حفلات الفالس في فيينا... مبادرة بيئية لإعادة تدوير الفساتين

ناشطات أطلقن الحملة عبر منصات التواصل الاجتماعي

الحفل الذي يقام بدار الأوبرا يحضره رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة وضيوفها الرسميون
الحفل الذي يقام بدار الأوبرا يحضره رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة وضيوفها الرسميون
TT

حفلات الفالس في فيينا... مبادرة بيئية لإعادة تدوير الفساتين

الحفل الذي يقام بدار الأوبرا يحضره رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة وضيوفها الرسميون
الحفل الذي يقام بدار الأوبرا يحضره رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة وضيوفها الرسميون

تبادلٌ وليس بيعاً وشراءً. هكذا عنونت مجموعة من الأكاديميات بمعهد العلوم للتقنية الحيوية في فيينا دعوتهن لتبادل فساتين السهرة اللازمة لحضور الحفلات التقليدية الراقصة التي تعمّ المدينة هذه الأيام.
تنطلق فكرتهن من ضرورة مراعاة روح الاستدامة وإعادة تدوير الموارد المستعملة، رافعات شعاراً يدعو للاهتمام بـ«التنوع البيولوجي وضرورة حماية المناخ». أولئك الأكاديميات وبحكم عملهن يُعتبرن من أكثر القطاعات المجتمعية فهماً واستيعاباً لمعنى «التغير المناخي»، وكيف أن الفرد يمكن أن يؤثر سلباً أو إيجاباً في هذا التغيير.
تأتي الدعوة لتبادل فساتين السهرة ضمن التحضيرات واسعة النطاق التي تشهدها النمسا لا عاصمتها فيينا فقط احتفاءً بتقاليد الكرنفالات أو الفاشنغ كما يسميها النمساويون. والتي تسبق موسم الصيام عندهم ويقضونها في حفلات فخمة أكثر ما يميزها رقص الفالس على أنغام مقطوعات كلاسيكية أشهرها مقطوعة «الدانوب الأزرق» ليوهان شتراوس وأمست بمثابة نشيد وطني غير رسمي في النمسا.
من جانبها يُرجع بعض مصادر تقليد هذه الحفلات لأيام مؤتمر فيينا 1814 إلى 1815 الذي تم تنظيمه لوضع تسويات نهائية لما عانته أوروبا من نزاعات بسبب الحروب النابليونية. وحسبما يُذكر فإن هذا المؤتمر الذي استمر قرابة عام لم يشهد مطلقاً جلسات رسمية وظلت الوفود في حال حفلات دائمة بينما انشغل وزراء الخارجية ورؤساء الوفود فقط بلقاءات ثنائية وثلاثية جانبية.
عموماً هناك اتفاق على أن هذه الحفلات يعود تاريخها للقرن السابع عشر وأن تقاليدها التي تتمسك بها من حيث المظهر والملبس والرقص تعود لتلك الحقبة.
من شروط هذه الحفلات فساتين السهرة الطويلة للسيدات. من جانبهن ولعلمهن بأهمية المسارعة في لفت الانتباه لقضايا المناخ والأزمة الإيكولوجية ما أمكن وفي كل مناسبة، بادرت أولئك الأكاديميات بتوسيع نطاق دعوتهن لتبادل الفساتين بدلاً عن شرائها وبالتالي مزيد من الصرف والإسراف مما يؤثر سلباً على البيئة.
يتم التبادل عبر منصات تواصل اجتماعي تم الإعلان عنها شرطها الأساسي التبادل وليس الشراء أو البيع.
يتم التعامل وفق مواعيد محددة للاستعارة وللإعادة. وبالطبع تتوفر التفاصيل كافة في خصوصية عبر عنوان منشور لرسائل إلكترونية لنقل الطلبات وتنسيقها وتبادل صور الفساتين وألوانها ومقاساتها وتصميماتها وطرق نظافتها.
وجدت الفكرة في مجملها قبولاً حسناً وتأييداً من الصحافة المحلية سيما وأن فساتين السهرة بوجه عام غالية الثمن. وغالباً لا تُستخدم سوى مرة أو اثنتين في مناسبات محدودة ثم تُركن ومن ثم تتواصل عمليات الشراء.
وبالطبع سوف تمثل الفكرة في حال شيوعها منافسة قوية لمحال درجت على توفير ملابس سهرة رجالية ونسائية عن طريق الإيجار. والإيجار بدوره أمر مكلف لا يرقى لسهولة التبادل والإعارة لمن لديهم هكذا رغبة.
ويعد موسم الحفلات التي تبدأ رسمياً الأسبوع الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني)، وتتوقف إبان الاحتفالات بالعام الجديد ثم تصل إلى أوجها خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، موسماً حافلاً ونشاطاً تقوده وتضع برامجه النقابات التي تمثل مختلف المهن.
ويعد الحفل الذي يقام بدار الأوبرا الحفل الرسمي الذي يحضره رئيس الجمهورية وأعضاء الحكومة وضيوفها الرسميين. ولأول مرة في تاريخ النمسا يشارك أعضاء من حزب «الخضر» في حفل الأوبرا بصفتهم وزراء شركاء في الحكومة الائتلافية الجديدة التي تحكم البلاد.
لهذا يقفز السؤال: هل تستعير وزيرات الحزب الأخضر -وهو الحزب الذي جذب الأصوات لاهتمامه أولاً بالبيئة- ثيابهن؟
على كلٍّ، فقد أمسى حفل الأوبرا ليس الأشهر نمساوياً أو أوروبياً وإنما عالمياً ويحضره مشاهير ونجوم. وتفيض دار الأوبرا، التي يتم تحويلها خلال تلك الأمسية إلى قاعة رقص، بالحشود والحضور الإعلامي الكثيف. وعادةً ينصحون بالحجز لحفل العام القادم بعد نهاية حفل العام الماثل مباشرةً.
سنوياً وطيلة موسم الحفلات تنتعش خدمات وتظهر خدمات وتتألق فيينا التي تقيم وحدها أكثر من 450 حفلاً ينظر إليها قطاع واسع كحفلات عائلية، إذ يشارك فيها كبار السن والشباب وعائلات ممتدة فخورة بتقاليد يحرصون على نقلها من جيل لجيل.
ولهذا تكثر مدارس الرقص التي توفر تدريبات صارمة للأجيال الصاعدة لإجادة الفالس على إيقاع «الثلاثة أرباع» إلى جانب رقصات أخرى، إذ تتنوع الفقرات خلال كل حفل.
وإلى جانب إجادة رقصة الفالس كشرط أساسي، لا تسمح المدارس الشهيرة ذات السمعة بمبتدئين تظهر عليهم أي ثقوب أو وشم مرئي. كما أن هناك تقييداً يُلزم بألوان شعر طبيعية خشية تلك الملونة (حمراء وخضراء وبنفسجية و... و...) وكل ما يشوش على المظهر العام الذي يتشابه تشابهاً شديداً حتى من حيث الحجم في أغلب الأحيان وحتى البسمات، ما يريح النظر ويساعد على دقة الخطوات والحركة التي يتابعها الحضور بشغف واضح.
ومن الوصايا التي تُقدم عاماً بعد عام ضرورة اختيار أحذية رقص مهني ذات كعوب قصيرة، فيما تفضل غالبية السيدات الإتيان للحفل بحذاء طويل الكعب بوهم شد القامة وإضافة المزيد من الجمال للفستان الذي تصل أطرافه حتى أخمص القدمين، ومن ثم تقوم سيدات أكثر حرصاً على صحتهن بتغيير تلك العالية المتعبة بأخرى مريحة تناسب الرقص والحركة ولا تؤلم القدمين.
وتطول قائمة المحرمات المظهر الرجالي كذلك، إذ هناك إلزام حازم بالبدل غامقة اللون، وعموماً سوداء أو زرقاء، والقمصان البيضاء. وفي مقدمة الممنوعات ساعات اليد، إذ يستخدمون ساعات الجيب الكلاسيكية وإلا لا داعي. ومن قلة الذوق وغير اللائق أن يخلع الرجل سترته حتى لو ضايقته أو اختنق حراً. ولحين حفل الأوبرا الذي حُدد له العشرين من الشهر القادم كان المبتدئون يرقصون جماعياً كثنائيات قوامها فتاة وفتى. هذا العام وللمرة الأولى طلبت فتاتان من ألمانيا السماح لهما بالرقص معاً كثنائي ضمن المجموعة الكاملة للمبتدئين وعددها 150.


مقالات ذات صلة

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

أوروبا رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

منع طلاب يهود، الجمعة، أول رئيس للبرلمان النمسوي من اليمين المتطرف، من وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري لضحايا الهولوكوست، واتهموه بـ«البصق في وجوه أسلافنا».

«الشرق الأوسط» (فيينا)
يوميات الشرق المغنية الأميركية تايلور سويفت (أ.ب)

تايلور سويفت شعرت بـ«الخوف والذنب» بعد إحباط خطة لتفجير بإحدى حفلاتها

قالت المغنية الأميركية تايلور سويفت إنها شعرت بـ«الخوف» و«الذنب»، أمس (الأربعاء)، بعد إلغاء حفلاتها الثلاث في فيينا بسبب اكتشاف خطة لتفجير انتحاري خلال إحداها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا أعلنت السلطات النمسوية توقيف رجل ثالث بعد الكشف عن خطة لتنفيذ هجوم انتحاري خلال إحدى حفلات سويفت في فيينا (ا.ب)

واشنطن تؤكد تزويد النمسا بمعلومات استخبارية لإحباط هجوم ضد حفلات سويفت

أعلن البيت الأبيض، الجمعة، أن الولايات المتحدة زودت النمسا معلومات استخبارية للمساعدة في إحباط هجوم جهادي» كان سيستهدف حفلات لنجمة البوب الأميركية تايلور سويفت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المغنية تايلور سويفت في نيو جيرسي بالولايات المتحدة في 28 أغسطس 2022 (رويترز)

الشرطة النمساوية: المشتبه به الرئيسي في «المؤامرة الإرهابية» لعروض تايلور سويفت أدلى باعترافات كاملة

أفادت الشرطة النمساوية بأن المشتبه به الرئيسي في المؤامرة الإرهابية المزعومة التي كانت تستهدف عروضاً للمغنية تايلور سويفت في فيينا، أدلى باعترافات كاملة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا تايلور سويفت خلال حفل بفرنسا في 2 يونيو 2024 (أ.ب)

إلغاء حفلات تايلور سويفت في فيينا بعد كشف مخطط هجوم إرهابي

ألغيت ثلاث حفلات للنجمة الأميركية تايلور سويفت كانت مقرّرة في فيينا هذا الأسبوع، وفق ما أعلن المنظمون الأربعاء، بعد إعلان الشرطة كشف مخطط لهجوم إرهابي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.