الموضة تتقبل المقاسات الكبيرة تحت شعار «الشمولية»

بعد عقود من التجاهل والتهميش... المرأة الممتلئة تستعيد مكانتها

كولاج ماكرينا
كولاج ماكرينا
TT

الموضة تتقبل المقاسات الكبيرة تحت شعار «الشمولية»

كولاج ماكرينا
كولاج ماكرينا

معايير الجمال حائرة تبحث عن نمط تسجن فيه جسد المرأة، فمنذ عصور ما قبل التاريخ وحتى مطلع القرن التاسع عشر كانت المرأة الممتلئة نموذجاً للجمال، ثم لعبت الفنون والموضة دورها وتضافرت مع الحراك الاجتماعي حتى انقلبت الصورة وأصبحت المرأة الجميلة هي صاحبة الخصر النحيف.
وبين خصر نحيف وقوام ممتلئ، يبدو جسد المرأة حائراً في انتظار القالب المناسب، وأخيراً خطت دار الأزياء الإيطالية «دولتشي آند غابانا» خطوة مهمة أحدثت ضجة؛ بإعلانها عن تقديم جميع تصاميمها بمقاسات امتدت إلى «22»، لتكون من بين الأوائل ممن أزاحوا الحواجز بين النساء بهدف تحقيق المفهوم الفعلي للشمولية، وإقرار مبدأ أن الجمال الحقيقي يتمثل في التعددية والاختلاف، وأنه لا يمكن تقييم جميع النساء من خلال الميزان الرقمي فقط.
حتى سنوات قريبة كانت المرأة الممتلئة مجرد مشاهد للموضة... متفرج سلبي ليس له مقعد ضمن مسرح عروض الأزياء، حتى انطلقت بعض الخطوات الإيجابية، مثل ظهور عارضات أزياء صاحبات مقاسات كبيرة على ممشى العروض، مثل آشلي غراهام وغيرها، ثم انطلاق مواقع تسوق إلكترونية شجعت بعض مصممي الصف الأول على تقديم خطوط خاصة للممتلئات.
وتعدّ مصممة الأزياء المصرية ماكرينا مجلي، التي تقدم تصاميمها لجميع المقاسات، أن خطوة «دولتشي آند غابانا»، رغم أهميتها، جاءت متأخرة، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أتوقع أن تتجه دور الأزياء الراقية لهذا القرار لتشمل جميع المقاسات قبل ذلك بسنوات، خصوصاً بعد أن قدمت دار (مارينا رينالدي) الإيطالية، أزياء خاصة بالممتلئات في الثمانينات».
وتضيف أن «كثيراً من النساء الممتلئات يمثلن قاعدة لا يستهان بها سواء في الشرق الأوسط أو في العالم، وكنّ يتابعن عروض الأزياء ويشعرن بأن الموضة والأناقة عالم بعيد المنال؛ فهذه الفكرة لا تؤثر فقط على شكل المرأة، لكنها تفقدها الثقة بالنفس، مما ينعكس على حالتها النفسية في كل شؤون حياتها لاحقاً».
وقد شملت عروض الأزياء السابقة لدار «دولتشي آند غابانا» كثيراً من عارضات الأزياء صاحبات المقاسات الكبيرة، مثل آشلي غراهام وتيس هوليداي، وهي العارضة الأسمن في العالم.
خلال السنوات الماضية، وتحديداً منذ عام 2006، بدأت تحركات من بعض دور الأزياء العالمية لكسب مزيد من الزبونات الممتلئات، لكن بشكل محدود لا يمكن مقارنته على الإطلاق بما يقدم لصاحبات القوام النحيف. كذلك، شجع انطلاق متاجر ومواقع تسوق إلكترونية مخصصة للممتلئات مجموعة من مصممي الأزياء البارزين على تقديم خطوط خاصة بالممتلئات. يقول باتريك هربنينغ، المؤسس والمدير التنفيذي لموقع التسوق الإلكتروني الخاص بملابس الممتلئات «11Honoré»، إنه حين انطلق في 2017 تعاونوا مع 14 مصمماً فقط، لكن سرعان ما زاد العدد إلى أكثر من 50 علامة بدعم قوي من مصممين بارزين، مثل مايكل كورس، وريم عكرا، وبرابال غورونغ، وبراندون ماكسويل، ونعيم خان، وزاك بوس، وبراندون ماكسويل، وديما عياد، ومونيك لولييه... وغيرهم، كما جذب الموقع عدداً من عارضات الأزياء الممتلئات، أمثال: كانديس هفين، وآشلي غراهام، وريبيل ويلسون، وأليسون جيني... وغيرهن.
تقول مدونة الموضة المصرية رنين جابي، إن «إزاحة الحواجز بين النساء وعدم تصنيفهن بحسب الوزن، نتاجٌ لثورة مجتمعية حقيقية بدأت دور الأزياء تنتبه لها»، وتضيف: «كوني امرأة ممتلئة، كنت أجد صعوبة كبيرة في العثور على أزياء تناسبني، ولأني مثل نساء كُثر في الوطن العربي وفي العالم، قررت اختراق مجال الموضة تأكيداً على حق جميع النساء في أن يجدن ما يعبر عنهن أياً كانت مقاساتهن وأوزانهن».
من جهتها، حصلت المصممة المصرية ماكرينا مجلي على شهرتها بفضل نسخها لإطلالات نجمات صاحبات قوام مثالي وإعادة تقديمها بنمط مناسب للممتلئات، لتؤكد أن الموضة للجميع... وتعلق: «منذ البداية كان هدفي ألا تبقى المرأة الممتلئة حبيسة أفكار عفى عليها الزمن. صحيح أن هناك بعض المتاجر تقدم أزياء للممتلئات، لكن فكرة التمييز والفصل في حد ذاتها تُشعر المرأة الممتلئة بأنها غير طبيعية وأن أنوثتها منقوصة».
تعتقد ماكرينا أن تقديم تصاميم بجميع المقاسات هو بالفعل انعكاس حقيقي للشمولية وإعلاء لجمال جميع النساء. وتوافق على أن «هناك تصاميم لا تُناسب الممتلئات، لكن هنا تظهر حرفية المصمم ومهارته، لأنها بتعديلات قليلة تُصبح ملائمة جداً».
ورغم أن هناك انطباعاً بأن الشرق أكثر تقبلاً للقوام الممتلئ، ولا يزال يراه الأجمل، فإن تجارب ماكرينا مجلي ورنين جابي تؤكد على أن «هناك ازدواجية على الأقل فيما يتعلق بالملابس». وتستدل رنين جابي بتجربتها قائلة: «في البداية عندما بدأت أقدم نصائح لاختيار الأزياء المناسبة للممتلئات، تعرضت لهجوم. أتذكر رسالة مليئة بالتنمر وصلت إليّ من فتاة تنتقد فيها شكلي وجسدي بشكل جارح، لكني لم أكترث بذلك. بعد أكثر من عامين أصبح المجتمع أكثر تقبلاً لفكرة الشمولية».
بدورها، أكدت المصممة ماكرينا مجلي أن هناك تناقضاً في نظرة بعض الشرقيين؛ «فمنذ زمن بعيد والشرق يرى الجمال في المرأة الممتلئة، بدليل أشعار الجاهلية التي كانت تتغزل في المرأة السمينة، لكنه الآن أصبح مُنساقاً للغرب، يردد أفكاره حتى لا يوصم بالتخلف».
وتتفق معها رنين جابي بالقول إن «هناك فعلاً فئة تدّعي التحضر بإظهار الإعجاب وتقديم الدعم للنحيفات، رغم أن التحضر الحقيقي في تقبل الاختلاف».
وبعيداً عن مفهوم الجمال، فإن هناك رأياً مناهضاً لتقديم أزياء خاصة بالممتلئات، بدعوى أن هذا الاتجاه له دلالة سلبية فيما يخص صحة المرأة، لا سيما أن زيادة الوزن لا تؤثر على الجمال والأزياء فحسب؛ بل تطال الصحة في وقت لاحق.
تعلق ماكرينا مجلي، التي كانت أساساً طبيبة أسنان قبل أن تتجه لتصميم الأزياء، قائلة: «من خلال تجربتي مع إنقاص الوزن، فإنني لم أتمكن من التخلص من بعض الوزن الزائد إلا بعد أن تقبلت جسدي. فتقبل الذات ساعدني في خسارة الوزن أكثر من كل الحميات. حينها فقط قررت أن أعتمد ألواناً تبعث البهجة في النفس؛ الأمر الذي انعكس على حالتي الصحية والنفسية».
وتشير إلى أن الوزن الزائد له أثر سلبي على الصحة، «لكن هذا الأمر لا ينفي أن هناك نحيفات وصاحبات وزن مثالي يعانين من أمراض مثل الضغط والسكري».



كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

تشتهر عارضة الأزياء والمؤثرة السعودية ديم القو بأسلوب مميز (بيركنشتوك)
تشتهر عارضة الأزياء والمؤثرة السعودية ديم القو بأسلوب مميز (بيركنشتوك)
TT

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

تشتهر عارضة الأزياء والمؤثرة السعودية ديم القو بأسلوب مميز (بيركنشتوك)
تشتهر عارضة الأزياء والمؤثرة السعودية ديم القو بأسلوب مميز (بيركنشتوك)

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية. اختارت لها بصمات دائمة: عبر تاريخ وحقبات المملكة العربية السعودية Perpetual Footprints:

Across Saudi Times and Eras عنواناً وست شخصيات سعودية أبطالا. هؤلاء جمعهم حذاء بسيط لكن معروف بعمليته وما يمنحه من راحة صحية.

فهدفها لم يكن استعراض مهارتها وخبرتها في صناعة الأحذية التي تتحدى الزمن والاختلاف والمسافات فحسب، بل أيضاً التعبير عن اهتمامها بسوق تعرف أهميته بالنسبة لها، وفي الوقت ذاته التعبير عن إعجابها بالثقافة السعودية لما فيها من تنوع وحيوية تكتسبها من شبابها. لكي تنجح حملتها وتكتسب عبق المنطقة، استعانت بمواهب محلية ناجحة في مجالاتها، لعرض الإرث الثقافي الغني للملكة، وتلك الديناميكية التي تميز كل منطقة. حتى مهمة تنسيق جلسة التصوير أوكلتها لمصمم الأزياء ورائد الأعمال السعودي حاتم العقيل من باب أن «أهل مكة أدرى بشعابها».

عبد العزيز الغصن يظهر في الحملة في عدة لقطات تعبر عن المنطقة التي يُمثِلها (بيركنشتوك)

جمعت ستة مؤثرين، ثلاث نساء هن فاطمة الغمدي وديم القول وداليا درويش، وثلاث رجال، هم خيران الزهراني وعبد العزيز الغصن وأحمد حكيم، كثنائيات لإبراز السمات الفريدة التي تُميز ثلاث مناطق هي نجد والحجاز والشرقية. وبينما كانت أحذية «بيركنشتوك» الخيط الرابط بينهم جميعاً، تركت لكل واحد منهم حرية التعبير عن رؤية تعكس أسلوب حياته ومجال تخصصه، سواء كان موسيقياً أو رياضياً أو رائد أعمال.

الحجاز القديم

خيران الزهراني ابن مدينة الباحة ممثلاً منطقة الحجاز (بيركنشتوك)

مثَل المنطقة كل من خيران الزهراني وفاطمة الغمدي. خيران وهو ابن مدينة الباحة معروف في عالم الأوبرا بصفته الكاونترتينور الأول في البلاد، يمزج عمله ما بين الفخر الثقافي والإبداع الفني. غني عن القول إنه يلعب دوراً ريادياً في أداء أعمال أوبرالية بارزة باللغة العربية، بما فيها مشاركته في أول أوبرا عربية تمثّل المملكة العربيّة السعوديّة في قمة BRICS لعام 2024. في هذه الحملة يظهر خيران في حذاء «بوسطن» Boston Suede المصنوع من الشامواه، والمتعدد الاستخدامات مع ملابسه العصرية. في صورة أخرى نسَق حذاء «جيزيه» Gizeh مع زيه التقليدي.

خيران الزهراني ابن مدينة الباحة والفنانة فاطمة الغمدي ممثلان منطقة الحجاز (بيركنشتوك)

تنضم إليه الفنانة والرسامة «فاطمة الغمدي» وهي من الطائف لإكمال قصة منطقة الحجاز. تظهر في حذاء «أريزونا» المتميز ببكلة بارزة، باللون الزهري الفوشيا. تظهر ثانية بحذاء «مدريد»، الذي يأتي هو الآخر ببكلة كبيرة الحجم، ليُكمل زيها التقليدي.

منطقة نجد

عبد العزيز الغصن كما ظهر في الحملة (بيركنشتوك)

هنا ينضم الموسيقي عبد العزيز الغصن، المقيم في الرياض، إلى الحملة للاحتفال بمنطقة نجد. الجميل في هذا الفنان أنه تأثر بعدة ثقافات موسيقية وشغف دائم لخوض غمار الجديد، بأسلوب موسيقى يمزج ما بين الـ«أفروبيت»، الـ«أر أند بي» والـ«هيب هوب». يظهر في الحملة محاطاً بأشجار النخيل النجدية، وهو يرتدي حذاء «كيوتو» Kyoto ثم حذاء «بوسطن» Boston.

عارضة الأزياء والمؤثرة السعودية ديم القو (بيركنشتوك)

تنضم إليه «ديم القو»، وهي عارضة أزياء سعودية ومؤثرة عُرفت بأسلوبها الخاص يجعل أكثر من 230 ألف شخص يتابعونها و3.2 مليون معجب على تطبيق «تيك توك». تظهر في حذاء «مدريد» ويتميز ببكلة ضخمة باللون البيج الشديد اللمعان يعكس جانبها النجدي المعاصر، في حين يعكس حذاء «جيزيه» Gizeh باللون الذهبي الإرث الغني المتجدر في التاريخ.

المنطقة الشرقية

رائد الأعمال والرياضي ومؤسس علامة «أستور» للأزياء (بيركنشتوك)

يُمثِلها «أحمد حكيم»، وهو رائد أعمال ورياضي وصانع محتوى، كما تمثّل علامته التجارية الخاصة بالملابس، Astor أسلوب حياة يعمل من خلالها على تمكين الأفراد من التعبير عن أنفسهم بثقة ومصداقية. يظهر في الحملة وهو يتجوّل تحت قناطر مدينة الدمام القديمة منتعلاً حذاء «أريزونا» Arizona الكلاسيكي ذا قاعدة القدم الناعمة باللون الأزرق. في لقطة أخرى يظهر في كورنيش المدينة مع داليا درويش، منتعلاً لوناً جديداً، الأزرق الأساسي.

داليا درويش تشارك في الحملة بصفتها محررة ومصممة وصانعة محتوى وسيدة أعمال (بيركنشتوك)

أما ابنة مدينة الخبر الساحليّة، داليا درويش، فتشارك في الحملة بصفتها محررة، ومصممة، وصانعة محتوى وسيدة أعمال، لتُعبِر عن طبيعة المنطقة الشرقية المتعددة الأوجه. ولأنها تعشق السفر، اختارت حذاء «أريزونا» Arizona، الذي يجمع الكلاسيكية بالعصرية، باللونين الذهبي والأزرق المعدني.