عون ينتظر رد فعل الساحات رافضاً إسقاط النظام أو أي تغيير على غرار دول الجوار

الرئيس اللبناني ميشال عون (أ.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون (أ.ب)
TT

عون ينتظر رد فعل الساحات رافضاً إسقاط النظام أو أي تغيير على غرار دول الجوار

الرئيس اللبناني ميشال عون (أ.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون (أ.ب)

بعد بث كلمته على شاشات التلفزة بوقت قصير، فاجأ رئيس الجمهورية ميشال عون الصحافيين المعتمدين في القصر الرئاسي، بزيارة قام بها إلى غرفة الصحافة.
حصلت الزيارة عند الساعة الثالثة إلا الثلث، من بعد ظهر أمس ولبضع دقائق؛ حيث توجه للصحافيين قائلاً: «أتيت لأتفقدكم ولتروني؛ لأن غيركم يسأل عني أين أنا؟ ها أنا ذا أمامكم». وبدا مرتاحاً في بزته الكحلية ونظرته الهادئة من خلف نظارته الطبية، واثقاً من الموقف الذي حدده، ومن الانتفاضة التي يحققها الشعب اللبناني «لأنه شعب حي» على حد تعبيره. وأوضح أن الزيارة ليس هدفها عقد مؤتمر صحافي؛ لأنه لن يزيد على خطابه أي كلمة، وهو ينتظر ردود الفعل عليه من المتظاهرين والمتظاهرات، لكي يقف على مدى تقبلهم له. وبدأ يتبلغ ردود الفعل الأولى التي ظهرت على شاشات القنوات التلفزيونية وكانت سلبية.
وأكد حازماً أن النظام لن يسقط، ما دام هو على رأس الدولة؛ إلا أنه مع تعديل حكومي لم ترتسم معالمه النهائية بعد؛ لأن ذلك سيتحدد في المشاورات التي سيجريها وفقاً لما نص عليه الدستور والأصول المتبعة، أي أن يستقيل الرئيس سعد الحريري فيقبل استقالته، ثم يجري اتصالات ليكلف بنتيجتها الرئيس الذي نال الأكثرية في تسميته، أو أن يصار إلى تعديل حكومي للحقائب الخدماتية والحقائب السيادية.
إلا أن ما يتمسك به الرئيس عون فهو عدم إسقاط الحكومة في الشارع وبضغط مباشر من الميدان، ولمن يطالب بإسقاط النظام يقول له إن النظام قوي، وإذا كان المقياس الشارع فأوحى بأن لديه شارعاً، وأبدى استعداده للتحاور مع ممثلين عن المتظاهرين ليناقش مطالبهم، وما إذا كان لديهم مرشحون لدخول الحكومة أم لا.
وتميزت أمس استقبالات الرئيس عون بالصبغة الدولية، ولم يشأ الكشف عن حقيقة طبيعة زيارة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش، الذي أبلغه موقف دول المجموعة الدولية لدعم لبنان سياسياً وأمنياً. كما زاره سفير فرنسا برونو فوشيه. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الدبلوماسي الفرنسي أتى يستفسر عن الأجواء السائدة قبل إلقاء كلمة رئيس الجمهورية، واستفسر عن مناخها بشكل عام، وطمأن رئيس الجمهورية بأنه يصغي لما ينقله السفراء؛ لكنه لا أحد من الدول يملي عليه مواقف؛ بل هو يقرر.
واكتفى بهز رأسه عندما سئل: لماذا لا تحمي قوى الأمن الداخلي المظاهرات ويتولى الجيش هذه المهمة؟ وأوحى بأنه سيتكلم عن ذلك في الوقت المناسب.
وأكد أنه يحترم حق التظاهر ويؤيده، وأن الدول الكبرى تطالب بذلك، إلا أنه في الوقت نفسه يجب فتح الطرقات أمام المواطنين، والإبقاء على احتجاجاتهم في ساحات التعبير عن ذلك؛ لكن ضمن الأصول المتبعة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.