أبو الغيط: تخلي واشنطن عن قيادة النظام العالمي أدى لتجاوزات تركيا وإيران

TT

أبو الغيط: تخلي واشنطن عن قيادة النظام العالمي أدى لتجاوزات تركيا وإيران

أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن النظام الدولي يمر بمرحلة تحول عميق على صعيد العلاقات بين القوى الكبرى، واحتمالات التنافس أو الصراع بينها، مشيراً إلى أن الانسحاب الأميركي من القيادة العالمية يؤدي إلى كثير من الاضطراب في عدد من الأقاليم، ومن بينها المنطقة العربية، داعياً العرب لقراءة تلك المتغيرات بإمعانٍ شديد، من أجل استخلاص النتائج، واستشراف المستقبل.
واعتبر أبو الغيط في محاضرة ألقاها، أمس، أمام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، كلاً من إيران وتركيا وإسرائيل خطراً داهماً بشكل متفاوت. ولفت إلى أن «إعادة التموضع الأميركي في المنطقة يُغري قوى إقليمية معينة بتجاوز الخطوط الحمر على نحو غير مسبوق، بقدر من الاجتراء الذي يلامس حد البلطجة»، مشيراً إلى «السلوك الإيراني والاعتداءات التي مارستها إيران في الخليج العربي، في الصيف الماضي»، وكذلك تدخلات تركيا في سوريا، ثم مؤخراً في ليبيا.
وحدد أبو الغيط التطور التكنولوجي، والتغير المناخي، والهجرة، بوصفها ثلاث قضايا رئيسية تُثير كثيراً من الاضطراب على صعيد العالم المتقدم والنامي على حد سواء، مؤكداً أن على الدول العربية الاستعداد لمواجهة هذه المتغيرات المتسارعة التي ستكون لها انعكاساتها على مستقبلها، مشيراً على نحو خاص إلى الدور السلبي لتكنولوجيا الاتصال والمعلومات في إعادة تشكيل وعي الشعوب، عبر استخدام «البيج داتا» والخوارزميات، في تصميم دعاية موجهة لمستقبل محدد.
وتناول أبو الغيط كذلك التعقيدات المختلفة التي تثيرها قضية الهجرة؛ خصوصاً في ضوء ما تثيره من استقطاب سياسي حاد في المجتمعات الغربية، وكذا في ظل حاجة هذه المجتمعات، وغيرها من الاقتصادات المتقدمة في اليابان والصين، إلى مهاجرين شباب من أصحاب المهارات العالية، لسد فجوة المهارات لديها، في ضوء شيخوخة سكانها المتسارعة، وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من نزيف أكثر للعقول والكفاءات العربية، مؤكداً أن نحو 100 ألف من العلماء والمهندسين والأطباء والخبراء يهاجرون كل عام من ثمانية أقطار عربية، الأمر الذي ينعكس سلباً على جهود التنمية في العالم العربي.
وأكد أبو الغيط أن التغير المناخي ستكون له تأثيرات خطيرة على المنطقة العربية؛ خصوصاً في ضوء كونها أكبر منطقة عجز غذائي في العالم، وكونها تحصل على أغلب غذائها واحتياجاتها المائية من خارجها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».