توافد دولي على ليبيا لـ«إنعاش العملية السياسية»

TT

توافد دولي على ليبيا لـ«إنعاش العملية السياسية»

واصلت قوات «الجيش الوطني» الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، استهداف القوات المسلحة الموالية لحكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، في 3 مدن ليبية، فيما حلّ هايكو ماس وزير الخارجية الألماني ضيفاً على مدينة زوارة، في محاولة تستهدف إنقاذ مؤتمر برلين، الذي أعلنت بلاده اعتزامها استضافته قبل نهاية العام، للبحث عن حل للأزمة الليبية، بينما قام نائب رئيس البعثة الأميركية جوشوا هاريس بزيارة إلى مدينة بنغازي في شرق البلاد، أمس. ووصل ماس في زيارة مفاجئة لم يسبق الإعلان عنها، للقاء السراج وغسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة، تحضيراً لمؤتمر برلين الدولي الذي لم تحدد ألمانيا موعداً رسمياً لعقده بعد. وأعلن وزير الخارجية الألماني في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع سلامة ومحمد سيالة وزير الخارجية بحكومة السراج، دعم بلاده لخطة لأمم المتحدة في ليبيا، باعتبارها شرطاً مسبقاً لإنعاش العملية السياسية، مضيفاً: «نودّ أن نتوصل إلى سلام نهائي في ليبيا، ولا بد من إيجاد شروط بين الأطراف المتنازعة، دون تدخل خارجي، الذي يعد سبباً للأزمة».
إلى ذلك، قال بيان للسفارة الأميركية: «إن هاريس نائب السفير الأميركي، أجرى مشاورات مع مجموعة من الشخصيات حول الجهود المبذولة لإنهاء القتال حول طرابلس، والسعي لتحقيق العدالة لضحايا الولايات المتحدة للهجوم ضد المنشآت الدبلوماسية في بنغازي عام 2012»، وأكدت «أنها لن تدخر جهداً لضبط وتقديم مرتكبي الهجمات ضد الأميركيين في بنغازي إلى العدالة، بروح الشراكة الأميركية الليبية لهزيمة الإرهاب». ودعا البيان «القادة السياسيين والاقتصاديين والأمنيين الليبيين للمساهمة في إنهاء الأعمال العدائية الحالية ودعم حل سياسي للصراع وخلق شروط وجود علاقة أقوى بين الولايات المتحدة وليبيا». وقتل السفير الأميركي كريس ستيفنز، مع 3 موظفين أميركيين، في هجوم شنّه مسلحون في 11 سبتمبر (أيلول) عام 2012 على مقر القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي.
ميدانياً، أعلن «الجيش الوطني» أنه شنّ غارة جوية مساء أول من أمس، استهدفت مجموعة أهداف بمحور طريق المطار الدولي السابق، وكوبري الفروسية في العاصمة طرابلس. وفي مدينة سرت الساحلية، قال المركز الإعلامي لغرفة «عمليات الكرامة» التابع لـ«الجيش الوطني»، في بيان مقتضب خلا من التفاصيل، إن المقاتلات الجوية للجيش قصفت تجمعاً للميليشيات يتكون من عدد من الآليات، وقضت عليه. كما أعلن عن توجيه ضربات جوية دقيقة لأهداف مهمة في السدادة بشرق مدينة مصراتة في غرب البلاد، ومطار معيتيقة الدولي بالعاصمة طرابلس، لافتاً إلى تدمير آليات ومعدات وأفراد متمركزين في جبهة سرت الكبرى وسط ما وصفه بمحاولات يائسة من فلول الميليشيات لوقف تقدم قوات الجيش في المحاور دون جدوى. وكشف الجيش، في بيان آخر لمركزه الإعلامي، عن اندلاع ما وصفه بمواجهات غير معلنة تم التكتم عنها بين الميليشيات الموالية لحكومة السراج، على خلفية ما وصفه بخلافات حادّة بين المجموعات المرتبكة في محاور القتال وفقدان السيطرة، بعد هروب عدد من الأفراد وبدء بيع آلياتها وأسلحتهم بأثمان رخيصة. كما نقل عن مصادر من منطقة أبو سليم، معلومات عن هروب عدد من المتطوعين من الأفراد، بعد رفضهم تنفيذ أوامر الميليشيات التي انضموا إليها مؤخراً.
ونشرت شعبة الإعلام الحربي بالجيش الوطني لقطات فيديو لقواته بمحيط معسكر اليرموك، بعد دحر مجموعات الحشد الميليشياوي من قبل وحدات الجيش، التي قالت إنها سيطرت على أجزاءٍ كبيرة منه، وما زالت تتقدم إلى ما بعد المعسكر.
من جهة أخرى، تبرأت وزارة الداخلية بحكومة السراج، من عبد الرحمن ميلاد، المكنى بالبيدجا، المدرج على قوائم عقوبات مجلس الأمن الدولي كُمهرب بشر ووقود، بعدما ظهر في لقاء تلفزيوني إيطالي باعتباره مسؤولاً عن خفر السواحل بالزاوية. وقالت الوزارة، في بيان لها مساء أول من أمس، إن «ميلاد التابع لخفر السواحل بالقوات البحرية عاد للاختفاء، بمجرد علمه بأنه متابع ومطلوب ضبطه»، مشيرة إلى «صدور أوامر قضائية باعتقاله ومخاطبة جهة عمله بإيقافه عن العمل وإيقاف صرف مرتباته، وبالتحفظ على حساباته المالية لدى المصارف المحلية». وظهر المتهم في ساحات القتال بالعاصمة طرابلس، إلى جانب الميليشيات الموالية لحكومة السراج، علماً بأنه ناقش مؤخراً اجتماعاً مع مسؤولي الاستخبارات الإيطاليين القيود المفروضة على تدفق، باعتباره قائداً لخفر السواحل الليبية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.