حملة ترمب ضد الحوثيين تدخل شهرها الثاني... والغارات تتكثف في مأرب

وزير يمني حذَّر من استخدام المنشآت المدنية لأغراض عسكرية

مقاتلة تقلع من فوق متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة تقلع من فوق متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
TT

حملة ترمب ضد الحوثيين تدخل شهرها الثاني... والغارات تتكثف في مأرب

مقاتلة تقلع من فوق متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)
مقاتلة تقلع من فوق متن حاملة طائرات أميركية لضرب الحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

مع بداية الشهر الثاني منذ بدء الحملة الأميركية ضد الحوثيين، كثَّفت المقاتلات ضرباتها الليلية على مواقع الجماعة وتحصيناتها في محافظة مأرب، وامتدت إلى مواقع في محافظة الجوف المجاورة، وصولاً إلى جزيرة كمران في البحر الأحمر.

وفي حين اشتدت الضربات على مخابئ الجماعة، حذَّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني ملَّاك المصانع والمنشآت المدنية من السماح للحوثيين باتخاذ أملاكهم مواقع عسكرية، مديناً قيام الجماعة بـ«اتخاذ المدنيين دروعاً بشرية».

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أمر الجيش ببدء حملة ضد الحوثيين في 15 مارس (آذار) الماضي، وتوعدهم بـ«القوة المميتة» و«القضاء عليهم تماماً»، وذلك ضمن مساعي إدارته لإرغام الجماعة المدعومة من إيران على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن الهجمات باتجاه إسرائيل.

واعترفت الجماعة الحوثية بتلقِّي 16 غارة ليلية في مناطق متفرقة من محافظة مأرب (شرق صنعاء)؛ حيث استهدفت 15 غارة منها مديريتي رغوان ومدغل في الشمال الغربي، في حين استهدفت غارة واحدة مديرية العبدية في جنوب المحافظة.

كما أقرت الجماعة بتعرضها لثلاث غارات استهدفت منطقتي الجحف والقدير في أطراف مديرية الحزم التابعة لمحافظة الجوف المجاورة لمأرب، وبتلقي جزيرة كمران في البحر الأحمر سلسلة من الغارات لم تذكر عددها.

وجاءت الغارات في مأرب استمراراً لموجة واسعة من الضربات في الأيام الماضية، إذ نفَّذت ضد مواقع الجماعة فيها نحو 50 غارة في أقل من أسبوع، وسط تكهنات بأن الغارات تهدف إلى إنهاك قدرات الحوثيين العسكرية في مناطق التماس مع القوات الحكومية في مأرب استعداداً لأي عملية برية مرتقبة ضد الجماعة.

وإذ تتخذ الجماعة الحوثية من جزيرة كمران في البحر الأحمر قاعدة متقدمة لتهديد الملاحة في البحر الأحمر، تُعد هذه هي المرة الرابعة التي تستهدف فيها مخابئ الجماعة في الجزيرة منذ بدء حملة ترمب.

ولم تورد الجماعة الحوثية أي تفاصيل عن طبيعة الأهداف المقصوفة ليل الاثنين- الثلاثاء، ولا عن حجم خسائرها على مستوى العتاد والعناصر، كما لم يُعلق الجيش الأميركي حول تفاصيل هذه الضربات، واكتفت القيادة المركزية بتغريدة على «إكس» أكدت فيها استمرار ضرب الحوثيين على مدار الساعة عبر حاملتي الطائرات «هاري ترومان» و«كارل فينسون».

450 ضربة

منذ بدء الحملة الأميركية التي أمر بها ترمب، استقبل الحوثيون نحو 450 ضربة جوية وبحرية، تركزت بدرجة أساسية على المخابئ المحصنة، خصوصاً في صعدة وصنعاء وعمران والحديدة، وكذا على قدرات الجماعة عند خطوط التماس، لا سيما في مأرب والجوف.

وطالت الضربات -بدرجة أقل- مواقع وتحصينات ومستودعات وقدرات عسكرية متنوعة في محافظات حجة والبيضاء وذمار وإب، وسط تكتم من الجماعة المدعومة من إيران على حجم خسائرها، مكتفية بذكر أرقام لضحايا تزعم أنهم من المدنيين.

وحسب قطاع الصحة الخاضع للحوثيين، فقد بلغ عدد ضحايا الضربات من منتصف مارس الماضي حتى الآن 123 قتيلاً و247 جريحاً، وهي أرقام لم يتم التحقق منها من مصادر مستقلة، إذ عادة ما تحاول الجماعة تهويل الإصابات بين المدنيين في مقابل التكتم على عناصرها وقادتها الذين تم استهدافهم.

موقع مفترض للحوثيين في صنعاء تعرَّض لقصف أميركي (إ.ب.أ)

يشار إلى أن ضربات ترمب تُضاف إلى نحو ألف غارة وضربة بحرية كانت الجماعة قد تلقتها خلال عام كامل من إدارة بايدن، ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، حتى توقيع هدنة غزة بين «حماس» وإسرائيل في 19 يناير الماضي.

وفي مقابل ذلك، تبنَّت الجماعة منذ 17 مارس الماضي إطلاق 12 صاروخاً باتجاه إسرائيل وعدد قليل من المسيّرات، وجميعها تم اعتراضها دون أي تأثير عسكري.

كما يزعم الحوثيون بشكل شبه يومي أنهم يواصلون مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها بالصواريخ والمسيّرات، لكنهم لا يقدمون أي دليل يثبت مزاعمهم.

ويجزم مراقبون يمنيون أن الحملة الجوية الأميركية لن تكون كافية لإنهاء تهديد الحوثيين، وأنه لا بد من عمل بري على الأرض تقوم به القوات الحكومية لاستعادة الحديدة وصنعاء وبقية المناطق اليمنية المختطفة من قبل الجماعة.

تنديد حكومي

أدان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، بأشد العبارات لجوء الحوثيين إلى استخدام المنشآت العامة، والبنية التحتية الصناعية، والممتلكات الخاصة، مخازن للأسلحة والذخائر.

وفي تصريحات للوزير، قال إن هذه الممارسات تُمثل تهديداً مباشراً لحياة المدنيين الأبرياء، وتُشكل جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتهاكاً صارخاً لكل القوانين والأعراف الإنسانية والدولية، بما فيها القانون الدولي الإنساني.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وتطرَّق الإرياني إلى ضربة أميركية وصفها بـ«الدقيقة»، استهدفت أحد مخازن السلاح التابعة للحوثيين في مديرية بني مطر بمحافظة صنعاء، وقال إن الجماعة حاولت كعادتها تضليل الرأي العام المحلي والدولي، بادعاء أن الموقع المستهدف هو «مصنع للسيراميك»، في حين أن المقاطع المصورة الموثقة أظهرت انفجارات متتالية تؤكد وجود كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر في الموقع.

واتهم الوزير اليمني الحوثيين بالاستخفاف بحياة المدنيين، من خلال اتخاذهم دروعاً بشرية، وتخزين السلاح، وحشد مقاتليهم في المدن والقرى والأحياء السكنية، دون أي اعتبار لما قد يترتب على ذلك من كوارث إنسانية، وأضرار جسيمة وفق تعبيره.

ودعا الإرياني السكان في مناطق سيطرة الجماعة، لا سيما رجال الأعمال وأصحاب المنشآت الصناعية والتجارية، إلى عدم السماح باستخدام ممتلكاتهم مخازن للأسلحة أو نقاط تمركز للمقاتلين.


مقالات ذات صلة

مخاوف يمنية من انخراط الحوثيين في صراع إيران وإسرائيل

العالم العربي اجتماع لجنة الأزمات اليمنية في عدن برئاسة العليمي (سبأ)

مخاوف يمنية من انخراط الحوثيين في صراع إيران وإسرائيل

تتخوَّف الأوساط اليمنية على المستويين الرسمي والشعبي من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية جراء انخراط الحوثيين في الصراع بين إيران وإسرائيل.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي اليمن يواجه أزمة مالية غير مسبوقة ويسعى لتحسين موارده (إعلام حكومي)

خطة يمنية لزيادة الدولار الجمركي على السلع غير الأساسية

تخطط الحكومة اليمنية لرفع سعر الدولار الجمركي بهدف زيادة الموارد لتغطية العجز الناتج عن توقف تصدير النفط، بسبب منع الحوثيين لذلك منذ أكثر من عامين

محمد ناصر (تعز)
الخليج المستشار منصور المنصور خلال المؤتمر الصحافي الأربعاء في الرياض (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يؤكد عدم استهداف التحالف مستشفى صرواح الريفي في 2015

أكد الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن أن مهمته إيضاح الحقائق بحيادية تامة ودون تحيز.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص عنصر حوثي خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

خاص مواقف متباينة في صنعاء حول الحرب الإيرانية - الإسرائيلية

أظهرت المتابعة للشارع اليمني الخاضع للحوثيين أن الحرب الإيرانية - الإسرائيلية الحالية أفرزت السكان والناشطين إلى ثلاث فئات متباينة في ردود الفعل والمواقف

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي إعادة فتح الطريق الرئيسي المغلق في الضالع سمحت بدخول البضائع والسلع من ميناء عدن (إكس)

قيود حوثية قاسية على طريق حيوي أعيد فتحه بين عدن وصنعاء

بعد إعادة فتح طريق حيوي بن عدن وصنعاء، بدأ الحوثيون فرض جبايات جديدة على السكان، وعلى مشترياتهم من مناطق سيطرة الحكومة، واستحدثوا جمارك جديدة.

وضاح الجليل (عدن)

مخاوف يمنية من انخراط الحوثيين في صراع إيران وإسرائيل

اجتماع لجنة الأزمات اليمنية في عدن برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لجنة الأزمات اليمنية في عدن برئاسة العليمي (سبأ)
TT

مخاوف يمنية من انخراط الحوثيين في صراع إيران وإسرائيل

اجتماع لجنة الأزمات اليمنية في عدن برئاسة العليمي (سبأ)
اجتماع لجنة الأزمات اليمنية في عدن برئاسة العليمي (سبأ)

تتخوَّف الأوساط اليمنية على المستويين الرسمي والشعبي من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية جراء انخراط الحوثيين في الصراع بين إيران وإسرائيل، خصوصاً في ظل المعاناة التي يعيشها ملايين السكان المعتمِدين على المساعدات.

وأحدث هذه المخاوف اليمنية عبَّر عنها اجتماع للجنة الأزمات الاقتصادية والإنسانية في عدن بحضور رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وكبار المسؤولين الحكوميين، بحسب ما أورده الإعلام الرسمي.

ونقلت وكالة «سبأ» أن الاجتماع استمع إلى تقدير موقف بشأن تطورات الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، وتداعياتها المحتملة على السلم والأمن الإقليميَّين والدوليَّين، والأوضاع الأمنية والاقتصادية والإنسانية في اليمن.

وحذَّر الاجتماع على هذا الصعيد، بحسب الوكالة، الجماعة الحوثية «من مغبة استمرارها بزج اليمن وشعبه في الصراعات الإقليمية المُدمِّرة».

جداريات في صنعاء تعكس تمجيد الحوثيين لقيادات ما يُسمى «محور المقاومة» بقيادة إيران (إ.ب.أ)

كما حمّل اجتماع لجنة الأزمات الاقتصادية والإنسانية اليمنية، الجماعة الحوثية وداعميها «كامل المسؤولية عن العواقب والتداعيات الوخيمة المترتبة على أي أعمال إضافية متهورة، تنطلق من الأراضي اليمنية».

ومن شأن هذا الانخراط الحوثي في الصراع الإقليمي - بحسب الإعلام الرسمي - إغراق البلاد بمزيد من الأزمات، بما في ذلك مضاعفة عسكرة الممرات المائية، وتهديد الأمن الغذائي، وما تبقى من فرص العيش، ومفاقمة المعاناة الإنسانية للشعب اليمني.

وكانت جماعة الحوثيين تبنّت، الأحد الماضي، أولى الهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل لمساندة إيران بالتنسيق مع الأخيرة، وذلك غداة تأكيد زعيمها عبد الملك الحوثي دعمه لموقف طهران «بكل ما يستطيع» للرد على الضربات الإسرائيلية.

وجاء تبني الجماعة الهجمات المنسقة مع طهران عقب ساعات من استقبال العاصمة المختطفة صنعاء ضربات إسرائيلية هدفت لاغتيال قادة حوثيين، يتصدرهم رئيس أركان الجماعة محمد عبد الكريم الغماري، وسط تعتيم على نتائج العملية.

مساعٍ لاحتواء التدهور

أفاد الإعلام اليمني الرسمي بأن الاجتماع، الذي رأسه العليمي، عُقد بحضور رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك رئيس لجنة إدارة الأزمات الاقتصادية والإنسانية، كما ضم محافظ البنك المركزي، ووزراء الخارجية والنقل والنفط والمعادن، ورئيس الفريق الاقتصادي، ونائب وزير المالية، ورئيس مجلس إدارة شركة الخطوط الجوية اليمنية.

وناقش الاجتماع، وفق المصادر الرسمية، مستجدات الأوضاع السياسية، والاقتصادية والخدمية والإنسانية، إضافة إلى تطورات المنطقة في ضوء التصعيد الحربي الإسرائيلي - الإيراني، وانعكاساته على الأمن اليمني والإقليمي، والأوضاع المعيشية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

ومع استمرار تهاوي سعر الريال اليمني أمام الدولار، قالت المصادر إن الاجتماع استمع إلى إحاطة موجزة حول الوضع الاقتصادي والمؤشرات المالية والنقدية، والمتغيرات المتعلقة بأسعار العملة الوطنية، والاختناقات في إمدادات بعض السلع والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والغاز المنزلي.

كما شملت الإحاطة، مسار الإصلاحات الحكومية، والإجراءات المطلوبة لتحسين وصول الدولة إلى مواردها، ومضاعفة تدخلاتها للحد من وطأة الأزمة الإنسانية التي فاقمتها هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وسفن الشحن البحري.

إلى ذلك، ذكرت المصادر أن الاجتماع استعرض تقارير الإنجاز في إطار لجنة إدارة الأزمات، ومستوى تنفيذ القرارات المتخذة من مختلف سلطات الدولة، والبدائل المقترحة لتعزيز جهود وفاء الحكومة بالتزاماتها الحتمية، وفي المقدمة استمرار دفع رواتب الموظفين، وتدفق السلع والواردات الأساسية، والتعاطي العاجل مع الاستحقاقات كافة، والتحديات الراهنة المستقبلية.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، ثمَّن الاجتماع اليمني المواقف السعودية والإماراتية الداعمة لليمن وقيادته السياسية، واستجابة الدولتين المستمرة لتحديات وأولويات الحكومة اليمنية على مختلف المستويات.