اختبار حاسة السمع لدى الرضع

فقدانها عند الولادة يعود لأسباب جينية

اختبار حاسة السمع لدى الرضع
TT

اختبار حاسة السمع لدى الرضع

اختبار حاسة السمع لدى الرضع

لا شك أن حاسة السمع تلعب دوراً كبيراً في التفاعل مع الآخرين والتواصل الإنساني، وتتعاظم قيمتها في الأطفال لضرورة النمو الإدراكي، وتعلم اللغة ومهارات الحديث، والتعرف على الأصوات المختلفة للأشياء المحيطة بهم. وبطبيعة الحال، فإن اكتشاف ضعف السمع، بشكل مبكر، ومحاولة علاجه تبعاً لأسبابه يكون بالغ الأهمية وبالغ الصعوبة أيضاً، في الشهور القليلة الأولى من عمر الطفل، حيث يمكن ألا يوضع في الحسبان، فضلاً عن عدم استطاعة الرضيع التعبير عن ضعف السمع أو فقدانه بشكل كامل.
- سمع الأطفال
خلافاً لتصور الكثيرين، فإن ضعف السمع ليس بالأمر النادر، وعلى وجه التقريب هناك طفل بين كل ألف يعاني من ضعف أو فقدان في السمع، وتختلف أسبابه، ولكن في حال حدوثه في فترة ما بعد الولادة يكون السبب جينياً في الأساس.
وحسب تصنيف الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP)، فإن الحالة تعتبر من أكثر العيوب الخلقية انتشاراً، وهو الأمر الذي جعل الخبراء يضعون التوصيات بضرورة إجراء مسح لاختبار حاسة السمع مبكراً في خلال شهر، ويجب أن يتم التشخيص قبل مرور 3 أشهر على كل حال، ويكون الوقت الأمثل للتدخل والبدء في العلاج قبل مرور 6 شهور.
وقد أثبتت هذه التوصيات فاعليتها، حيث قام الباحثون بدراسة معظم الأطفال الذين تم تشخيصهم بضعف أو فقدان حاسة السمع، وكانت أعمارهم تتراوح بين المرحلة العمرية من 8 شهور وحتى 3 سنوات، وتبين أن الأطفال الذين لم يتلقوا الاهتمام الكافي من خلال المسح الروتيني، حسب التوصيات، رصد لديهم تراجع واضح في التعلم والنمو الإدراكي. وفي المقابل كان الأطفال الذين تلقوا الاهتمام والرعاية الكافية على قدر أكبر من المهارة في حفظ كلمات معينة، وازدادت حصيلتهم اللغوية بشكل واضح. وتوصي الأكاديمية أيضاً بضرورة إعادة المسح عند عمر 4 و6 و8 سنوات، ويمكن أن يتم إجراء مسح آخر في فترة المراهقة.
وأوضح الخبراء أن عمل المسح لاختبارات السمع يمكن أن يبدأ منذ الولادة، وحتى قبل مغادرة المستشفى. وهناك طريقتان لعمل الاختبار في الرضع، وكلتا الطريقتين لا تسببان الألم، أو مضايقة الرضيع، ويمكن إجراؤهما، وقت نومه، ولا تستغرق كل طريقة وقتاً يتعدى 10 دقائق.
- طرق الاختبارات
> الطريقة الأولى، تعتمد على الاستجابة الآلية للصوت عبر جذع المخ (Automated Auditory Brainstem Response)، وفي هذه الطريقة يتم اختبار الكيفية التي يستجيب بها العصب السمعي والمخ للأصوات، ويتم فيها تشغيل موسيقى أو بضع نقرات تصل إلى أذن الطفل من خلال سماعة صغيرة مرنة يتم وضعها في الأذن، في التوقيت نفسه، الذي يكون فيها 3 أقطاب كهربية مثبتة على رأس الطفل، متصلة بجهاز يقوم بتقييم استجابة المخ للصوت.
> الطريقة الثانية تعتمد على قياس الاستجابة للأصوات بشكل مباشر من داخل الأذن (Otoacoustic Emissions) عن طريق وضع ما يشبه السماعة الصغيرة جداً داخل القناة الأذنية، التي بدورها تقوم بالقياس عند سماع الأصوات المختلفة أو النقرات بجوار الأذن.
وهناك عدة عوامل ربما تؤثر على نتيجة هذه الاختبارات مثل أن تكون كمية السوائل الموجودة في أذن الطفل، والقناة الأذنية كبيرة، أو أن الغرفة التي يتم فيها إجراء الاختبار تكون محاطة بالضوضاء، بحيث تعوق السمع، ولذلك ليس بالضرورة أن الطفل الذي لا يستجيب لهذه الأصوات عند الولادة يعاني من ضعف السمع أو فقدانه بشكل مؤكد. ولكن هذه النتيجة يجب أن توضع في الحسبان بالطبع.
ومن الضروري أن يتم عمل مسح آخر في وقت لاحق لا يتعدى الثلاثة شهور، وعلى وجه التقريب، هناك نسبة تتراوح بين 1 و2 في المائة من الرضع لا يجتازون اختبارات السمع عند الولادة، وفي المقابل فإن اجتياز الرضيع لاختبارات السمع في مرحلة الولادة لا يعني بالضرورة أنه لا يمكن أن يصاب بضعف السمع في الطفولة، للعديد من الأسباب؛ منها تكرار الإصابة بالتهابات الأذن من دون العلاج الكافي، أو كعرض جانبي من استخدام بعض الأنواع من المضادات الحيوية، وفي حالة التأكد من إصابة الرضيع بضعف السمع، أو فقدانه بشكل كامل، يمكن البدء مباشرة في العلاج، وكلما كان العلاج مبكراً، كلما كانت النتيجة أفضل، ويمكن للطفل أن يواكب أقرانه الآخرين في تعلم اللغة والتواصل.
- رصد العلامات
توجد هناك علامات تشير إلى ضعف السمع عند الرضع أو الأطفال في الطفولة المبكرة، ويجب على الأم أن تقوم بملاحظتها مثل:
> عدم الاندهاش، أو عدم الانزعاج من الضوضاء الشديدة في عمر شهر، أو عدم الالتفات نحو مصدر الصوت في عمر 3 شهور.
> إذا لم يلاحظ الطفل الأم إلا إذا رآها.
> الضوضاء المصحوبة بالاهتزازات فقط هي التي تلفت انتباه الطفل أو الرضيع.
> إذا تأخر الطفل في الكلام، ولم يستطع نطق كلمة واحدة مثل بابا أو ماما حتى بلوغه 15 شهراً، وأيضاً يبدو عليه عدم الفهم حين التحدث إليه.
> عدم الاستجابة في حالة النداء عليه.
> يسمع بعض الكلمات ولا يستطيع سماع الكلمات الأخرى (الأصوات عالية النبرة فقط)، وأيضاً هناك بعض الأطفال مصابون بفقدان للسمع في أذن واحدة.
وفى حال التشخيص، يجب عرض الطفل على طبيب أخصائي، وفي الأغلب يتم استخدام سماعة «hearing aid»، لمساعدة الأطفال الذين يعانون من ضعف السمع، وفي بعض الأحيان يتم زراعة قوقعة في الأذن الداخلية في حالة ضعف السمع الشديد، التي تم تجربة السماعة لديهم، إلا أنها لم تحسن السمع بشكل كاف.
- استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

صحتك الحصول على قسط قليل جداً من النوم يمكن أن يسبب تأثيرات سلبية كثيرة (أرشيفية - رويترز)

ما مقدار النوم المناسب لصحتنا كل يوم؟

من المعروف أن النوم له فوائد صحية مذهلة ولكن ما مقدار النوم الذي يعد أكثر من اللازم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جهاز قياس ضغط الدم (أرشيفية - رويترز)

كم ساعة تحتاجها أسبوعياً في التدريب لتحمي نفسك من «القاتل الصامت»؟

قالت دراسة جديدة إن الحفاظ على النشاط البدني أثناء مرحلة الشباب بمستويات أعلى من الموصى بها سابقاً قد يكون مهماً بشكل خاص لمنع ارتفاع ضغط الدم

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك كوب من القهوة وكابتشينو في متجر في بوغوتا - كولومبيا (أرشيفية - رويترز)

دراسة تحذر من الإفراط في القهوة... ومفاجأة عن «الشاي بالحليب»

أشارت دراسة جديدة إلى أن تناول المشروبات الغازية وعصائر الفاكهة، وأكثر من أربعة أكواب من القهوة يومياً قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم سيتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب الأسبوع المقبل (رويترز)

إعلان الجوائز الأسبوع المقبل... 4 اكتشافات «مذهلة» كانت تستحق «نوبل» ولم تفز بها

سيتم تسليط الضوء على أفضل العقول في مجال العلوم الأسبوع المقبل عندما يتم الإعلان عن جوائز «نوبل» في الفيزياء والكيمياء والطب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الاختراق يأتي وسط «العصر الذهبي» لأبحاث السرطان (رويترز)

تجارب «مذهلة»... تركيبة دوائية توقف تطور سرطان الرئة لفترة أطول

أشاد الأطباء بنتائج التجارب «المذهلة» التي أظهرت أن تركيبة دوائية جديدة أوقفت تقدم سرطان الرئة لوقت أطول بـ40 في المائة من العلاج التقليدي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي
TT

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

إجراء بسيط ينقذ الأطفال الخدج من الشلل الدماغي

تجدد النقاش الطبي في جامعة «بريستول» (University of Bristol) بالمملكة المتحدة حول إمكانية حماية الأطفال الخدج (المبتسرين) من المضاعفات الخطيرة للولادة المبكرة، أهمها على الإطلاق الشلل الدماغي (CP)، الذي يصيب الرضيع بالشلل في جميع أطراف جسده، ويلازمه طيلة حياته، وذلك باستخدام عقار بسيط هو «كبريتات الماغنسيوم» (magnesium sulphate) عن طريق التنقيط الوريدي.

والجدير بالذكر أن هذا الدواء لا يُكلف أكثر من 5 جنيهات إسترلينية في الجرعة الواحدة بالمملكة المتحدة. لكن هذه الإجراء يجب أن يجري في المستشفى فقط، تحت رعاية طاقم مدرب من الأطباء والممرضين، وفي حالة تعميمه في المستشفيات حول العالم يمكن أن يوفر حماية لملايين الرضع.

مخاطر الولادة المبكرة

من المعروف أن الولادة المُبكرة تمثل نوعاً من الخطورة على حياة الرضع؛ لذلك يجري وضعهم في الحضانات حتى يكتمل نموهم. ومن أهم المخاطر التي يمكن أن تحدث لهم، مشكلات الجهاز العصبي، لعدم وصول الأوكسجين بشكل كافٍ للمخ، بجانب عدم نضج الجهاز العصبي، ما يمكن أن يؤدي إلى خلل في التوصيلات العصبية.

لذلك تُعد الفكرة المطروحة بمثابة نوع من الإنقاذ. وفي البداية طرحت نظرية استخدام هذا الدواء بعد ملاحظة فاعليته في منع حدوث الشلل الدماغي في الأطفال الخدج، حينما تم وصفه لإحدى السيدات الحوامل لغرض طبي آخر، ربما، مثلاً، لمنع التشنجات التي تحدث في تسمم الحمل، والتي تستلزم ضرورة الولادة المبكرة.

ثم جرت تجربة الدواء بشكل عشوائي على عدة سيدات، وجاءت النتائج مبشرة أيضاً، ثم نُشرت هذه التجارب في دراسة طبية عام 2009. وبعد الدراسة بدأ استخدام العلاج يزداد، ولكن ليس بالشكل الكافي لحماية السيدات في المملكة المتحدة.

تحمست إحدى طبيبات الأطفال وحديثي الولادة، وهي الدكتورة كارين لويت (Karen Luyt)، لهذه النظرية وقامت بتنفيذها على الأمهات اللاتي اضطررن للولادة قبل 30 أسبوعاً من الحمل، وفي بعض الأحيان 32 أسبوعاً تبعاً للحالة الطبية العامة للأم والجنين. وأوضحت الطبيبة أن الدواء أسهم في تقليل فرص حدوث الشلل الدماغي بنسبة بلغت 30 في المائة.

وفي عام 2014، اكتشفت أن الدواء، رغم فاعليته الأكيدة في حماية الرضع، لم يكن يستخدم على نطاق واسع في المملكة المتحدة؛ لذلك بدأت برنامجاً خاصّاً بإعطاء الدواء لكل السيدات اللاتي تنطبق عليهن الشروط، بمساعدة السلطات الصحية في كل المناطق. وأطلقت مع زملائها على هذا البرنامج عنوان: «منع الشلل الدماغي في الأطفال المبتسرين» (PReCePT)، على أن يكون هذا الإجراء نوعاً من الاختيار للأمهات، ولا يتم العمل به بشكل روتيني.

دواء لدرء الشلل الدماغي

مع الوقت والتجارب وصلت الخدمات الطبية لمعظم السيدات الحوامل اللائي لديهن مشاكل طبية يمكن أن تؤدي إلى الولادة المبكرة في جميع أجزاء المملكة بالفعل. والبرنامج جرى إدراجه في النظام الصحي البريطاني (NHS) في الوحدات الخاصة برعاية السيدات الحوامل والأمهات. وخلال الفترة من 2018 وحتى 2023 فقط، جرى إعطاء العلاج لما يزيد على 14 ألف سيدة في إنجلترا، ما أسهم في خفض معدلات الشلل الدماغي بنحو 385 حالة عن العدد المتعارف عليه لهذا الكم من السيدات.

والجدير بالذكر أن إحدى السيدات اللائي بدأت البرنامج من خلال استخدام الدواء أثناء فترة حملها، وتُدعى إيلي، لديها طفل ذكر بصحة جيدة في عمر الـ11 عاماً الآن.

دواء يُنظم سريان الدم إلى المخ والتحكم في التوصيلات العصبية الطرفية

قال الباحثون إن الآلية التي يقوم بها العلاج بمنع الشلل الدماغي غير معروفة تماماً، ولكن هناك بعض النظريات التي توضح لماذا يحمي الجهاز العصبي، وذلك عن طريق تنظيم ضغط الدم وسريانه إلى المخ بجانب التحكم في التوصيلات العصبية الطرفية التي تربط الأعصاب بالعضلات، وتتحكم في انقباضها (neuromuscular transmission) ما يمنع تلفها ويسمح لها بممارسة وظائفها بشكل طبيعي.

وأوضح الباحثون أن المشكلة في استخدام الدواء تكمن في الحالات غير المتوقعة؛ لأنه من المستحيل معرفة ميعاد الولادة بنسبة 100 في المائة، فبعض السيدات يلدن مبكراً، على الرغم من عدم وجود أي مشاكل طبية، بشكل غير متوقع تماماً لا يسمح بالتدخل أساساً. إضافة إلى أن بعض السيدات يشعرن بألم ولادة غير حقيقي قبل الميعاد الفعلي بفترة كبيرة، ويكون بمثابة إنذار كاذب، ومن ثم يلدن في الميعاد الفعلي للولادة.

وتبعاً للبيانات الخاصة بشبكة «فيرمونت أكسفورد» (Vermont Oxford Network) (منظمة غير ربحية عبارة عن تعاون 1400 مستشفى حول العالم بهدف تحسين العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة)، لا يجري استخدام الدواء حتى الآن بالشكل المناسب في العالم كله، بما فيه الدول المتقدمة، على الرغم من رخص ثمنه وفاعليته الكبيرة، وعلى وجه التقريب من بين جميع النساء اللاتي يجب أن يتناولن الدواء. وهناك نسبة لا تزيد على الثلثين فقط، يمكنهن الحصول عليه، وتقل النسبة في الدول الأكثر احتياجاً والأقل تقدماً على المستوى الصحي.

ويحاول الباحثون، بالتعاون مع المنظمات الصحية حول العالم، توفير الدواء لكل السيدات الحوامل اللاتي يمكن أن يلدن قبل الميعاد المحدد للولادة، بصفته نوعاً من الوقاية للرضع، وبطبيعة الحال يجب أن تكون هناك طواقم مدربة تتعامل مع هذا الإجراء بجدية.

وقال الباحثون إن مزيداً من الدراسات في المستقبل القريب يمكن أن يساعد في شيوع الاستخدام، خصوصاً إذا جرى التوصل لطريقة لإعطاء الدواء بخلاف التنقيط الوريدي، لأن ذلك يمكن أن يسهم في حماية الأطفال بالمناطق النائية التي لا توجد بها مستشفيات مركزية.

• استشاري طب الأطفال.