«اوبسيشن»... 17 ليلة وليلة من طهي النجوم

24 طاهياً من حول العالم في مهرجان الطعام العشرين في «لانكشير»

الشيف ليزا غوديون ألين مع الأسماك الطازجة قبيل العشاء
الشيف ليزا غوديون ألين مع الأسماك الطازجة قبيل العشاء
TT

«اوبسيشن»... 17 ليلة وليلة من طهي النجوم

الشيف ليزا غوديون ألين مع الأسماك الطازجة قبيل العشاء
الشيف ليزا غوديون ألين مع الأسماك الطازجة قبيل العشاء

من فكرة بسيطة ابتكرها الشيف نايجل هايوورث وكريغ بانكروفت، عام 2001، أبصر مهرجان الطعام «Obsession» النور، واليوم يحتفل من جديد بدورته العشرين التي تمتد على مدى 17 يوماً، بمشاركة 24 من أهم طهاة العالم الحائزين على «نجوم ميشلان»، يجمعهم مطبخ فندق «نورثكوت» (Northcote) الواقع في منطق بريستين في مقاطعة لانكشير الشمالية في إنجلترا.
يعتبر هذا المهرجان من أهم التواريخ في روزنامة الطعام في بريطانيا، لأنه مناسبة عالمية تشارك بها النخبة من نجوم الطهي من شتى أنحاء الكون الذين يأتون لمشاركة الذواقة أطباقهم وابتكاراتهم.
الرحلة بدأت من محطة يوستن في وسط لندن، وبعد أكثر من ساعتين بقليل وصلنا إلى الريف الإنجليزي، الذي يفتح شهيتك، وأنت في طريقك إليه، ويجعلك متحمساً لتذوق ما ينتظرك في العشاء الذي اخترت طاهيك المفضل ليحضره لك.
ومن محطة بريستون، وبواسطة سيارات «بورشه» (الراعي الرسمي للمهرجان) تنقلك الرفاهية إلى المزيد منها لتحظى بجرعة إضافية من الرقي الريفي في فندق «نورثكوت» التراثي الذي أضيف إليه مبنى حديث تطل كل أجنحته على الطبيعة الخضراء الغناء.
فكرة المهرجان تعتمد على تقديم مطبخ بالكامل لكل طاهٍ مشارك في كل ليلة من الليالي الـ17 التي بدأت في الرابع والعشرين من يناير (كانون الثاني)، ولغاية يوم الأحد التاسع من فبراير (شباط) الحالي. ومن خلال حجز مسبق للطاهي الذي تريده يمكنك النزول في الفندق، أو في واحد من الفنادق والنزل القريبة، ولقاء مبلغ 150 جنيهاً إسترلينياً للشخص الواحد تتناول عشاءً فاخراً مؤلفاً من خمسة أطباق رئيسة، وتنهي الوليمة بطبق من الحلوى وشاي أو قهوة.
افتتحت المهرجان في ليلته الأولى الذي وجودت به «الشرق الأوسط» الطاهية الرئيسة في «نورثكوت» الشيف ليزا غودوين ألين، التي أبدعت في الابتكارات التي صبتها في أطباقها البريطانية الأنيقة.
يقام العشاء في المطعم الرئيس للفندق، وتزين الطاولات الزهور الجميلة التي تصبح غير مهمة بعد البدء بالوليمة، الذي تغازل الذائقة والعين في وقت معاً.
ووضعت على الجدران شاشات تلفزيون مسطحة تنقل ما يجري مباشرة في المطبخ أثناء تناول الطعام. فترى على إحدى الشاشات الشيف ليزا، وهي تتأهب لبدء تزيين الصحون الذي يبلغ عددها 140 صحناً، وتعمل بطريقة هادئة جداً، إلى جانب فريق العمل الكبير في المطبخ الذي يشبه إلى حد كبير خلية النحل المنظمة.
المشهد رائع، والأجمل هو أنك تعرف وقت وصول الطبق إلى طاولتك من خلال مشاهدة الشاشات ومتابعة ما يحدث في الداخل، فتشعر وكأنك في قلب المطبخ وتشارك الطهاة عملهم الدؤوب.
اللافت هو أن فريق العمل في المطبخ يقوم بالعمل إلى جانب الطهاة الضيوف، الذي يشارك كل منهم في ليلة من ليالي المهرجان، وهؤلاء الطهاة هم نجوم في عالم الطاهي، وفي جعبة 14 طاه من بينهم 21 «نجمة ميشلان» للتميز، ومن بينهم الشيف جايكوب جان بوويرما من مطعم «De Leest» الحائز على 3 نجوم «ميشلان فاسين» بهولندا، والشيف كلود بوسي الحائز على نجمتين في مطعمه «Bibendum» في لندن، والشيف جيمس نابيت الحائز على نجمتين في مطعم «Kitchen Table» في لندن، والشيف البرتغالي ديتير كوشينا من مطعم «فيلا جويا» في الغارف، والشيف هانس نيونر من مطعم «فيلا فيتا».
من أسماء الطهاة اللامعين المشاركين في المهرجان، الشيف غاريث وورد وتوم براون وكيرك هايوورث والطاهية أنجيلا هارنت ومونيكا غاليتي والنجم التلفزيوني الشيف جيمس مارتن وريك ستاين وبراين تورنر وكين هوم.
ولائحة الأسماء تطول جداً، ويمكن الاطلاع على موقع «نورثكوت» لمعرفة اسم الطاهي المشارك في كل ليلة، بالإضافة إلى عرض لائحة الطعام المقررة لليلة الذي تختارها.
إذا كنت نباتياً، أو تتبع نظاماً صارماً في الأكل، أو إذا كنت تعاني من حساسية الطعام يجب عليك إخطار الفندق لتأمين طلبك مسبقاً.
في سؤال إلى الشيف نايجل هايوورث عن آلية عمل الطهاة خارج مطابخهم، أجاب: «العملية صعبة بعض الشيء، والسبب هو أن الطهاة يقدمون مطابخ مختلفة، وهذا يعني أن الأدوات المستخدمة في مطبخنا لا تفيدهم في بعض الأحيان، ولهذا نجلب لكل طاهٍ حاجاته من الأدوات والمنتجات التي نحاول استقدمها من مزارع محلية، ولكن يبقى الخيار للطاهي إذا ما أراد إحضار بهاراته الخاصة أو المنتجات التي يصعب إيجادها في وادي ريبل، حيث يقع الفندق».
وعن فريق العمل الذي يرافق كل طاهٍ في الطبخ كل ليلة، أجاب الشيف هايوورث بأن فريق العمل من الطهاة الشباب يعملون في مطبخ «نورثكوت»، ويقومون بمساعدة كل الطهاة بأمسياتهم، ويمكنهم الاختيار مع أي طاهٍ يودون العمل معه، لأن الفكرة من وراء المهرجان هي مشاركة الخبرة، وتطوير مهارات الطهاة الصاعدين، وإعطاؤهم فرصة التطوير، وفي الوقت نفسه مشاركة الذواقة الذين يأتون من داخل المملكة وخارجها للتمتع بفرصة نادرة في مهرجان مماثل.
> لائحة الطعام في ليلة المهرجان الأولى على يد الشيف ليزا غودوين ألين
pigeon Squab لحم الحمام مع المانغا والكاري
Cornish Mussels قواقع من ساحل كورنوول البريطاني مع الكافيار
Wild Turbot سمك توربوت مع صلصة بونزو
Cumbrian Mutton نقانق من لحم البقر مع برتقال من أشبيلية في إسبانيا وجزر
Hazelnut طبق حلوى مؤلف من الشكولاته المرة مع ليمون «كافير»
- قبل الذهاب
> المهرجان لا يزال في بدايته، ولكن الإقبال عليه شديد، أنصحك بتصفح النشرة على الموقع لاختيار الطاهي الذي تفضله، ويمكنك أيضاً أن ترى قوائم الطعام المقررة، وتستطيع تعديل بعض الأطباق. وأنصح أيضاً بالإقامة في المنطقة أو في الفندق، لأن المنطقة ريفية وجميلة جداً، ويمكن القيام بجولات محلية خلابة.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.