إجراءات احترازية للسفارة الأميركية وترقّب لوصول قوة إلى بيروت

TT

إجراءات احترازية للسفارة الأميركية وترقّب لوصول قوة إلى بيروت

اتخذ طاقم السفارة الأميركية في بيروت إجراءات أمنية احترازية، بانتظار وصول قوة عسكرية أميركية من إيطاليا لمساندة قوة حماية السفارة للتصدي للتهديدات الإيرانية، بعد يومين على إعلان مسؤول عسكري أميركي عن تأهب هذه القوّة للتوجّه إلى لبنان، إثر مقتل قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» قاسم سليماني بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي فجر الجمعة.
ولم تتضح كيفية وصول القوة إلى بيروت. لكن مصادر مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك طريقتين لوصولها، إما جواً وإما بحراً. ففي الحالة الأولى يمكنها الهبوط في قاعدة حامات التابعة للجيش في شمال البلاد، حيث يجري مدربون عسكريون أميركيون تدريبات للجيش اللبناني على أسلحة أميركية تستخدمها عناصره. أما في الحالة الثانية فهي وصول القوة بحراً والرسو في النقطة الأقرب لمقر السفارة في عوكر للانتقال بسرعة لدعم حمايتها منعاً لأي حصار يمكن أن تتعرض له كما حدث في بغداد».
وكان المسؤول العسكري قال إنّ «القوة المتمركزة في إيطاليا، وضعت في حالة تأهب كخطوة ضمن عدد من الإجراءات العسكرية، لحماية المصالح الأميركية في منطقة الشرق الأوسط». وأوضح أنّ وزارة الدفاع الأميركية قد ترسل ما بين 130 و700 جندي إلى بيروت.
ولفت مصدر أمني لبناني لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بمجرد أن تتولى القوة المتوقع وصولها إلى عوكر مهمتها، تتحول السفارة إلى هدف عسكري بفعل وجود الجنود والضباط الذين سيتولون حمايتها»، مشيراً كذلك إلى أن «إجراءات أمنية أخرى فرضت على تنقلات طاقم السفارة من السفيرة إلى أصغر دبلوماسي وإداري ورجل أمن أميركي، إضافة إلى الأميركيين العاملين أو المقيمين في لبنان واللبنانيين الذين يحملون الجنسية الأميركية ويقطنون لبنان».
يأتي ذلك في وقت نصح فيه سفير دولة كبرى المسؤولين في لبنان بتجاوز العقبات التي تحول إلى الآن دون تأليف الحكومة «لأن الأيام المقبلة مليئة بالتطورات الخطيرة»، بحسب ما أكدت مصادر مسؤولة لـ«الشرق الأوسط».
وأوضحت أن التهديدات الإيرانية لأميركا «تسببت بحالة هلع على المستوى الشعبي في لبنان وعلى السكان المقيمين في جوار السفارة في عوكر، إضافة إلى رصد رسمي وأمني لما يعلن من مواقف وتحركات استنكاراً لمصرع سليماني منذ الثاني من الشهر الحالي».
وأشارت إلى أن «اتصالات عاجلة جارية بين أشخاص في بيروت وقيادات في طهران لم تنقطع لمواكبة ما يمكن القيام به، لا سيما لجهة الرد الانتقامي على هدف أميركي قد يكون في البحر على سفينة حربية أو اغتيال شخصية أميركية أو سفير أو ضرب سفارة». ووفقاً لمعلومات توافرت في بيروت، فإن طهران «تنتظر تحديد المكان والزمان وحجم الضربة وانعكاساتها، لأن القيادة في إيران متفقة على ضرورة الرد وعلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيرد بشكل أشد قساوة على هدف ربما داخل إيران».



لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وتقول مصادر سياسية إن مواصلته للوساطة الأميركية بين لبنان وإسرائيل للتوصل إلى وقف للنار تمهيداً لنشر الجيش اللبناني، إلى جانب قوات الطوارئ الدولية «يونيفيل» في جنوب الليطاني لتطبيق القرار الدولي 1701 بعد الاتفاق على آلية تنفيذه، تبقى عالقة على نتائج السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض بين الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته كامالا هاريس، والتي ستظهر تدريجياً في الساعات المقبلة.

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.