الأزرق الكلاسيكي... لون 2020

يوحي بالطمأنينة والأمان في وقت مليء بالتحديات والمخاوف

من اقتراحات «كلوي» لربيع وصيف 2020  -  عرض ألبيرتا فيريتي 2020
من اقتراحات «كلوي» لربيع وصيف 2020 - عرض ألبيرتا فيريتي 2020
TT

الأزرق الكلاسيكي... لون 2020

من اقتراحات «كلوي» لربيع وصيف 2020  -  عرض ألبيرتا فيريتي 2020
من اقتراحات «كلوي» لربيع وصيف 2020 - عرض ألبيرتا فيريتي 2020

يبدو أننا على موعد مع درجات متنوعة من الأزرق هذا العام بعد إعلان معهد «بانتون للألوان»، المعنيّ بالفضاء اللوني المُستخدم في الصناعات المختلفة أن الأزرق الكلاسيكي هو لون 2020.
«نعيش في عالم يتطلب مزيداً من الأمان والثقة، لذا سيكون ما يبثه من هدوء في النفس بمثابة ملاذ يحمينا من عالم تتسارع وتيرته بشكل يصعب مجاراته»، هذا كان وصف ليتريس إيسمان، المدير التنفيذي لمعهد «بانتون»، للون الأزرق الكلاسيكي، والذي جاء ضمن بيان نُشر على الموقع الرسمي للشركة، يبرر أسباب اختيار هذا اللون وكيف يعبر عن توقعات مستقبلية مرتقبة.
وتتابع: «مع تسارع وتيرة التطور التكنولوجي الذي يسابق القدرة البشرية ولمواجهة آثاره السلبية، أصبح العالم بحاجة إلى كل ما يوفر له وعداً بالحماية ويفتح أمامه أبواباً للأمل».
حسب تفسير «بانتون» فإن «هذا الظل من الأزرق يلمس الوجدان، إضافة إلى دلالاته على الاستقرار والثبات».
تقول مستشارة المظهر، بتول شمسي، لـ«الشرق الأوسط» إن اللون الأزرق له طابع ملكي وتراثي، مشيرةً إلى أنه «ارتبط بأزياء الملوك في مصر القديمة، نظراً إلى ارتباطه بالترف حينها، كما أنه لون يرمز إلى السلام».
ويشرح «بانتون» أن «عملية اختيار لون العام تقوم على دراسة وتحليل جميع الاتجاهات للوصول إلى الاختيار المعبّر عن العام، إذ يقوم خبراء الألوان بتمشيط العالم بحثاً عن تأثيرات ألوان جديدة، يشمل ذلك صناعة الترفيه، والأفلام، والفنانين الجدد، والأزياء، وجميع مجالات التصميم، فضلاً عن وجهات السفر الشهيرة وأنماط الحياة الجديدة والظروف الاجتماعية والاقتصادية».
- بداية الألفية
يعيدنا اللون الأزرق إلى عام 1999 قبل دخول الألفية، كان هناك سؤال مطروح في الأفق: هل العالم سينهار عام 2000؟! وقتها اختار «بانتون» ظلاً آخر من الأزرق بدافع بث الطمأنينة واستحضار حالة من الاستقرار. يبدو أن هناك نفس الشعور بالخوف يعيشه العالم حالياً مع بداية حقبة جديدة، 2020، يترقب البعض أن تكون مليئة بالتحديات.
تقول بتول شمسي إن «اختيار لون العام لا يتعلق بالموضة فحسب، بل هو نتاج أبحاث تشمل كل مجالات الحياة، لكنه ينعكس أكثر من خلال الأزياء وفنون التصميم، وبالطبع اختيار لون العام يؤثر على اقتراحات مصممي الأزياء، لذلك لن نستغرب أن الأزرق الكلاسيكي كان ساطعاً على منصات العروض في تشكيلاتهم لربيع وصيف 2020».
على الرغم من أن البعض قد يربط بين هذا الظل من الأزرق والحنين إلى الماضي، بما في ذلك رمزيته التراثية، إلا أنه عصري للغاية، والدليل على ذلك ما قدمته دور أزياء مثل دار «بالمان» المعروفة بتصاميمها الجريئة. قدمته بنمط يساير اتجاهات حديثة، من خلال سترات واسعة تميزها خطوط بارزة مع تنورات بليسيه مريحة. كانت الإطلالة المثيرة تؤكد أن الأزياء الواسعة ستبقى معنا، وأن الأزرق يصلح لأن يغطي من الرأس حتى أخمص القدمين.
دار «آلبرتا فيريتي» أيضاً طرحته من خلال فستان من طبقات الشيفون المتطايرة كأنها تستحضر نسمات الهواء في صيف ساخن لا تسببه حرارة الشمس فحسب بل أيضاً زيادة النشاط الصناعي.
شاهدنا الأزرق الكلاسيكي كذلك على ممشى العروض بتصاميم ترضي جميع الأذواق، بفضل إبداعات دور الأزياء مثل: بالنسياغا، وبوتيغا فينيتا، ونينا ريتشي، وموسكينو، وكارولينا هيريرا، ولويس فويتون، وشانيل التي استعانت بشريط من الأزرق الكلاسيكي ليزيّن تايور من التويد.
بالنسبة إلى مستشارة المظهر بتول شمسي، فإن «درجة الأزرق المختارة لهذا العام تتمتع بظل محايد، وبالتالي يمكن تنسيقها مع ألوان أخرى بسهولة، ولا مانع من استخدامه بطريقة متباينة مع ألوان أخرى مثل الزهري، والأخضر المضيء، والأصفر، والبرتقالي». أما عند تنسيقه مع الأبيض أو الأسود «فإنه يخلق انطباعاً بالعملية» حسب رأيها.
- حركة الاستدامة
اعتبار الأزرق الكلاسيكي لوناً محايداً وغير موسمي، على عكس كثير من الألوان، يجعله متماشياً مع حركة الاستدامة التي أصبحت الشغل الشاغل لعالم الموضة، إذ يدعم الثبات والاستقرار ما يسمح بتمريره لمواسم مقبلة دون ملل.
وبالإضافة إلى جميع الأسباب السابق ذكرها والتي جعلته أفضل تعبير عن عام 2020، فإنه أيضاً لون «بلا جنس» أي أنه يصلح للرجل والمرأة على حد سواء، ومن هنا فهو يساير نغمة النسوية التي تصدرت المشهد خلال عام 2019، ونذكر كيف قدمت دار الأزياء الراقية «ديور» قمصاناً يصعب تصنيفها إن كانت نسائية أم رجالية.
وتتوقع شمسي أن يصبح الأزرق «الأسود الجديد»، لا سيما على السجادة الحمراء، وتوضح: «خلال 2019 شاهدنا الأسود على رأس اختيارات النجمات على السجادة الحمراء، لكن أتصور أنه سيشهد بعض التراجع لصالح الأزرق الكلاسيكي، فهو لون يجمع مفاهيم متباينة، يمزج استقرار وثقة الأسود، وفي الوقت نفسه يضيف إلى المرأة بريقاً رائعاً».


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.