بعدما رفعت سعر الإنترنت بنسبة تجاوزت 130 في المائة، أقدمت الجماعة الحوثية في اليمن على إصدار قرار جديد يقضي بإجبار ملاك شبكات الإنترنت المحلية على تعميم بإزالة الشبكات خلال 24 ساعة، وهو ما يعني إغلاق مصدر رزق عشرات آلاف الأسر.
وفي حين أثار القرار استياء واسعاً في الأوساط اليمنية ولدى ملاك الشبكات في جميع المناطق التي ترزح تحت وطأة ميليشيات الحوثي، أفادت تقارير بأن عدد هذه الشبكات المستهدفة بالتعسف الحوثي يزيد على 50 ألف شبكة. وصرح عدد من مالكي شبكات الإنترنت في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأنه «لا أحد سيتنازل عن لقمة عيشه بهذه السهولة وأن هذا القرار الحوثي ستترتب عليه انتفاضة عارمة ضد جماعة استساغت الظلم والابتزاز والنهب». وأوضحوا أنه «لم يمر سوى أشهر من الحملات التي نفذتها الجماعة على أصحاب شبكات (الواي فاي) وابتزازهم حتى رفعت الوزارة سعر التعريفة بشكل خيالي، وذلك قبل أن تقوم أخيراً باتخاذ قرار إلغاء الشبكات ومصادرة أجهزة البث».
وأكد الملاك أنهم لن يسمحوا بقطع أرزاقهم وسوف يصعدون بكل الطرق في مواجهة التعسف الحوثي، مشيدين في الوقت نفسه بوقوف النقابة الوطنية للشبكات إلى صفهم. ويقول أبو رامي الذي يملك شبكة «واي فاي» في منطقة حزيز جنوب العاصمة: «صبرنا على انقطاع الراتب والكهرباء والماء، والآن يريدون قطع الإنترنت علينا بحجج واهية لا تدخل العقل».
وفي الوقت ذاته الذي ينتفض فيه ملاك الشبكات ضد الهجمات والممارسات التي تنفذها الجماعة الحوثية يئن المواطنون من ارتفاع قيمة استهلاك الإنترنت المنزلي، حيث يتم استنزاف الرصيد بصورة جنونية، بحسب ما يؤكده السكان في العاصمة المختطفة.
ويقول المستخدمون إنهم بدأوا منذ نحو 3 أشهر يفاجأون بسرعة استهلاك الرصيد في حين كانوا سابقاً يكملون اشتراكهم الشهري دون أن تنفد الباقات الخاصة بهم. ويشكو مستخدمو الإنترنت من سوء خدمة الإنترنت، حيث يرون أن الإنترنت في صنعاء هو الأغلى والأبطأ في العالم، حيث تدفع قيمة الخدمة، بزيادة على سعرها الحقيقي بأضعاف، ومع ذلك لا تجد خدمة ولا سرعة. ويقول إبراهيم (أحد المستخدمين في حي حدة): «أشتري كارت شبكات بـ250 ريالاً (نحو نصف دولار)، لكن الرصيد ينفد في ظرف ساعة دون أن تتمكن من تصفح أي شيء، فالمسألة صارت ضياعاً للوقت والجهد والمال».
وسبق أن أعلنت النقابة الوطنية للشبكات دعوة بشأن تعليق استخدام وتقديم خدمة الإنترنت لمدة 12 ساعة تعبيراً عن استنكار ورفض الجرعة السعرية التي أقرتها الجماعة الحوثية. وقال مصدر مسؤول في النقابة إن التفاعل الكبير مع الدعوة والاستجابة لها من مختلف شرائح المجتمع في المحافظات اليمنية، يؤكد مستوى الوعي الذي وصل إليه المجتمع اليمني ليعبر بهذا الأسلوب الحضاري المسؤول عن رفضه وسخطه ضد الإجراءات التعسفية الحوثية ورفع أسعار الإنترنت دون أي مسوغ قانوني. وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن «النقابة مستمرة في جهودها للانتصار لهذه المظلومية وإعادة الأسعار إلى ما كانت عليه قبل عام 2016. وتعويض المتضررين من هذه الإجراءات التعسفية التي قامت وتقوم بها المؤسسة العامة للاتصالات الخاضعة للميليشيات، بما في ذلك المتضررون من قطع خدمة الإنترنت في محافظة الحديدة. ومنع شبكات (الواي فاي) ومصادرة أجهزة ملاك الشبكات».
وكان قيادي حوثي بارز في حكومة الانقلاب في صنعاء أعلن عن توجه غير معلن للجماعة من أجل تقليص استخدام خدمات الإنترنت، وهو ما أثار استياء واسعاً في صفوف الناشطين والحقوقيين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاءت التصريحات الحوثية في تسجيل مصور بثته وسائل إعلام الجماعة، حيث ظهر فيه وزيرها للاتصالات وتقنية المعلومات القيادي مسفر النمير الذي ينتمي إلى صعدة وإلى جواره وزير إعلام الميليشيات ضيف الله الشامي. وهاجم الوزير الحوثي في حكومة الانقلاب غير المعترف بها، في تصريحاته، مستخدمي الإنترنت في اليمن واتهمهم بأنهم يستهلكون أكثر من اللازم بخلاف المستخدمين في بقية دول العالم التي زعم أنه زارها ووجد السكان هناك يستخدمون الإنترنت فقط لرسائل الإيميل، وفق قوله.
ورد الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي بحملات من السخرية اللاذعة تعقيباً على تصريحات الوزير الحوثي الذي أقدم مع بقية قيادات الجماعة المعينين في قطاع الاتصالات على تحجيم سرعة الإنترنت إلى الدرجة الأقل وزيادة الأسعار إلى الضعف. واتهم الناشطون الوزير الحوثي بـ«الجهل»، وعدّوا تصريحاته مقدمة من الجماعة للعمل على تقليص ساعات استخدام الإنترنت في البلاد وعزل اليمن عن العالم الخارجي وإعادته إلى القرون الوسطى، بحسب ما جاء في تغريدات عدد من الناشطين اليمنيين.
وكان مصدر خاص في المؤسسة العامة للاتصالات الخاضعة للانقلابيين كشف لـ«الشرق الأوسط» أن قيادات المؤسسة الموالين للانقلابيين أقدموا وبصورة سرية ومخادعة على رفع التعرفة السعرية المتمثلة بـ«أسعار باقات الإنترنت» بنسبة 130 في المائة. وقال المصدر إن قيام العصابة الحوثية المسيطرة على قطاع الاتصالات برفع أسعار باقات الإنترنت «الواي فاي»، جاء تحت مبررات واهية ومخادعة تمثلت في إعادة ترتيب وضع باقات الإنترنت بشكل عادل يرضي جميع المواطنين.
وتتحكم الميليشيات الحوثية الانقلابية بخدمة الإنترنت التي تزود بها شركة «يمن نت» ومقرها صنعاء وتقوم بعملية تقليل للبيانات المرسلة والمستقبلة عبر الشبكة في المدن المحررة، وهو ما تسبب في عدم حصول المستخدم على شبكة إنترنت بشكل سليم ومتواصل ودون انقطاع. وبحسب تقديرات عاملين بقطاع الاتصالات بصنعاء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، فقد بلغت عوائد الميليشيات الحوثية من قطاع الاتصالات نحو 280 مليون دولار عام 2018، ما يساوي 162 ملياراً و400 مليون ريال، مسجلة زيادة على السنوات السابقة جراء إضافة الميليشيات ضرائب جديدة منها معلنة وأخرى سرية.
ويتهم العاملون القيادي الحوثي عصام الحملي المعين من قبل الجماعة رئيساً لمجلس إدارة «يمن موبايل» بنهب الشركة وسلب مشتركيها منذ تعيينه في المنصب بعد أن كانت تقدم خدماتها بأسعار معقولة وتعرفة ترضي جميع القطاعات. وكشف العاملون أن الشركة التي تملك الحكومة فيها 51 في المائة، إلى جانب بقية قطاعات الاتصالات تحولت إلى مصدر دخل لثراء القيادات الحوثية، بمن فيهم كبار القادة أمثال مهدي المشاط وعبد الكريم الحوثي وأحمد حامد ووزير الجماعة للاتصالات في حكومة الانقلاب غير المعترف بها مسفر النمير.
تعسف حوثي يستهدف قطاع الإنترنت ويشلّ آلاف الشبكات المحلية
تعسف حوثي يستهدف قطاع الإنترنت ويشلّ آلاف الشبكات المحلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة