كشفت دراسة أجراها باحثون في كلية بيرلمان للطب ومركز أبرامسون للسرطان، التابع لجامعة بنسلفانيا الأميركية، أن مكملاً غذائياً بسيطاً قد يوفر نهجاً جديداً لتعزيز قدرتنا المناعية على قتل الخلايا السرطانية.
قال المؤلف المشارك الدكتور شان ليو: «لقد جرى علاج آلاف المرضى المصابين بسرطان الدم بنجاح باستخدام علاج (CAR-T)، ومع ذلك لا ينجح هذا النهج العلاجي مع الجميع».
وأضاف في أثناء تقديم الدراسة في مؤتمر صحافي، السبت، خلال الاجتماع السنوي السادس والستين للجمعية الأميركية لأمراض الدم (ASH): «لقد اتبعنا نهجاً خارج الصندوق لتحسين علاج (CAR-T)، من خلال استهداف الخلايا التائية عبر النظام الغذائي بدلاً من استخدام تقنيات الهندسة الوراثية».
ويعد (CAR-T) من المنجزات العلاجية الرائدة في جامعة بنسلفانيا، إذ يُعيد برمجة خلايا الدم البيضاء للمريض (الخلايا المناعية التائية)، من أجل قتل الخلايا السرطانية.
وكان فريق البحث قد اختبر تأثير عدد من الأنظمة الغذائية المختلفة، بما في ذلك النظام الغذائي الكيتوني، على تعزيز قدرات هذا العلاج في مكافحة الورم باستخدام نموذج لورم الغدد اللمفاوية «بي» كبير الحجم لدى فئران التجارب.
ووجد الباحثون تحسناً في السيطرة على الورم، والبقاء على قيد الحياة لدى الفئران التي تتلقى نظاماً غذائياً كيتونياً، مقارنة بجميع الأنظمة الغذائية الأخرى.
وأظهرت تجارب سابقة أن مستويات أعلى من المكمل الغذائي «بيتا هيدروكسي بيوتيرات (BHB)»، وهو مستقلب ينتجه الكبد بشكل طبيعي استجابةً لنظام غذائي كيتوني، قد قمعت بقوة نمو أورام القولون والمستقيم في التجارب المعملية.
ويلجأ كثير من الأشخاص لنظام «الكيتو دايت»، وهو مصطلح معروف لنظام غذائي منخفض الكربوهيدرات، يُركز على تناول السعرات الحرارية من البروتين والدهون وليس الكثير من الكربوهيدرات، وذلك للتخلُّص من الوزن بسرعة، وتحسين عملية التمثيل الغذائي لديهم.
قال الدكتور بونيث جوروبراساد، من كلية بيرلمان للطب، وأحد باحثي الدراسة: «نظريتنا هي أن خلايا (CAR-T) تفضل المكمل الغذائي (BHB) بوصفه مصدراً للوقود بدلاً من السكريات القياسية في أجسامنا، مثل الغلوكوز»، موضحاً أن «زيادة مستويات (BHB) في الجسم تمنح خلايا (CAR-T) مزيداً من القوة للتخلص من الخلايا السرطانية».
وأظهرت النتائج القضاء التام على السرطان لدى فئران التجارب، وأسفرت عن توسع وتنشيط استخدام خلايا «CAR-T» لمعرفة ما إذا كان المكمل الغذائي «BHB»، له تأثير مماثل في البشر.
وقام الفريق بتقييم عينات الدم من المرضى الذين تلقوا مؤخراً علاجاً بخلايا «CAR-T»، ووجدوا أن مستويات المكمل الغذائي «BHB» الأعلى كانت مرتبطة بتوسع أفضل لخلايا «CAR-T» في المرضى. كما نظروا إلى الخلايا التائية للمتطوعين الأصحاء الذين تناولوا مكمل «BHB»، ووجدوا تغيّرات مماثلة.
ونظرت الدراسات السابقة عبر عدد من أنواع السرطان في تأثير التدخلات الغذائية، مثل اتباع نظام غذائي غني بالألياف، على الاستجابة للعلاج المناعي للسرطان، ومع ذلك يبدو أن الآلية وراء تأثير المكمل «BHB» في هذه الدراسة تنبع من التغيرات الأيضية في الدم، وليس من خلال ميكروبيوم الأمعاء، كما في حالة اتباع نظام غذائي غني بالألياف.
قالت الدكتورة مايان ليفي، أستاذة مساعدة في علم الأحياء الدقيقة: «نحن نتحدث عن تدخل رخيص نسبياً، وله إمكانات سمية منخفضة»، موضحة أنه: «إذا كانت بيانات التجربة السريرية صحيحة، فأنا متحمسة للتفكير في كيفية دمج نهج بسيط إلى حد ما مثل هذا مع التدخلات الغذائية أو غيرها من الأساليب التقليدية، لتعزيز التأثير المضاد للسرطان».
وأضاف الدكتور ماركو رويلا، المدير العلمي لبرنامج الأورام اللمفاوية في كلية بنسلفانيا للطب: «بصفتي طبيباً وعالماً، أشارك حماس مرضاي لاستراتيجيات جديدة محتملة لعلاج أمراضهم السرطانية بشكل أفضل، وأنا سعيد برؤية هذا البحث ينتقل الآن إلى مرحلة التجارب السريرية».