إنشاء 9 مدن جديدة لتنمية صعيد مصر

تستوعب أكثر من 4 ملايين نسمة

مدينة أسوان الجديدة
مدينة أسوان الجديدة
TT

إنشاء 9 مدن جديدة لتنمية صعيد مصر

مدينة أسوان الجديدة
مدينة أسوان الجديدة

بعيدا عن العاصمة، وعن محافظات الدلتا المصرية التي لطالما تركزت فيها مشروعات الدولة الاستثمارية أو الاقتصادية وحتى العقارية، وبقي الجنوب المصري المعروف بـ«الصعيد» في انتظار تنفيذ مشروعات وخطط للتنمية طال الحديث عنها، لكن معظمها لم ير النور، وبقيت محافظات الجنوب تعاني الإهمال ونقص الخدمات. وأفادت الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، أن نسبة الفقر وصلت إلى 32.5 في المائة من السكان، وأن محافظة أسيوط تحتل الصدارة بنسبة 66.7 في المائة من السكان، تليها سوهاج بنسبة 59.6 في المائة، ثم الأقصر بنسبة 55.3 في المائة، والمنيا بنسبة 54.7 في المائة.
لكن يبدو أن محافظات الصعيد بدأت أخيراً تحظى ببعض الاهتمام الرسمي، وتدخل دائرة مشروعات التنمية العقارية التي تنفذها الحكومة المصرية، فوفقا لتصريحات وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصري، فإن «الوزارة ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة تعمل حاليا على تنفيذ 9 مدن جديدة بالصعيد، ضمن ما يعرف بمدن الجيل الرابع، باستثمارات بلغت 11 مليار جنيه حتى الآن في قطاعات الإسكان والمياه والصرف الصحي».
وأكد الدكتور وليد عباس، معاون وزير الإسكان المصري لشؤون هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك اهتماما كبيرا من الحكومة بتنمية محافظات الصعيد، من خلال إنشاء مجموعة من المدن الجديدة تستوعب نحو 4.5 مليون نسمة، وتوفر 1.4 مليون فرصة عمل، وتناسب احتياجات المجتمع، وتوفر فرصا استثمارية». موضحا أن «المدن الجديدة في محافظات الصعيد لا تقتصر على الوحدات السكنية بل تضم مساحات مخصصة للحرف اليدوية، والأنشطة الصناعية المختلفة، تصل مساحتها إلى 10 في المائة من إجمالي مساحات المدن الجديدة».
وقال عباس إن «طبيعة محافظات الصعيد فرضت أنواعا معينة من الأنشطة الاقتصادية، وعلى رأسها المشروعات السياحية التي خصصت لها مساحات على نسب تجاوزت العشرة آلاف فدان».
ويتم تنفيذ المدن الجديدة في الصعيد على 3 مراحل، تضم المرحلة الأولى مدن (توشكى الجديدة، وأسوان الجديدة، وناصر)، أما المرحلة الثانية فتضم كلا من مدينتي «الفشن الجديدة»، و«ملوي الجديدة»، في حين تضم المرحلة الثالثة كلا من «الأقصر الجديدة»، و«نجع حمادي الجديدة»، و«بني مزار الجديدة».
وقال هاني يونس، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، في تصريحات صحافية أخيراً، إنه «سيتم افتتاح المرحلة الأولى من مدن الصعيد الجديدة نهاية العام المقبل»، مشيراً إلى أن «الحكومة المصرية أنفقت خلال السنوات الخمس الماضية 25 مليار جنيه (الدولار الأميركي يعادل 16.3 جنيه مصري) على مدن الصعيد، بهدف تحقيق التنمية وخلق فرص عمل لسكان الجنوب، وزيادة الاستثمارات، واستيعاب الزيادة السكانية».
وخلال الشهر الماضي سلمت وزارة الإسكان عقود عدد من الوحدات السكنية بمشروع الإسكان الاجتماعي بمدينة أسوان الجديدة، التي بلغ حجم الاستثمارات فيها 3 مليارات جنيه، وفقا للبيانات الرسمية لوزارة الإسكان، وقالت مي عبد الحميد، رئيسة صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، في بيان صحافي، إن «الوزارة تعمل حاليا على تنفيذ 1840 وحدة سكنية بمشروع الإسكان الاجتماعي في مدينة أسوان الجديدة، وتم تخصيص 3951 وحدة سكنية، سلم 1506 منها لأصحابها، ويجري تسليم الباقي».
وتسعى مصر من خلال إنشاء مدن جديدة في الصعيد إلى تشجيع الاستثمارات في الجنوب، عبر طرح أراضٍ لمشروعات اقتصادية وصناعية واستثمارية وسكنية في المدن الجديدة.
وهو ما أكده عباس بقوله إن «الوزارة بدأت للمرة الأولى تتلقى طلبات من مستثمرين للحصول على أراض وفرص استثمارية في الصعيد، نتيجة للمشروعات التي تنفذها وزارة الإسكان في محافظات الجنوب»، مشيراً إلى أنه «تم توفير أراضٍ للاستثمار الصناعي بمدن الصعيد الجديدة من بينها 3 آلاف فدان بالمنطقة الصناعية بمدينة أسوان الجديدة على سبيل المثال»، لافتا إلى أن «خطط الوزارة لا تقتصر على بناء الوحدات السكنية بل تشمل طرح أراض للمستثمرين ليشارك القطاع الخاص في توفير الاحتياجات العقارية، وإنشاء مدن جديدة لتستوعب الزيادة السكانية».
وأعلن عدد من المطورين العقاريين الاتجاه للاستثمار في الصعيد، عبر تنفيذ مشروعات عقارية أو الإعداد لمشروعات جديدة، من بينهم شركة «كاسل للتطوير العقاري»، وشركة «تطوير مصر»، و«شركة أرضك للتطوير العقاري»، و«مجموعة هشام طلعت مصطفى»، و«بورتو جروب».
بدوره قال المهندس عماد دوس، رئيس شركة البطل للإسكان والتعمير، لـ«الشرق الأوسط»، إن «كثيرا من المستثمرين العقاريين الآن اتجهوا للاستثمار في الصعيد، حيث يظهر بوضوح اتجاه الدولة لتنفيذ مشروعات سكنية واقتصادية في محافظات الجنوب، ومن المتوقع أن تحقق عائدات اقتصادية مرتفعة وتشكل دفعة للسوق العقارية»، مشيراً إلى أنه «كمطور عقاري بدأ في وضع خطة لدخول السوق العقارية في محافظات الصعيد، خصوصاً مع ظهور مؤشرات أولية على المزايا الاستثمارية في هذه السوق».
وأضاف دوس «نعمل حاليا على دراسة السوق العقارية في الصعيد، واحتياجات السكان هناك من حيث المساحة وشكل المباني، تمهيدا لتنفيذ مشروعات عقارية في محافظات الجنوب تماشيا مع خطة الدولة للاتجاه نحو الصعيد وتنميته اقتصاديا وعقاريا».
وتابع دوس أن «المناخ السياسي والاقتصادي والتشريعات المحفزة للاستثمار، تشجع على توسع رؤوس الأموال الأجنبية في مصر، وهو ما نلحظه من خلال برامج تعاون الشراكة التي ننفذها مع شركات أجنبية اليوم».


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».