ألوان مبهجة ضمن مخططات معمارية حديثة

تعتمد على نظم للإضاءة المتطورة ومناظر رائعة لألوان قوس قزح

معبد هندوسي يبهرك بأبراجه ذات الألوان المتعددة
معبد هندوسي يبهرك بأبراجه ذات الألوان المتعددة
TT

ألوان مبهجة ضمن مخططات معمارية حديثة

معبد هندوسي يبهرك بأبراجه ذات الألوان المتعددة
معبد هندوسي يبهرك بأبراجه ذات الألوان المتعددة

لا عليك الانتظار حتى بلوغ فصل الصيف الساخن أو الربيع الهادئ كي تستمتع بالمناظر الرائعة لألوان قوس قزح البديعة. ولأن التطلع إليها في الطبيعة الغناء هو من التجارب الممتعة التي لا تنسى، فهناك العديد من الوجهات السياحية حول العالم التي يمكنك فيها التشرب بتلك الألوان الزاهية في أي وقت شئت من العام.
فمن ديترويت، حتى زيمبابوي، يمكنك مراقبة ألوان قوس قزح أينما حللت مسافراً. وهي تنبثق من بين أحضان الطبيعة كما هو الحال في جبال البيرو متعددة الألوان، والأنهار المتوهجة في كولومبيا، أو لعلها تتبدى عبر طرق المدن كما هو الحال في سيدني، وإندونيسيا، وتركيا. وتميزت مدن أخرى مثل ديترويت ومونتريال بمزيج مدمج من الألوان المبهجة ضمن مخططاتها المعمارية الحديثة ونظم الإضاءة المتطورة، ما ينقلك إلى أماكن داخل المدينة تشعر في أجوائها وكأنك في عالم آخر تماماً، حسب موقع «إم إس إن».
بطبيعة الحال ليس هناك ما يضاهي رؤية قوس قزح الحقيقي حتى عندما يكون الطقس صافياً بأشعة الشمس الساطعة، وتسهل ملاحظة ذلك في زيارة إلى شلالات فيكتوريا الأفريقية ما بين زامبيا وزيمبابوي، إذ يخلق الضباب المتولد عن هدير المياه في الشلالات قوس قزح جميلاً بهياً للغاية تراه طافياً يتلألأ على صفحات المياه.
بنظرة واحدة إلى صور هذه الوجهات المفعمة بألوان قوس قزح الطبيعية الأخاذة، سوف ينتابك حنين جارف إلى السفر والتجوال لا يضاهيه إحساس آخر.
ولقد كان لتلك الألوان الزاهية على وجوه جبال الأنديز الشهيرة بإقليم كوسكو في البيرو تأثير وإلهام بارع على عدد لا حصر له من السائحين والمسافرين. إذ تبدت المشارب والألوان ذات الشبه بألوان قوس قزح الطبيعية إثر تشكيلات المياه الممتزجة مع المعادن الأرضية في تلك المناطق. ويمتد طريق الوصول من كوسكو حتى فينيكونكا إلى ما يقرب من ثلاث ساعات بالسيارة، غير أن المناظر التي تشاهدها في نهاية السفر مستحقة للرحلة الطويلة. وهناك سلسلة جبلية مماثلة يمكن التطلع إليها والاستمتاع بمناظرها الطبيعية في الصين.
يُطلق على هذا النهر المفعم بالألوان مسمى «نهر الألوان الخمسة»، ومسمى «قوس قزح السائل»، وذلك بسبب الألوان الخضراء، والصفراء، والحمراء، والأرجوانية التي تبدو وكأنها تتدفق طافية على صفحات المياه، وفقاً لظروف الإضاءة الطبيعية وسرعة جريان المياه في النهر. وهو ليس سحراً للعيون على أي حال، بل إن الألوان تأتي من نبات معروف باسم «ماكارينيا كلافيغيرا»، الذي يمكنه الظهور في عدد متنوع من الألوان حسب مكان وجوده في عمق مياه النهر.
في حين أن صالة الوصول في هذا المطار تبدو عادية، إن انتهى بك المسير حتى نهاية نفق الركاب - الواصل بين البهو الثاني والثالث من المطار - فسوف تشاهد عرضاً ضوئياً لن تنساه ما حييت. إذ ترتسم أضواء النيون الحديثة على طول جدران النفق في عرض فني بالغ الروعة يحفل بكافة ألوان قوس قزح الزاهية في لوحة فنية حية ورائعة. شُيد هذا المبنى في عام 1983. وكان يُستخدم مركزاً للمؤتمرات والاجتماعات والمعارض، ولكن يبدو وأنه مُغطى بألواح زجاجية متعددة الألوان؛ تلك التي تعكس لوحة فنية رائعة لمن ينظر إليها. وتُشعرك الألوان الجميلة وكأنك في موطنك وسط هذه المدينة الحديثة النابضة بالحياة والمفعمة بمختلف معالم الفن، والثقافة، والتاريخ.
منحت هذه المدينة الإندونيسية نفسها تحولاً رفيعاً إلى ألوان قوس قزح الزاهية منذ عام 2018 على أمل جذب المزيد من السياح والزوار لتعزيز اقتصادها المحلي. وكانت تحمل اسماً أصلياً هو «كامبونغ ونوساري»، وحصلت الحكومة المحلية على منحة لطلاء 223 منزلاً من منازل المدينة بثلاثة ألوان على الأقل لكل منزل، مع خطط مقبلة لتوسيع الخطة كي تشمل 390 منزلاً في المستقبل. وكانت النتيجة مذهلة وبالغة الدهشة من عرض ماتع للألوان المتعددة يستحق المشاهدة والمتابعة من أي مكان.
وهنالك معبد ميناكشي عمان في تاميل نادو الهندية. ويرحب هذا المعبد التاريخي بزخارفه البديعة نحو 25 ألفاً من الزائرين يومياً. لكن السياح يتدفقون لزيارته بأكثر من السكان المحليين لالتقاط صور للجمال والبهاء المشع من أبراجه ذات الألوان المتعددة، التي تتناثر عليها مختلف المنحوتات من آلهة الهندوس وغير ذلك من تماثيل المخلوقات الغريبة. ويصل ارتفاع أطول تلك الأبراج إلى 170 قدماً في السماء (نحو 52 متراً)، ومن المعروف عن هذا المعبد أنه مسجل ضمن أحد عجائب الدنيا السبع «الجديدة» في عالمنا المعاصر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».