قطعة أثرية مصرية في إسرائيل تثير تساؤلات حول كيفية خروجها

القطعة الأثرية التي عثر عليها بالسواحل الإسرائيلية
القطعة الأثرية التي عثر عليها بالسواحل الإسرائيلية
TT

قطعة أثرية مصرية في إسرائيل تثير تساؤلات حول كيفية خروجها

القطعة الأثرية التي عثر عليها بالسواحل الإسرائيلية
القطعة الأثرية التي عثر عليها بالسواحل الإسرائيلية

أثار إعلان إسرائيل عن اكتشاف حجر عليه نقوش باللغة الهيروغليفية (المصرية القديمة)، في قاع البحر المتوسط تساؤلات عدة حول مصدره، وكيف وصل الحجر الذي يعود عمره إلى نحو 3400 عام تقريبا إلى السواحل الإسرائيلية، ويرجح أن تعود هذه القطعة إلى أحد جدران المعابد المصرية القديمة.
وجاء اكتشاف الحجر الأثري بـ«الصدفة» وفقا لما نشرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية على موقعها الإلكتروني، وتناقلته عدد من الصحف والمواقع الإسرائيلية الأخرى، حيث عثر طبيب بيطري إسرائيلي يدعى رافي بهلول (55 عاماً) على حجر عليه كتابات باللغة الهيروغليفية في صباح أحد أيام العام الماضي، أثناء سباحته قرابة شاطئ عتليت على البحر المتوسط (جنوب حيفا)، تبين فيما بعد أنه حجر أثري مصري عمره نحو 3400 عام.
ونقلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن رئيس هيئة الآثار الإسرائيلية جاكوب شارفيت قوله إن «الموقع الذي عثر به على الحجر الأثري معروف بالنسبة لهم، وعثر به على قطع أثرية من قبل». ويعتقد أن الحجر يعود إلى الفترة ما بين القرنين الثاني عشر، والخامس عشر قبل الميلاد، خلال فترة حكم الأسرة الـ18 في مصر، ويعتقد أنه كان جزءاً من معبد أو قصر مصري قديم، وأعيد استخدامه كمرساة في العصر البرونزي (3000 - 1200) قبل الميلاد، حيث أعيد تشكيله بحواف دائرية، وفجوة في الأعلى.
الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الحجر المكتشف هو قطعة من لوحة أو جدار لأحد المعابد المصرية القديمة، وأعيد استخدامه في عصور لاحقة كمرساة، من المحتمل أن تكون وصلت إلى السواحل الإسرائيلية عبر الرحلات البحرية، حيث شهدت المنطقة نشاطا بحريا في فترات قديمة».
وأوضح عبد المقصود أن «طريق حورس الحربي القديم بين مصر وفلسطين كان يمتد من القنطرة شرق، عند قلعة ثارو في تل حبوة في شبه جزيرة سيناء، وحتى غزة ورفح المصرية، التي يوجد بها آخر القلاع المصرية، وضم الطريق الكثير من القلاع الحربية في الأسرة الـ18 و19 التي أظهر مواقعها أحد النقوش بمعبد الكرنك في عهد الملك سيتي الأول»، مشيراً إلى أن «هذه الأماكن كان بها استراحات ملكية، حيث إن الجيوش المصرية التي كانت تنطلق من قلعة ثارو، كانت تمر على هذه القلاع وعلى رأسها الملك، وشهدت تلك الفترة نشاطاً واسعاً للجيش المصري في هذه المنطقة من إنشاءات دفاعية وملكية كشف عن بعضها في منطقة شمال سيناء في تل حبوة وتل الأبيض».
واستخرج فريق من علماء الآثار المتخصصين في الآثار الموجودة في أعماق البحار، الحجر في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث تمت دراسته، وبدأ عرضه للجمهور في المتحف الإسرائيلي بالقدس، ووفقاً لأمينة المتحف شيرلي بن دور إفيان فإن «جودة النقوش على الحجر هي ما تجعله فريداً مقارنة بالمرساوات الأثرية الأخرى».
وأضاف عبد المقصود أن «هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها العثور على آثار مصرية في إسرائيل، فكان لمصر امتدادات وقلاع في نقاط متقدمة في فلسطين، لكن الجديد هذه المرة أنه تم العثور على الأثر في البحر، مما يؤكد نشاط المصريين البحري في تلك الفترة». ويحمل الحجر نقشا ليد آلهة الكتابة سشات، التي كان يتم تصويرها على جدران المعابد المصرية القديمة.


مقالات ذات صلة

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

يوميات الشرق استقبال للتابوت بعد ترميمه (جامعة سوانزي)

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

حظي تابوت مصري قديم بحياة جديدة في بريطانيا بعد فترة من أعمال الترميم وإعادته إلى «مركز مصر» (متحف للآثار المصرية) بجامعة «سوانزي» في ويلز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بعض النقوش في المرصد الفلكي المُكتَشف (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف «أول وأكبر» مرصد فلكي في كفر الشيخ

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، اكتشاف «أول وأكبر مرصد فلكي» في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر)، يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)

مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

عادت قضية الاتجار في الآثار المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
سفر وسياحة تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

تتمتع القاهرة بمزيج فريد من التاريخ العريق والحياة العصرية النابضة، ما يجذب إليها ملايين الزوار من حول العالم، الذين يبحثون ويفتشون عن سحرها كل من منظوره الخاص.

محمد عجم (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».