موسكو تكثّف وجودها العسكري في قاعدة القامشلي

روسيا طورت 20 تقنية للحرب الإلكترونية بعد تجربتها في سوريا

مقاتلة كردية في القامشلي قرب مظاهرة أمس ضد الهجوم التركي شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
مقاتلة كردية في القامشلي قرب مظاهرة أمس ضد الهجوم التركي شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

موسكو تكثّف وجودها العسكري في قاعدة القامشلي

مقاتلة كردية في القامشلي قرب مظاهرة أمس ضد الهجوم التركي شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
مقاتلة كردية في القامشلي قرب مظاهرة أمس ضد الهجوم التركي شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

نقلت مصادر إعلامية روسية معطيات حول تعزيز الوجود العسكري الروسي في قاعدة القامشلي شمال شرقي سوريا، بعد مرور أسبوعين على إحكام موسكو السيطرة عليها. وأفادت المصادر أن قافلة ضخمة تابعة للشرطة العسكرية الروسية ضمت مصفحات وشاحنات وصلت مطار القامشلي ورافقتها قوات كردية في الطريق الواصل إلى المطار من بلدة عين عيسى.
ووفقا للمعطيات، فإن موسكو تواصل تعزيز الوجود العسكري في القاعدة التي تحولت إلى نقطة انطلاق أساسية لتنظيم الدوريات الروسية في المناطق الحدودية بين سوريا وتركيا. وكانت موسكو أرسلت مروحيات إلى المطار في وقت سابق، كما زودته بمنظومة «بانتسير» الصاروخية قصيرة المدى لحمايته من هجمات محتملة بالقذائف أو الصواريخ الموجهة.
وأعلنت الشرطة العسكرية الروسية في وقت سابق أن المطار سوف يشكل قاعدة انطلاق للمروحيات التي ترافق الدوريات الآلية، وأن التمركز فيه يسهم في توسيع عمل الدوريات الروسية في مناطق شمال شرقي سوريا نظرا لأن رحلة المروحيات التي تنطلق من قاعدة «حميميم» إلى المنطقة تستغرق خمس ساعات، وتحول المطار الذي كانت القوات الأميركية تسيطر عليه إلى ثالث قاعدة عسكرية «علنية» لروسيا على الأراضي السورية، خصوصا أن معطيات توفرت عن حوارات تجريها موسكو مع دمشق لتوقيع اتفاق استئجار طويل المدى، في تكرار للآلية التي استخدمت في قاعدتي حميميم وطرطوس. بينما تشير مصادر إلى أن الوجود العسكري الروسي بات يمتد إلى مطارات وقواعد جوية عدة أخرى، من دون أن تعمل موسكو على توسيعها وإقامة بنى تحتية فيها لتجهيزها لإقامة دائمة، مثلما حصل أخيرا في القامشلي.
ميدانيا، أعلن مركز المصالحة الروسي في سوريا، أن مسلحين أطلقوا النار على ناد رياضي في مدينة تل رفعت بريف حلب، ما أسفر عن مقتل 10 مدنيين بينهم 8 أطفال، وإصابة 13 شخصا بجروح.
وأوضح رئيس المركز الروسي للمصالحة، اللواء يوري بورينكوف، في بيان أن المسلحين قصفوا النادي الرياضي بمدافع الهاون من عيار 120 ملم من جهة قرية جبرين. وأشار إلى أن من بين الجرحى 7 أطفال، اثنان منهم في حالة حرجة.
وذكر المركز الروسي الذي يدير نشاطه من قاعدة «حميميم» أن عناصر «هيئة تحرير الشام» أطلقوا صاروخا على مبنى سكني في قرية الوضيحي جنوبي حلب، ما أسفر عن تدمير المبنى ومقتل طفل عمره 6 سنوات وإصابة والدته وأخويه.
بالإضافة إلى ذلك، أشار المركز الروسي إلى أن الشرطة العسكرية الروسية تواصل تسيير دورياتها بشمال سوريا، وقامت بدوريتين في محافظة حلب وأخرى في محافظة الرقة.
على صعيد آخر، كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع عسكري أول من أمس، أن بلاده جربت في سوريا تقنيات الحرب الإلكترونية إلى جانب التجارب التي أجرتها على نحو 200 طراز من الأسلحة التقليدية.
وشدد بوتين خلال الاجتماع على ضرورة مواصلة تطوير أنظمة الحرب الإلكترونية، مشيرا إلى أن «مؤسسات الدفاع الروسية طورت عشرين نموذجا من هذه الأنظمة في السنوات الأخيرة».
وزاد أن النماذج المطورة تسمح لقوات الحرب الإلكترونية بتنفيذ «مجموعة كاملة من المهام التي تواجهها بنجاح، متفوقة في ميزاتها على نظيراتها الأجنبية».
وأضاف بوتين أنه «من المهم مراعاة الخبرة المكتسبة خلال التدريبات، والاستخدام القتالي لمعدات الحرب الإلكترونية، وقد استخدمت بشكل فعال خلال العملية في سوريا».
إلى ذلك، واصلت موسكو مشاوراتها مع الأطراف الدولية حول سوريا، وأعلنت وزارة الخارجية أن نائب الوزير سيرغي فيرشينين بحث مع المبعوث البريطاني الخاص حول الشأن السوري، مارتن لونغدين، الوضع في سوريا والملفات الإقليمية المرتبطة.
وأفاد بيان أصدرته الوزارة أن الطرفين بحثا «عددا من الملفات الإقليمية على أجندة الشرق الأوسط، مع التركيز على جملة القضايا المتعلقة بالتسوية في الجمهورية العربية السورية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».