من يحدد الأجندة الإعلامية... الصحافي أم القارئ؟

جلسة وورشة عمل على مدى يومي المنتدى في نسخته الأولى (تصوير: بشير صالح)
جلسة وورشة عمل على مدى يومي المنتدى في نسخته الأولى (تصوير: بشير صالح)
TT

من يحدد الأجندة الإعلامية... الصحافي أم القارئ؟

جلسة وورشة عمل على مدى يومي المنتدى في نسخته الأولى (تصوير: بشير صالح)
جلسة وورشة عمل على مدى يومي المنتدى في نسخته الأولى (تصوير: بشير صالح)

رغم مرور عقود على ظهور نظرية ترتيب الأولويات أو (ترتيب الأجندة) في الإعلام، فإن السؤال عاد ليطرح نفسه على الساحة الإعلامية مجدداً، خصوصاً بعد زيادة الفاعلية للجماهير في الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي، وتناقل بعض وسائل الإعلام ما يُطرح في تلك المواقع كإحدى أولوياته، لتظهر علامات استفهام كبيرة حول من يؤثر في الآخر. فهل الإعلام ما زال هو من يقود ويحدد أولويات القضايا التي يناقشها، أو أن الجماهير هي التي باتت تؤثر على الإعلام في أن يتعاطى مع القضايا التي تطرحها هي عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟
«الشرق الأوسط» طرحت هذا السؤال على بعض المختصين في الإعلام والاتصال. ومن جهتها، ردت أليسون تاي خبيرة الإعلام ورئيسة تحرير مجلة «غرازيا» الإيطالية قائلة: «سؤال مهم ويأتي في وقت حساس للغاية، وسط نشاط فعال للجماهير في مواقع التواصل الاجتماعي».
أما مستشارة الاتصال والعلاقات العامة الفرنسية شارلوت شدافيل وإحدى المتحدثات في المنتدى، ترى أن التأثيرات على تحديد ما يُطرح في الإعلام، هي من الجانبين سواء الإعلاميين أنفسهم أو الجماهير المتابعة.
وأضافت شارلوت: «من ناحية تجارية أرى أن ظهور الوسائط الرقمية وصعود الإعلام الاجتماعي، فرصة للإعلام ليقود الدفة إذا ما أحسن استغلال هذه الوسائل». وقالت: «لكن إذا لم يحسن استغلال هذه الوسائل التكنولوجية الحديثة فإنه لا شك يواجه تحديات كبيرة وسيرضخ للقيادة من قبل الجماهير».
وأشارت شارلوت إلى بعض المتطلبات إذا ما أراد الإعلام أن يعود هو القائد المؤثر في الساحة الإعلامية بالقول: «هنالك عوامل هامة في ذلك، منها أنه يتوجب على المنتسبين للإعلام التركيز على دور وسائل الإعلام حول التحقق مما سيتم نشره، والتأكد من أن ما ستقرأه الجماهير هو الحقيقة ليكسب المصداقية».
وبخبرة تتجاوز الأربعين عاماً، حاول رتوري بيدرسن رئيس تحرير صحيفة «فيردينس غانغ» النرويجية، أن يضع عصارة خبرته كخريطة طريق للإعلاميين الجدد، ولا سيما العاملين منهم في الصحف الورقية، في كيفية مواجهة مستقبل الصحافة غير الواضح من وجهة نظر.
رتوري بيدرسن أحد المتحدثين الرئيسيين في منتدى الإعلام السعودية، يأتي من خلفية إعلامية عريقة، إذ قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هنالك تحديات على الكثير من المستويات تواجه الإعلام التقليدي، منها ما يتعلق بنموذج الأعمال الخاصة بالوسائط التقليدية، ومنها ما يتعلق بالدخل المادي». وأضاف: «الكثير من إيرادات الإعلانات تذهب إلى منصات كبيرة مثل (فيسبوك) و(غوغل) و(أمازون) و(أبل)». وشدد على أن هذه ليست كل التحديات بل إن «هنالك أيضاً تحديات متعلقة بحرية الصحافة في جميع أنحاء العالم».
وأضاف: «يجب علينا كصحافيين أن نواكب المرحلة وأن نتعلم الأساليب والطرق المناسبة لكل وسيلة نقل أخبار، فطريقة صياغة وسرد القصص في الصحف الإلكترونية، تختلف عن الراديو، وتختلف عن التلفزيون، وكذلك الهواتف الذكية، فلكل وسيط آلية معنية في طريقة الكتابة».
رغم أن معظم المتحدثين بالمنتدى أمس كانوا يرون الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي هي من أكبر التحديات التي تواجه الإعلام التقليدي، فإن ألكساندر بيكانتوف رئيس المركز الصحافي لوزارة خارجية الاتحاد الروسي رأى أن الأخبار الزائفة والتلاعب في المعلومات، الخطر الأكبر المحدق بالإعلام التقليدي. وطالب ألكسندر في حديثه مع «الشرق الأوسط» الدول المؤثرة عالمياً بضرورة مناقشة هذه الحقيقة بكل صراحة. وقال ألكساندر: «هنالك للأسف من يستخدم الإعلام في التلاعبات السياسية، وإذا لم يتم وضع معايير أخلاقية دولية تتحدث عن محتوى الرسائل الإعلامية فإن الوضع يتجه للأسوأ، لأنه لا يوجد حل آخر بديل عن اتفاق دولي».


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».