العلا تتأهب لنقلة نوعية في جميع المناشط مع تنفيذ الاتفاق السعودي الفرنسي

إنشاء شبكة من البنى التحتية والمرافق العلمية والثقافية عالية المستوى

ركزت الاتفاقية على ضرورة اتخاذ التدابير كافة للحفاظ على التراث الفريد لمحافظة العلا، مع مراعاة مزايا مواقعها الأثرية وتراثها المعماري والطبيعي
ركزت الاتفاقية على ضرورة اتخاذ التدابير كافة للحفاظ على التراث الفريد لمحافظة العلا، مع مراعاة مزايا مواقعها الأثرية وتراثها المعماري والطبيعي
TT

العلا تتأهب لنقلة نوعية في جميع المناشط مع تنفيذ الاتفاق السعودي الفرنسي

ركزت الاتفاقية على ضرورة اتخاذ التدابير كافة للحفاظ على التراث الفريد لمحافظة العلا، مع مراعاة مزايا مواقعها الأثرية وتراثها المعماري والطبيعي
ركزت الاتفاقية على ضرورة اتخاذ التدابير كافة للحفاظ على التراث الفريد لمحافظة العلا، مع مراعاة مزايا مواقعها الأثرية وتراثها المعماري والطبيعي

تترقب محافظة العلا (غرب السعودية)، تطبيق بنود الاتفاق بين السعودية وفرنسا، الذي وافق عليه مجلس الوزراء، خلال الفترة المقبلة، وسيكون هذا الاتفاق عاملاً مهماً في إحداث نقلة نوعية في التنمية الثقافية والبيئية والسياحية والاقتصادية.
واتفقت السعودية وفرنسا على التعاون الوثيق في تصميم وتطوير مشروع طموح ومبتكر يهدف إلى ربط المراكز الحضرية، والنهوض بالمناطق الريفية، وامتثال المؤسسات العلمية والثقافية والسياحية والتعليمية للمعايير الدولية، وتحقيق التميز الفرنسي في هذه المجالات، وذلك بهدف تطوير محافظة العلا ومواقعها الأثرية الاستثنائية.
يأتي هذا الاتفاق نتاجاً للمشروع الذي أطلقه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، «رؤية العلا»، في 11 فبراير (شباط) الماضي، والذي يهدف إلى تطوير المحافظة وتحويلها إلى وجهة عالمية للتراث مع الحفاظ على طبيعة وثقافة المنطقة، بالتعاون مع المجتمع المحلي وفريق من الخبراء العالميين، والذي يسعى إلى إحداث تحوّلات مسؤولة ومؤثرة في المحافظة.
وشملت الرؤية التي أطلقها ولي العهد السعودي، إطلاق محمية «شرعان» الطبيعية، لحماية المناطق ذات القيمة البيئية الاستثنائية، ووضع حجر الأساس لمنتجع «شرعان» المنحوت في الجبال بتصميم هندسي عالمي، لتهيئته أن يكون مقراً لعقد الاجتماعات والقمم، إضافة إلى ذلك شملت الرؤية إنشاء الصندوق العالمي لحماية النمر العربي من المهددات، فيما تسعى الهيئة إلى أن تسهم «رؤية العلا» في إضافة نحو 120 مليار ريال (32 مليار دولار) للناتج المحلي للسعودية بحلول عام 2035.
وبالعودة إلى بنود وأهداف الاتفاق مع فرنسا، فتتمثل في إنشاء شراكة ثنائية لتطوير محافظة العلا، وتصميم مشروع يشمل بوجه خاص مجالات العمارة والمناظر الطبيعية والعمران الحضري والتخطيط والثقافة، والمناطق والمنشآت السكنية والفندقية، والسياحة والاقتصاد، والبنى التحتية وأنظمة النقل المحلية والدولية، فضلاً عن إدارة الموارد الطبيعية والتراثية، وهذا المشروع سيكون ابتكارياً ومستداماً ومراعياً للتراث التاريخي والأثري والطبيعي للمحافظة على الثقافة المحلية، بما يتماشى مع أعلى المعايير الدولية.
وسيقوم الطرفان (السعودية وفرنسا) بتنفيذ جوانب المشروع كافة مع المراعاة التامة للبيئة والخصائص الطبيعية والحياة الفطرية بالمحافظة، وإعطاء الأفضلية لحلول الطاقة الابتكارية والمستدامة لجميع عناصر المشروع، كذلك تلبية أعلى التوقعات وإنجاز أفضل الممارسات من حيث التقنيات المبتكرة والذكية التي سيتم استخدامها في إطار المشروع، وتحديداً في مجال التنقّل والبنى التحتية والخدمات الحضرية الأخرى الضرورية للمدن العالمية.
وتنص الاتفاقية أن تستفيد السعودية من التميز الفرنسي وخبرته البارزة من خلال نقل المهارات والتقنيات والخبرات في جميع المجالات التي يشملها هذا الاتفاق، وخاصة من خلال دعم بناء القدرات وإعداد برامج تعليمية وتدريبية من الطراز الأول تمتثل لمعايير التصنيف الدولية للتعليم لمنظمة اليونيسكو. وتُنقل هذه المهارات والتقنيات والخبرات وفقاً للتشريعات النافذة لدى الطرفين، وتُحدد في إطار الاتفاقيات الخاصة، وفقاً لأحكام المادة 8 من هذا الاتفاق.
وضمن نطاق الاتفاق، فإن الطرف الفرنسي وفقاً للمهام العامة الموكلة إليه، التصميم والمخطط الرئيس، منافسته على نطاق دولي لتشكيل تحالف مسؤول عن المخططات الرئيسة من خلال لجنة معروفة عالمياً تتم الموافقة عليها من قبل الهيئة، ووضع مخطط رئيس للبنية التحتية الحضرية والنقل، ولتوجيه تنفيذه، كذلك مخطط لتخطيط المناظر الطبيعية والبيئة والحفاظ على الحياة الفطرية، ولتوجيه تنفيذه، ومخطط للطاقة المستدامة، وتنمية الزراعة، ومخطط رئيس للحفاظ على التراث الأثري والفني والثقافي والتاريخي لمحافظة العلا، وبرامج التدريب المهني والجامعي الذي يلبي احتياجات تنمية المحافظة بشكل خاص، والسعودية بشكل عام، وتجري كل هذه البنود بعد موافقة السعودية على تنفيذ مرحلة تصميم المشروع.
وفي جانب العرض الثقافي والفني والهندسة الثقافية، سيجري تأسيس وإنشاء شبكة من البنى التحتية والمرافق العلمية والثقافية العالية المستوى في جميع أنحاء محافظة العلا، وذلك بهدف تعزيز الحوار الشامل بين ثقافات الطرفين، إضافة إلى إنشاء وتطوير مرافق التدريب الهندسي والثقافي، التي تلبي احتياجات التنمية الثقافية في المحافظة، والسعودية بشكل عام، مع تصميم وإيجاد عرض ثقافي وتراثي، من شأنه رفع مستوى شهرة محافظة العلا على المستويين الإقليمي والعالمي، وإنشاء مرفق عالمي يضم متحفاً ومركزاً للأبحاث على مستوى عالمي، يجهز وفقاً لمعايير التميز، ويخصص لتراث وثقافة وتاريخ شبه الجزيرة العربية، ويقدم معلومات واسعة للسعوديين وللسياح من مختلف أنحاء العالم حول التاريخ القديم لبلدانهم ومناطقهم.
وفي إطار دعم التنمية الفنية والثقافية لمحافظة العلا، سيكون هناك معهد فرنسي في العلا يضطلع بتعزيز التبادل الثقافي والعلمي والجامعي والفني بين محافظة العلا وفرنسا، إضافة إلى تعزيز الحوار بين الثقافات واللغة الفرنسية، مع دعم تحسين البحوث وتعزيز القدرات السعودية ذات الصلة بحضارات ما قبل الإسلام والحضارات الإسلامية والعربية بعدة طرق، فيما سيتم إنشاء كراسي أكاديمية تُخصص لدراسة التاريخ والحضارة العربية في أعرق الجامعات الفرنسية، كما ستقام ندوة سنوياً، بالتناوب بين محافظة العلا وفرنسا، يجتمع فيها خبراء الآثار العالميون بهدف تسليط الضوء على أحدث الاكتشافات والأعمال ذات الصلة بمحافظة العلا.
وشددت الاتفاقية على تنفيذ جميع جوانب المشروع، مع الحفاظ على المناظر الطبيعية والبيئة والتراث والحياة الفطرية وإعطاء الأولوية لاستخدام مجموعة واسعة من حلول الطاقة المبتكرة والمستدامة، مع الحرص على الحفاظ على موارد المياه الجوفية، كذلك تحديد القواعد والمبادئ التوجيهية المناسبة من حيث التخطيط العمراني والهندسة المعمارية خلال مراحل التصميم المعماري وتصميم المواقع.
وركزت الاتفاقية على ضرورة اتخاذ التدابير كافة للحفاظ على التراث الفريد لمحافظة العلا، مع مراعاة مزايا مواقعها الأثرية وتراثها المعماري والطبيعي، وفقاً لمعايير التراث العالمي ومعايير منظمة اليونيسكو، وعمل جرد كامل ورسم خرائط لمزايا محافظة العلا من حيث الآثار والهندسة والتراث الطبيعي، كذلك إجراء عملية جرد لجميع المحفوظات ذات الصلة بمحافظة العلا وإنشاء برنامج للمحافظة عليها وإبراز قيمتها، مع بلورة مشروع كامل لتحديث وحماية وترميم وإدارة المواقع الأثرية والتراثية في محافظة العلا.


مقالات ذات صلة

فندق «شيدي الحجر» في العلا: تجربة تجمع بين الفخامة وعراقة التاريخ

عالم الاعمال فندق «شيدي الحجر» في العلا: تجربة تجمع بين الفخامة وعراقة التاريخ

فندق «شيدي الحجر» في العلا: تجربة تجمع بين الفخامة وعراقة التاريخ

افتتح فندق شيدي الحجر أبوابه في مدينة الحِجر الأثرية في السعودية المدرجة ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق يمثل العرض الفني فرصة لاستكشاف العلاقة بين الحركة البشرية والطبيعة المحيطة (الشرق الأوسط)

تعزيزاً للتعاون الثقافي السعودي الفرنسي... عرض فني لأوبرا باريس الوطنية في العلا

تستضيف «فيلا الحجر» في العلا، فرقة «باليه الناشئين» لأوبرا باريس الوطنية، لتقديم عرض فني في 13 و14 ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق الرئيس الفرنسي خلال جولته في منطقة «الحِجر» التاريخية في العُلا (واس)

الرئيس الفرنسي يزور معالم العُلا الأثرية ومكوناتها التاريخية

زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محافظة العلا شهدت إطلاق مشروع «فيلا الحِجر»، أول مؤسسة ثقافية فرنسية - سعودية على أرض المملكة.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق الهراميس الثلاثة وُلدت خلال هذا الصيف في مركز إكثار النمر العربي التابع للعلا (واس)

ولادة 3 توائم من هراميس نادرة للنمر العربي في «مركز العلا»

وُلِدت مجموعةٌ نادرة من التوائم الثلاثية للنمر العربي المهدد بالانقراض، في ظل التحديات المتعلقة بالحفاظ على هذه الأنواع وإعادة تأهيلها في البرية.

«الشرق الأوسط» (العلا)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».