بقاء صادرات السعودية تحت 7 ملايين برميل للشهر الرابع يفسر تخفيضات «أرامكو»

هبطت بنحو 4 % خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي

إحدى المنشآت النفطية السعودية («الشرق الأوسط»)
إحدى المنشآت النفطية السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

بقاء صادرات السعودية تحت 7 ملايين برميل للشهر الرابع يفسر تخفيضات «أرامكو»

إحدى المنشآت النفطية السعودية («الشرق الأوسط»)
إحدى المنشآت النفطية السعودية («الشرق الأوسط»)

منذ شهر يونيو (حزيران) 2011، وهو الشهر الذي قررت فيه المملكة العربية السعودية رفع إنتاجها بصورة فردية بعد رفض دول «أوبك» مجاراتها في ذلك، وصادرات السعودية من النفط الخام كانت لا تزال فوق 7 ملايين برميل. إلا أن هذه الصورة تغيرت كثيرا بدءا من أبريل (نيسان) هذا العام.
فبعد أن كانت صادرات المملكة تتجاوز 7 ملايين برميل خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، بدأت في الهبوط تحت مستوى السبعة ملايين بدءا من أبريل (نيسان) واستمرت على هذا المعدل للشهر الرابع على التوالي حتى أغسطس (آب) الماضي، بحسب ما أوضحته بيانات رسمية أمس.
وهذه هي أطول مدة تبقى فيها الصادرات النفطية للسعودية تحت مستوى 7 ملايين برميل يوميا منذ النصف الأول من عام 2011 عندما بدأت ثورات الربيع العربي تقوض إنتاج دول المنطقة، خاصة في ليبيا وسوريا واليمن.
وهبطت صادرات السعودية من النفط الخام بنحو 4 في المائة خلال الأشهر الثمانية الأولى للعام الحالي، في دلالة على تراجع الطلب على النفط السعودي، وهو ما يفسر التخفيضات الكبيرة التي أعلنت عنها «أرامكو السعودية» طيلة الأشهر الأربعة الماضية، بحسب أرقام لـ«مبادرة البيانات النفطية المشتركة».
وأظهرت البيانات التي صدرت أمس وقامت «الشرق الأوسط» بتحليلها أن المملكة صدرت 7.18 مليون برميل يوميا في المتوسط بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس الماضيين، هبوطا من 7.47 مليون برميل في المتوسط للفترة نفسها من العام الماضي، في الوقت الذي وصلت فيه معدلات تكرير النفط محليا لأعلى مستوياتها منذ ما لا يقل عن 14 عاما مع دخول مصاف جديدة في المملكة إلى الخدمة.
وحتى على أساس شهري، فإن الصادرات السعودية وصلت في أغسطس الماضي إلى 6.66 مليون برميل يوميا، وهو أقل مستوى لها منذ مارس (آذار) 2011 عندما صدرت المملكة 7.54 مليون برميل يوميا. وأرقام أغسطس هذا العام لا تبدو مشجعة حتى عند مقارنتها بالشهر نفسه من العام الماضي 2013؛ إذ هبطت بنحو 1.13 مليون برميل يوميا أو 14 في المائة من مستوى 7.79 مليون برميل يوميا.
وعكست هذه الأرقام حقيقة الطلب على النفط السعودي وفرضت في الوقت ذاته على المسؤولين عن تسويق وتسعير النفط السعودي في «أرامكو السعودية» ضرورة تحفيز الطلب على الخامات الخمس التي تنتجها المملكة، وهو ما دفع الشركة لتقديم تخفيض تلو الآخر حتى وصل التخفيض إلى دولار على كل برميل متجه إلى آسيا لشحنات شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد ذكرت في تقرير الشهر الماضي أن طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة بدأت تقلص صادرات النفط السعودي للسوق الأميركية. ويتوقع بعض المحللين والمراقبين أن ترتفع صادرات السعودية في الأشهر المقبلة، إلا أن وكالة الطاقة قدرت أن صادرات النفط السعودي لن تبلغ 7 ملايين برميل يوميا في آخر 4 أشهر من العام.
وفسر العديد من المحللين التخفيضات المتواصلة لـ«أرامكو» بأنها حرب أسعار، بينما أوضح مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» في حديث سابق أن الهدف منها هو تحفيز الطلب ومساعدة الزبائن في آسيا على تحقيق هوامش ربحية أفضل لاستخدامهم للنفط العربي الخفيف. ويلاقي النفط العربي الخفيف في آسيا منافسة شديدة من النفوط الخفيفة الأخرى الآتية من روسيا وغرب أفريقيا؛ إذ أدى تراجع سعر برنت منذ سبتمبر (أيلول) إلى جعل أسعار هذه النفوط التي تتميز بجودة أعلى من الخامات السعودية، مغرية للزبائن بشكل كبير.
ويتعين على «أرامكو السعودية» تقديم تخفيضات أكثر في الشهر المقبل عندما تعلن عن أسعار تسليم شحنات شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إذا ما أرادت أن تكون جذابة في السوق الآسيوية أمام النفوط الأفريقية الخفيفة، كما قال مصرف «جي بي مورغان» الأميركي في مذكرة لعملائه حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها.
وتحاول السعودية، حالها حال باقي المنتجين في «أوبك»، الحفاظ على حصتها في السوق وسط تباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي، وتخمة في الإمدادات من منتجين منافسين، وتباطؤ الطلب في آسيا - لا سيما في الصين - عما كان متوقعا. وبعد مرور أسبوع على إعلان «أرامكو» قائمة أسعارها والتخفيضات المقدمة لزبائنها، أعلنت العراق والكويت تخفيضات على نفطها أعلى من التخفيضات التي قدمتها «أرامكو» لشحنات شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
ويظهر تحليل لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية وخدمة «تومسون رويترز - تريد فلوز» أن متوسط واردات الولايات المتحدة من المملكة تراوح بين مليون و1.2 مليون برميل يوميا في الفترة من مايو (أيار) إلى أغسطس الماضيين، مقارنة مع ما تراوح بين 1.3 و1.6 مليون برميل يوميا من منتصف عام 2013 إلى أبريل 2014.
أما على الجانب المحلي، فقد شهد شهر أغسطس هذا العام أعلى مستوى لتكرير النفط محليا، حيث كررت المصافي السعودية 2.167 مليون برميل من الخام يوميا في أغسطس الماضي ارتفاعا من 1.915 مليون برميل يوميا في يوليو (تموز) الماضي، و1.551 مليون في أغسطس 2013، وفق للبيانات. وأحجام الخام التي كررتها المصافي في أغسطس هي الأعلى منذ يناير 2002 على الأقل حين بدأت المبادرة بجمع البيانات.
وشهد شهر سبتمبر الماضي وصول مصفاة «ساتورب» في الجبيل إلى كامل طاقتها التشغيلية التي تمكنها من تكرير 400 ألف برميل يوميا من النفط العربي الثقيل الذي يصل إليها من حقل منيفة المجاور. ومصفاة «ساتورب» المملوكة لكل من «أرامكو السعودية» و«توتال» الفرنسية هي مصفاة تحويلية بالكامل، تستطيع تحويل كل النفط الثقيل ومشتقاته الثقيلة إلى منتجات خفيفة مثل البنزين والديزل، مما يعني تعظيما أكبر للفائدة الاقتصادية من كل برميل.
ومن المرجح أن يكون استهلاك المصافي قد ازداد في سبتمبر بعد بدء التشغيل التجريبي لمصفاة «ياسرف» في ينبع المملوكة لـ«أرامكو السعودية» و«ساينوبك» الصينية والبالغ حجمها 400 ألف برميل يوميا.
وتراجع استخدام النفط الخام لتوليد الكهرباء في أغسطس الماضي كما أظهرت البيانات، حيث حرقت محطات الكهرباء 769 ألف برميل يوميا في أغسطس الماضي انخفاضا من 899 ألفا في يوليو الماضي ودون تغيير يذكر عنه قبل عام.



مسؤولة كبيرة في «الفيدرالي» تدافع عن استقلالية «المركزي» عقب فوز ترمب

أدريانا كوغلر (أ.ب)
أدريانا كوغلر (أ.ب)
TT

مسؤولة كبيرة في «الفيدرالي» تدافع عن استقلالية «المركزي» عقب فوز ترمب

أدريانا كوغلر (أ.ب)
أدريانا كوغلر (أ.ب)

قدّمت مسؤولة في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي دفاعاً مطولاً عن الاستقلال السياسي للبنك المركزي يوم الخميس، بعد أيام فقط من إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترمب، الناقد الكبير للبنك.

وقالت واحدة من الأعضاء السبعة في مجلس محافظي بنك الاحتياطي الفيدرالي، أدريانا كوغلر، في تصريحات معدة مسبقاً لمؤتمر اقتصادي في مونتيفيديو بأوروغواي: «لقد تم الاعتراف على نطاق واسع -وهو اكتشاف بحثي اقتصادي- بأن استقلال البنك المركزي أمر أساسي لتحقيق سياسة ونتائج اقتصادية جيدة».

وأضافت أن البحث على وجه الخصوص يجد أن الاستقلال الأكبر للبنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة مرتبط بانخفاض التضخم.

وتحدّثت كوغلر بعد أسبوع واحد فقط من نفي رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بشكل موجز، أن ترمب لديه السلطة القانونية لطرده، كما اعترف الرئيس المنتخب بأنه فكّر في القيام بذلك خلال ولايته الأولى.

وقال باول أيضاً إنه لن يستقيل إذا طلب ترمب ذلك.

وقال ترمب، خلال الشهر الماضي في نادي «شيكاغو الاقتصادي»: «كنت أهدّد بإنهاء خدمته، وكان هناك تساؤل حول ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا». في حين أكد خلال حملته الانتخابية أنه سيسمح لباول بإكمال ولايته في مايو (أيار) 2026، ولكن في «شيكاغو» قال أيضاً: «لديّ الحق في أن أقول إنني أعتقد أنه يجب عليك الصعود أو الهبوط قليلاً».

تناولت تصريحات كوغلر سبب معارضة معظم خبراء الاقتصاد فكرة تأثير السياسيين، حتى المنتخبين منهم، على قرارات أسعار الفائدة. وقالت كوغلر إن البنك المركزي الخالي من الضغوط السياسية يمكنه اتخاذ خطوات غير شعبية، مثل رفع أسعار الفائدة، التي قد تسبّب ألماً اقتصادياً قصير الأجل، ولكنها قد تحمل فوائد طويلة الأجل من خلال خفض التضخم.

بالإضافة إلى ذلك، زعمت كوغلر أن البنك المركزي المستقل يتمتع بمصداقية أكبر لدى الأسواق المالية والجمهور. يتوقع المستهلكون وقادة الأعمال عادة أنه سيكون قادراً على إبقاء التضخم منخفضاً على المدى الطويل. ويمكن أن تساعد مثل هذه التوقعات المنخفضة للتضخم في خفضه بعد ارتفاع حاد، مثل ارتفاع أسعار المستهلك الذي حدث من عام 2021 إلى 2022، عندما بلغ التضخم ذروته عند 9.1 في المائة. وقالت الحكومة، يوم الأربعاء، إن هذا الرقم انخفض إلى 2.6 في المائة.

وقال كوغلر: «على الرغم من صدمة التضخم الكبيرة جداً التي بدأت في عام 2021، فإن المقاييس المتاحة لتوقعات التضخم في الأمد البعيد... زادت قليلاً. إن تثبيت توقعات التضخم يُعد أحد العناصر الأساسية المؤدية إلى استقرار التضخم».