مفاجأة في قاع خليج المكسيك... حين تصبح التماسيح وليمة لغيرها

يرجع تاريخ ظهور التماسيح على كوكب الأرض إلى عصر الدهر الوسيط (نيويورك تايمز)
يرجع تاريخ ظهور التماسيح على كوكب الأرض إلى عصر الدهر الوسيط (نيويورك تايمز)
TT

مفاجأة في قاع خليج المكسيك... حين تصبح التماسيح وليمة لغيرها

يرجع تاريخ ظهور التماسيح على كوكب الأرض إلى عصر الدهر الوسيط (نيويورك تايمز)
يرجع تاريخ ظهور التماسيح على كوكب الأرض إلى عصر الدهر الوسيط (نيويورك تايمز)

في أوائل العام الماضي، ألقى فريق من الباحثين ثلاث جثث من التماسيح على عمق ميل واحد في خليج المكسيك. وكان الهدف من وراء ذلك مشاهدة ما الذي سوف يلتهم هذه الجثث.
يقول كريغ ماكلين، عالم الأحياء في أعماق البحار من ولاية لويزيانا: «عندما تسقط الحيتان الميتة، وتقع جذوع الأشجار الكبيرة في قاع خليج المكسيك، نعثر على مجموعة كاملة من الأنواع الحية عليها من التي لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر من المحيط الواسع».
ويرجع تاريخ ظهور التماسيح على كوكب الأرض إلى عصر الدهر الوسيط، عندما كانت البحار تعج بكثير من الزواحف البحرية هائلة الحجم. ومع وفاة هذه الزواحف الكبيرة، أظهرت الحفريات أن الطفيليات البحرية تولت مهمة التهامها بكل سرور وسعادة.
ومن ثم، افترض الدكتور ماكلين وفريقه العلمي أن هناك كائنات بحرية فريدة من نوعها موجودة في انتظار وجبات جثث التماسيح الشهية. وقال: «تساءلنا إذا ما أسقطنا جثث التماسيح، وإذا استرددنا أنواعاً من الكائنات البحرية غير المعروفة للعلماء من قبل - أي من الآثار واللاجئين البحريين الذين يعودون إلى عصر سيطرة الزواحف البحرية على البحار والمحيطات، فهل سوف نكون قادرين على اكتشاف الحيوانات القديمة؟».
ولم يكشف البحث، الذي نُشر، الشهر الماضي، في دورية «بلوس وان»، عن الأنواع الجديدة التي تتعايش على عظام التماسيح، وإنما كشف أيضاً عن مفاجآت تتعلق بشبكة الغذاء في أعماق خليج المكسيك، بما في ذلك كيفية إعادة تدوير الكربون المنبعث من سطح الأرض في المحيطات.
وفي المعتاد، يدرس مختبر الدكتور ماكلين كيف تتغذى كائنات أعماق البحار على الأشجار التي تسقط في دلتا نهر المسيسيبي. ولكنهم بدأوا يتساءلون عما جرى في جثث التماسيح.
وقال الدكتور ماكلين: «كان هناك ثلاثة يسبحون خلف منزلي في الميناء. ولقد جعل هذا الأمر الناس في المختبر يفكرون في التماسيح بصورة عامة، باعتبارها وجبات غذائية محتملة».
وتوجد التماسيح في مواطنها الطبيعية في السواحل من تكساس وحتى كارولينا الجنوبية، وأحياناً ما تحب المغامرة بالانطلاق إلى المياه المالحة. وعندما تموت التماسيح، فلا بد لبعضها أن يغرق إلى قاع المحيط.
ونظراً لأن ولاية لويزيانا تفرض حماية بيئية على التماسيح، عمل فريق الدكتور ماكلين مع المسؤولين في الولاية بهدف الحصول على ثلاثة من التماسيح الميتة. وقاموا بتحديد ثلاثة مواقع حول منطقة أخدود المسيسيبي الغارق تحت سطح البحر، وأسقطوا كل جثة من جثث التماسيح من السفينة باستخدام مصعد القاع. وترك الفريق جثث التماسيح غارقة في قلب الوحل. وعندما أرسلوا مركبة تعمل عن بُعد في اليوم التالي لاستطلاع الأمر، أصيبوا بصدمة كبيرة.
ظن الدكتور ماكلين ورفاقه أن جلود التماسيح الصلدة سوف تجعل من الصعب للغاية - وربما من المحال - على الطفيليات البحرية المغمورة في البحر أن تتغذى على التماسيح الميتة. غير أنهم فوجئوا بأن جثة التمساح الواحد كانت مفعمة بأعداد هائلة من «متماثلات الأرجل القشرية»، وهي أنواع من الحيوانات القشرية الطفيلية، التي سرعان ما تجمعت في أعداد كبيرة حول درع التمساح الصلد، وتمكنت من اختراقه عن طريق الالتهام البطيء في أكثر الأماكن ليونة تحت الإبط.
ولم تكن تلك هي المفاجأة الوحيدة؛ فبعد مرور ثمانية أيام من ترك جثث التماسيح الثلاثة، كانت إحدى هذه الجثث قد اختفت تماماً. واعتقد الدكتور ماكلين وفريقه في البداية أنهم أخطأوا الموقع الذي تركوا فيه جثة التمساح، وذلك حتى عثروا على علامات جرّ جثة التمساح الكبير. واندهشوا للغاية من اختفاء جثة التمساح الكبير التي تزن 45 رطلاً، وكانت على بعد 30 قدماً، كما وجدوا أن الحبل قد قطع.
وقال الدكتور ماكلين: «كان أثر المفاجأة صاعقاً بالنسبة لنا. ولا بد أن جثة التمساح قد التهمتها سمكة قرش عملاقة من الأنواع كبيرة الحجم - مثل قرش سيكسغيل أو قرش غرينلاند - حتى تختفي بهذه الطريقة الغريبة. فتلك هي الأسماك التي تصل من الحجم إلى أطوال كبيرة بدرجة تكفي لالتهام تمساح من هذا الحجم، وهي تعيش في مياه خليج المكسيك».
وكانت جثة التمساح الثالث مليئة بحشد هائل من القشريات الطفيلية أيضاً. وبعد مرور 51 يوماً من وضع الجثة في مكانها، لم نعثر لها على أثر، إلا من ديدان «أوسيداكس» التي كانت تغطي حفنة من العظام المتبقية من جثة التمساح.
وقال الدكتور ماكلين إن هناك أنواعاً أخرى من ديدان «أوسيداكس» تتغذى على عظام الحيتان النافقة، ولكن هذه الديدان هي الأولى من نوعها التي نجد لها أثراً في مياه خليج المكسيك، وهي تمثل نوعاً من الكائنات الحية الجديدة تماماً على معارف العلماء.
ومن شأن الأبحاث العلمية الجديدة أن تثبت ما إذا كانت هذه الديدان من بقايا عصر الدهر الوسيط من الكائنات المتخصصة في التهام بقايا جثث الزواحف التي تموت في مياه المحيط. وحتى الآن، تكشف الدراسة الراهنة جزءاً من المعلومات المتعلقة بدور التماسيح في دورة تغذية الحياة البحرية.
ولا تصل أشعة الشمس أبداً إلى قاع المحيط، مما يمنع حدوث عملية التمثيل الضوئي المعروفة بدعمها لأغلب النظم البيئية على سطح الأرض. ومن ثم، تعتمد الحيوانات والكائنات البحرية التي تعيش في قاع البحار والمحيطات على الكربون الآتي من الكائنات المتحللة على سطح الأرض.
قال الدكتور ماكلين: «إن ما اكتشفناه مثير جداً للاهتمام، ويتعلق بأن التماسيح يمكن أن تتحول إلى مصدر غذاء لكائنات أخرى. وهي من مصادر الغذاء التي يسهل الوصول إليها سريعاً، ويمكنها دخول شبكة الغذاء في أعماق البحار والمحيطات عبر عدد من الطرق المختلفة، مثل متماثلات الأرجل القشرية، أو ديدان (أوسيداكس)، أو أسماك القرش».
وإذا ما سقط تمساح آخر في قاع المحيط، فسوف يدق جرس وجبة العشاء لمجموعة هائلة من الكائنات الجائعة!
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

يوميات الشرق طفل يمتطي حصاناً في سوق الماشية بالسلفادور (رويترز)

دراسة تربط الخيول بإمكانية ظهور وباء جديد... ما القصة؟

كشف بحث جديد أنه يمكن لفيروس إنفلونزا الطيور أن يصيب الخيول دون أن يسبب أي أعراض، مما يثير المخاوف من أن الفيروس قد ينتشر دون أن يتم اكتشافه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تشعر فعلاً بالألم (غيتي)

الكركند والسرطانات «تتألم»... ودعوة إلى «طهوها إنسانياً»

دعا علماء إلى اتّباع طرق إنسانية للتعامل مع السرطانات والكركند والمحاريات الأخرى داخل المطبخ، بعدما كشفوا للمرّة الأولى عن أنّ القشريات تشعر فعلاً بالألم.

«الشرق الأوسط» (غوتنبرغ)
يوميات الشرق العلماء الدوليون ألكسندر ويرث (من اليسار) وجوي ريدنبرغ ومايكل دينك يدرسون حوتاً ذكراً ذا أسنان مجرفية قبل تشريحه في مركز إنفيرماي الزراعي «موسغيل» بالقرب من دنيدن بنيوزيلندا 2 ديسمبر 2024 (أ.ب)

علماء يحاولون كشف لغز الحوت الأندر في العالم

يجري علماء دراسة عن أندر حوت في العالم لم يتم رصد سوى سبعة من نوعه على الإطلاق، وتتمحور حول حوت مجرفي وصل نافقاً مؤخراً إلى أحد شواطئ نيوزيلندا.

«الشرق الأوسط» (ويلنغتون (نيوزيلندا))
يوميات الشرق صورة تعبيرية لديناصورين في  بداية العصر الجوراسي (أ.ب)

أمعاء الديناصورات تكشف كيفية هيمنتها على عالم الحيوانات

أظهرت دراسة حديثة أن عيَّنات من البراز والقيء وبقايا أطعمة متحجرة في أمعاء الديناصورات توفّر مؤشرات إلى كيفية هيمنة الديناصورات على عالم الحيوانات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق يشكو وحدة الحال (أدوب ستوك)

دلفين وحيد ببحر البلطيق يتكلَّم مع نفسه!

قال العلماء إنّ الأصوات التي يصدرها الدلفين «ديل» قد تكون «إشارات عاطفية» أو أصوات تؤدّي وظائف لا علاقة لها بالتواصل.

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».