أروقة دافوس تشهد «تهدئة رقمية» بين باريس وواشنطن

مساعٍ لتعجيل الاتفاق مع أوروبا وتوقعات بمفاوضات أسهل مع لندن

تحركت واشنطن على عدة محاور متوازية خلال وجود المسؤولين في «دافوس» لوضع النقاط فوق الحروف فيما يخص عدد من المسائل التجارية مع أوروبا (رويترز)
تحركت واشنطن على عدة محاور متوازية خلال وجود المسؤولين في «دافوس» لوضع النقاط فوق الحروف فيما يخص عدد من المسائل التجارية مع أوروبا (رويترز)
TT

أروقة دافوس تشهد «تهدئة رقمية» بين باريس وواشنطن

تحركت واشنطن على عدة محاور متوازية خلال وجود المسؤولين في «دافوس» لوضع النقاط فوق الحروف فيما يخص عدد من المسائل التجارية مع أوروبا (رويترز)
تحركت واشنطن على عدة محاور متوازية خلال وجود المسؤولين في «دافوس» لوضع النقاط فوق الحروف فيما يخص عدد من المسائل التجارية مع أوروبا (رويترز)

تستغل دول كبرى وجودها في أروقة دافوس بممثلين رفيعي المستوى لمحاولة إنجاز اتفاقات كبرى على هامش المنتدى العالمي. وبينما تسعى الولايات المتحدة إلى دفع الاتحاد الأوروبي للموافقة على إبرام اتفاق تجاري أفضل لواشنطن من العلاقات القائمة حالياً، فإنها تضغط من جهة أخرى على فرنسا للتراجع عن الضريبة الرقمية، مهددة كلا الطرفين بعقوبات انتقامية تجارية، فيما تسارع على محور ثالث لموقف تجاري قوي مع بريطانيا التي ستبدأ عملية «بريكست» بعد أيام.
وقال وزير المالية الفرنسي برونو لومير، أمس (الخميس)، إن فرنسا توصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة حول أساس محادثاتهما المستقبلية بشأن ضريبة رقمية عالمية على مستوى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
وقال لومير خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بمنتجع دافوس في سويسرا: «أجرينا محادثات مطولة صباح اليوم (أمس) مع‭ ‬وزير الخزانة الأميركي وأمين عام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ويسعدني أن أعلن لكم أننا توصلنا إلى اتفاق بين فرنسا والولايات المتحدة يوفر الأساس للعمل على فرض ضريبة رقمية، في إطار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية». وأضاف: «إنها أنباء جيدة لأنها تقلل خطر فرض عقوبات أميركية وتفتح المجال للتوصل إلى حل دولي بشأن الضريبة الرقمية».
وعلى صعيد موازٍ، أوضح وزير التجارة الأميركي ويلبور روس، أمس، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يطالب بالتوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي قريباً، ولكنه لم يضع مهلة لإبرام هذا الاتفاق. وقال في مؤتمر صحافي بالمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا: «لقد اتخذ قراراً مفاده أنه ما دامت المفاوضات تجدي نفعاً فسيستمر في التفاوض».
وأضاف وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين: «نحن لا نضع مواعيد تعسفية». مع ذلك، كرر الوزيران تحذير ترمب من أن واشنطن سوف تفرض رسوماً على واردات السيارات الأوروبية في حال عدم التوصل إلى اتفاق. وأكد منوتشين أن أميركا تسعى للتوصل إلى اتفاق تجاري هذا العام مع بريطانيا، التي من المقرر أن تخرج من الاتحاد الأوروبي. وقال روس إن المفاوضات مع لندن سوف تكون أسهل من المباحثات مع بروكسل، مشيراً إلى أوجه التشابه بين الاقتصادين البريطاني والأميركي والعلاقات الوثيقة بين خدماتهما المالية.
وبعد التوصل إلى هدنة تجارية مع الصين، وتوقيع اتفاق تبادل حر مع كندا والمكسيك، يسعى الرئيس الأميركي الذي يفتخر بقدرته على عقد «صفقات»، للمواصلة على نفس الوتيرة. وصرح ترمب، أول من أمس (الأربعاء)، في دافوس بأنه يأمل أيضاً عقد اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي قبل الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني).
ويبدو أن المفاوضات الأميركية مع كل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وفرنسا تسير على التوازي. ومساء الأربعاء، قال لومير عقب محادثاته مع منوتشين: «لقد توصّلنا إلى اتّفاق (...) على إطار عمل دولي مشترك». وأضاف أنّ الاتفاق ينصّ على إرجاء فرنسا مبالغ مالية مطلوبة لضريبتها الرقمية حتى ديسمبر (كانون الأول) 2020، في حين تعلّق الولايات المتحدة العقوبات التي تهدد بفرضها على فرنسا. ولكنه تابع أن «فرنسا لن تقبل سواء بسحب أو تعليق الضريبة التي فرضتها على شركات الإنترنت ما دام لا يوجد حل دولي».
وتدعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي محاولة من منظمة التعاون الاقتصادي والتطوير للتوصل إلى حل دولي قابل للتطبيق. وقال لومير: «ما زلنا بحاجة إلى الاتفاق على أساس مشترك للعمل» مع واشنطن لدفع المحادثات.
من جهته، قال وزير المالية البريطاني ساجد جاويد، في وقت سابق في دافوس، إن لندن تعتزم المضي قدماً في خططها لتطبيق فرض ضريبة رقمية في أبريل (نيسان) المقبل، مؤكداً أنه سيتم التخلي عن هذا التشريع في حال التوصل إلى حل دولي.
لكن على صعيد آخر، يبدو أن هناك جوانب أخرى للخلافات بين واشنطن من جانب وفرنسا من جانب آخر، وربما تؤثر بدورها على تحرك المفاوضات التجارية، أو تستغل كأوراق «ضغط محتملة»... إذ مارست الولايات المتحدة، الأربعاء، ضغوطاً على فرنسا لحملها على اتخاذ «إجراءات أمنية قوية» ضد اختراقات محتملة قد تتيحها شبكات الجيل الخامس التي تطورّها شركة الاتصالات الصينية «هواوي»، محذّرة من أن عدم القيام بذلك قد يؤثر على التبادلات الاستخباراتية بين واشنطن وباريس.
وتصدرت المخاوف التي تحيط بالجيل الخامس لـ«هواوي» جدول أعمال الاجتماع الثالث الأميركي الفرنسي حول الأمن السيبري، وفق ما أفاد الدبلوماسي الأميركي روبرت ستراير للصحافيين في باريس. وأوضح ستراير أن الولايات المتحدة لم تطلب من فرنسا مقاطعة «هواوي»، بل اتخاذ إجراءات حماية قوية ضد «اختراقات خبيثة» ناتجة عن تحديثات برامج الأنظمة التي تقدمها الشركة الصينية. وأضاف أنه إذا فشلت فرنسا في اتخاذ خطوات كافية، فإن الولايات المتحدة «سوف يتعين عليها إعادة تقييم كيفية إجراء العمليات» التي تتطلب تبادل معلومات حساسة، بما في ذلك التدريبات العسكرية المشتركة وعمليات مكافحة الإرهاب.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

الخليج وزير الخارجية يستقبل مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

 استقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، في مقر الوزارة بالرياض، الاثنين، مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» كلاوس شواب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد 
جانب من انطلاق فعاليات المنتدى العالمي الاقتصادي في الرياض أمس (واس)

مشاركة دولية واسعة في «دافوس الرياض»

انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، أمس (الأحد)، أعمال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، برعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، وبمشاركة دولية واسعة.

هلا صغبيني ( الرياض) مساعد الزياني ( الرياض )
الخليج ولي العهد السعودي مستقبلاً أمير الكويت اليوم في الرياض (واس)

محمد بن سلمان يستعرض التطورات وتعزيز العلاقات مع مشعل الأحمد والسوداني

التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع أمير الكويت ورئيس الوزراء العراقي كل على حدة وذلك على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي المنعقد في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاركون في حلقة نقاش جانبية خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض في 28 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

حزمة مشاريع عراقية جاهزة للتنفيذ تعرض خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض

قال مصدر حكومي مطّلع إن العراق سيقدم خلال المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في الرياض حزمة من المشاريع الجاهزة للتنفيذ أمام كبريات الشركات المشاركة في المنتدى.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي وعدد من المعنين بالتحضير للمنتدى (صفحة وزارة الاقتصاد والتخطيط على «إكس»)

تحضيرات اجتماع منتدى الاقتصاد العالمي في الرياض بين الإبراهيم وبرينده

ناقش وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغي برينده، التحضيرات الجارية للاجتماع الخاص بالمنتدى الذي سيُعقد في المملكة في…

«الشرق الأوسط» (الرياض)

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

مستثمر أمام شعار شركة «تداول» السعودية (الشرق الأوسط)
مستثمر أمام شعار شركة «تداول» السعودية (الشرق الأوسط)
TT

رئيس «تداول»: رفع «موديز» التصنيف الائتماني للسعودية يعزز ثقة المستثمرين

مستثمر أمام شعار شركة «تداول» السعودية (الشرق الأوسط)
مستثمر أمام شعار شركة «تداول» السعودية (الشرق الأوسط)

قال الرئيس التنفيذي لمجموعة «تداول» السعودية، المهندس خالد الحصان، إن إعلان وكالة «موديز» العالمية رفع التصنيف الائتماني للمملكة إلى «إيه إيه 3»، إلى جانب التصنيفات الإيجابية من الوكالات العالمية الأخرى، يعزز ثقة المستثمرين ويخلق فرصاً أكبر لجذب الاستثمارات الأجنبية، كما يسهم في تعزيز مكانة السوق المالية السعودية بوصفها وجهة استثمارية عالمية.

وأضاف الحصان عبر حسابه في منصة «إكس»، أن هذا الإعلان يعكس نجاح الإصلاحات الاقتصادية والسياسات المالية الطموحة التي تبنتها الحكومة السعودية.

وكانت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» قد أعلنت، مساء الجمعة، رفع تصنيف السعودية بالعملتين المحلية والأجنبية إلى «إيه إيه 3» من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».

وأكدت الوكالة على تقدم المملكة المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي، الذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة، مشيرة إلى جهود البلاد في استثمار الموارد المالية المتاحة لتنويع القاعـدة الاقتصادية عـن طريق الإنفاق التحولي.