غابة في استاد للكرة تثير احتجاجات سياسية في النمسا

عمل فني يهدف للتوعية بالآثار المدمرة على يد البشر في أماكن غنية بالغابات مثل الأمازون

الملعب المزروع بأشجار الفنان ليتمان في النمسا (نيويورك تايمز)
الملعب المزروع بأشجار الفنان ليتمان في النمسا (نيويورك تايمز)
TT

غابة في استاد للكرة تثير احتجاجات سياسية في النمسا

الملعب المزروع بأشجار الفنان ليتمان في النمسا (نيويورك تايمز)
الملعب المزروع بأشجار الفنان ليتمان في النمسا (نيويورك تايمز)

توقع كلاوس ليتمان الكثير من الشكاوى إثر زراعته لعدد 299 شجرة - بعضها يصل إلى ارتفاع يقارب 15 متراً - في ملعب لكرة القدم في النمسا.
وفي اتصال هاتفي مع ليتمان قال إنه أراد من الناس الذين يشاهدون هذه الغابة الشجرية الكثيفة أن يفكروا في الآثار المدمرة التي جلبتها الإنسانية على أماكن غنية بالغابات مثل الأمازون. وأضاف أنه قد يأتي يوم على العالم تكون مجرد مشاهدة الأشجار من التجارب النادرة تماماً مثل الذهاب الآن إلى مباريات كرة القدم أو متابعة أحد الحيوانات في حديقة الحيوان.
وقال إنه أدرك انزعاج بعض خبراء البيئة بسبب نقل الأشجار رأساً من بلجيكا وإيطاليا وشمال ألمانيا، مضيفاً أن أسلوبه ربما يعد تقويضاً للرسالة البيئية الخضراء: «لكنني لم أظن أبداً أن ذلك سوف يحدث»، مشيراً إلى ما وقع من استغلال بعض الناس للأمر في صراعاتهم السياسية.
افتتح مشروع ليتمان تحت عنوان «لأجل الغابة» في مدينة «كلاغينفورت» الصغيرة في ولاية كارينثيا النمساوية الجنوبية في الثامن من سبتمبر (أيلول) الجاري، في وقت استعدادات النمسا للانتخابات الوطنية المقبلة المقرر انعقادها اعتباراً من اليوم الأحد. والآن، تحولت غابة الاستاد إلى ما يشبه الصدمة المفاجئة التي كانت بمثابة لطمة سياسية في منطقة كانت ذات يوم معقلا من معاقل حزب الحرية النمساوي اليميني المتطرف.
يقول المعارضون لمشروع «لأجل الغابة» إنه يعد إهدارا فجا لأموال دافعي الضرائب. (وقال السيد ليتمان إن تمويل المشروع كان من القطاع الخاص، لكن الحكومات الإقليمية قالت إن المؤسسات الممولة من الدولة قد ساهمت بإنفاق جزء من ميزانيتها الخاصة على فعاليات مماثلة). كما تلقى المشروع هجوما حادا آخر بسبب الاستعانة بالأشجار من خارج البلاد، بدلاً من الأشجار المحلية من ولاية كارينثيا، وللحيلولة دون استفادة فريق كرة القدم المحلي من الاستاد في إقامة المباريات المهمة.
قال ليتمان إنه أدى اليمين القانونية من قبل في الاجتماعات العامة، ثم تعرض للطرد إلى الشارع مجددا وطُلب منه العودة إلى سويسرا حيث يقيم.
كما خرجت مجموعة صغيرة من المتظاهرين من حزب تحالف مستقبل النمسا اليميني المتطرف خارج الاستاد ملوحين بسلسلة من آلات قطع الأخشاب فيما وصف بأنه «احتجاج ساخر» ضد المشروع.
بيد أن المعارضة الشعبية الرئيسية للمشروع جاءت من حزب الحرية ذي القاعدة الشعبية الكبيرة في ولاية كارينثيا الجنوبية، الذي كان زعيمه الأسبق «يورغ هايدر»، حاكما للولاية نفسها من قبل. هذا وقد لقي هايدر مصرعه في حادثة سيارة عام 2008، ولقد كان زعيماً سياسياً مفوهاً ومثقفاً وبارعاً في وسائل الإعلام، وتمكن من جذب الآراء المناهضة للهجرة والمناهضة للاتحاد الأوروبي إلى التيار السياسي السائد في النمسا.
وتعتبر المخاطر السياسية جدا كبيرة بالنسبة لحزب الحرية النمساوي في الانتخابات العامة المقبلة. فلقد تراجعت معدلات دعم الحزب في ولاية كارينثيا، معقله السابق، إثر نتائج الانتخابات السابقة في عام 2018، إذ حصل الحزب على أقل من ربع الأصوات حينذاك. كما أطيح بآخر حكومة ائتلافية في البلاد في شهر مايو (أيار) الماضي إثر بث شريط فيديو يظهر «كريستيان ستراش»، الزعيم الحالي للحزب ونائب مستشار البلاد في تلك الأثناء، وهو يعد بإسناد التعاقدات الحكومية في مقابل الدعم المالي من إحدى السيدات التي كان يعتقد أنها سيدة روسية من الأثرياء.
وقال «بيتر كايزر»، حاكم ولاية كارينثيا الجنوبية الحالي، والعضو في الحزب الاجتماعي الديمقراطي التابع لتيار يسار الوسط، في مقابلة هاتفية إنه لا يعتقد أن الهجمات التي تعرض لها مشروع «لأجل الغابة» كانت ناجحة أو مؤثرة: «يوما بعد يوم، شهدنا ما بين 3 و7 آلاف متفرج في الملعب نفسه».
وأضاف قائلاً أن المتظاهرين كانوا يهاجمون المشروع ويأملون من الأشخاص الذين يعارضون الموقف المناخي الدولي، ويعارضون السياسة الخضراء، ويعارضون الفنون، أن يصوتوا لصالح حزبهم في الانتخابات القادمة.
ونفى «غيرنوت دارمان»، رئيس حزب الحرية في ولاية كارينثيا، أن يعارض حزبه زراعة الأشجار نظراً لرسالة الحزب البيئية الواضحة. ولكنه أضاف في رسالة بالبريد الإلكتروني: «إن المشروع يخلف بصمة بيئية شديدة الروع والتدمير»، نظرا لأن الأشجار كلها مستوردة!
وأضاف دارمان قائلا: «من شأن مشروع كهذا أن يرجع بآثار بالغة النجاح في المدن الصناعية الكبرى ذات الهواء الملوث، وكذا في البلدان التي يجري فيها استغلال الغابات بصورة مفرطة من خلال تدميرها». وهناك أكثر من 60 في المائة من الأراضي في ولاية كارينثيا مغطاة بالغابات الكثيفة، وذلك وفقاً للمكتب الفيدرالي النمساوي لشؤون الغابات.
يقول ليتمان، إن نقل الأشجار قد أطلق ما يقارب 55 طناً من ثاني أكسيد الكربون، مما يعادل الانبعاثات الكربونية الصادرة عن مسافر واحد في رحلة واحدة للذهاب والعودة بين فيينا ونيويورك.
أضاف أن فكرة المشروع ترجع إلى 30 عاماً مضت، عندما كان يطالع لوحة للفنان النمساوي «ماكس بينتنر» تحمل عنوان «الجاذبية السرمدية للطبيعة». ويظهر من تلك اللوحة إحدى الغابات الكثيفة في وسط استاد رياضي مع المتفرجين مشدوهين تماماً من تلك الغابة التي تحيطها الملوثات الصناعية من كل اتجاه. وأضاف ليتمان قائلاً: «كنت غارقاً حتى أذني في عشق تلك اللوحة».
وحاول ليتمان تحويل اللوحة إلى واقع مشهود في سويسرا، وفرنسا، وألمانيا، ولكن جميع تلك المحاولات قوبلت بالفشل إثر رفض فرق كرة القدم السماح باستخدام الملاعب في ذلك. ولقد نجح أخيراً في مدينة «كلاغينفورت» النمساوية ذلك لأن فريق كرة القدم المحلي كان أداؤه سيئاً للغاية لدرجة الفشل في جذب المتفرجين لملء مقاعد الاستاد البالغ عددها 30 ألف مقعد، لذلك كانت السلطات المحلية في غاية السرور للسماح له باستخدامه.

- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

أوروبا رئيس البرلمان النمسوي فالتر روزنكرانتس (أ.ف.ب)

يهود يمنعون رئيس البرلمان النمسوي من تكريم ضحايا الهولوكوست

منع طلاب يهود، الجمعة، أول رئيس للبرلمان النمسوي من اليمين المتطرف، من وضع إكليل من الزهور على نصب تذكاري لضحايا الهولوكوست، واتهموه بـ«البصق في وجوه أسلافنا».

«الشرق الأوسط» (فيينا)
يوميات الشرق المغنية الأميركية تايلور سويفت (أ.ب)

تايلور سويفت شعرت بـ«الخوف والذنب» بعد إحباط خطة لتفجير بإحدى حفلاتها

قالت المغنية الأميركية تايلور سويفت إنها شعرت بـ«الخوف» و«الذنب»، أمس (الأربعاء)، بعد إلغاء حفلاتها الثلاث في فيينا بسبب اكتشاف خطة لتفجير انتحاري خلال إحداها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا أعلنت السلطات النمسوية توقيف رجل ثالث بعد الكشف عن خطة لتنفيذ هجوم انتحاري خلال إحدى حفلات سويفت في فيينا (ا.ب)

واشنطن تؤكد تزويد النمسا بمعلومات استخبارية لإحباط هجوم ضد حفلات سويفت

أعلن البيت الأبيض، الجمعة، أن الولايات المتحدة زودت النمسا معلومات استخبارية للمساعدة في إحباط هجوم جهادي» كان سيستهدف حفلات لنجمة البوب الأميركية تايلور سويفت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا المغنية تايلور سويفت في نيو جيرسي بالولايات المتحدة في 28 أغسطس 2022 (رويترز)

الشرطة النمساوية: المشتبه به الرئيسي في «المؤامرة الإرهابية» لعروض تايلور سويفت أدلى باعترافات كاملة

أفادت الشرطة النمساوية بأن المشتبه به الرئيسي في المؤامرة الإرهابية المزعومة التي كانت تستهدف عروضاً للمغنية تايلور سويفت في فيينا، أدلى باعترافات كاملة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
أوروبا تايلور سويفت خلال حفل بفرنسا في 2 يونيو 2024 (أ.ب)

إلغاء حفلات تايلور سويفت في فيينا بعد كشف مخطط هجوم إرهابي

ألغيت ثلاث حفلات للنجمة الأميركية تايلور سويفت كانت مقرّرة في فيينا هذا الأسبوع، وفق ما أعلن المنظمون الأربعاء، بعد إعلان الشرطة كشف مخطط لهجوم إرهابي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».