كوباني.. عقبة جغرافية تسعى «داعش» إلى إزالتها

الأكراد يتهمون أنقرة بمحاولات إنهاء الإدارة الذاتية.. ويتخوفون من تطهير عرقي

كوباني.. عقبة جغرافية تسعى «داعش» إلى إزالتها
TT
20

كوباني.. عقبة جغرافية تسعى «داعش» إلى إزالتها

كوباني.. عقبة جغرافية تسعى «داعش» إلى إزالتها

لا ينظر إلى الاشتباكات التي يخوضها مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردي ضد مقاتلي تنظيم داعش في مدينة كوباني (عين العرب) بريف حلب الشمالي، بمعزل عن أهميتها الاستراتيجية بالنسبة للأطراف المنخرطة في المعارك، أو المراقبة لتطوراتها، وخصوصا تركيا التي حشدت دباباتها على حدود المقاطعة التي تسكنها أغلبية كردية.
ويتهم الأكراد أنقرة بأنها تقدم دعما لقوات «داعش» للسيطرة على المدينة، «بهدف إجهاض تجربة الإدارة الذاتية الكردية في المدينة»، في حين يسعى التنظيم إلى وصل مناطق سيطرته من دير الزور إلى شمال حلب جغرافيا، والسيطرة على الشريط الحدودي المحاذي للأراضي التركية، بينما يحاول الأكراد الحفاظ على وجودهم في المدينة، ومنع «محاولات التطهير العرقي التي يقوم بها التنظيم بحق الأقليات».
وكوباني الواقعة شمال شرقي حلب، وتحولت إلى ملاذ آمن للنازحين السوريين والكرد من مناطق شمال سوريا منذ عام 2012، تواجه أوسع حملة عسكرية ينفذها تنظيم «داعش» للسيطرة عليها، بعد إحكام سيطرته على معظم الأرياف المحيطة بالمدينة وتتبعها إداريا. وتشكل مقاطعة كوباني عقبة جغرافية أمام طموحات «داعش» لوصل المنطقة الجغرافية التي يسيطر عليها من دير الزور (شرق سوريا) الحدودية مع العراق، بمواقع سيطرته في ريف حلب الشمالي المحاذي لبلدة مارع الحدودية مع تركيا.
ويقول رئيس مجلس أمناء الثورة السورية في منبج منذر سلال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «في حال سيطرة (داعش) على مدينة كوباني، تكون قد أحكمت سيطرتها على كامل الريف الشرقي لمحافظة حلب»، موضحا أن المدينة «هي الوحيدة بين مساحة جغرافية كبيرة الخارجة عن سيطرة التنظيم». إضافة إلى ذلك، يسعى التنظيم عبر مهاجمة كوباني «إلى السيطرة على شريط طويل من المنطقة الحدودية السورية المحاذية لتركيا، تمتد من ريف الحسكة الغربي (شمال شرقي سوريا) وصولا إلى أعزاز» التي تشهد تخومها في هذا الوقت معارك بين كتائب الجيش السوري الحر وكتائب إسلامية من جهة، ومقاتلي «داعش» من جهة أخرى.
ويسيطر «داعش» على منطقة حدودية واسعة تزيد على ثلث مساحة الشريط الحدودي السوري مع تركيا، تبدأ من ريف الحسكة شرقا، وتتجه غربا نحو الرقة، قبل أن تنقطع على حدود كوباني التي تفصل الرقة عن جرابلس بريف حلب الشرقي. لكن التنظيم لا يبسط سيطرته المباشرة على أي من المعابر الحدودية الرسمية، إذ يعد معبر تل أبيض مغلقا أمام الحركة التجارية على الرغم من سيطرة كتائب موالية لـ«داعش» عليه وليس خاضعا رسميا للتنظيم، كما يعتبر معبر جرابلس شبه متوقف أيضا عن العمل، علما أنه لم يكن مفتوحا أمام الحركة التجارية، فيما يقاتل التنظيم للسيطرة على المنطقة المحاذية لمعبر أعزاز.
وتقول مصادر المعارضة السورية في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط» إن «سعي (داعش) للسيطرة على مساحة كبيرة من الشريط الحدودي المحاذي لتركيا، يعود إلى رغبة التنظيم بتسهيل عبور المقاتلين المهاجرين إلى سوريا»، موضحا أن قرية تركية حدودية صغيرة أنشأ فيها التنظيم ما بات معروفا بمضافة المهاجرين، يستقبل فيها المقاتلون الأجانب قبل إعادة توجيههم إلى سوريا وإدخالهم عبر معابر حدودية غير شرعية.
وعلى النقيض من طموحات «داعش»، يسعى المقاتلون الأكراد لمنع سقوط المدينة، بهدف «حماية المدنيين الأكراد من المذابح، ومنع التنظيم من ارتكاب حملة تطهير عرقي في المنطقة»، كما أكد الناطق باسم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي نواف خليل لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن التنظيم «يستكمل مشروعه بتطهير المناطق في العراق وسوريا من الأقليات، وتنفيذ حملات تطهير عرقي وطائفي، يماثل تماما ما حصل في العراق لجهة تهجير المسيحيين والإيزيديين، وحملات اضطهاد الأقليات».
ولا ينكر خليل مخاوف الأكراد من «عملية تطهير عرقي وارتكاب مجازر ومذابح» في حال دخل «داعش» إلى المدينة، «على الرغم من قتالنا لمنع سقوطها وإبداء مقاومة كبيرة لصد هجمات (داعش)»، مشيرا إلى أنه «في حال تمكنوا من دخول المدينة، فإن الحملات التالية لـ(داعش) ستكون موجهة باتجاه القامشلي (أكبر تجمع لأكراد سوريا)، وعفرين (ثاني أكبر تجمع للأكراد في سوريا)».
وتبعد مدينة كوباني عن القامشلي ما يقارب 200 كيلومتر، كما تبعد عن عفرين ما يزيد على 150كم. وتفصل بينها وعفرين المدن التابعة لريف حلب الشرقي، بينها جرابلس ومنبج والباب، وتخضع بأكملها لسيطرة «داعش». وتفصل بين كوباني والقامشلي، محافظة الرقة الخاضعة بأكملها لسيطرة التنظيم، إضافة إلى مدن وقرى غرب وجنوبي الحسكة، بينها مركدة والشدادي.
وتخرج مناطق ريف حلب الشرقي عن سيطرة النظام السوري التي تبعد قواته عن كوباني في أقرب نقطة، 150كم في مدينة حلب. أما القوات التركية التي حشدتها حكومة أنقرة، فلا تبعد أكثر من 30 كيلومترا عن مدينة كوباني خارج الشريط الحدودي السوري.
ويتهم الأكراد أنقرة بدعم «داعش»، بهدف «منع قيام إدارة ذاتية كردية على حدودها»، كما يقول نواف خليل، علما أن هذه الإدارة الذاتية في المدينة تشارك فيها شخصيات عربية وأخرى شركسية.
ويضيف: «بعد سيطرة الأكراد عام 2012 على المدينة وطرد قوات النظام السوري، قالت صحف تركية إن هناك توجها لتمدد كردستان إلى سوريا»، لافتا إلى أن ذلك «يشير إلى أن تركيا تريد منع قيام هذه الإدارة الذاتية، ومنع أي اتصال بين المناطق الكردية في سوريا».
ويتساءل خليل: «لماذا تمنع تركيا دخول المقاتلين الأكراد والأسلحة إلى كوباني، مقابل سماحها في السابق لمقاتلي (داعش) بالدخول»، ويضيف: «تدعي أنقرة أن الوضع الكردي يشكل خطرا عليها، علما ألا اشتباك حصل مع تركيا منذ تشكيل الإدارة الذاتية في يناير (كانون الثاني) الماضي، فهل يكون خطرهم أكبر من خطر (داعش) عليها؟» ويقول: «اليوم تقصف دبابات ومدفعية (داعش) مدينة كوباني، وعليه نطالب التحالف الدولي بضربها بهدف حماية المدينة من القصف، كوننا أكدنا في تصريحات سابقة أننا جزء من التحالف، ونحن القوة الوحيدة التي وقفت بوجه التنظيم».



واشنطن: نستهدف الحوثيين وقدراتهم العسكرية وعرقلة تدفق الأسلحة من إيران ودول أخرى

السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاغن خلال كلمته (السفارة الأميركية)
السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاغن خلال كلمته (السفارة الأميركية)
TT
20

واشنطن: نستهدف الحوثيين وقدراتهم العسكرية وعرقلة تدفق الأسلحة من إيران ودول أخرى

السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاغن خلال كلمته (السفارة الأميركية)
السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاغن خلال كلمته (السفارة الأميركية)

أكد السفير الأميركي لدى اليمن، ستيفن فاغن، أن الضربات الجوية التي تشنها بلاده على مواقع جماعة الحوثي الإرهابية ودخلت شهرها الثاني، تستهدف مستودعات الأسلحة، ومرافق التصنيع، ومراكز القيادة والسيطرة، بالإضافة إلى قادة حوثيين رئيسيين.

وفي الوقت الذي تحدثت فيه عدة تقارير إعلامية عن التحضير لعملية برية محتملة يتم الإعداد لها لتحرير الأراضي اليمنية الخاضعة تحت سيطرة الحوثيين، وعلى رأسها الحديدة، وصنعاء، تحفظ السفير ستيفن فاغن في الرد على استفسارات «الشرق الأوسط» بهذا الشأن.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أمر الجيش ببدء حملة ضد الحوثيين في 15 مارس (آذار) الماضي، وتوعدهم بـ«القوة المميتة» و«القضاء عليهم تماماً»، وذلك ضمن مساعي إدارته لإرغام الجماعة المدعومة من إيران على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن الهجمات باتجاه إسرائيل.

وشدد السفير على أن بلاده تكثف جهودها لعرقلة تدفق الأسلحة ومكوناتها من إيران ودول أخرى إلى الحوثيين، عبر التعاون مع الشركاء في المنطقة وخارجها وتصنيف الحوثيين منظمةً إرهابية أجنبية، وفرض عقوبات إضافية تؤدي إلى تجفيف مصادر تمويلهم التي تمكّنهم من تنفيذ أنشطتهم الخبيثة.

من جانبه، أكد مسؤول يمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» أن جماعة الحوثي تعرضت لضربات قاتلة خلال الأسابيع الماضية، مبيناً أن الجماعة «لم تستوعب خسائرها حتى الآن».

واعتذر المسؤول الذي رفض الافصاح عن هويته عن إعطاء مزيد من التفاصيل بشأن أي عملية عسكرية برية مقبلة، مكتفياً بالقول: «الأسابيع المقبلة ستكشف المزيد».

فريق من وزارة الدفاع اليمنية خلال زيارة لجبهات القتال في الساحل الغربي قبل يومين (سبأ)
فريق من وزارة الدفاع اليمنية خلال زيارة لجبهات القتال في الساحل الغربي قبل يومين (سبأ)

بالعودة للسفير الأميركي لدى اليمن الذي أكد أن «الهجمات الإرهابية غير القانونية والخطيرة التي شنّها الحوثيون على الملاحة الدولية قوضت كل الجهود الجماعية التي نبذلها من أجل مستقبل أفضل للشعب اليمني. وللأسف، لم يتراجع الحوثيون عن هذه الهجمات، بل صعّدوها بشكل أكبر».

وأضاف السفير في كلمة خلال الاحتفال بالذكرى الـ249 لاستقلال الولايات المتحدة بقوله: «لقد ادّعى الحوثيون أنهم يمتلكون حق السيطرة على البحر الأحمر، وأعلنوا صراحةً أنهم هم من يحدد السفن التي يمكنها العبور بحرية ودون مضايقة، وتلك التي لا يمكنها ذلك، كما عبّروا عن نيتهم في تحويل البحر الأحمر إلى مصدر للتمويل، من خلال فرض مدفوعات - أشبه بالفدية - لضمان العبور الآمن».

وأشار فاغن إلى تحذير الرئيس ترمب فور توليه المنصب في يناير (كانون الثاني) من أن «الولايات المتحدة لن تتسامح مع هذه الأفعال غير القانونية التي تهدد أمن المدنيين والعاملين الأميركيين في الشرق الأوسط، وسلامة شركائنا الإقليميين، واستقرار التجارة البحرية العالمية».

وتابع السفير بالقول: «في أمره التنفيذي الصادر 22 يناير، أكد الرئيس أن سياسة الولايات المتحدة تقوم على التعاون مع الشركاء الإقليميين للقضاء على قدرات وأنشطة جماعة أنصار الله، وحرمانها من الموارد، وبالتالي إنهاء هجماتها ضد الأفراد والمدنيين الأميركيين، وشركاء الولايات المتحدة، والملاحة البحرية في البحر الأحمر».

السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاغن خلال كلمته (السفارة الأميركية)
السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاغن خلال كلمته (السفارة الأميركية)

وبحسب فاغن، فإن «هذه هي السياسة التي ننفذها الآن بهدف إنهاء الحصار الحوثي، وضمان عدم تكرار هذا التهديد للمجتمع الدولي. ضرباتنا الجوية الدقيقة تستهدف مستودعات الأسلحة الحوثية، ومرافق التصنيع، ومراكز القيادة والسيطرة، بالإضافة إلى مواقع أخرى - مثل الرادارات - التي يستخدمها الحوثيون في هجماتهم بالصواريخ والطائرات المسيّرة والقوارب المفخخة، كما تستهدف غاراتنا قادة حوثيين رئيسيين».

وأكد الدبلوماسي تكثيف جهود التصدي لتدفق الأسلحة ومكوناتها من إيران ودول أخرى إلى الحوثيين، متطلعاً إلى «تعزيز تعاوننا مع الشركاء في المنطقة وخارجها بهذا الخصوص،، ومن خلال تصنيف الحوثيين منظمةً إرهابية أجنبية، وفرض عقوبات إضافية، نعمل على تجفيف مصادر تمويلهم التي تمكّنهم من تنفيذ أنشطتهم الخبيثة».

فريق من وزارة الدفاع اليمنية خلال زيارة لجبهات القتال في الساحل الغربي قبل يومين (سبأ)
فريق من وزارة الدفاع اليمنية خلال زيارة لجبهات القتال في الساحل الغربي قبل يومين (سبأ)

وخلال كلمته، شدد السفير الأميركي على أن «حملتنا العسكرية تستهدف الحوثيين وقدراتهم العسكرية فقط، ولا تستهدف المدنيين اليمنيين الذين هم أنفسهم ضحايا حكم الحوثيين، الولايات المتحدة تقف بحزم إلى جانب الشعب اليمني في تطلعاته إلى السلام والازدهار».

ولفت ستيفن فاغن إلى أنه «عندما نصل إلى هدفنا ونعيد حرية الملاحة، فإننا سنهيّئ ظروفاً أفضل بكثير للتوصل إلى حل شامل وسياسي يشمل جميع الأطراف للنزاع في اليمن، مما يمكّن اليمنيين من التقدم نحو مستقبل أكثر إشراقاً لبلدهم».

ومنذ بدء الحملة الأميركية التي أمر بها ترمب، استقبل الحوثيون نحو 450 ضربة جوية وبحرية، تركزت بدرجة أساسية على المخابئ المحصنة، خصوصاً في صعدة وصنعاء وعمران والحديدة، وكذا على قدرات الجماعة عند خطوط التماس، لا سيما في مأرب والجوف.