انطلاق مفاوضات السلام السودانية في جوبا

حميدتي: جئنا بإرادة قوية مسنودة من الشعب لمخاطبة جذور الأزمة

حميدتي خلال لقاء مع سلفا كير أمس (أ.ف.ب)
حميدتي خلال لقاء مع سلفا كير أمس (أ.ف.ب)
TT

انطلاق مفاوضات السلام السودانية في جوبا

حميدتي خلال لقاء مع سلفا كير أمس (أ.ف.ب)
حميدتي خلال لقاء مع سلفا كير أمس (أ.ف.ب)

أبدى المتفاوضون السودانيون في عاصمة جنوب السودان «جوبا» استعدادهم للوصول لاتفاق سلام شامل ومستدام، ينهي حالة الاحتراب في السودان ويحقق أهداف الثورة السودانية في الحرية والسلام والعدالة.
وانطلقت في «جوبا» الجولة الثالثة من مفاوضات السلام السودانية، برعاية دولة جنوب السودان، بعد توقف استمر قرابة الشهرين، عقب توقيع اتفاق إطاري للتفاوض، استجابة لمبادرة رئيس جنوب السودان، سلفا كير ميارديت.
وأبدت الحركات المسلحة المشاركة في الجولة، استعدادها للوصول لسلام مستدام في الجولة، واعتبارها جولة حاسمة، فيما أكدت الوساطة برئاسة مستشار رئيس جنوب السودان توت قلواك وجود رغبة حقيقية بين الأطراف لجعل الجولة حاسمة.
وقال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو «حميدتي» في كلمته لافتتاح الجولة الثالثة للمفاوضات، إن الجولة تهدف لإكمال الحوار الذي بدأ في جوبا للوصول لسلام شامل ومستدام، يوقف الحرب ويصنع السلام، وأضاف: «جئنا بإرادة قوية مسنودة من كل الشعب الذي يتطلع لسلام يخاطب جذور الأزمة»، وأضاف: «السلام أصبح شعوراً عاماً، نسعى لتتويجه ليكون محكماً وموضوعياً يعالج قضايا الهامش ويحقق العدالة والمساواة».
وبدوره، قال رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان عبد العزيز الحلو، إن حركته مستعدة لمواصلة المفاوضات من النقطة التي توصلت إليها في الجولات السابقة، وقال: «نحن متفائلون بتحقيق نتائج إيجابية بشأن عملية السلام»، وتساءل: «هل ستعمل الأطراف لإنقاذ البلد المجروح، باعتبارها مجموعتين متعارضتين، أم مجموعة تبحث من أجل السلام، في الوقت الذي ينتظرهما فيه الشعب السوداني».
وأبدى رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس استعداد جبهته للتفاوض بقلب مفتوح لجعل الجولة الحالية حاسمة، فيما قال رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي إن عدم الإدارة الرشيدة والاعتراف بالتنوع أدى للحروب، وأبدى استعداده للتفاوض مع الحكومة بقلب مفتوح، لكنه اعترض بشدة على مشاركة قوى إعلان الحرية والتغيير في التفاوض، استنادا إلى أن الحكومة مكونة في الأساس من قوى إعلان الحرية.
وأفلحت مبادرة رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت في جمع الحكومة الانتقالية وحركات التمرد المسلحة، في تحقيق تقدم جزئي في المفاوضات بين الطرفين، وتوقيع اتفاقية إطارية للتفاوض.
وتقاتل الحركات المسلحة الحكومة السودانية منذ 2003 في إقليم دارفور، ومنذ 2011 في إقليمي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بيد أن سقوط حكم الرئيس عمر البشير الإسلاموي التوجه بثورة شعبية، دفع الأطراف السودانية للتلاقي.
ويشارك في التفاوض الجاري في جوبا الذي ينتظر أن تبدأ جلساته الفعلية اليوم، حركات مسلحة تم التوافق على اعتبارها «حركات كفاح مسلح»، ومن بينها الحركة الشعبية لتحرير السودان بشقيها، الجبهة الثورية، ومكونات مسلحة أخرى، إلى جانب وفد يمثل الحكومة السودانية برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، وعضوية عدد من المسؤولين والوزراء والفنيين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.