«صبايا مخدة الكحل»... صرخة أنثوية ضد هيمنة الرجل

عرض مسرحي يحتفي بتعدد الصورة والمستويات الحوارية

جانب من العرض
جانب من العرض
TT

«صبايا مخدة الكحل»... صرخة أنثوية ضد هيمنة الرجل

جانب من العرض
جانب من العرض

خلطة درامية تمتزج فيها «لطشات» من ثقافة الشعوب، وفنون ما بعد الحداثة، وفن الحكي بإيقاعه الشفاهي الحار تقدمها مسرحية «صبايا مخدة الكحل» التي تعرض حالياً على خشبة مسرح الطليعة بوسط القاهرة.
تقدم المسرحية هذه الخلطة في غلالة موسيقية مشرّبة بروح التراث، في شكل فني شيق يمكن تسميته «كولاجاً مسرحياً»؛ فقد استطاع المخرج انتصار عبد الفتاح بخبرته في موسيقى تراث الشعوب أن ينسج عملاً فنياً بلغة خاصة تخاطب الإنسان أياً كانت انتماءاته وثقافته. في عرض فني مفتوح، على غرار مسرح الشارع، وفي إطار نظرة مغايرة لأشكال «الدراماتورج» ومستويات التلقي، فالعرض يمكن أن يتم التعديل فيه ليتحدث عن المرأة في الخليج أو في أوروبا أو في أميركا.
يبرز الجسد مقوماً أساسياً للعرض، وتتنوع إيقاعاته الأدائية في حركة الممثلين، مشحونة بدلالات وجمل حوارية، بينما يأتي الصوت رد فعل، وتعبيراً عن ذروة الصراع الجسدي والنفسي للفتيات، تارة عبر الغناء الفردي أو الجماعي، أو نغمات الآلات الموسيقية ما بين الوتريات أو آلات النفخ أو الآلات الإيقاعية؛ فالعرض يشبع الحواس كافة جمالياً.
تلعب بطولة العرض في دور الجدة الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز التي تمتلك حضوراً أخاذاً وتوظف نبرات صوتها في التأثير الدرامي على الجمهور، فهي تجلس خلف ماكينة الخياطة القديمة، وتمارس لعبة الحكي عن تراث القهر والمعاناة الذي يولد مع الفتيات منذ لحظة الطفولة وطوال مراحل عمرها، وتمارس هي نفسها هذا القهر بتوريثه للفتيات والحفيدات، والانحياز لأحكام الأعراف والتقاليد التي يقهر بها المجتمع النساء، ثم تجد نفسها في مواجهة مع الفتيات.
وعلى لسان الجدة سوف نلمس في حواراتها نوعاً من التسلط والشفقة والأمل والتشفي أحياناً: «صار لازم نعلق الدهبات ونقيد الشموع... صوت من بعيد بيقول السما ما هي بعيدة للي ليه جناحات، وأبهى طير طير يرفرف من دون قيود... ده العمر ورده بيدبل ووردة كمان بيموت... لو كان الزمن بيعود لرجع ما سرقته الأيام».
عالم الفتيات تعبر عنه مجموعة صبايا من 10 فتيات ينشدن الغناء ويقمن بأداء بصري بالمكحلة والمرآة والقباقيب، كناية عن صراع نفسي بينما يلعب دور الرجل والمجتمع رجل واحد في العرض يرمز إلى السلطة الذكورية يقرع إيقاعات ذات صدى يتردد في أرجاء المسرح ويوحي بالهالة التي يضفيها المجتمع على الذكور والتي تمكنه من اعتلاء مكانة المتحكم والمسيطر في حياة نساء أسرته سواء كان الأب أو الأخ.
ثم نتابع مع العرض حواراً شفهياً حاداً لا يخلو من الاتهامات بين الجدة وفتاة تؤدي دورها «شهيرة كمال» في ليلة زفافها، ينعكس ظلاله على الفنانتين آيات محمود والفنانة السودانية آن توماس اللتين تقومان بحوار حركي قائم على التعبيرات والإيماءات الجسدية، فالرقص هنا تعبير عن آلام المرأة وأفراحها. بينما تراقص فتاة أخرى دمية قطنية تراثية تناجيها وتشكو لها ما تتعرض له ثم تمارس عليها هذا التسلط، تعبيراً عن الدائرة المفرغة من القهر الأنثوي.
وعن دورها، تقول الفنانة سميرة عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: «المسرحية تدافع عن الفتاة والظلم الموجه لها من شقيقها ووالدها، هذا العرض هدفه أن يحرك المجتمع لوقف كل مظاهر التسلط الذكوري»، مضيفة: «المسرحية الجزء الأول منها أنتج قبل 20 عاماً، وهي تجربة مسرحية مهمة أعتز بها وأردت أن أشارك في الجزء الثاني منها لأقدمه للجيل الحالي، ومن بينهم ابنتي التي لم تشاهد العرض من قبل، المسرحية دفاع عن المرأة وحقها في الحياة تماماً مثل الرجل». وتؤكد: «النغمة ما بين الأداء والحركة والموسيقى مسرح نادر مع إشراك الجمهور المحيط بنا في حلقة تماماً كما كان الحكّاء يقوم بهذا الدور، لكن الجديد هنا في هذا العرض أن الممثل يؤدي بعد ربط متوازن ما بين الموسيقى والحركة والغناء».
نجح المخرج انتصار عبد الفتاح في كسر الجدار الرابع أو «الحاجز الوهمي» مع الجمهور بجعله جزءاً وعنصراً من عناصر العرض المسرحي، يشير المخرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مسرح «البوليفونك» الذي يقدمه يركز على تعدد الصورة والمستويات الحوارية مع توظيف كل عناصر العرض لتقديم عمل فني يتخطى الحواجز الثقافية والزمان والمكان بهدف الوصول إلى فضاء كوني إنساني»، ويقول: «العرض يعكس عالم المرأة الشرقية الداخلي قبل الخارجي، بتراثه ومخزونه، مشاعرها وإحباطاتها المتكررة بسبب تمركز عالمها حول الرجل».
وحول سينوغرافيا العرض، يقول عبد الفتاح «قمت بتوظيف عناصر عدة كديكورات للعرض، منها ماكينة الخياطة التي تنسج بها الجدة الأحلام وتستعيد معها الذكريات عبر دوران عجلاتها، بينما المكحلة (الكحل) هو الذي يرمز لزينة المرأة في الأفراح وأيضاً في الأحزان، بل إن المرأة الفرعونية كانت تزين به حينما تفارق الحياة، فالكحل هنا رمز لدورة الحياة، بينما (مخرطة الملوخية) تعبر عن الضغوط النفسية والمجتمعية التي تتعرض لها المرأة».


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه.

«الشرق الأوسط» (هيتاشي (اليابان))

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».