلكترونية في السعودية نمت بشكل ملحوظ مؤخراً، مشيراً إلى توفر أكثر من 80 مليار ريال (21.3 مليون دولار) في السوق السعودي في مجالي الخدمات والمنتجات، ووجود 45 ألف متجر ومنصة للتجارة الإلكترونية.
وأضاف القصبي خلال كلمة في «قمة قادة التجزئة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا» التي انطلقت فعالياتها في الرياض أمس بالشراكة مع هوية «استثمر في السعودية، أن السعودية تتمتع بمزيج فريد من الفرص الواعدة في قطاعات التعدين والسياحة والترفيه والرياضة وغيرها، التي أتيحت للمستثمرين وجعلت المملكة وجهة مثالية للاستثمار العالمي.
إلى ذلك، كشف أحمد الحقباني محافظ الجمارك السعودية خلال مشاركته في القمة، عن أن بلاده قفزت 72 مركزاً عالمياً في معيار «التجارة عبر الحدود» خلال عام واحد، وفقاً لتقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2020 الصادر عن البنك الدولي، لافتاً إلى أن قطاع البيع بالتجزئة واعد وكبير، وهناك الكثير من الفرص المهمة أمام تجار التجزئة لنقل استثماراتهم إلى السعودية بما يضمن القدرة على توفير خدمات العملاء بشكل أفضل وأسرع.
وفي جلسة «قطاع التجزئة كمصدر لخلق الوظائف»، أفصح إبراهيم السويل وكيل محافظ الهيئة العامة للاستثمار لخدمات واستشارات المستثمرين، أن الهيئة تعمل على تنفيذ حزمة من الإصلاحات التي من شأنها أن تسهل على المستثمرين الوصول إلى السوق السعودية، ما من شأنه أن يوجد فرص عمل في القطاعات الرئيسية ذات الأولوية مثل قطاع البيع بالتجزئة.
وتناقش الدورة السادسة من قمة قادة قطاع التجزئة «مستقبل قطاع التجزئة والاستهلاك... الازدهار في بيئة متغيرة»، وتتضمن فعاليات القمة على مدى يومين جلسات وورش وحوارات استراتيجية، بمشاركة خبراء ومسؤولين ورجال أعمال ومستثمرين وعاملين في القطاع من أنحاء العالم.
وشدد خبراء شاركوا في القمة على أهمية الاحترازات الأمنية لمكافحة الاحتيال في التجارة الإلكترونية. وذكر نيجم كوين من شركة لوزان المتخصصة في التقنية الرقمية، أن من أفضل الجوانب في مثل هذه المؤتمرات، الطرق والآليات الحديثة المتعلقة بمكافحة الاحتيال في التجارة الإلكترونية، مشيراً لـ«الشرق الأوسط»: «في السنوات الأخيرة هناك نشاط ملحوظ في السعودية نحو استضافة عدد من اللقاءات المعرفية في مجال الاقتصاد، وبحكم حجم السعودية على مستوى الشرق الأوسط، وكذلك علاقاتها الدولية الكبيرة كأحد أعضاء (مجموعة دول العشرين) فإن هذا الدور هو الأنسب لمكانتها الكبيرة، إذ إنها محط الأنظار على مستوى المنطقة والعالم، ولذلك سيكون هناك فوائد كبيرة من هذا التجمع».
وتركّز «قمة قادة التجزئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» على خطط السعودية الرامية إلى تصدّر وجهات الأعمال والاستثمار وتجارة التجزئة، بما ينسجم مع أهداف رؤية السعودية 2030 المتمثلة في تنويع الاقتصاد وتسهيل الأعمال كأولوية، إضافة إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وذات القيمة المضافة.
يذكر أن السعودية تأتي في المرتبة السابعة عالمياً في تجارة التجزئة بحسب تصنيف مؤشر تطوير التجزئة العالمي لعام 2019، الذي يصنف أهم 30 دولة ناشئة بالنسبة إلى الاستثمار في قطاع التجزئة في جميع أنحاء العالم، ويعتمد التصنيف على تحليل 25 متغيراً محدداً للاقتصاد الكلي والتجزئة.


مقالات ذات صلة

بـ2.4 مليار دولار... السعودية تعلن عن أكبر مدينة للثروة الحيوانية بالشرق الأوسط

الاقتصاد أكبر مدينة للثروة الحيوانية في منطقة الشرق الأوسط (واس)

بـ2.4 مليار دولار... السعودية تعلن عن أكبر مدينة للثروة الحيوانية بالشرق الأوسط

أعلنت السعودية، الأربعاء، عن أكبر مدينة للثروة الحيوانية في منطقة الشرق الأوسط بقيمة 9 مليارات ريال (2.4 مليار دولار)، لتعزيز أمنها الغذائي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
«كاتريون» للتموين بالسعودية توقع عقداً مع «طيران الرياض» بـ612.7 مليون دولار

«كاتريون» للتموين بالسعودية توقع عقداً مع «طيران الرياض» بـ612.7 مليون دولار

وقّعت شركة «كاتريون» للتموين القابضة السعودية عقداً استراتيجياً مع «طيران الرياض» تقوم بموجبه بتزويد رحلات الشركة الداخلية والدولية بالوجبات الغذائية والمشروبات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن «نظام المواد البترولية والبتروكيماوية» يدعم جهود استقطاب الاستثمارات ويضمن بيئة تنافسية عادلة للمستثمرين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية بأول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بنحو 37 مليار دولار وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين.

محمد المطيري (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

ارتفاع موافقات التركز الاقتصادي في السعودية إلى أعلى مستوياتها

حققت الهيئة العامة للمنافسة في السعودية رقماً قياسياً في قرارات عدم الممانعة خلال عام 2024 لعدد 202 طلب تركز اقتصادي، وهو الأعلى تاريخياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
TT

الانتخاب الرئاسي... خطوة أولى لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية

الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)
الكرسي الرئاسي الشاغر في «قصر بعبدا» بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (رويترز)

منذ عام 2019، يشهد لبنان واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية والمالية في تاريخه الحديث... أزمة تجاوزت نطاق الاقتصاد لتؤثر بشكل حاد في جميع جوانب الحياة، فقد أثقلت هذه الأزمة كاهل المواطن اللبناني، وأغرقت البلاد في دوامة من انهيار شامل للنظامين المالي والاقتصادي، بعد أن فقدت العملة المحلية أكثر من 95 في المائة من قيمتها. ونتيجة لذلك، تفشى التضخم بشكل غير مسبوق مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات قياسية، في حين قفزت معدلات الفقر والبطالة بشكل دراماتيكي.

وفي خضم هذا الواقع المأساوي، شلّت الصراعات السياسية الحادة مؤسسات الدولة، فقد تعمقت الانقسامات إلى حد أن الحكومة أصبحت عاجزة عن اتخاذ خطوات حاسمة لمعالجة الأزمة جذرياً. ومع تفاقم الأوضاع، أضافت الحرب الأخيرة مع إسرائيل عبئاً جديداً على لبنان، مخلّفة خسائر بشرية ومادية هائلة قدّرها «البنك الدولي» بنحو 8.5 مليار دولار، وزادت من تعقيد الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فقد بات من الصعب تصور أي إمكانية لاحتواء أعبائها في غياب انتخاب رئيس للجمهورية.

المنصب الرئاسي والمأزق الاقتصادي

المنصب الرئاسي، الذي لا يزال شاغراً منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، يحمل للفائز به قائمة طويلة من التحديات الاقتصادية والمالية المتراكمة، التي باتت تهدد بنية الدولة وكيانها. فقد أدى غياب هذا المنصب إلى تعطيل عملية تشكيل الحكومة، مما جعل الدولة غير قادرة على التفاوض بجدية مع الجهات الدولية المانحة التي يحتاج إليها لبنان بقوة لإعادة إحياء اقتصاده، مثل «صندوق النقد الدولي» الذي يشترط إصلاحات اقتصادية ومالية جذرية مقابل أي دعم مالي يمكن أن يوفره.

وعليه؛ فإن انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمثل أولوية ملحة ليس فقط لاستعادة الثقة المحلية والدولية، بل أيضاً ليكون مدخلاً أساسياً لبدء مسار الإصلاحات التي طال انتظارها.

ومن بين أبرز هذه التحديات، ملف إعادة الإعمار، الذي تُقدر تكلفته بأكثر من 6 مليارات دولار، وفق موقع «الدولية للمعلومات»، وهو عبء مالي ضخم يتطلب موارد هائلة وجهوداً استثنائية لتأمين التمويل اللازم.

لكن عملية إعادة الإعمار ليست مجرد عملية تقنية لإصلاح البنية التحتية أو ترميم الأضرار، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الدولة على استعادة مكانتها وتفعيل دورها الإقليمي والدولي. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة الملحة إلى رئيس يتمتع برؤية استراتيجية وشبكة واسعة من العلاقات الدولية، وقادر على استخدام مفاتيح التواصل الفعّال مع الدول المانحة والمؤسسات المالية الكبرى. فمن دون قيادة سياسية موحدة تتمتع بالصدقية، فستبقى فرص استقطاب الدعم الخارجي محدودة، خصوصاً أن الثقة الدولية بالسلطات اللبنانية تعرضت لاهتزاز كبير في السنوات الأخيرة بسبب سوء الإدارة وغياب الإصلاحات الهيكلية.

مواطنون وسط جانب من الدمار الناجم عن الغارات الجوية الإسرائيلية بمنطقة الشويفات (رويترز)

فرصة محورية لإحداث التغيير

كما يأتي انتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس بوصفه فرصة محورية لإحداث تغيير في مسار الأزمات المتراكمة التي يعاني منها لبنان، والتي تفاقمت بشكل حاد خلال عام 2024؛ بسبب الصراعات المتصاعدة والأزمة الاقتصادية الممتدة.

ومع انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة -5.7 في المائة خلال الربع الرابع من 2024، انعكست التداعيات السلبية بوضوح على الاقتصاد، فقد تراجعت معدلات النمو بشكل كبير منذ عام 2019، ليصل الانخفاض التراكمي إلى أكثر من 38 في المائة عام 2024، مقارنة بـ34 في المائة خلال العام السابق عليه. وتزامن هذا التدهور مع تصعيد الصراع في الربع الأخير من 2024، مما أضاف آثاراً إنسانية مدمرة، مثل النزوح الجماعي والدمار واسع النطاق، وبالتالي أدى إلى خفض إضافي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 6.6 في المائة بحلول منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان قطاع السياحة، الذي يمثل أحد أعمدة الاقتصاد اللبناني، من بين الأشد تضرراً، فقد تراجعت عائداته لتتحول من فائض إلى عجز بنسبة -1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2024.

منصب حاكم «المصرف المركزي»

كذلك يمثل هذا الحدث محطة مهمة لإصلاح المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك معالجة الشغور في المناصب القيادية التي تُعد ركيزة أساسية لاستقرار البلاد. ومن بين هذه المناصب، حاكم «مصرف لبنان» الذي بقي شاغراً منذ انتهاء ولاية رياض سلامة في 31 يوليو (تموز) 2023، على الرغم من تعيين وسيم منصوري حاكماً بالإنابة. لذا، فإن تعيين خَلَفٍ أصيل لحاكم «المصرف المركزي» يُعدّ خطوة حاسمة لضمان استقرار النظامين المالي والنقدي، خصوصاً أن «مصرف لبنان» يشكل محوراً رئيسياً في استعادة الثقة بالنظامين المصرفي والمالي للبلاد.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (رويترز)

علاوة على ذلك، سيجد الرئيس الجديد نفسه أمام تحدي إصلاح «القطاع المصرفي» الذي يُعدّ جوهر الأزمة الاقتصادية. فملف المصارف والمودعين يتطلب رؤية شاملة لإعادة هيكلة القطاع بطريقة شفافة وعادلة، تُعيد ثقة المودعين وتوزع الخسائر بشكل منصف بين المصارف والحكومة والمودعين. ومع إدراج لبنان على «اللائحة الرمادية» وتخلفه عن سداد ديونه السيادية، تصبح هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة العلاقات بالمؤسسات المالية الدولية، واستقطاب التمويل اللازم، ومنع إدراج لبنان على «اللائحة السوداء». ناهيك بورشة إصلاح القطاع العام وترشيده وتفعيله، فتكلفة مرتَّبات القطاع العام مرتفعة جداً نسبةً إلى المعايير الدولية. فعلى مرّ السنين، شكّل مجموع رواتب وتعويضات القطاع العام لموظفي الخدمة الفعلية والمتقاعدين (وعددهم نحو 340 ألفاً) نحو 40 في المائة من إجمالي نفقات الموازنة، الأمر الذي شكّل عبئاً فادحاً على مالية الدولة والاقتصاد عموماً.

آمال اللبنانيين في قيادة جديدة

وسط هذه الأزمات المتشابكة، يعوّل اللبنانيون على انتخاب رئيس جديد للجمهورية لفتح نافذة أمل على الصعيدين الاقتصادي والسياسي. فمن المأمول أن يسعى الرئيس المقبل، بدعم من حكومة فاعلة، إلى إعادة بناء الثقة الدولية والمحلية، واستعادة الاستقرار السياسي، وهما شرطان أساسيان لوقف التدهور الاقتصادي وتحفيز النمو. فاستعادة قطاع السياحة؛ الرافعة الأساسية للاقتصاد اللبناني، على سبيل المثال، تتطلب تحسين الأوضاع الأمنية وتعزيز الثقة بلبنان بوصفه وجهة آمنة وجاذبة للاستثمارات. وهذه الأمور لن تتحقق إلا بوجود قيادة سياسية قادرة على تقديم رؤية استراتيجية واضحة لإعادة الإعمار وتحقيق الإصلاحات الضرورية. وبالنظر إلى العجز المستمر في الحساب الجاري والانخفاض الكبير في الناتج المحلي الإجمالي، يصبح نجاح الرئيس الجديد في معالجة هذه الملفات عاملاً حاسماً لإنقاذ لبنان من أزمته العميقة، وإعادة توجيه الاقتصاد نحو التعافي والنمو المستدام.