فرنسا تطالب بـ«وقف فوري» للعملية العسكرية التركية في سوريا

حضت الاتحاد الأوروبي على حظر صادرات السلاح لأنقرة

صورة التقطت أمس من الجانب التركي لمبنى في بلدة تل أبيض السورية (ا.ب)
صورة التقطت أمس من الجانب التركي لمبنى في بلدة تل أبيض السورية (ا.ب)
TT

فرنسا تطالب بـ«وقف فوري» للعملية العسكرية التركية في سوريا

صورة التقطت أمس من الجانب التركي لمبنى في بلدة تل أبيض السورية (ا.ب)
صورة التقطت أمس من الجانب التركي لمبنى في بلدة تل أبيض السورية (ا.ب)

أعلنت الرئاسة الفرنسية، في بيان، أن باريس ستكثف جهودها للتوصل إلى «وقف فوري للهجوم التركي» على القوات الكردية في شمال شرق سوريا.  
وجاء في البيان الذي صدر إثر اجتماع لمجلس الدفاع والأمن القومي في باريس برئاسة الرئيس إيمانويل ماكرون، أن «فرنسا ستكثف جهودها الدبلوماسية بالتنسيق مع شركائها في التحالف ضد (داعش) وفي إطار الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي ومجلس الأمن الدولي للتوصل إلى وقف فوري للهجوم التركي الجاري».
وحذّر ماكرون من أن العملية العسكرية التي باشرتها تركيا الأربعاء لطرد مقاتلي «وحدات حماية الشعب الكردية» من شريط واسع في شمال شرق سوريا قد «تتأتى عنها عواقب إنسانية خطيرة وعودة (داعش) إلى الظهور في المنطقة وزعزعة الاستقرار بشكل دائم في شمال شرق سوريا»، وفق البيان. وقال «إن فرنسا تندد بأشد التعابير» بالهجوم.
وأعلن البيان عن تدابير «لضمان سلامة العاملين الفرنسيين العسكريين والمدنيين الموجودين في المنطقة» و«برنامج تحرك إنساني عاجل» لمساعدة سكان المنطقة.
وأضافت الرئاسة الفرنسية أنه «يجب إعطاء الأولوية المطلقة لمنع عودة داعش إلى الظهور في المنطقة». ولفتت إلى «مخاطر فرار إرهابيي (داعش) المعتقلين نتيجة هجوم تركيا».
وتابع البيان أنه «تم في هذا السياق تبني تدابير لتعزيز أمن الأراضي الوطنية».
من جانبه،  قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان (الاثنين) إنه يتعين على وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي أن يدينوا الهجوم التركي مجددا وأن يدعوا لفرض حظر على صادرات السلاح لأنقرة ويطلبوا من الولايات المتحدة عقد اجتماع للتحالف الذي يقاتل «داعش».
وأضاف لو دريان لدى وصوله لحضور اجتماع مع نظرائه من دول التكتل في لوكسمبورغ «سيتسبب هذا الهجوم في مأساة إنسانية خطرة». وقال للصحافيين «فرنسا تتوقع من هذا الاجتماع... توجيه طلب محدد لإنهاء الهجوم... واتخاذ موقف صارم بشأن صادرات الأسلحة لتركيا... ومطالبة الولايات المتحدة بالدعوة لعقد اجتماع للتحالف الدولي ضد «داعش».
وباتت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها تسيطر على منطقة حدودية واسعة في شمال شرقي سوريا، ما يمهد لانتهاء المرحلة الأولى من هجومها ضد المقاتلين الأكراد، في وقت أعلنت واشنطن أنها ستسحب نحو ألف جندي من المنطقة.
وفر أمس (الأحد) نحو 800 شخص من أفراد عائلات عناصر «داعش» من مخيم للنازحين بعد سقوط قذائف تركية قربه، وفق ما أعلنت الإدارة الذاتية الكردية.
وباشرت تركيا هجومها بعد يومين من سحب واشنطن جنودها من نقاط حدودية في قرار بدا بمثابة ضوء أخضر أميركي. وهو ما اعتبرته قوات سوريا الديمقراطية، التي حاربت تنظيم «داعش» بدعم أميركي، «طعنة من الخلف».
ورغم موجة الانتقادات التي أثارها قراره، أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس، تعليمات ببدء سحب نحو الف جندي أميركي من مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرقي سوريا، وفق ما أعلن وزير الدفاع مارك إسبر.
من جهتها أعلنت الإدارة الذاتية الكردية التوصل إلى اتفاق مع دمشق يقضي بنشر قوات النظام السوري على طول الحدود مع تركيا للتصدي للهجوم المستمر منذ خمسة أيام.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.