انتشار روبوتات جامعية لتوصيل الوجبات للطلاب

أسطول منها ينطلق للمرّة الأولى في حرم جامعة «تكساس ـ دالاس»

انتشار روبوتات جامعية لتوصيل الوجبات للطلاب
TT

انتشار روبوتات جامعية لتوصيل الوجبات للطلاب

انتشار روبوتات جامعية لتوصيل الوجبات للطلاب

بعجلاته الستّ وقبّعته الرياضية، قدّم أحدث أعضاء جامعة تكساس - دالاس نفسه (وهو روبوت) للطلّاب والموظفين خلال عرض الأزياء السنوي الذي تنظّمه الجامعة. وفي تعليق له على الحدث، قال بام ستانلي، المدير المؤقّت لقسم الأطعمة والتجزئة في الجامعة: «وضعنا على رأسه قبّعة وأطلقناه ليتبختر على المنصّة».
اكتسب الروبوت الذي يحمل توقيع شركة «ستارشيب» للتقنية شهرة واسعة في الحرم الجامعي، فقد شارك في مسيرة الترحيب بعودة الطلّاب القدامى واتخذ وضعية التصوير لالتقاط مئات الصور السيلفي مع الطلّاب في إحدى المناسبات. كما شارك في إحدى المسابقات الجماعية التي تنظم في الجامعة، وشكّل مصدر إلهام لتصميم قميص تظهر عليه صورة روبوتات تجرّ عربة سانتا (باب نوئيل).
عندما يرى الطلّاب الروبوت، يلتقط بعضهم الهواتف لتصويره فيديو له أو ينشرون صوره عبر منصات التواصل الاجتماعي، حتّى أن البعض شبّهه بـ«وول - إي»، الشخصية الأساسية في أحد أهمّ أفلام بيكسار.
من جهته، قال إريك آبيرغ، طالب في السنة الجامعية الثانية في كليّة إدارة الأعمال والتسويق: «نراه تلك الشخصية الودودة التي توصل الطعام وليس آلة ميكانيكية. يشعرنا هذا الروبوت بأنّ الفيلم الذي شاهدناه في طفولتنا قد تحوّل إلى حقيقة».
لا يمانع الروبوت الذي يوازي البشر عرضاً والكلاب المتوسطة الحجم طولاً، لفت الأنظار. فهو يتجوّل في أنحاء الجامعة ليوصل الوجبات المختلفة للطلاب. وعندما يوصل الطعام، قد يخصص بعض الوقت للمحادثة، فيقول: «شكراً» أو «أعياد سعيدة» قبل العودة إلى العمل.
وظّفت جامعة تكساس - دالاس أسطولاً من الربوتات المخصّصة لتوصيل وجبات الطعام من إنتاج شركة «ستارشيب». وتشغّل الشركة المتمركزة في سان فرنسيسكو روبوتات في سبع جامعات منها تكساس - دالاس وهيوستن. وكانت روبوتاتها قد ظهرت للمرّة الأولى في جامعة جورج ماسون في مقاطعة فيرفاكس، في فبراير (شباط) الماضي.
تأسّست «ستارشيب» عام 2014 من قبل آهتي هينلا وجانوس فريس، مؤسّسي سكايب، تطبيق التراسل عبر الفيديو والاتصالات الصوتية الذي استحوذت عليه مايكروسوفت. وتعمل روبوتاتها في توصيل سلع البقالة في أحياء المملكة المتحدة وإستونيا، بينما يعمل بعضها الآخر في الصروح الجامعية.
من جهته، كشف هنري هاريس - بورلاند، نائب رئيس قسم التسويق في الشركة، أنّ «ستارشيب» تركّز على الجامعات بشكل رئيسي وتخطّط لتوسيع انتشارها في 100 فرع بحلول أغسطس (آب) 2021.
ويشدّد هاريس - بورلاند على أنّ «الهدف الرئيسي هو تسهيل عمل الزبائن وعدم تضييع وقتهم» مشيراً إلى أنّ الفروع الجامعية هي المجال الذي يدفع بعمل شركته إلى الأمام لأنّ الطلب فيها على روبوتات التوصيل كبير جدّاً.
يمثّل الأسطول المؤلّف من 20 روبوتا كهربائيا منتشرا في حرم جامعة تكساس - دالاس المتوسّع، خطوة جديدة لإضفاء مزيد من الحيويّة وتزويد عدد أكبر من الناس بالطعام، بعد أن ارتفع عدد طلّاب هذا الحرم إلى أكثر من الضعف ليبلغ 29 ألفا و500 طالب في السنوات العشرة الأخيرة، بالإضافة إلى زيادة عدد الطلّاب الذين يعيشون في الحرم أو بالقرب منه بمعدّل ثلاثة أضعاف، وارتفاع عدد المطاعم الموجودة فيه من خمسة إلى 25، وبحسب كالفن جاميسون، نائب رئيس قسم المرافق والتنمية الاقتصادية، استثمرت الجامعة نحو 1.7 مليار دولار في تشييد مبان جديدة وتجديد أخرى قديمة وزراعة نحو 7000 شجرة.
واعتبر جاميسون أن «الروبوتات هي الأفق المستقبلي الطبيعي في مسيرة جامعة تكساس - دالاس التقدّمية. نحن جامعة شبابية مبدعة ومتطوّرة تقنياً تحتفل بمرور 50 عاماً على تأسيسها. وهذه الخدمة، أي روبوتات التوصيل، ستستمرّ في تحسين تجربة الكادر التعليمي والموظفين والطلّاب».
ولفت الأخير أيضاً إلى أنّ الأرصفة المستحدثة في حرم الجامعة ستسهّل حركة الروبوتات بشكل كبير.
من جهته، قال آبيرغ الذي ساعد في تصميم قميص يحمل صورة الروبوتات، إنّ هذه الآلات تمثّل إضافة رائعة في ظلّ وجود عدد كبير من الطلّاب المحبّين للتقنية في جامعة تضمّ فريقاً للرياضات الإلكترونية لا فريقاً تقليدياً لكرة القدم.
وقال: «نحن نعيش في العصر المستقبلي إلى حدٍّ ما. نتسلّى بألعاب الفيديو، ونمارس رياضات المستقبل، واليوم بتنا نطلب طعام المستقبل».
يتّخذ «الشعار - جالب الحظّ» الرسمي الخاص بجامعة تكساس - دالاس شكل مذنّب عضلي بهيئة بشرية وشعر برتقالي على شكل شعلة نارية تبدو على وجهه ابتسامة ذكيّة، ويدعى «تيموك»، أي القراءة المعكوسة لكلمة «كوميت» (مذنّب بالإنجليزية). أمّا «الشعار - جالب الحظّ» غير الرسمي فهو رافعة البناء الظاهرة في كلّ مكان والذي يسمّى «إينارك»، أي القراءة المعكوسة لكلمة «كراين» (رافعة بالإنجليزية). وعندما التقى الطلّاب بالروبوت، منحوه اسم «توبور» على الفور.
وقّعت شركة «ستارشيب» عقداً مع «تشارتويلز هاير إيدوكيشن»، قسم الخدمات الغذائية في مجموعة «كومباس» التي تجمعها شراكة عمل مع جامعة تكساس - دالاس. وفي حين أنّ الشركتين رفضتا نشر تفاصيل العقد، كشف هاريس - بورلاند أنّ ملكية الروبوتات تعود لـ«ستارشيب» التي تحتفظ برسوم خدمات التوصيل أيضاً.
بدأ أسطول الروبوتات بخدمات التوصيل في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) 2019، بعد أنّ قرّرت الشركتان إطلاقه في فترة هادئة من العام الدراسي يكون فيها الطلاب أقلّ نشاطا بسبب تحضيرهم لامتحانات نهاية الفصل.
تقوم الروبوتات بمعدّل 240 عملية توصيل في اليوم، ومن المتوقّع أن يرتفع هذا الرقم مع بداية فصل الربيع بعد عودة جميع الطلاب إلى الحرم. تتيح خدمة الروبوتات للطلّاب طلب الوجبات من عشرة مطاعم موزّعة في أرجاء الحرم.
يستخدم الطلّاب والموظفون وأفراد الهيئة التعليمية تطبيقاً هاتفياً خاصاً لتسجيل طلباتهم. وتقلّ الروبوتات التي تركن في بقع مختلفة في أنحاء الجامعة، الطلب وتقود نفسها إلى أقرب موقع للزبون. يحمل الروبوت شارة برتقالية مضيئة للفت انتباه السيّارات والمشاة إلى وجوده، كما يحمل معه حاملات أكواب وعوازل ليوصل الطعام بالسخونة المطلوبة ودون أن يُسكب. يفكّ الزبون قفل غطاء الروبوت بالضغط على زرّ موجود في التطبيق.
تبلغ تكلفة كلّ عملية توصيل 1.99 دولار تُضاف إلى ثمن الطعام والشراب. يتحرّك الروبوت بسرعة أربعة أمتار في الساعة، وتتطلّب عملية التوصيل نحو 30 دقيقة.
وفي حال حاول أحدهم حمل الروبوت أو سرقته، يصدر صوت إنذار مدوٍّ.
تتميّز هذه الروبوتات بالقدرة على السير في الثلوج والرياح والأمطار، وتستطيع تحديد وجهتها الصحيحة بواسطة برنامج خاص، وكاميرات 360 درجة، ورادارات ترصد الطريق بوضوح لمسافة تصل إلى 1.82 متر.

- «ذا دالاس مورنينغ نيوز»، خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

روبوتات أمنية في متاجر أميركية

علوم روبوتات أمنية في متاجر أميركية

روبوتات أمنية في متاجر أميركية

فوجئ زبائن متاجر «لويز» في فيلادلفيا بمشهدٍ غير متوقّع في مساحة ركن السيّارات الشهر الماضي، لروبوت بطول 1.5 متر، بيضاوي الشكل، يصدر أصواتاً غريبة وهو يتجوّل على الرصيف لتنفيذ مهمّته الأمنية. أطلق البعض عليه اسم «الروبوت النمّام» «snitchBOT». تشكّل روبوتات «كي 5» K5 المستقلة ذاتياً، الأمنية المخصصة للمساحات الخارجية، التي طوّرتها شركة «كنايت سكوب» الأمنية في وادي سيليكون، جزءاً من مشروع تجريبي «لتعزيز الأمن والسلامة في مواقعنا»، حسبما كشف لاري كوستيلّو، مدير التواصل المؤسساتي في «لويز».

يوميات الشرق «كلاب روبوتات» تنضم مرة أخرى لشرطة نيويورك

«كلاب روبوتات» تنضم مرة أخرى لشرطة نيويورك

كشف مسؤولو مدينة نيويورك النقاب، أمس (الثلاثاء)، عن 3 أجهزة جديدة عالية التقنية تابعة للشرطة، بما في ذلك كلب «روبوت»، سبق أن وصفه منتقدون بأنه «مخيف» عندما انضم لأول مرة إلى مجموعة من قوات الشرطة قبل عامين ونصف عام، قبل الاستغناء عنه فيما بعد. ووفقاً لوكالة أنباء «أسوشيتد برس»، فقد قال مفوض الشرطة كيشانت سيويل، خلال مؤتمر صحافي في «تايمز سكوير» حضره عمدة نيويورك إريك آدامز ومسؤولون آخرون، إنه بالإضافة إلى الكلب الروبوت الملقب بـ«ديغ دوغ Digidog»، فإن الأجهزة الجديدة تتضمن أيضاً جهاز تعقب «GPS» للسيارات المسروقة وروبوتاً أمنياً مخروطي الشكل. وقال العمدة إريك آدامز، وهو ديمقراطي وضابط شرطة سابق

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق دراسة: الأحكام الأخلاقية لـ«تشات جي بي تي» تؤثر على أفعال البشر

دراسة: الأحكام الأخلاقية لـ«تشات جي بي تي» تؤثر على أفعال البشر

كشفت دراسة لباحثين من جامعة «إنغولشتات» التقنية بألمانيا، نشرت الخميس في دورية «ساينتفيك ريبورتيز»، أن ردود الفعل البشرية على المعضلات الأخلاقية، يمكن أن تتأثر ببيانات مكتوبة بواسطة برنامج الدردشة الآلي للذكاء الاصطناعي «تشات جي بي تي». وسأل الفريق البحثي برئاسة سيباستيان كروغل، الأستاذ بكلية علوم الكومبيوتر بالجامعة، برنامج «تشات جي بي تي»، مرات عدة عما إذا كان من الصواب التضحية بحياة شخص واحد من أجل إنقاذ حياة خمسة آخرين، ووجدوا أن التطبيق أيد أحيانا التضحية بحياة واحد من أجل خمسة، وكان في أحيان أخرى ضدها، ولم يظهر انحيازاً محدداً تجاه هذا الموقف الأخلاقي. وطلب الباحثون بعد ذلك من 767 مشاركا

حازم بدر (القاهرة)
يوميات الشرق «غوغل» تطلق «بارد»... منافسها الجديد في مجال الذكاء الاصطناعي

«غوغل» تطلق «بارد»... منافسها الجديد في مجال الذكاء الاصطناعي

سيتيح عملاق الإنترنت «غوغل» للمستخدمين الوصول إلى روبوت الدردشة بعد سنوات من التطوير الحذر، في استلحاق للظهور الأول لمنافستيها «أوبن إيه آي Open.A.I» و«مايكروسوفت Microsoft»، وفق تقرير نشرته اليوم صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية. لأكثر من ثلاثة أشهر، راقب المسؤولون التنفيذيون في «غوغل» مشروعات في «مايكروسوفت» وشركة ناشئة في سان فرنسيسكو تسمى «أوبن إيه آي» تعمل على تأجيج خيال الجمهور بقدرات الذكاء الاصطناعي. لكن اليوم (الثلاثاء)، لم تعد «غوغل» على الهامش، عندما أصدرت روبوت محادثة يسمى «بارد إيه آي Bard.A.I»، وقال مسؤولون تنفيذيون في «غوغل» إن روبوت الدردشة سيكون متاحاً لعدد محدود من المستخدمين

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الروبوتات قد تحسّن السلامة العقلية للبشر

الروبوتات قد تحسّن السلامة العقلية للبشر

كشفت دراسة حديثة عن أن الناس تربطهم علاقة شخصية أكثر بالروبوتات الشبيهة بالألعاب مقارنةً بالروبوتات الشبيهة بالبشر، حسب «سكاي نيوز». ووجد بحث أجراه فريق من جامعة كامبريدج أن الأشخاص الذين تفاعلوا مع الروبوتات التي تشبه الألعاب شعروا بتواصل أكبر مقارنةً بالروبوتات الشبيهة بالإنسان وأنه يمكن للروبوتات في مكان العمل تحسين الصحة العقلية فقط حال بدت صحيحة. وكان 26 موظفاً قد شاركوا في جلسات السلامة العقلية الأسبوعية التي يقودها الروبوت على مدار أربعة أسابيع. وفي حين تميزت الروبوتات بأصوات متطابقة وتعبيرات وجه ونصوص تستخدمها في أثناء الجلسات، فقد أثّر مظهرها الجسدي على كيفية تفاعل الناس معها ومدى فاع

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».