خامنئي يريد مشاركة مكثفة في الانتخابات التشريعية

روحاني رفض {المفاوضات غير المتكافئة}

السفير الإيراني الجديد في موسكو كاظم جلالي لدى تقديم أوراق اعتماده للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف (إ.ب.أ)
السفير الإيراني الجديد في موسكو كاظم جلالي لدى تقديم أوراق اعتماده للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف (إ.ب.أ)
TT

خامنئي يريد مشاركة مكثفة في الانتخابات التشريعية

السفير الإيراني الجديد في موسكو كاظم جلالي لدى تقديم أوراق اعتماده للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف (إ.ب.أ)
السفير الإيراني الجديد في موسكو كاظم جلالي لدى تقديم أوراق اعتماده للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف (إ.ب.أ)

دعا المرشد الإيراني علي خامنئي، الحریصين على إيران وأمنها للمشاركة في الانتخابات التشريعية المقررة بعد أسبوعين، حتى وإن كانوا من غير الراغبين به شخصياً، معتبراً توجه الإيرانيين إلى صناديق الاقتراع مؤثراً على حل المشكلات الداخلية والدولية، في حين أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، رفضه لأي مفاوضات «غير متكافئة» تهدف إلى تركيع طهران.
ونقلت وكالات رسمية إيرانية عن خامنئي قوله أمام حشد من أنصاره في مقره بطهران دعوته الإيرانيين إلى المشاركة في التظاهرة السنوية التي تنظمها السلطات في 11 فبراير (شباط)، ذكرى ثورة 1979.
ووصف خامنئي تظاهرة ذكرى الثورة والانتخابات التشريعية المقررة في 20 فبراير، بـ«اختبارين يواجهان الشعب الإيراني».
وتتزامن ذكرى الثورة مع اليوم الأربعين على مقتل قائد «فيلق القدس» قاسم سليماني بداية الشهر الماضي بضربة درون أميركية. وقال إن عنصر التزامن «دافع مضاعف» للمشاركة في التظاهرة. وأضاف: «ستوجَّه ضربة إلى سياسات الأعداء».
أما عن اختبار الانتخابات التشريعية، فقال خامنئي إن المشاركة الفعالة «ستؤثر على المشكلات الداخلية والدولية». وأضاف: «مَن يحب إيران وأمن الوطن وسمعتها ويريد حل المشكلات يجب أن يتوجه إلى صناديق الاقتراع لإظهار إرادة وقوة الشعب مرة أخرى»، لافتاً إلى أنها «فرصة كبيرة» و«تهديد للأعداء». وأضاف أن «الأعداء يخشون الدعم الشعبي للنظام أكثر من قدرات التسلح».
على الصعيد الدولي، أوضح المسؤول الأول في إيران أن الانتخابات «ستكون مؤثرة على رأي المراقبين الدوليين تجاه البلد»، مشدداً على أن المشاركة المكثفة من هذا الجانب «ضرورية للغاية». وفي الوقت ذاته اتهم مَن وصفهم بالأعداء بالسعي وراء «إلحاق الضرر بالانتخابات»، منتقداً تغطية وسائل الإعلام الأجنبية لجنازة سليماني وقبلها الاحتجاجات التي شهدها مختلف أنحاء البلاد في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني).
ويشرف مجلس صيانة الدستور على أهلية المرشحين للانتخابات التشريعية. ويتكون المجلس من ستة فقهاء بتعيين مباشر من المرشد الإيراني وستة خبراء قانونيين يختارهم رئيس القضاء وهو من المسؤولين الذين يجري تعيينهم بأمر من المرشد.
ووصف خامنئي المجلس بأنه «موثوق» و«صاحب مكانة دستورية»، مضيفاً: «مجموعة موثوقة، كيف يمكن لشخص أن يوجه اتهامات إليها بأنها مغرضة حيال بعض الأشخاص؟»، قبل أن يكون أكثر صراحة في تحذيره منتقدي دور المجلس وعدّ الانتقادات «أسوأ الأعمال». وقال في هذا الصدد إن «فلاناً (كاتب) والمرتبطين بالإنترنت ونواب البرلمان وفلاناً (مسؤول حكومي مهم) يجب أن يكونوا حذرين».
وخاطب خامنئي أصحاب المنابر بقوله: «عندما تقولون كذباً إن الانتخابات تتم هندستها وليست انتخابات وإنما انتصابات سيؤدي إلى إحباط الناس».
الأربعاء 27 يناير (كانون الثاني) الماضي، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، إنه «عندما تتحول الانتخابات إلى رسميات، ستكون أكبر خطر على الديموقراطية والسيادة الوطنية»، وقال أيضاً: «التنصيب أكبر خطر على الديموقراطية»، منتقداً من «لا يحبّذون سماع كلمة الاستفتاء».
وكان روحاني يوجه انتقادات حادة لمجلس صيانة الدستور الذي استبعد 90 نائباً من البرلمان الحالي ورفض أهلية أبرز المرشحين الإصلاحيين. ودخل روحاني في تلاسن مع المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور عباس كدخدائي، الذي اتهم الرئيس الإيراني بـ«الوقوف بالصف الأمامي لمعادي الثورة».
وفي إشارة ضمنية إلى تصريحات روحاني، أبدى خامنئي استغرابه من «تصريحات بعض مَن وصلوا إلى مكانة عبر الانتخابات لكنهم يشككون في الانتخابات». وقال: «كيف عندما تكون الانتخابات في صالحكم إنها صحيحة ومتقنة لكن عندما لا تكون في صالحكم فإنها خراب؟».
وقبل أسبوعين كانت اللجنة العليا للإصلاحيين قد حذرت من أن «نتائج الانتخابات التشريعية متوقَّعة من الآن»، وقالت إن رفض أهلية المرشحين يمنعها من تقديم قوائم انتخابية في بعض الدوائر.
وأعلن المحافظون في الأيام القليلة الماضية قائمة لمرشحيهم في طهران، ويتصدر القائمة مرشح الانتخابات الرئاسية وعمدة طهران السابق محمد باقر قاليباف، الذي يُتداول اسمه لرئاسة البرلمان في الأوساط الإيرانية منذ الآن.
ويُعد قاليباف أبرز قادة «الحرس الثوري» الذي تولى مناصب إدارية وسياسية على مدى ثلاثين عاماً من تولي خامنئي منصب المرشد الأعلى.
من جهته، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، في اجتماع الحكومة الإيرانية إنه «لا أحد فوق القانون والشعب». وأضاف: «يجب ألا نعتقد أننا جمع صغير ونوجه الناس ولو لم نكن سيدخلون في ضلال، إنه ليس كذلك، الناس تفهم وتختار بشكل جيد».
وقال محمود واعظي مدير مكتب الرئيس الإيراني، للصحافيين أمس، إن «موقف الحكومة من الانتخابات واضح، نريد المشاركة المكثفة ونعتقد إجراءها بطريقة فعالة تحبط مؤامرة الأعداء وتكون دليلاً على قوة النظام، لذلك تركيز الحكومة على أقصى المشاركة». غير أنه رهن المشاركة الفعالة بـ«الانتخابات التنافسية» ونوه إلى أنه «إذا بُذلت جهود في الوقت المتبقي وخلق مجلس صيانة الدستور الفرصة للتنافس ستكون النتيجة أفضل»، وفق ما نقلت عنه وكالة «إيلنا» العمالية.
وطعن روحاني المتشددين مرة أخرى بالاستناد إلى اسم المرشد الإيراني الأول، عندما قال: «لولا حكمة واعتدال الإمام لقطع المتشددون البلد في البلد والناس في بدايات الثورة». ونقل موقع الرئاسة عن روحاني قوله: «المتطرفون والمتشددون في إطار الأحزاب اليسارية والانتقائية ظهروا حينذاك وإن كنتم تذكرون، لقد رفعوا شعار حل الجيش».
وبعد نشر تصريحات روحاني بساعة، تداول إيرانيون، أمس، تسجيلاً يعود إلى البرلمان الإيراني الأول بعد الثورة، ويطالب فيه روحاني عندما كان نائباً بتقليص رواتب جنرالات الجيش، إلى ما يكفي قوتهم اليومي ويدعو فيه إلى حل وحداته الخاصة.
وبعد ساعات من اجتماع الحكومة، هاجم روحاني العقوبات الأميركية خلال مراسم إهداء جائزة الكتاب السنوي. وعدّ العقوبات «خطوة إرهابية».
وقال روحاني إن «الأميركان يكذبون عندما يقولون إنهم لم يقولوا إنهم لم يفرضوا عقوبات على الأدوية». وأضاف: «مسار تقدمنا لم يتوقف رغم العقوبات، تجارتنا كانت 72 مليار دولار»، وزاد: «يريدون إجبارنا على الاستسلام في مفاوضات غير متكافئة، وهذا غير ممكن، أيّ رئيس جمهور وحكومة لن يستسلم».
وقال رئيس البنك المركزي عبد الناصر همتي، الاثنين، إن واردات إيران من الأدوية بلغت 4 مليارات دولار. ومع ذلك، عدّ القناة السويسرية لشراء الأدوية «دليلاً على فرض العقوبات على الأدوية».
كانت الحكومتان السويسرية والأميركية قد قالتا، الخميس الماضي، إن قناةً لنقل سلع إنسانية تشمل أغذية وأدوية لإيران بدأت عملياتها التجريبية، للمساعدة في تزويد الشعب الذي يعاني المصاعب بالسلع السويسرية دون الاصطدام بالعقوبات الأميركية.
وقال وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الاثنين: «هذه خطوة صغيرة ونشكر الحكومة السويسرية على جهودها... لكنّ هذه القناة ليست مؤشراً على حُسن نية أميركا على الإطلاق».
وتحظى الانتخابات التشريعية الحالية بأهمية بالغة للنظام الإيراني في ظل الترقب الحالي بشأن خليفة خامنئي، 80 عاماً، وتداعيات مقتل سليماني على المشهد الإيراني. كما أنها حساسة للنظام عقب احتجاجات غير مسبوقة شهدتها إيران منذ آخر استحقاق انتخابي كبير جرى على مستوى الرئاسة في مايو (أيار) 2017، وفاز روحاني بموجبها بولاية رئاسية ثانية.
وقبل نهاية الشهر الرابع على بدء مهام روحاني الرئاسية في الولاية الثانية، كانت إيران قد شهدت موجة احتجاجات في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2017، وردد المحتجون شعارات غاضبة ضد النظام بسبب تدهور الوضع المعيشي وغلاء أسعار مفاجئ.
وأدى تفاقم الأزمة الاقتصادية، بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي في مايو 2018، وعودة العقوبات الأميركية على الاقتصاد الإيراني، إلى إضرابات عمالية غير مسبوقة في إيران، لكنّ الاستياء الشعبي من تدهور الوضع الاقتصادي دخل مراحل متقدمة في نوفمبر 2019، عقب قرار الحكومة رفع أسعار البنزين إلى 300%، ونزل الإيرانيون في 29 محافظة من أصل 31 في احتجاجات قبل أن تتمكن قوات الشرطة و«الحرس الثوري» من إخماد الاحتجاجات في أقل من 72 ساعة.
وتجددت الاحتجاجات الشهر الماضي في عدة مناطق من إيران خصوصاً العاصمة طهران، عندما أعلن «الحرس الثوري» مسؤوليته عن إسقاط طائرة ركاب أوكرانية في جنوب طهران وذلك عقب إنكار حكومي دام ثلاثة أيام.
ولم تعلن إيران منذ ذلك الحين حصيلة القتلى والجرحى في احتجاجات نوفمبر رغم الضغوط الدولية والداخلية. ونقلت «رويترز» عن ثلاثة مسؤولين بوزارة الداخلية الإيرانية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أن 1500 قُتلوا بنيران قوات الأمن عقب ترؤس خامنئي اجتماعاً أمنياً رفيعاً بحضور الرئيس حسن روحاني. وبدورها قالت منظمة العفو الدولية إنها وثّقت أكثر من 300 قتيل في الاحتجاجات. وقبل إحصائية «رويترز»، رجحت الخارجية الأميركية بناءً على أدلة ومستندات أرسلها الإيرانيون أن عدد القتلى يتجاوز الألف.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال محافظ طهران أنوشيروان محسني بندبي، إن القتلى في الاحتجاجات «من المؤكد أقل من 1500 شخص»، مضيفاً أنه سيعلن في المؤتمر الصحافي المقبل حصيلة القتلى في طهران، مشيراً إلى أن هيئة الطب العدلي الإيراني التابعة للقضاء «من المقرر أن تعلن الإحصائية».
وقال محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني، أمس، إن «الحكومة ليست مسؤولة عن نشر إحصائية قتلى احتجاجات نوفمبر» لکنه رفض تأكيد صحة الأرقام المتداولة وقال: «الطب العدلي واللجنة المشتركة يدرسان الأمر وستُنشر الإحصائيات».



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.