من مقاتل في جماعة مسلحة إلى «مهندس المصالحة الكبيرة»... رحلة آبي أحمد إلى جائزة نوبل للسلام

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد (أرشيفية - رويترز)
TT

من مقاتل في جماعة مسلحة إلى «مهندس المصالحة الكبيرة»... رحلة آبي أحمد إلى جائزة نوبل للسلام

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد (أرشيفية - رويترز)

مُنحت جائزة نوبل للسلام، اليوم (الجمعة)، إلى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، مهندس المصالحة الكبيرة بين بلاده وإريتريا المجاورة؛ تقديراً لدوره في إنهاء هذا النزاع التاريخي، وسياساته الداخلية، ووساطاته التي تجاوزت حدود بلاده بين الفرقاء السياسيين في القارة الأفريقية.
ومرت رحلة آبي أحمد، منذ سنوات طفولته لحين صعوده سياسياً، بالكثير من العثرات في حياته، التي سعى لتجاوزها بعد تنصيبه رئيساً للوزراء الحاكم، مهتدياً في ذلك بسياسة جديدة للعبور ببلاده نحو مستقبل طموح سياسي واقتصادي، ينأى عن النزاعات المسلحة التي أفقدت إثيوبيا الآلاف من مواطنيها.
وكان لنشأة رئيس الوزراء الإثيوبي، في إحدى العائلات العرقية من شعب الأورومو، التي تعرضت للتنكيل والتهميش من جانب نظام حُكم منجستو هايلي ماريام، دافعاً رئيسياً له في التمسك بسياسته الجديدة لإنهاء سنوات الحرب بين طوائف بلاده، وكذلك النزاع الحدودي مع إريتريا، راغباً من وراء ذلك في النأي بالأجيال الجديدة عن حمل السلاح، كما اضطر في السابعة عشرة من عمره إلى الانضمام لصفوف الجبهة الديمقراطية لشعب أورومو، مقاتلاً، كحال أغلب أبناء طائفته.
وتصدرت وساطة آبي لحل النزاع الحدودي بين بلاده مع إريتريا الحيثيات التي استندت إليها لجنة الجائزة لمنحها له؛ إذ نجح رئيس الوزراء الإثيوبي الشاب في وضع حد للنزاع المسلح الذي استمر عقدين بين البلدين الجارين.
وزار الفائز بجائزة نوبل للسلام، إريتريا، في يوليو (تموز) العام الماضي، ليلتقي رئيسها في أول لقاء من نوعه منذ 20 عاماً بين زعيمي البلدين الجارين والخصمين اللدودين بمنطقة القرن الأفريقي، اللذين خاضا حرباً في أواخر التسعينات قتل فيها نحو 80 ألف شخص.
وفي سياق حرصه على إنهاء النزاع، وعد آبي بالتنازل عن الأراضي التي احتلتها بلاده منذ انتهاء الحرب الحدودية الدامية التي استمرت عامين في عام 2000، متعهداً بالمزيد من الإجراءات الساعية لإنجاز «إعلان سلام وصداقة» الذي وقّعه الرئيسان.
وشملت وساطات آبي الخارجية، التي استندت إليها لجنة «نوبل»، المساهمة في تطبيع العلاقات بين إريتريا وجيبوتي، والسعي للتوسط بين كينيا والصومال.
السبب الآخر الذي ذكرته اللجنة في حيثيات فوز آبي أحمد بجائزة نوبل هو الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي دفع بها في بلاده، وانعكست في سلسلة إجراءات تضمنت تغييرات غير مسبوقة، بما في ذلك تحرير بعض نواحي الاقتصاد الذي تسيطر عليه الدولة والإفراج عن معارضين مسجونين.
كما شملت قرارات آبي الداخلية إنجاز مصالحة وطنية كبيرة بين الطوائف كافة، والسماح للمعارضين في الخارج بالعودة للبلاد من جديد، وعزل عدد من الأمنيين المتورطين في قضايا تعذيب.
ورسم خطاب تتويج آبي في منصب رئيس الوزراء، ملامح هذا البرنامج الطموح، قائلاً «تطبيق دستور إثيوبيا ينبغي أن يتم بطريقة تفهم الحرية»، ولا سيما حرية التعبير وحقوق التجمع وتكوين الجمعيات. وأضاف: «الجميع مطالب أن يتسامح لاستمرار وحدة بلادنا، ونتجاوز ميراث الطائفية والدم».
وساهمت وساطة رئيس الوزراء الإثيوبي في التوفيق بين الأطراف السودانية، والوصول لمرحلة الاتفاق بين المجلس العسكري وقادة المعارضة للتوقيع في الرابع من أغسطس (آب) الماضي بالأحرف الأولى على الوثيقة الدستورية التي تنظم الفترة الانتقالية التي تمتد لثلاث سنوات.
وأنهت وساطة آبي بذلك نحو ثمانية أشهر من الاضطرابات التي بدأت بمظاهرات حاشدة ضدّ الرئيس عمر البشير، عقب الإطاحة به تحت ضغط الشارع في أبريل (نيسان)، بعد 30 سنة من حكم السودان.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.