بعد وفاة والدته بالسرطان... جيمس أليسون يكتشف كيف يمكن لجهازنا المناعي محاربته

الباحث الحائز على جائزة نوبل جيمس أليسون (أرشيف- رويترز)
الباحث الحائز على جائزة نوبل جيمس أليسون (أرشيف- رويترز)
TT

بعد وفاة والدته بالسرطان... جيمس أليسون يكتشف كيف يمكن لجهازنا المناعي محاربته

الباحث الحائز على جائزة نوبل جيمس أليسون (أرشيف- رويترز)
الباحث الحائز على جائزة نوبل جيمس أليسون (أرشيف- رويترز)

جيمس أليسون، رجل من مدينة أليس بولاية تكساس الأميركية، رأى الأشياء بشكل مختلف قليلاً عن الآخرين. وقد تأثر بوالده، وهو طبيب «ريفي»، وأبدى حبه للعلم بدلاً من لعب كرة القدم عندما كان طفلاً، وأجرى تجارب في علم الأحياء في مرأب والديه.
وتوفيت والدته بعد صراع طويل مع سرطان الغدد الليمفاوية. وما زال يتذكر بعد عقود من الزمن آخر أيام أمه في الفراش، وكيف أمضى ساعات وهو يمسك بيدها، بينما كانت الحروق ظاهرة على رقبتها جراء العلاج الإشعاعي البدائي في ذلك الوقت.
وفقد أليسون اثنين من أعمامه عندما كان مراهقاً، وبعد ذلك شقيقه بسبب أنواع مختلفة من السرطان. والجدير ذكره، أن أليسون فاز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب عن عمله الرائد في تطوير طريقة جديدة لمكافحة السرطان.
ولا يزال من الصعب على أليسون أن يقر بأن تاريخ أسرته المأساوي في السرطان لعب دوراً في دخوله عالم الأبحاث التي أثبتت نجاحها. واكتشف أليسون كيفية تشجيع الخلايا المناعية في الجسم على مهاجمة الأورام وتدميرها. ويقول: «أعتقد أن القيام بأمر ما بشأن السرطان كان دائماً في ذهني».
وبينما يروي قصته في مكتبه في مركز إم دي أندرسون للسرطان في هيوستن، قال: «وفاة والدتي عندما كنت صغيراً أوجعني بشدة. لم أكن أدرك مدى صعوبة ذلك حتى وقت لاحق».
وعندما رفضت مدرسته الثانوية تدريس فصل خاص بتطور مختلف الكائنات الحية على الأرض عبر التاريخ، قاطع صف البيولوجيا، وبعد تدخل والده ومستشار المدرسة، حصل أليسون على صف البيولوجيا من خلال دورة بالمراسلة من جامعة تكساس في أوستن. وعندما بدأ السعي للحصول على شهادات البكالوريوس والدراسات العليا في الستينات من القرن العشرين، وجد تركيزاً على اهتماماته العلمية: مجموعة تم اكتشافها حديثاً من الخلايا المناعية تسمى الخلايا التائية، التي كانت في ذلك الوقت بمثابة صندوق أسود بيولوجي.
وأوضح أليسون: «لم يكن أحد يعرف شيئاً عنها إلا أنها تتجول في جميع أنحاء الجسم وتعرف بطريقة أو بأخرى عندما يكون هناك شيء غير صحيح، فتقضي على أي جسم غريب ولا تقتلك خلال هذه العملية».
وتابع: «كيف تعرف هذه الخلايا متى تتفاعل مع أي جسم غريب ومتى لا تفعل شيئاً؟»
وكان هذا الغموض لا يقاوم بالنسبة إلى أليسون، الذي اعتقد أنه يجب أن تكون هناك طريقة ما تمكنت بها الخلايا التائية من التعرف على الأشياء التي لم يكن من المفترض وجودها بالجسم، مثل البكتيريا والفيروسات ومسببات الأمراض الأخرى وربما حتى الخلايا السرطانية.
وقام أليسون بتجربة حاسمة على الفئران التي أدت في النهاية إلى الإجابة عن أسئلته وإلى اكتشافه الذي حاز على جائزة «نوبل».
وأفاد أليسون: «كان لدي بعض الفئران التي شفيت من الأورام. وفكرت، ماذا سيحدث إذا حقنت بها مع المزيد من الخلايا السرطانية؟».
ولقد كان سؤالاً ولد من فضوله، وليس جزءاً من تجربة رسمية، لذلك لم يكن هناك فرضية ينوي اختبارها. واتضح أنه لم يحدث شيء، وأن الحيوانات لم تُصَب بالسرطان.
وتابع الباحث: «أعطيتهم 10 أضعاف الخلايا السرطانية، لكنهم لم يتأثروا. لقد أحدث ذلك انطباعاً كبيراً وجعلني أدرك أن الفئران تذكرت بطريقة ما كيفية التعرف على الخلايا السرطانية ومحاربتها؛ أجهزتها المناعية مكنتها من التصدي للمرض».
ومن خلال هذه النقطة، كان أليسون يعمل في منشأة أبحاث بمركز «إم دي أندرسون للسرطان». ويقول إنه تُرك حينها «غير خاضع للإشراف إلى حد كبير»، مما يعني أنه يمكن أن يختار مشروعاته البحثية الخاصة، لذلك بدأ اختبار نظريته القائلة إن الخلايا التائية (وهي خلايا مرتبطة بالجهاز اللمفاوي والمناعي) يمكن أن ترتبط بالفعل بمحاربة الخلايا السرطانية.
وفي البداية شعر بخيبة أمل، واستغرق الأمر بضعة عقود من التفاني العنيد حتى فهم السبب. إن زيادة استجابة جهاز المناعة ليست مجرد عملية تشبه تقليب المفاتيح وتنشيط الخلايا الصحيحة. فمن أجل حماية خلايا الجسم من نيران مناعية صديقة، استعدت الخلايا التائية لإيجاد وتدمير هدفها في عملية متعددة الخطوات، بما في ذلك إطلاق مادة مهمة كشفها أليسون. ينطبق ذلك أيضاً على محاربة الخلايا السرطانية، وهي خلايا طبيعية متحولة وتنمو خارج نطاق السيطرة.
وتمكن أيضاً من تحديد أول الفرامل الجزيئية التي تحمي السرطانات من التدمير من قبل الخلايا التائية الخاصة بالجهاز المناعي. وتعمل هذه الفرامل الجزيئية الآن على تطوير علاج السرطان عبر استخدام عقاقير تعرف باسم «مثبطات نقاط التفتيش».


مقالات ذات صلة

أدوات المطبخ البلاستيكية السوداء قد تصيبك بالسرطان

صحتك أواني الطهي البلاستيكية السوداء قد تكون ضارة بالصحة (رويترز)

أدوات المطبخ البلاستيكية السوداء قد تصيبك بالسرطان

أصبحت أواني الطهي البلاستيكية السوداء عنصراً أساسياً في كثير من المطابخ، لكنها قد تكون ضارة؛ إذ أثبتت دراسة جديدة أنها قد تتسبب في أمراض مثل السرطان.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
يوميات الشرق يلجأ عدد من الأشخاص لنظام «الكيتو دايت» منخفض الكربوهيدرات (جامعة ناغويا)

مكمل غذائي بسيط يُعزز قدرتنا على قتل السرطان

كشفت دراسة أن مكملاً غذائياً بسيطاً قد يوفر نهجاً جديداً لتعزيز قدرتنا المناعية على قتل الخلايا السرطانية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك مصابة بالسرطان (رويترز)

فيتامين شائع يضاعف بقاء مرضى سرطان البنكرياس على قيد الحياة

قالت دراسة جديدة إن تناول جرعات عالية من فيتامين «سي» قد يكون بمثابة اختراق في علاج سرطان البنكرياس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق كثير من الأمور البدنية الصعبة يمكن تخطّيها (مواقع التواصل)

طبيب قهر السرطان يخوض 7 سباقات ماراثون في 7 قارات بـ7 أيام

في حين قد يبدو مستحيلاً جسدياً أن يخوض الإنسان 7 سباقات ماراثون في 7 أيام متتالية، جذب تحدّي الماراثون العالمي العدَّائين في جميع أنحاء العالم طوال عقد تقريباً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)
التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)
TT

التثاؤب... هل يعني أن أدمغتنا لا تحصل على الأكسجين الكافي؟

التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)
التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية مثلاً بين النوم والاستيقاظ (رويترز)

يشعر معظمنا بقرب عملية التثاؤب. تبدأ عضلات الفك بالتقلص، وقد تتسع فتحتا الأنف، وقد تذرف أعيننا الدموع عندما ينفتح فمنا.

والتثاؤب عبارة عن رد فعل معقد، يمكن أن يحدث تلقائياً، أو أن يكون معدياً، عندما نرى أو نسمع حتى نفكر في الأمر في بعض الأحيان، فإننا عادة ما نتثاءب، بحسب تقرير لصحيفة «واشنطن بوست».

ومع ذلك، قال الخبراء إن فكرة أننا نتثاءب لأن أدمغتنا تحتاج إلى مزيد من الأكسجين هي خرافة. فقد أفادت دراسة أجريت في ثمانينات القرن العشرين أن استنشاق الأكسجين النقي أو الغازات التي تحتوي على نسبة عالية من ثاني أكسيد الكربون ليس له تأثير كبير على التثاؤب.

التثاؤب هو سلوك بشري غير مفهوم إلى حد ما. «يظل الدماغ صندوقاً أسود»، هكذا قال مارك أندروز، رئيس قسم علم وظائف الأعضاء في كلية الطب العظمي بجامعة دوكين بالولايات المتحدة.

لكن الباحثين لديهم نظريات متعددة حول التثاؤب.

يبدو أن التثاؤب يحدث عندما يكون الناس في حالة انتقالية، وخاصة انتقالات النوم والاستيقاظ، عندما يستيقظون أو عندما يكونون ضمن حالة من النعاس ومستعدين للنوم. قد يتثاءبون عندما يشعرون بالملل، أو يعانون من ضائقة نفسية خفيفة مثل القلق.

ومع ذلك، يحدث التثاؤب أيضاً بتردد عالٍ خلال الفترات التي يكون فيها الناس متحمسين للغاية، أو يكون هناك قدر كبير من الترقب، كما شرح أندرو جالوب، أستاذ علم الأحياء السلوكي بجامعة جونز هوبكنز. وأوضح أن هناك تقارير قصصية تفيد بأن الرياضيين الأولمبيين يميلون إلى التثاؤب قبل المنافسة، كما يفعل المظليون قبل القفزة الأولى، والموسيقيون قبل أي أداء.

التثاؤب وتحفيز الدماغ

يرتبط التثاؤب بزيادة الإثارة واليقظة، وقد يساعد الدماغ على الاستيقاظ أو البقاء مستيقظاً أثناء الأنشطة المملة.

تقول إحدى النظريات إنه من خلال تحريك العضلات في الوجه والرقبة، يحفز التثاؤب الشرايين في الرقبة، ما يزيد من تدفق الدم إلى الدماغ ويوقظه.

بالإضافة إلى ذلك، أفادت دراسة أجريت عام 2012 أن معدل ضربات القلب وحجم الرئة وتوتر عضلات العين تزداد أثناء التثاؤب أو بعده مباشرة.

قال أندروز: «إنه جزء من تمدد العضلات. مع التثاؤب، هناك اتصالات مع أنشطة عضلية أخرى، لذلك فهو يجعلك تستيقظ وتتحرك».

التثاؤب وتبريد الدماغ

عندما ترتفع درجات الحرارة في الدماغ فوق خط الأساس - بسبب الزيادة في المعالجة العقلية أثناء التركيز على مهمة أو ممارسة الرياضة أو الشعور بالقلق أو الإثارة، على سبيل المثال - يبدأ الدماغ في آليات التبريد، بما في ذلك التثاؤب، كما أشار جالوب، الذي درس النظرية.

يعتقد بعض الباحثين أن تنظيم الحرارة هذا يحدث بطريقين. أولاً، يزيد التثاؤب من تدفق الدم إلى المخ، ويعزز تدفق الدم إلى القلب. ثانياً، يُعتقد أن استنشاق الهواء بعمق أثناء التثاؤب يعمل على تبريد الدم في الأوعية الدموية في الأنف والفم. واقترحت إحدى الدراسات أن هاتين العمليتين تعملان معاً على استبدال الدم الساخن بدم أكثر برودة.

ومع ذلك، لا يوجد إجماع حول ما يسبب التثاؤب التلقائي، أو ما الذي يحققه.