رغم قدم نظرية «الانفجار العظيم» حول نشأة الكون، فإن الحديث عنها كان ينظر له على أنه نوع من «المضاربة»، إلى أن بدأ العالم الأميركي الكندي الأصل جيمس بيبلز أبحاثه في الستينات التي نقلت تلك النظرية من المضاربة إلى العلم، وصارت هي السائدة في علم الكون الفيزيائي لتفسير نشأة الكون، ليمنحه هذا الجهد البحثي المستمر منذ 59 عاماً، جائزة نوبل في الفيزياء، مع عالمين آخرين اكتشفا كوكباً خارج المجموعة الشمسية.
وقال البروفسور غوران هانسون، الأمين العام للجائزة في مؤتمر صحافي صباح أمس، إن «الإسهامات النظرية في علم الكونيات الفيزيائي لـجيمس بيبلز، الأستاذ في جامعة برنستون، إضافة إلى الاكتشاف المهم للعالمين السويسريين ميشال مايور وديدييه كيلوز في جامعة جنيف، قد ساعدا في فهم كيفية تطور الكون، ومكان الأرض فيه».
ويقول تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجائزة، إن رؤى بيبلز في علم الكونيات الفيزيائي قد أثرت مجال البحث بأكمله، وأرست أساساً لتحويل علم الكونيات على مدار الخمسين عاماً الماضية، من المضاربة إلى العلم، وكان الإطار النظري الذي وضعه منذ منتصف الستينات، هو أساس أفكارنا المعاصرة عن الكون.
وتصف نظرية الانفجار العظيم الكون في لحظاته الأولى منذ ما يقرب من 14 مليار عام، حيث كان نقطة مفردة في حالة حارة شديدة الكثافة، ثم أخذت تتضخم لتصبح الكون الذي نعرفه اليوم، وبعد نحو 400 ألف عام من الانفجار الكبير، أصبح الكون شفافاً، وكانت الأشعة الضوئية قادرة على السفر عبر الفضاء، وحتى هذا اليوم، فإن هذا الإشعاع القديم، الذي يعرف باسم «إشعاع الخلفية الكونية الميكروي» موجود حولنا، وهي أشعة كهرومغناطيسية توجد في جميع أركان الكون بنفس الشدة والتوزيع، وهي تعادل درجة حرارة 2.725 درجة كلفن.
ومن خلال الجمع بين معرفة فيزياء الجسيمات ونسبة المادة، وهذا الإشعاع، قام بيبلز بأول الحسابات التفصيلية لوفرة النظائر النووية التي كان من الممكن تجميعها في الثواني التي تلت الانفجار الكبير، وفي وقت لاحق، في سبعينات القرن الماضي، كان رائداً في توضيح كيف تطورت النقاط الساخنة الدقيقة والبقع الباردة التي شوهدت في الإشعاع إلى المجرات والفراغات في الكون الحالي.
ووضعت نتائج أبحاث جيمس بيبلز تصوراً لكون يعرف 5 في المائة فقط من محتواه، هي النجوم والكواكب والأرض، أما الباقي وهو 95 في المائة، فهو مادة مظلمة غير معروفة، وهذا لغز وتحدٍ للفيزياء الحديثة.
ومن جيمس بيليز إلى ميشال مايور وديدييه كيلوز اللذين يتشاركان معه في الجائزة، حيث أشار التقرير إلى أنهما في أكتوبر (تشرين الأول) 1995، أعلنا عن أول اكتشاف لكوكب خارج نظامنا الشمسي، وكوكب خارج المجموعة الشمسية، ويدور حول نجم في مجرتنا الرئيسية (درب التبانة).
وتم هذا الاكتشاف في مرصد هوت بروفنس جنوب فرنسا، وباستخدام أدوات مخصصة، حيث تمكنوا من رؤية الكوكب «Pegasi b 51»، وهو كرة غازية مماثلة لأكبر عملاق للغاز في المجموعة الشمسية، وهو كوكب المشتري.
ويقول التقرير، إن هذا الاكتشاف المهم بدأ ثورة في علم الفلك، ومنذ ذلك الحين تم العثور على أكثر من 4000 كوكب خارج المجموعة الشمسية في درب التبانة، ولا يزال يتم اكتشاف عوالم جديدة غريبة، مع ثروة لا تصدق من الأحجام والأشكال والمدارات.
ويضيف التقرير «إنهم يتحدون أفكارنا المسبقة حول أنظمة الكواكب ويجبرون العلماء على مراجعة نظرياتهم حول العمليات الفيزيائية الكامنة وراء أصول الكواكب، ومع وجود الكثير من المشاريع المخطط لها للبدء في البحث عن الكواكب الخارجية، قد نجد في النهاية إجابة عن السؤال الأبدي حول ما إذا كانت هناك حياة أخرى موجودة».
وخلص التقرير في النهاية إلى القول «لقد حوّل الفائزون هذا العام أفكارنا حول الكون، فبينما ساهمت الاكتشافات النظرية لجيمس بيبلز في فهمنا كيفية تطور الكون بعد الانفجار الكبير، استكشف ميشال مايور وديدييه كيلوز أحياءنا الكونية بحثاً عن كواكب مجهولة، لقد غيرت اكتشافاتهم إلى الأبد مفاهيمنا للعالم».
«نوبل» في الفيزياء لثلاثة علماء ساهموا في فهم تطور الكون
اثنان منهم اكتشفا كوكباً خارج المجموعة الشمسية
«نوبل» في الفيزياء لثلاثة علماء ساهموا في فهم تطور الكون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة