كيف خطط الحوثيون لمباغتة مأرب ومعركة نهم؟

ثقب واسع ناجم عن الصاروخ الحوثي الذي استهدف مسجدا بقاعدة عسكرية في مأرب الأسبوع الماضي (رويترز)
ثقب واسع ناجم عن الصاروخ الحوثي الذي استهدف مسجدا بقاعدة عسكرية في مأرب الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

كيف خطط الحوثيون لمباغتة مأرب ومعركة نهم؟

ثقب واسع ناجم عن الصاروخ الحوثي الذي استهدف مسجدا بقاعدة عسكرية في مأرب الأسبوع الماضي (رويترز)
ثقب واسع ناجم عن الصاروخ الحوثي الذي استهدف مسجدا بقاعدة عسكرية في مأرب الأسبوع الماضي (رويترز)

على وقع الهدوء الذي شهدته كثير من جبهات القتال ضد الميليشيات الحوثية؛ خصوصاً في جبهات نهم وتعز والبيضاء والجوف، بفعل التحركات الأممية الداعية للتهدئة، وبفعل توقف معارك الحديدة جراء «اتفاق استوكهولم»، استثمرت الجماعة كل ذلك (كما يبدو) للإعداد لمعركة فاصلة في نهم، تمهيداً للزحف نحو مأرب مجدداً.
فمنذ أشهر والجماعة الموالية لإيران تعد عدتها في صنعاء عبر تخريج المئات من المجندين الجدد إضافة إلى إعادة نشر قواتها من الجبهات الأكثر هدوءاً باتجاه صنعاء، في سياق الإعداد لهجوم واسع على مديرية نهم، أملاً في استعادتها، ثم فصل محافظة الجوف عن مأرب، كمقدمة للإعداد لمعركة الزحف نحو مدينة مأرب التي تُعدّ عاصمة مؤقتة ثانية للحكومة الشرعية بعد عدن.
المؤشرات على إعداد الجماعة للمعارك التي بدأتها قبل نحو أسبوع كانت واضحة المعالم؛ خصوصاً بعد أن شعرت الجماعة بأن «اتفاق استوكهولم» قام بحمايتها في الحديدة، ما جعلها تسحب المئات من مقاتليها إلى جبهات نهم، معززين بترسانة ضخمة من الأسلحة، لا سيما المدفعية والقذائف الصاروخية.
وبحسب مراقبين عسكريين، عهدت الجماعة بالإشراف على المعركة لشقيق زعيم الجماعة عبد الخالق الحوثي المعين من قبلها قائداً لما كانت تُسمى «قوات الحرس الجمهوري»، كما قامت باستدعاء القيادي الميداني في الجماعة يحيى عبد الله الرزامي الذي كانت عينته قائداً لما تسميه «محو همدان»، لاستقدام مجاميعه، لإسناد المعركة التي شنتها على امتداد جبهة نهم من الجنوب إلى الشمال، وصولاً إلى محافظة الجوف المحاذية، للضغط على قوات الجيش في مناطق الحزم والمتون.
وكانت المصادر الرسمية للجماعة الموالية لإيران ذكرت، في خبر رسمي، منتصف يناير (كانون الثاني) الحالي أن رئيس مجلس حكمها الانقلابي مهدي المشاط التقى الرزامي، وأكد على «أهمية تضافر جهود الجميع (...)، والعمل على رفد الجبهات بالمال والرجال».
كما اختارت الجماعة إطلاق المعركة في نهم، دون أي ضجيج إعلامي، وبالتزامن مع مناسبتين ذواتي دلالة مهمة؛ الأولى هي انتهاء احتفالاتها بالذكرى السنوية لقتلاها، والثانية هي تزامن بدء المعارك مع زيارة ممثلها في إيران لمنزل بنات القيادي في «الحرس الثوري الإيراني» قاسم سليماني، لتقديم العزاء في مقتله.
ولم يمنع وجود ثلاثة سفراء أوروبيين وصلوا إلى صنعاء للقاء قيادات الجماعة، من بدء التصعيد وإعلان المعركة عبر إطلاق صاروخ باليستي على مسجد معسكر الاستقبال في محافظة مأرب ليسقط على أثره نحو 116 جندياً من قوات الشرعية وعشرات الجرحى.
ويعتقد مراقبون عسكريون أن الميليشيات الحوثية أصبحت في أحسن حالاتها في الأشهر الأخيرة على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدتها منذ الانقلاب، إذ أمنت كثيراً على تحركاتها في صنعاء ومحيطها من الضربات الجوية المباغتة لطيران تحالف دعم الشرعية، التي كان المبعوث الأممي مارتن غريفيث أعلن أنها انخفضت بنسبة 80 في المائة في الآونة الأخيرة بفضل جهود التهدئة التي يقودها.
وتشير مصادر في الجيش اليمني إلى أن الميليشيات شنّت الهجوم الواسع من ثلاثة محاور في جبهة نهم بالتزامن مع هجمات أخرى محاذية في محافظة الجوف باتجاه مديريتي الحزم والمتون، إلى جانب تصعيد الهجمات في جبال هيلان المطلّة على مدينة مأرب في مديرية صرواح الواقعة إلى الغرب من المدينة؛ حيث يفصل آخر موقع حوثي عنها نحو 20 كيلومتراً فقط.
وبينما ركزت الجماعة الحوثية على مهاجمة مواقع قوات الجيش في أعلى قمم جبال نهم سواء في مناطق البياض أو جبل المنار ركزت الهجمات المسنودة بغطاء ناري كثيف باتجاه فرضة نهم ومفرق الجوف سعياً للسيطرة على المنطقة والطريق الرئيسي بين مأرب ومناطق الجوف، كما شنت في المقابل الهجوم في جهة الجبهة الجنوبية من مديرية نهم وصولاً إلى مناطق «حريب نهم»، فضلاً عن الهجوم على قلب الجبهة في نهم نفسها؛ حيث كانت القوات الحكومية تتمركز بشكل متقدم.
وفي الوقت الذي لم تكن المعركة - أيضاً - بالسهولة التي تتوقعها الجماعة الحوثية، أفادت المصادر الميدانية للجيش اليمني بأنها خسرت المئات من عناصرها قتلى وجرحى وأسرى، بينهم قادة ميدانيون، إلى جانب ملاحظة أن كثيرين ممن سقطوا من عناصرها كانوا من صغار السن والمراهقين، وهم دائماً الفئة الأكثر حماساً وتلهفاً للقتال جراء ما تعرضوا له من عمليات تعبئة قتالية وطائفية.
وبينما أشارت تصريحات القادة العسكريين في الجيش اليمني إلى وجود تراجع تكتيكي لقوات الجيش في بعض المواقع في جبال نهم، أكدت مصادر ميدانية أن تدخل طيران تحالف دعم الشرعية أعاق مخطط الجماعة لحسم المعركة، وكبدهم خسائر كبيرة، بالتزامن مع إعادة القوات الحكومية لترتيب صفوفها واستعادة زمام المبادرة، باتجاه صنعاء.
وتقول المصادر الميدانية في الجيش اليمني إن القوات الحكومية في المنطقة العسكرية الثالثة أطلقت النفير العام، وعززت بقوات ضخمة، من بينها قوات التدخل السريع إضافة إلى مئات من مقاتلي القبائل الذين هبّوا لمساندة الجيش سواء في جبهات نهم أو مناطق محافظة الجوف حيث تدور المواجهات.
ولم تشر مصادر الإعلام الحربي للجماعة الحوثية إلى طبيعة المعارك الدائرة، وهي استراتيجية دأبت عليها الجماعة أخيراً لتقديم نفسها في موقع المدافع وليس المهاجم، وفي حال أحرزت أي تقدم ميداني فإنها تتحدث عنه بأثر رجعي بعد أن تقوم بتضخيمه إعلامياً.
ويقدر المراقبون العسكريون أن الميليشيات الحوثية لم تتوقف عن تهديدها لمأرب ما دامت بقيت على مقربة من المدينة في صرواح وجبال هيلان الاستراتيجية، فضلاً عن تلهفها للسيطرة على المحافظة الغنية بالنفط والغاز والمجاورة لمحافظة شبوة.
ويعتقد المراقبون أن أفضل وسيلة لإنهاك الجماعة الحوثية وتشتيت جهودها تكمن في إطلاق جميع جبهات القتال مرة واحدة ابتداء من تعز والضالع والبيضاء ومأرب والجوف وحجة وصعدة إلى جانب الضغط سياسيا ودبلوماسيا لإعلان موت اتفاق «استوكهولم» في الحديدة واستئناف عملية تحريرها.
وفي حين ينتقد الكثير من الناشطين اليمنيين أداء القيادات العسكرية في مأرب، يجزمون بأن القوات الموجودة لا ينقصها الشجاعة ولا الكثرة لتحرير صرواح ونهم والتقدم نحو صنعاء، بقدر ما ينقصها التخطيط الجيد والدعم والإسناد، ووجود الإرادة الكافية للحسم عسكرياً.
كما يدعو الناشطون قيادات الجيش اليمني إلى عدم المراهنة على أي تهدئة مع الجماعة الحوثية لجهة أن الأخيرة عادة ما تستغل أي تهدئة لتعزيز وجودها الانقلابي وإعادة ترتيب صفوف عناصرها لشن الهجمات من جديد.


مقالات ذات صلة

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تشييع قيادي حوثي توفي بشكل غامض في إب وسط تكهنات باغتياله جراء خلافات مالية (إعلام حوثي)

الانفلات الأمني يفتك بمناطق سيطرة الحوثيين

تشهد مناطق سيطرة الجماعة الحوثية تسارعاً غير مسبوق في الإعدامات الميدانية للمدنيين، وعلى خلفيات مناطقية، وتسبب الانفلات الأمني في حوادث اغتيال عدد من القيادات

وضاح الجليل (عدن)
مسلح حوثي يراقب تجمعاً لرجال القبائل في صنعاء (إ.ب.أ)

انفلات الثأر القبلي يكشف زيف مزاعم الحوثيين باحتواء الصراعات

تصاعدت حوادث الثأر والعنف القبلي في مناطق الحوثيين على الرغم من ادعاءاتهم تبني سياسات للصلح وإنهاء النزاعات التي يستغلونها لتعزيز نفوذهم وجني مزيد من الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

ووسط تسريبات إسرائيلية عن مسعى لإعمار جزئي، وتناغم خطة أميركية جديدة مع هذا المسار العبري من دون رفض للخطة المصرية في إعمار كامل وشامل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية تميم خلاف، لـ«الشرق الأوسط» إن مصر تهدف إلى «إطلاق مسار متكامل بشأن إعمار غزة».

تلك الجهود أكدتها أيضاً الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» قائلة إنها «تتواصل بشكل فعال مع الشركاء بشأن إعمار غزة».

المسار الأول

ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ظهر مساران، أحدهما مصري والآخر أميركي يبدو متناغماً مع طرح إسرائيلي، والاثنان يقودان تصورات على أرض الواقع بشأن إعمار القطاع المدمر بسبب الحرب الإسرائيلية على مدار نحو عامين.

وعقب الاتفاق، كان المسار المصري أسرع في الوجود، وجدد الرئيس المصري التأكيد على عقد مؤتمر لإعمار قطاع غزة، وكان موعد نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، هو المحتمل لذلك التنظيم، ومع عدم عقده قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، قبل أسابيع، إن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «لتعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

ولتسريع الجهود، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني يوهان فاديفول، أوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، ونأمل التوافق على توقيت في أسرع وقت ممكن لعقد هذا المؤتمر، بالتعاون مع الشركاء».

لقطة عامة لخيام نازحين وسط أحوال جوية قاسية في خان يونس جنوب قطاع غزة 18 ديسمبر 2025 (رويترز)

واعتمدت «القمة العربية الطارئة»، التي استضافتها القاهرة في 4 مارس (آذار) الماضي، «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة» التي تستهدف العمل على التعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وفق مراحل محددة، وفي فترة زمنية تصل إلى 5 سنوات، وبتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار.

ودعت القاهرة إلى عقد مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار في غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

إعمار من دون تهجير

وحسب عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية والأكاديمي المصري أحمد فؤاد أنور، فإن «مصر تسعى لتوفير توافق أكبر على جعل أي نهج للإعمار، سواء عبر خطة مصرية أو غيرها وفق إطار جعل غزة مكاناً ملائماً للحياة دون أي تهجير أو تهديد للأمن القومي المصري»، متوقعاً أن «تنجح الدبلوماسية المصرية في ذلك كما نجحت في مؤتمر شرم الشيخ للسلام».

ويضيف أنور: «الأولوية لدى مصر هي توفير طوق نجاة للجانب الفلسطيني، وتواصل التعاون مع الشركاء بشكل جدي من أجل توفير الزخم اللازم لإنجاز مهمة الإعمار، سواء كانت نابعة من خطة مصرية أو أميركية شريطة أن تصل بنا لجعل غزة مكاناً ملائما للسكن وليس للتهجير أو المساس بحق الفلسطينيين أو الأمن القومي المصري».

المسار الآخر

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بدأت بوادر المسار الآخر الأميركي، وأكد جاريد كوشنر، صهر ترمب في مؤتمر صحافي بإسرائيل، أن إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي «مدروسة بعناية، وهناك اعتبارات جارية حالياً في المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي، إذا أمكن تأمينها لبدء البناء، بوصفها غزة جديدة؛ وذلك بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في غزة مكاناً يذهبون إليه، ومكاناً للعمل، ومكاناً للعيش»، مضيفاً: «لن تُخصَّص أي أموال لإعادة الإعمار للمناطق التي لا تزال تسيطر عليها (حماس)».

ومطلع الأسبوع الحالي، تحدث تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن خطة أعدها كوشنر والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تسمى «مشروع شروق الشمس» لإعمار غزة مع اشتراط نزع سلاح «حماس»، بدءاً من الجنوب في رفح على مدار 10 سنوات، وتعنون بـ«رفح الجديدة» (تتمسك بها إسرائيل للبدء بها، والتي تقع على مقربة من الحدود المصرية) دون تحديد أين سيقيم نحو مليوني فلسطيني نازح خلال فترة إعادة البناء.

هذا المسار الأميركي المنحاز لإسرائيل، وفق تقديرات فؤاد أنور، «أقرب لصفقة تفاوضية، تريد أن تضع شروطاً تخدم مطالب إسرائيل بنزع (سلاح المقاومة)، والضغط عليها وفي الوقت ذاته احتمال تمرير التهجير دون أن ترفض الخطة المصرية صراحة، وبالتالي هناك اختلاف بين رؤيتي القاهرة وإسرائيل».

أي المسارين سينجح؟

وسط ذلك الاختلاف، والتساؤل بشأن أي المسارين سيكتب لها التموضع، قال وزير الخارجية التركي في تصريحات أدلى بها للصحافيين، السبت، إن «هناك تفاهمات تبعث على الأمل رغم تعنت إسرائيل»، مضيفاً: «هناك دراسة أولية بشأن إعادة إعمار غزة، تم تقديمها ونقاشها بشكل تمهيدي»، وفقاً لما ذكرته وكالة «الأناضول» التركية، غداة اجتماع للوسطاء في مدينة ميامي الأميركية، لبحث مستجدات اتفاق وقف إطلاق النار.

وخرج تقرير «بلومبرغ»، الاثنين، التي نقلت خلاله عن مصادر، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة، مطلع الشهر المقبل على أقرب تقدير على أن يعقد في واشنطن أو مصر أو مواقع أخرى في ظل سعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعطاء زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

عمال فلسطينيون يُصلحون قبل أيام طريقاً تضرر من الحرب بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتعليقاً على تقرير «بلومبرغ»، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، في تصريح خاص، الأربعاء، إن «الجهود الدولية لا تزال مستمرة للتشاور والتنسيق بين الأطراف المعنية، بما في ذلك مصر والولايات المتحدة، وبالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين؛ بهدف تهيئة الظروف الملائمة لإطلاق مسار متكامل للتعافي المبكر وإعادة الإعمار».

وأضاف خلاف: «لا تزال المشاورات جارية بشأن إعادة الإعمار، لدعم الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته، وبما يتسق مع الجهود الأوسع لتثبيت وقف إطلاق النار ودفع مسار التهدئة».

وبشأن مستجدات عقد مؤتمر الإعمار، وهل سيكون بشراكة مع مصر أم منفرداً، وحول مكان انعقاده، قالت الخارجية الأميركية في تصريح خاص مقتضب، إن الولايات المتحدة «تتواصل بشكل فعال مع الشركاء بشأن إعمار غزة».

وتحفظت وزارة الخارجية الأميركية عن الإدلاء بتفاصيل حالية، قائلة: «نتواصل بشكل فعّال مع شركائنا، وليس لدينا أي بيانات رسمية في الوقت الحالي».

ويرى فؤاد أنور، أن «مسار مصر أقرب للنجاح وسط المحادثات والمشاورات المصرية المستمرة لإنجاز مسار الاتفاق»، مشيراً إلى أن «واشنطن لن تغامر بالانحياز الكامل لإسرائيل في المرحلة الثانية المنتظرة والمرتبطة بترتيبات أمنية وإدارية مهمة، وقد تتجاوب مع الأفكار المصرية العربية ونرى مقاربة مغايرة أفضل قليلاً وتبدأ النقاشات بشأنه للوصول لرؤية ذات توافق أكبر».


وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
TT

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء، وبحث معه مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب، والأوضاع السياسية، والميدانية.

وذكرت «حماس» في بيان أن الحية أكد لوزير الخارجية التركي التزام الحركة ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، محذراً من استمرار «الاستهدافات، والخروقات» الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة، والتي قال إنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وتقويض التفاهمات القائمة».

وفيما يتعلق بالأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، أشار الحية إلى أن المساعدات الإغاثية التي تدخل القطاع «لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات»، موضحاً أن 60 في المائة من الشاحنات التي تسمح إسرائيل بدخولها هي شاحنات لبضائع تجارية، وليست مساعدات إنسانية.

وأكد الحية أن ذلك «يحرم الشريحة الكبرى من أبناء شعبنا من الحصول على احتياجاتهم الأساسية من غذاء، ودواء، وخيام بشكل إغاثي عاجل».

وتناول اللقاء أيضاً التطورات في الضفة الغربية، والقدس، حيث أكد وفد «حماس» على خطورة الممارسات «الإجرامية» الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، والمقدسات الإسلامية، والمسيحية.

كما ناقش الجانبان مسار تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة «المخططات» التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، بحسب بيان «حماس».


العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
TT

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)
العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الدكتور رشاد العليمي، على رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة في بلاده، أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، مؤكداً أن حماية المركز القانوني للدولة، ووحدة القرار السياسي تمثلان أولوية وطنية لا تقبل المساومة.

وفي إشارة إلى تصعيد مجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة، حذّر العليمي من أن أي مساس بوحدة الدولة سيقود إلى فراغات أمنية خطيرة، ويقوض جهود الاستقرار، ليس في اليمن فحسب، بل على أحد أهم خطوط الملاحة الدولية.

جاءت تصريحات العليمي خلال استقباله في الرياض، الأربعاء، سفيرة فرنسا لدى اليمن كاترين قرم كمون، حيث جرى بحث مستجدات الأوضاع المحلية، وفي المقدمة التطورات في المحافظات الشرقية، والدور المعول على المجتمع الدولي في دعم جهود التهدئة التي تقودها السعودية، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة.

وأشاد العليمي - حسب الإعلام الرسمي - بالدور الفرنسي الداعم لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، وبموقف باريس الثابت إلى جانب وحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه، على النحو الوارد في بيان مجلس الأمن الدولي الصادر، الثلاثاء. كما جدّد تقديره للعلاقات التاريخية بين البلدين، معرباً عن ثقته باستمرار الدعم الفرنسي المتسق مع مبادئ القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وتطرق اللقاء - وفق ما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية - إلى التحديات المتشابكة التي تواجهها القوى الوطنية في مسار استعادة الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، في ظل الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج الأطر الدستورية ومرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

تحذير من المخاطر

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الدولة ستقوم بواجباتها كاملة في حماية مركزها القانوني، مشدداً على أن هذا المسار يتطلب موقفاً دولياً أكثر وضوحاً لدعم الإجراءات الدستورية والقانونية التي تتخذها مؤسسات الشرعية. وأشاد في هذا السياق بالتوصيف المُقدَّم للأزمة اليمنية الوارد في إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وحذّر العليمي من أن أي تفكك داخلي سيعزز نفوذ الجماعات المتطرفة، ويخلق بيئات رخوة للجريمة المنظمة، مؤكداً أن أمن البحر الأحمر وخليج عدن يبدأ من استقرار الدولة اليمنية، وليس من شرعنة كيانات موازية أو مكافأة أطراف منقلبة على التوافق الوطني.

حشد في عدن من مؤيدي المجلس الانتقالي الجنوبي الداعي إلى الانفصال عن شمال اليمن (رويترز)

وأوضح أن ضبط النفس الذي مارسته القيادة خلال السنوات الماضية لم يكن تعبيراً عن ضعف، بل كان التزاماً وطنياً ومسؤولية سياسية لتجنُّب مزيد من العنف، وعدم مضاعفة معاناة الشعب اليمني، واحتراماً لجهود الأشقاء والأصدقاء الرامية إلى خفض التصعيد.

وجدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي التزام المجلس بحل عادل للقضية الجنوبية، يستند إلى الإرادة الشعبية، والانفتاح على الشراكات السياسية، وخيارات السلام، مع التأكيد على الرفض القاطع لتفكيك الدولة أو فرض الأمر الواقع بالقوة.

وفي سياق متصل، جدّد الاتحاد الأوروبي التزامه القوي بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، ودعمه لمجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية. وأعلن الاتحاد، في بيان، الأربعاء، تأييده للبيان الصادر عن أعضاء مجلس الأمن، مؤكداً دعمه لجهود المبعوث الأممي إلى اليمن، والعمل من أجل سلام مستدام وازدهار دائم للشعب اليمني.

ودعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف إلى خفض التصعيد، وتعزيز الجهود الدبلوماسية، مرحباً بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه في مسقط بشأن مرحلة جديدة لإطلاق سراح المحتجزين.

كما أدان الاتحاد الأوروبي بشدة استمرار احتجاز الحوثيين لموظفين أمميين وعاملين في منظمات إنسانية ودبلوماسية، مطالباً بالإفراج الفوري وغير المشروط عنهم.