جلسات عزل الرئيس الأميركي تشهد مشاحنات بين الديمقراطيين والجمهوريين

دبلوماسيون: ترمب اهتم بالتحقيق مع بايدن أكثر من اهتمامه بأوكرانيا

تايلور وكنت يؤديان القسم قبل الإدلاء بإفادتهما أمام مجلس النواب أمس (إ.ب.أ)
تايلور وكنت يؤديان القسم قبل الإدلاء بإفادتهما أمام مجلس النواب أمس (إ.ب.أ)
TT

جلسات عزل الرئيس الأميركي تشهد مشاحنات بين الديمقراطيين والجمهوريين

تايلور وكنت يؤديان القسم قبل الإدلاء بإفادتهما أمام مجلس النواب أمس (إ.ب.أ)
تايلور وكنت يؤديان القسم قبل الإدلاء بإفادتهما أمام مجلس النواب أمس (إ.ب.أ)

اتهم رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، آدم شيف، البيت الأبيض بعرقلة التحقيق في عزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب وترهيب الشهود الذين يتعاونون مع مساعي التحقيق. وقال شيف في الجلسة العلنيّة الأولى التي عقدتها لجنته إنّ مساعي العرقلة قد تشكّل، بحسب الدستور الأميركي، مادة إضافية للعزل في حال ثبوتها. وتعهد شيف بالحفاظ على هويّة المُبلغ الّذي أبلغ أعضاء الكونغرس بتفاصيل ما بات يعرف بفضيحة أوكرانيا، وقال للجمهوريين إنه سيوقف أي محاولات من قبلهم للكشف عن هويته.
من ناحيته، اتّهم كبير الجمهوريين في اللجنة ديفين نونيز الديمقراطيين باعتماد سياسة الأرض المحروقة فيما يتعلق بترمب. وقال نونيز خلال الجلسة: «الديمقراطيون وبالتعاون مع وسائل الإعلام الفاسدة قالوا إن ترمب عميل روسي، وعندما فشلوا في إثبات هذه الادعاءات من خلال تقرير المحقق الخاص روبرت مولر، انتقلوا إلى أوكرانيا ودرّبوا الشهود في جلساتهم المغلقة لحضور هذه المهزلة».
واتّهم نونيز الديمقراطيين برفض طلب الجمهوريين لاستدعاء أي شهود، بمن فيهم المُبلغ. وقال نونيز للشهود الحاضرين وهم موظفون في وزارة الخارجية إن «وزارة الخارجية فقدت مصداقيتها مع الشعب الأميركي على غرار مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الاستخبارات المركزية»، في إشارة إلى العلاقة المتأرجحة التي تربط ترمب بالـ«إف بي آي» و«سي آي إيه».
وتعكس تصريحات نونيز الاستراتيجية التي سيعتمدها الجمهوريون في جلسات الاستماع العلنية، والتي ستتمحور حول التشكيك بمصداقية رئيس اللجنة والشهود. فهم يقولون إن الشهود الذين تم استدعاؤهم لم يسمعوا أي تصريح يثبت ادعاءات الديمقراطيين مباشرة من الرئيس الأميركي، وإن نصّ المكالمة الذي رفع البيت الأبيض السرية عنه لا يظهر أي نوع من الضغط أو ربط المساعدات العسكرية بفتح تحقيق ببايدن.
من ناحيتهم، يشدد الديمقراطيون على أن ترمب استعمل نفوذه لخدمة مصالحه السياسية، ويتهمونه بأنه جمّد المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا ليضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لفتح تحقيق مع نجل نائب الرئيس الأميركي السابق هانتر بايدن.
ويقول الديمقراطيون إن هذا الضغط بدا واضحاً في الاتصال الذي جرى بين الرئيسين في الخامس والعشرين من يوليو (تموز). وقد استمعت اللجنة إلى كل من ويليام تايلور القائم بأعمال السفارة الأميركية في أوكرانيا، وجورج كنت نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبيّة اللذين كرّرا ما قالاه في الجلسات المغلقة. وقال تايلور إنّ السفير الأميركي لدى الاتحاد الأوروبي غوردون سوندلاند قال له إن طلب الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي لقاء ترمب مرهون بإجراء تحقيق بممارسات بايدن في أوكرانيا. وأكّد أن مدير مكتب الموازنة في البيت الأبيض ميك مولفاني هو الذي اتخذ قرار تجميد المساعدات العسكرية إلى أوكرانيا بتوجيه من الرئيس الأميركي.
وكرّر تايلور ما قاله له سوندلاند: «قال لي (سوندلاند) إنّ ترمب هو رجل أعمال، وقبل أن يوقع رجل الأعمال على أي شيك للتمويل فهو يريد خدمة بالمقابل». وأضاف تايلور نقطة جديدة إلى التحقيق، فهو أكّد أن أحد مساعديه سمع ترمب يسأل سوندلاند في مكالمة هاتفية عن التحقيق ببايدن، وأن سوندلاند قال للرئيس الأميركي إن أوكرانيا سوف تعلن عن البدء بالتحقيق. ونقل تايلور عن مساعده قوله إنه عندما سأل سوندلاند عن رأي ترمب بأوكرانيا، أجاب الدبلوماسي الأميركي بالقول: «ترمب يهتم بالتحقيق ببايدن أكثر من اهتمامه بأوكرانيا».
هذا وأعرب كلّ من كنت وتايلور عن قلقهما العميق من السياسة غير التقليدية بقيادة محامي ترمب الخاص رودي جولياني في أوكرانيا، والتي تختلف عن السياسة الرسمية المعتمدة من قبل الولايات المتحدة بحسب قولهما.
وتكمن أهمية جلسات الاستماع العلنية هذه بأنها سوف تكون صلة الوصل ما بين المشرعين والشعب الأميركي الذي سيشاهدها مباشرة عبر شاشاته. وسيحاول الديمقراطيون من خلال هذه الجلسات إقناع الأميركيين بوجود أدلة كافية لعزل ترمب فيما سيسعى الجمهوريون إلى تصوير التحقيق على أنه مسيس ويهدف إلى إيذاء ترمب في صناديق الاقتراع.
وقد جدد الرئيس الأميركي هجومه على تدابير عزله. وطلب ترمب في تغريدة من الأميركيين قراءة نص مكالمته مع نظيره الأوكراني شخصياً وعدم الاستماع لمعارضيه. وقبل لقائه بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان، غرّد ترمب لمناصريه قائلا إنهم «يحاولون إيقافي لأنني أحارب من أجلكم، ولن أدع هذا يحدث، ونشر فيديو يتحدث فيه أن الديمقراطيين يحاولون أخذ الأسلحة وأخذ نظام التأمين الصحي وحريتكم وكل شيء، ونحن نحارب لتجفيف هذا المستنقع».
وفي سؤال عن: ماذا كان الرئيس ترمب يتابع الجلسة حول عزله؟ أجابت ستيفاني غريشام المتحدثة باسم البيت الأبيض إن «الرئيس في مكتبه بالمكتب البيضاوي يعقد اجتماعات، إنه يعمل ولا يشاهد الجلسة».
وتُعدّ جلسة الاستماع العلنية هذه تاريخية ونادرة الحدوث، فهي الأولى التي تُعقد في الكونغرس منذ عشرين عاماً. وهي بداية سلسلة طويلة من جلسات الاستماع التي ستُعقد في مجلس النواب قبل التصويت رسمياً على العزل وانتقال الإجراءات إلى مجلس الشيوخ الّذي ستكون له الكلمة الأخيرة في عزل الرئيس.
ولعلّ سيطرة الجمهوريين على الأغلبية في مجلس الشيوخ ستكون لصالح الرئيس، فأعضاء المجلس الّذين سيؤدون دور لجنة المحلفين سوف يصوتون في نهاية المحاكمة التي سيجريها مجلس الشيوخ لتقرير مصير ترمب، وهو تصويت بحاجة إلى أغلبية ثلثي الأصوات، الأمر الّذي يجعل العزل شبه مستحيل خاصة أن الديمقراطيين يتمتعون بـ45 صوتاً فقط من أصل مائة في المجلس.
إضافة إلى جلسة أمس التي حضرها كل من تايلور وكنت، تستعد ماري يافانوفيتش السفيرة الأميركية السابقة لدى أوكرانيا للإدلاء بإفادتها العلنية يوم الجمعة. وقد تحدى كل هؤلاء المسؤولين في وزارة الخارجية وزير الخارجية مايك بومبيو البيت الأبيض الّذي طلب منهم عدم المثول أمام الكونغرس.
لهذا السبب، أعرب الديمقراطيون عن قلقهم من أن تتخذ الوزارة إجراءات انتقامية بحقهم، فكتبوا إلى وزارة الخارجية لمطالبتها بحماية الشهود. وفي رسالة كتبها أعضاء لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ إلى نائب وزير الخارجية جون سوليفين، طالبوا بتقديم تقرير للجنة يُفصّل كيف تنوي الوزارة توفير الدعم لموظفيها الذين يتعاونون مع تحقيق الكونغرس؟ وكيف ستتعامل مع التهديدات التي قد يتعرضون لها؟ وقال أعضاء اللجنة الديمقراطيون إنهم فقدوا الأمل كلياً بوزير الخارجية بومبيو في مهمته لحماية موظفيه.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».