روسيا تحذر الأكراد... وتدعو واشنطن إلى إنهاء «احتلال» التنف

وزارة الدفاع أعلنت نشر 15 نقطة مراقبة سورية على الحدود

روسيا تحذر الأكراد... وتدعو واشنطن إلى إنهاء «احتلال» التنف
TT

روسيا تحذر الأكراد... وتدعو واشنطن إلى إنهاء «احتلال» التنف

روسيا تحذر الأكراد... وتدعو واشنطن إلى إنهاء «احتلال» التنف

وجه الكرملين رسالة تحذيرية إلى الأكراد في منطقة الشمال السوري، وأكد أن عدم انسحابهم من المناطق التي نص عليها الاتفاق الروسي التركي، سوف يضعهم في مواجهة مع ضربات الجيش التركي.
ونشرت موسكو أمس، تفاصيل إضافية، عن الاتفاق الذي وقعه الرئيسان فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان في سوتشي، أول من أمس، وأعلنت عزمها على تطبيقه بشكل كامل، بينما حددت وزارة الدفاع الروسية مناطق انتشار مراكز المراقبة التي سيقيمها حرس الحدود السوري على الشريط الحدودي.
وبعد مرور يوم واحد على توقيع الاتفاق الذي وصفه بوتين بأنه «مصيري»، حذر الكرملين كل الأطراف من عواقب عدم الالتزام به. وقال الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف، إنه في حال امتنعت القوات الكردية عن مغادرة المناطق المحددة في الاتفاق، فإن الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود السوري سوف ينسحبان من المنطقة الحدودية، ما يعني أن الأكراد «سيواجهون ضربات الجيش التركي». وزاد بيسكوف أن الولايات المتحدة «تخلت عن الأكراد في شمالي سوريا وخانتهم».
وكان الطرفان الروسي والتركي قد اتفقا على الحفاظ على الوضع الراهن في منطقة عملية «نبع السلام»، التي تمتد بين تل أبيض ورأس العين بعمق 32 كيلومتراً، على أن تبدأ موسكو في نشر وحدات الشرطة العسكرية مع وحدات لحرس الحدود السوري، في مناطق حدودية مجاورة لنطاق العمليات العسكرية التركية.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن الجيش السوري يعتزم إنشاء 15 نقطة مراقبة على الحدود مع تركيا.
وقالت في بيان إن نقاط المراقبة سيتم إنشاؤها وفقاً للاتفاق الروسي – التركي. ونشرت الوزارة خريطة توضيحية دلت على أن نقاط المراقبة للجيش السوري سيجري إنشاؤها خارج مناطق عمليات الجيش التركي. وأظهرت الخريطة مناطق تمركز الأطراف المختلفة، مضافاً إليها التغيرات التي أدخلها الاتفاق الروسي - التركي الأخير.
وتنفيذاً للاتفاق، أعلن أمس، عن دخول رتل من الشرطة العسكرية الروسية إلى مدينة عين العرب (كوباني) شرق الفرات، شمالي سوريا.
وبدأت الشرطة العسكرية الروسية في الوقت ذاته مهمة المناوبة في الخطوط الأمامية للجيش السوري بشمال شرقي مدينة منبج في محافظة حلب. وقال متحدث باسم الشرطة العسكرية الروسية، إن الشرطة بدأت المناوبة على بعد كيلومترات من نهر ساجور، وليس بعيداً عن نقطة التقائه مع نهر الفرات. وكانت هذه المنطقة قبل عشرة أيام تشهد دوريات من قبل القوات الأميركية التي سحبتها واشنطن، بعد بدء العملية التركية في شمال سوريا.
إلى ذلك، قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، إن حقول النفط في شمال شرقي سوريا يجب أن تكون تحت سيطرة الحكومة السورية. وأضاف بوغدانوف أن موسكو تأمل في أن يقدم المقاتلون الأكراد ضمانات للخروج من منطقة الحدود التركية السورية. في حين شدد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين على أن موسكو لا ترى ضرورة لإنشاء منطقة أمنية في شمال شرقي سوريا تحت المراقبة الدولية، في أول رد فعل روسي على اقتراح ألمانيا إنشاء منطقة آمنة تشرف عليها قوات دولية. وكانت موسكو قد أعلنت في وقت سابق أنها تدرس المقترح الألماني.
وقال فيرشينين: «من وجهة نظرنا، فإن ما حدث في سوتشي (الاتفاق الروسي التركي) هو حل للمشكلة، أي أن النشاط العسكري لتركيا في هذه المنطقة تم إيقافه، وتم منع المواجهات العسكرية المختلفة، وتم وضع الأساس لحل جميع القضايا من خلال الحوار. لا يبدو لي أن هناك حاجة إلى بعض الإجراءات الإضافية».
تزامن ذلك مع تجديد فيرشينين دعوة موسكو للولايات المتحدة بإنهاء احتلال منطقة التنف في الجنوب السوري. وقال فيرشينين خلال مؤتمر صحافي في موسكو، أمس: «هناك الجيش الأميركي موجود بشكل غير قانوني. في دائرة قطرها 55 كيلومتراً. هذه أرض سورية أيضاً، وهم يوجدون فيها بشكل غير قانوني، ويغلقون الطريق التي تربط العراق وسوريا. نحن نعتبر وجودهم غير قانوني، ونطالب بإنهاء هذا الاحتلال».
ونص الاتفاق الروسي التركي على رزمة إجراءات تطلق نشاطاً مشتركاً لموسكو وأنقرة في منطقة الشمال السوري، من خلال تسيير دوريات مشتركة، بعد إنجاز المرحلة الأولى منه التي تتضمن إخلاء المنطقة من المسلحين الأكراد، وسحب الأسلحة الثقيلة منها.

- يؤكد الجانبان التزامهما بالحفاظ على الوحدة الإقليمية والسياسية لسوريا، وعلى حماية الأمن الوطني لتركيا.
- أكد الرئيسان التصميم على محاربة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وتعطيل المشروعات الانفصالية في الأراضي السورية.
- سيتم الحفاظ على الوضع الراهن في منطقة عملية «نبع السلام» الحالية، التي تغطي تل أبيض ورأس العين بعمق 32 كيلومتراً.
- يؤكد الطرفان مجدداً أهمية اتفاق أضنة، وستسهل روسيا تنفيذ هذا الاتفاق في ظل الظروف الحالية.
- اعتباراً من الساعة الـ12:00 ظهراً يوم 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2019، الشرطة العسكرية الروسية وحرس الحدود السوري سيدخلان إلى الجانب السوري من الحدود السورية التركية، خارج منطقة عملية «نبع السلام»، بغية تسهيل إخراج عناصر «ي ب ك» وأسلحتهم، حتى عمق 30 كيلومتراً من الحدود السورية التركية، وينبغي الانتهاء من ذلك خلال 150 ساعة. ويبدأ الطرفان تسيير دوريات تركية وروسية مشتركة غرب وشرق منطقة عملية «نبع السلام» بعمق 10 كيلومترات، باستثناء مدينة القامشلي.
- سيتم إخراج جميع عناصر «ي ب ك» وأسلحتهم من منبج وتل رفعت.
- يتخذ الجانبان الإجراءات اللازمة لمنع تسلل عناصر إرهابية.
- سيتم إطلاق جهود مشتركة لتسهيل العودة الطوعية والآمنة للاجئين.
- سيتم تشكيل آلية مشتركة للرصد والتحقق، لمراقبة وتنسيق تنفيذ هذه المذكرة.
- يواصل الجانبان العمل على إيجاد حل سياسي دائم للنزاع السوري، في إطار آلية آستانة، وسيدعمان نشاط اللجنة الدستورية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.