الاقتصاد الصيني يتباطأ بحدة وسط حرب تجارية شرسة

تباطأ الاقتصاد الصيني بحدة كما هو متوقع خلال الربع الثالث من 2019 إلا أنه يظل محافظاً على توازن نسبي معتمداً على مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي (رويترز)
تباطأ الاقتصاد الصيني بحدة كما هو متوقع خلال الربع الثالث من 2019 إلا أنه يظل محافظاً على توازن نسبي معتمداً على مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي (رويترز)
TT

الاقتصاد الصيني يتباطأ بحدة وسط حرب تجارية شرسة

تباطأ الاقتصاد الصيني بحدة كما هو متوقع خلال الربع الثالث من 2019 إلا أنه يظل محافظاً على توازن نسبي معتمداً على مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي (رويترز)
تباطأ الاقتصاد الصيني بحدة كما هو متوقع خلال الربع الثالث من 2019 إلا أنه يظل محافظاً على توازن نسبي معتمداً على مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي (رويترز)

سجل الاقتصاد الصيني تباطؤاً كبيراً في النمو الذي بلغ أدنى مستوى منذ 27 عاماً، في الربع الثالث من العام، بينما تتكثف الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، على الرغم من جهود بكين من أجل تحقيق استقرار.
وأعلن المكتب الوطني الصيني للإحصاء أن نمو إجمالي الناتج الداخلي انخفض إلى 6 في المائة في الفصل الأخير، وهي نسبة تتطابق مع توقعات محللين استطلعت وكالة الصحافة الفرنسية آراءهم. وفي الفصل الثاني من العام، بلغت نسبة النمو في الصين 6.2 في المائة.
كما أعلنت مصلحة الإحصاء، الجمعة، أن الناتج المحلي الإجمالي الصيني حقق نمواً بنسبة 6.2 في المائة على أساس سنوي خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي، ليصل إلى 69.78 تريليون يوان (نحو 9.87 تريليون دولار).
وقال ماو شينغيونغ الناطق باسم المكتب الوطني للإحصاء، «يجب أن نتذكر دائماً أن الاقتصاد يتعرض لضغوط باتجاه الانخفاض تزداد قوة». وتحدث ماو عن «بيئة صعبة» داخل الصين، وفي الخارج، على حد سواء، إلا أنه أردف أن «الاقتصاد الصيني ظل مستقراً بشكل عام، رغم ما تواجهه البلاد... وما زال يحقق نمواً سريعاً مقارنة بالاقتصادات الرئيسية الأخرى في العالم».
وأشارت البيانات إلى ارتفاع ناتج قطاع الخدمة، الذي يشكل 54 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، بنسبة 7 في المائة في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي، متجاوزاً زيادة نسبتها 2.9 في المائة في الصناعة الأولية، و5.6 في المائة في الصناعة الثانوية.
ولفتت البيانات إلى أن الاستهلاك لا يزال القوة الرئيسية التي تدفع الطلب، حيث ساهم الاستهلاك النهائي بنسبة 60.5 في المائة في النمو الاقتصادي، خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) هذا العام.
كانت رسوم جمركية إضافية فرضتها الولايات المتحدة على بضائع صينية بقيمة مليار دولار، دخلت في الأول من سبتمبر حيز التنفيذ. وقد أضيفت إلى تلك التي تعاني منها المبادلات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، ما يهدد النمو العالمي.
ونتيجة لذلك، يفترض أن تبقى الصادرات التي تعد من أعمدة الاقتصاد الصيني، ضعيفة في الشهور المقبلة، كما قال الخبير الاقتصادي في معهد «أوكسفورد إيكونوميكس» تومي وو محذراً.
وتوصل المفاوضون الأميركيون والصينيون في اجتماع في واشنطن، الأسبوع الماضي، إلى اتفاق مبدئي لمحاولة إنهاء الموجهة التجارية. ولم تعرف تفاصيل الاتفاق، لكن بكين تعهدت خصوصاً بشراء مزيد من المنتجات الزراعية القادمة من الولايات المتحدة.
ويطالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، منذ فترة طويلة بذلك. وفي خضم حملته للانتخابات الرئاسية، سيستفيد من ذلك جزء من ناخبيه وهم المزارعون. في المقابل، أفلتت الصين من رسوم جمركية إضافية كان يمكن أن تدخل حيز التنفيذ خلال الأسبوع الحالي. لكن لم يتخذ أي قرار بشأن هذه الرسوم التي تبلغ نسبتها 15 في المائة، ويفترض أن تطبق في ديسمبر (كانون الأول) المقبل في الولايات المتحدة على منتجات صينية استهلاكية.
وقال الخبير الاقتصادي مايكل تايلور، من وكالة التصنيف الائتماني «موديز»، إن الاتفاق المبدئي بين القوتين العظميين هو «هدنة موقتة؛ لكن من دون إلغاء الرسوم الجمركية الإضافية، يبقى التهديد للنمو قائماً».
من جهته، خفض صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، تقديراته لنمو الاقتصاد الصيني لمجمل عام 2019 إلى 6.1 في المائة، مقابل 6.2 في المائة في التقديرات السابقة. لكن هذا المعدل يبقى ضمن هامش النمو الذي تهدف إليه بكين هذه السنة، مقابل 6.8 في المائة في 2018.
لكن الوضع ليس سيئاً بالكامل بالنسبة لاقتصاد الصين. فقد أشار ماو إلى أن «الاقتصاد حافظ على استقرار شامل في الفصول الثلاثة الأولى». وسجلت مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي ارتفاعاً، الشهر الماضي، حسب المكتب الوطني الصيني للإحصاء.
أما الإنتاج الصناعي فقد ارتفع في سبتمبر بنسبة 5.8 في المائة على مدى العام (مقابل 4.4 في المائة في أغسطس/ آب). أما مبيعات التجزئة التي تعد مقياس استهلاك العائلات، فقد ارتفعت بنسبة 7.8 في المائة، مقابل 7.5 في المائة الشهر السابق. إلا أن الخبير الاقتصادي ريموند يونغ، من مصرف «إيه إن زد»، فقلل من أهمية هذا الارتفاع. وقال: «هذا لا يدل على انتعاش عام للاستهلاك».
ورأى جوليان إيفانز بريتشارد، المحلل في مكتب «كابيتال إيكونوميكس» الاستشاري، أنه «على الرغم من أرقام أكثر متانة في سبتمبر، يتوقع أن تتكثف الضغوط على النشاط في الأشهر المقبلة».
وفي مؤشر إلى ضعف في الاقتصاد، تراجع الاستثمار برأس المال الثابت مجدداً. فقد بلغت نسبة نموه منذ بداية العام حتى نهاية سبتمبر 5.4 في المائة، مقابل 5.5 في المائة في نهاية أغسطس. وفي هذا الإطار، دعت الحكومة الأربعاء إلى مضاعفة الجهود لخفض الضغوط على الشركات.
وتخوض الصين حرباً تجارية شرسة مع الولايات المتحدة وسط تراجع الطلب المحلي، وتفشي فيروس «حمى الخنازير»، الذي أدى إلى نفوق قطعان كبيرة، وارتفاع في أسعار اللحوم.
ولإعطاء الاقتصاد الصيني زخماً، دفعت بكين بحزمة من التدابير التحفيزية هذا العام، بما في ذلك مساعدات ضريبية للمصدّرين المعرضين للرسوم الأميركية، وتعزيز الإقراض المصرفي، وزيادة الإنفاق على مشروعات البنية التحتية الرئيسية مثل الطرق والسكك الحديدية.


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.