شنت مقاتلات أميركية، فجر الجمعة، ضربات مركّزة استهدفت مواقع وتحصينات حوثية في صنعاء وضواحيها، وذلك غداة وصول حاملة الطائرات «كارل فينسون» إلى شمال البحر الأحمر؛ لتعزيز الحضور العسكري الأميركي في المنطقة.
وتأتي هذه الضربات في نهاية الأسبوع الرابع من العمليات العسكرية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 15 مارس (آذار) الماضي، متوعداً الحوثيين بـ«القضاء التام» عليهم، في مسعى لوقف تهديدهم المتصاعد للملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، ولوقف استهدافهم لإسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيَّرة.
ومع ملاحظة تراجع قدرات الجماعة الهجومية في الأسبوعين الأخيرين، دعا زعيمها عبد الملك الحوثي للتظاهر، الجمعة، في صنعاء وبقية المدن الخاضعة بالقوة للجماعة، في مسعى لاستعراض القوة ورفع معنويات أتباعه.
وبحسب ما أفاد به إعلام الحوثيين، استهدفت ثلاث غارات منطقة فج عطان بمديرية معين جنوب غربي صنعاء، كما استهدف بغارة جبل نقم شرق المدينة، حيث يعتقد أنها ضربت تحصينات ومستودعات أسلحة مخبأة في الجبال.

وفي ريف صنعاء الشرقي، قال الإعلام الحوثي إن خمس غارات ضربت مديرية بني حشيش، وهي المديرية التي سبق استهدافها أكثر من مرة منذ بدء الحملة الأميركية الجديدة، حيث يعتقد أن الحوثيين يخبئون فيها قدرات عسكرية في مواقع محصنة تحت الأرض.
وفي ريف صنعاء الشمالي حيث مديرية همدان، اعترفت الجماعة الحوثية بتلقي غارتين على منطقة المعمر، وغارتين زعمت أنهما استهدفتا مزرعة في منطقة الحاوري جنوب المعمر بالمديرية ذاتها، وهي مناطق كانت الجماعة تستخدمها في السنوات الماضية لإطلاق الصواريخ والمسيَّرات.
ولم تتطرق الجماعة الحوثية إلى ذكر أي خسائر على صعيد قدراتها العسكرية أو عناصرها جراء هذه الغارات، اتساقاً من نهجها في التكتم على الخسائر، كما لم يشر الجيش الأميركي إلى طبيعة الأهداف المقصوفة.
حاملة طائرات ثانية
جاءت الضربات الأميركية على صنعاء وريفها غداة وصول حاملة الطائرات «كارل فينسون» إلى شمال البحر الأحمر لتنضم إلى الحاملة «هاري ترومان» التي تولت منذ أربعة أسابيع مع مجموعتها القتالية ضرب مواقع الحوثيين وتحصيناتهم.
وبثت القيادة المركزية الأميركية، على حسابها بمنصة «إكس» فيديو للحاملة الجديدة. وعلقت بالقول: «حاملة الطائرات (يو إس إس كارل فينسون) مع جناحها الجوي المكون من طائرات (إف-35 سي لايتنينج 2) تعمل جنباً إلى جنب مع (يو إس إس هاري إس ترومان) في منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأميركية».
Aircraft Carrier USS Carl Vinson (CVN 70) with its air wing consisting of F-35C Lightning IIs works alongside the USS Harry S. Truman (CVN 75) in the U.S. Central Command area of responsibility. pic.twitter.com/c2p4yxmBpj
— U.S. Central Command (@CENTCOM) April 10, 2025
وبحسب تقديرات أميركية، يمكن أن تستمر الحملة ضد الحوثيين مدة ستة أشهر، لتحقيق أهدافها، لكن يجزم مراقبون يمنيون أن الحملة الجوية لن تكون كافية لإنهاء تهديد الحوثيين، وأنه لا بد من عمل بري على الأرض تقوم به القوات الحكومية لاستعادة الحديدة وصنعاء وبقية المناطق اليمنية المختطفة من قِبل الجماعة.
وكما يبدو، فإن ضربات واشنطن عطلت حتى الآن الكثير من القدرات الهجومية الصاروخية للجماعة الحوثية، إذ لم يسجل منذ نحو 12 يوماً إطلاق أي صاروخ باتجاه إسرائيل.
وتكون الجماعة الحوثية مع هذه الضربات قد استقبلت منذ منتصف مارس (آذار) الماضي نحو 400 ضربة جوية وبحرية، تركزت بدرجة أساسية على المخابئ المحصنة، خصوصاً في صعدة وصنعاء وعمران والحديدة، وكذا قدرات الجماعة عند خطوط التماس، لا سيما في مأرب والجوف.
وطالت الضربات، بدرجة أقل، مواقع وتحصينات ومستودعات وقدرات عسكرية متنوعة في محافظات حجة، والبيضاء، وذمار، وإب، وسط تكتم من الجماعة المدعومة من إيران على حجم خسائرها، مكتفية بذكر أرقام لضحايا تزعم أنهم من المدنيين.
هجمات بلا تأثير
تبنّت الجماعة منذ بدء حملة ترمب مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع البحرية المصاحبة لها بشكل شبه يومي، دون دليل، كما أطلقت منذ 17 مارس الماضي 10 صواريخ اعترضها الجيش الإسرائيلي، وزعمت إطلاق 3 مسيَّرات.
كما ادعت الجماعة الحوثية أنها أسقطت 3 مسيَّرات أميركية خلال الأيام الأخيرة من طراز «إم كيو 9» ليبلغ عدد الطائرات التي أسقطتها منذ بدء التصعيد 18 طائرة مسيَّرة، وفق مزاعمها.
وكان الحوثيون قد دخلوا خط التصعيد الإقليمي بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث أطلقوا نحو 200 صاروخ وطائرة مسيَّرة باتجاه إسرائيل، دون تأثير عسكري كبير، باستثناء مقتل شخص واحد في تل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي.
كما تبنت الجماعة، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 وحتى بدء هدنة غزة، مهاجمة 211 سفينة، ما أدى إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل أربعة بحارة.

وردّت إسرائيل بخمس موجات من الضربات الانتقامية ضد الحوثيين، كان آخرها في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي، واستهدفت مواني الحديدة، ومستودعات الوقود، ومحطات الكهرباء في الحديدة وصنعاء، إضافة إلى مطار صنعاء.
وتُضاف ضربات ترمب إلى نحو ألف غارة وضربة بحرية كانت الجماعة قد تلقتها خلال عام كامل من إدارة بايدن، ابتداءً من 12 يناير 2024، وحتى توقيع هدنة غزة بين «حماس» وإسرائيل في 19 يناير الماضي.
يشار إلى أن الجماعة بعد بدء سريان الهدنة في غزة توقفت عن مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، قبل أن تعود مجدداً للتهديد بشن هجمات جديدة بعد تعثر تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة.
وفي ظل المزاعم الحوثية أن تصعيدهم البحري وباتجاه إسرائيل يأتي لمناصرة الفلسطينيين في غزة، تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة قفزت باتجاه التصعيد تنفيذاً لأجندة إيران في المنطقة، وهروباً من استحقاقات السلام المدعوم أممياً وإقليمياً.