«أبو طارق» يعبر بطبق الكشري إلى أوروبا

قريباً في باريس ولندن بعد مكة وجدة ودبي

كشري «أبو طارق» له طريقة مميزة وسرية في التحضير
كشري «أبو طارق» له طريقة مميزة وسرية في التحضير
TT

«أبو طارق» يعبر بطبق الكشري إلى أوروبا

كشري «أبو طارق» له طريقة مميزة وسرية في التحضير
كشري «أبو طارق» له طريقة مميزة وسرية في التحضير

إذا أردت أن تعرف سر الإقبال على كشري أبو طارق، بوسط القاهرة، وكيف انتقل به إلى عواصم عربية، فعليك بالذهاب إلى أحد المطابخ التابعة للمحل، بضاحية معروف، هناك ربما ستكتشف السر.
بدخولك للمطبخ ستجد الأمر في ظاهره اعتيادياً للغاية، فالطهاة واقفون يحملون المكونات، كل بما كلف به، فهذا يقطع البصل إلى شرائح ويحمره في الزيت حتى يأخذ اللون الذهبي، ومع التقليب المستمر يصبح مقرمشاً، وآخر يسلق المكرونة، ثم يصفيها ويأخذ جزءاً من الزيت الذي تم تحمير البصل فيه ويقلب به المكرونة.
في الجهة المقابلة يشرف الشيف علي حسين، على سلق العدس، ويشير لأحدهم أن يقلبه بجزء من الزيت أيضاً، لافتاً إلى أهمية إضافة الملح والكمون في تلك المرحلة.
صنعة الكشري كما يطلقون عليها في مصر، لها أسلوبها عند طهاة «أبو طارق»، فالشيف مصطفى عبد العظيم، الذي لم يتجاوز الثلاثين عاماً، وأحد العاملين بالمحل، يؤكد أنه وزملاؤه الطهاة لا يأتون بجديد في العمل، فهم يعدون وجبة الكشري كما يعدها المنافسون، لكن كل ما يميزهم - بحسب تعبيره - الجودة في اختيار المكونات، وسر آخر علمهم إياه الحاج يوسف زكي، الشهير بـ«أبو طارق» نسبة إلى نجله الكبير، لن يستطيع أحد من العاملين الإفصاح عنها، وفق تصريحه لـ«الشرق الأوسط».
«حبنا لهذه المهنة يجعل من واجبنا الحفاظ على هويتها، والتأكيد على مصريتها الخالصة»، بتلك الكلمات استهل طارق، حديثه لـ«الشرق الأوسط»، وقال: «إن الانتقال لفكرة إعداد فروع للمحل في جدة ومكة بالسعودية، وكذلك دبي بالإمارات العربية المتحدة، لم تأتِ دون تفكير مسبق، إذ تم التخطيط لها في مصر أولاً، من خلال الشروع في إنشاء محل موازٍ للمقر الرئيسي بشارع معروف بوسط البلد، ويكون مقره بالتجمع الخامس»، منوّهاً بأن ذلك الفرع يُعد مدرسة للكشري، بحسب وصفه، فمن خلاله يتم تعليم الشباب على سر «الصنعة».
من داخل المطبخ، تشاهد الشاب الصغير زياد، يُحمر الشعرية في جزء من الزيت، ويضيف إليها الأرز الأبيض بعد غسله بالماء والملح والكمون، ومن خلفه يقف آخر يفرم الثوم مع الملح ويأخذ جزءاً منه ويضيف إليه عصير الطماطم والملح وثوم مفروم لم يستوِ بعد، ويتابع الصلصة حتى تصبح غليظة القوام.
ولا تخلو وجبة الكشري من الحمص، الذي يُعَد عن طريق وضعه في كمية وفيرة من الماء مع إضافة جزء من الثوم المفروم والملح والكمون، ثم ينتهي الأمر بـ«الدَقة»، التي تعد بطريقة أخذ جزء من ماء الحمص بعد سلقه ويضاف إليه مقدار من الثوم المفروم مع عصير ليمون، حينها تكون على موعد مع طبق كشري مصري النكهة، شعبي المذاق.
خروج «أبو طارق» من المحلية للشهرة الإقليمية برزت في يناير (كانون الثاني) من عام 2018، حين أقام احتفالية ضخمة في جدة، على إثر افتتاح فرعه هناك، ويشير حسن أحد أبناء «أبو طارق» لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن تلك الخطوة أتت نتيجة عقد توأمة استثمارية مع شركة «رغائب» السعودية، التي بدأت تلك الفكرة بمكة المكرمة، حين افتتحت أول فروع المحل الشهير بها مستهل عام 2017.
توسع «أبو طارق» لم يقتصر على المملكة فقط، بل افتتح فرعاً آخر في دبي، يقدم نفس المنتج بنفس الجودة، وفقاً لما أشار إليه طارق.
وبسؤاله عن المحل الذي يحمل اسمه في دولة الكويت، نفى حسن جملة وتفصيلاً أن يكون هذا الفرع يمت إليهم بأي صلة، معتبراً أن القائمين عليه فعلوا ذلك للتربح وجني الأموال باستغلال اسم «أبو طارق».
وعن إقبال الشعبين السعودي والإماراتي على كشري «أبو طارق»، أشار الابن الأكبر إلى أنه لا يقل بأي حال عن الوضع في مصر، لذلك يعتبر أن من واجبه رد الجميل لأبناء مكة وجدة، بأن جعلوا تناول الوجبات في المطعم بالمجان في اليوم الوطني السعودي، رداً للجميل والإقبال الشديد من جهة، ومن جهة أخرى إبراز أن الهدف من تلك الفروع في الدولتين العربيتين ليس من قبيل جني الأموال، وإنما لرفع اسم مصر في عمل تتخصص فيه، وفق ما قاله طارق.
ومتوسط الأسعار في الدولتين العربيتين السعودية والإمارات، هي 8 ريالات، وهو لا يختلف كثيراً عن الأسعار في مصر، وفق ما أشار إليه طارق، ولفت إلى أن والده يوسف زكي، ينوي خلال هذا العام إعداد مفاجأة لمحبيه بافتتاح فرعين جديدين في باريس ولندن، ليمثل على المستوى الأوروبي.
وكانت عالمية «أبو طارق» قد برزت من قبل من خلال تقرير أعدته «مونت كارلو الدولية» في أغسطس (آب) من عام 2018، أكدت خلاله أن الكشري الذي يقدمه أبو طارق كان سبباً في الجذب السياحي، خاصة بعد أن تحولت عربته الصغيرة لبيع الكشري في خمسينيات القرن الماضي إلى مقصد للسياح العرب والأجانب.
السعي نحو العالمية، بحسب زكي، ليس وليدة اللحظة، أي قبل إنشاء فروع عربياً ودولياً، عندما قرروا المنافسة للدخول في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، بإعدادهم أكبر طبق كشري في العالم، وكان وزنه وقتها 8 آلاف كيلو غرام، وطوله 10 أمتار، في حين كان ارتفاعه 1.2 متر.


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».